الأخبارالأرشيف

هذا الإذلال لا يليق بهؤلاء الفلسطينيين؟؟؟

د.حسن حميد :

أعترف، أنني لست بوارد انتقاد هيئة الأمم المتحدة المعنية بشؤون اللاجئين في العالم، ومنهم اللاجئون الفلسطينيون، ولست بوارد الحديث عن المفاضلة بين الحسن والسيئ لهذه المنظمة، كما أنني لست بوارد تقييم هيئة (الأونروا)، لكنني أعرف أن إيجابيات (الأونروا) كثيرة، ومواقفها مهمة ومعبرة عن مشاعر اللاجئين،ومساعدة لهم على قضاء شؤونهم ومتطلباتهم ولو في الحدود الدنيا. وهذه الحدود الدنيا في أوقات الأزمات مهمة للغاية، وهذا ما تقوم به (الأونروا) تجاه اللاجئين الفلسطينيين منذ بدايات هذه الحرب الكريهة المشنونة على بلدنا العزيز والحبيب سورية. فقد قدمت (الأونروا) لأهل المخيمات الدعم المادي، والسلال الغذائية وفق جدولة زمنية حددت بمعرفتها، وقد كان لهذا الدعم أثره الإيجابي في كل بيت وأسرة فلسطينية، وكان توزيع السلال الغذائية، والدعم المالي يتم بهدوء، ولم تحدث سوى مشكلات طفيفة محمولة!

لكن في الآونة الأخيرة، تغيّر الإيقاع، وتغيّرت الطريقة، وصارت الشكوى من أسلوب توزيع الدعم المالي على اللاجئين الفلسطينيين تذمراً وانتقاداً في كل بيت فلسطيني. والسبب أن هيئة (الأونروا)، طالبت بأن تحضر العائلة الفلسطينية بكامل عديدها إلى مركز صرف الدعم المالي لإجراء (التفقد)، و(الضبط) بأن أفراد الأسرة جميعهم حاضرون! ولأن العوائل الفلسطينية، وفي هذه المرحلة الصعبة، بحاجة لكل ليرة سورية، فإنها فزعت إلى مراكز صرف الدعم المالي بصغيرها وكبيرها من أجل الاستجابة لمطالب (الأونروا) الهادفة إلى (التفقد )، و(الضبط )! وليس من أحد ضد التفقد والضبط،ولكننا جميعاً ضد مشاهد (الإذلال) للفلسطينيين أمام مراكز الصرف!. شيوخ يأتون إلى المراكز وأكياس المصل معلقة برقابهم، عجائز تنتظر بألم،وهن على كراسي المرض، وسيدات يعانين من حمى النفاس من أجل (التفقد)، و(الضبط)! هذه مشاهد تعيدنا إلى الزمن الأصفر، زمن الإعاشة حيث كانت الأمهات والجدات، والآباء والأجداد ينالون من الإهانات في أيام توزيع إعاشة الطحين ما يجعلهم ينسون إنسانيتهم ، لأنهم كانوا بحاجة إليه، واليوم اللاجئون الفلسطينيون الذين فقدوا بيوتهم في المخيمات وكل ما فيها، هم بحاجة إلى الدعم المالي! ولكن من دون أن يكون  متبوعاً أو مسبوقاً بـ (الإذلال) و(الإهانة) و(هدر الكرامة) أمام مراكز التوزيع! فالمشاهد غير إنسانية، وغير أخلاقية، وتذكّر بمشاهد التجمعات الصومالية التي نراها على شاشات التلفزة. وهذا أمر لا يمكن السكوت عليه! وأنا هنا، أتوجه للسيد مدير (الأونروا) في سورية العزيزة، لأقول له: إنه شخصياً، لو رأى جزءاً من هذه المشاهد التي تقطر مأساوية، وخجلاً، وألماً، وذلاً،لما سمح بها على الإطلاق! وأنا هنا أرجوه أن يتجول بسيارته أمام مراكز صرف الدعم المالي لكي يرى بعينه ما يجعل الإنسان يخجل من هذه المشاهد البادية أمام الناس، وكلها إذلال وإهانة. بلى لا قيمة لأي مبلغ مالي يُعطى للفلسطيني وهو مغموس بالمذلة والإهانة، والنهر والدفع والشتائم. هذا أمر غير مقبول، ولا يليق بهؤلاء الأهالي الذين قدموا أبناءهم قرابين من أجل بلاد عزيزة مقدسة اسمها فلسطين.

هذا الإذلال لا يليق بهؤلاء الفلسطينيين الذين هم أحفاد سيدنا المسيح عليه السلام، وأحفاد صلاح الدين الأيوبي، والظاهر بيبرس، وعز الدين القسام، وعبد القادر الحسيني، وأبو موسى مراغة، وخليل الوزير، وكمال ناصر، وإبراهيم طوقان، وعبد الكريم الكرمي، وعبد الرحيم محمود، وأنيس الصايغ.

لم يعش الفلسطيني كل هذه المدد الزمنية الباهتة في المخيمات ومنذ عام 1948، من أجل أن تلحق به الإهانات، وحالات الإذلال، والاحتقار كما يحدث الآن، وفي هذا الزمن الصعب. اللاجئون الفلسطينيون، أيها السيد مدير (الأونروا) في سورية العزيزة، لا يستطيعون رفض هذه الإعانة المالية لأنهم بحاجة ماسة إليها، لكنهم لا يستطيعون أيضاً القبول بهذا الإذلال، وهذه الإهانات! إن كل ما يرجوه اللاجئون الفلسطينيون في سورية أن يأخذوا هذه الجعالة المالية.. من دون إهانة وإذلال، ومن دون هذا الزحف العائلي للمريض،والعاجز، والولّادة، والغائب! والأمر متروك لهيئة (الأونروا) وإدارتها من أجل إعادة الاعتبار للفلسطينيين الذين يقولون بصوت واحد: كفانا إذلالاً وإهانات!

اترك تعليقاً