الأرشيفوقفة عز

هشام الموعد من بيت التراث الى بيت الله –  نضال حمد

أعيد نشر هذه الكلمات التي كنت كتبتها في مخيم اليرموك قرب دمشق وذلك عقب وفاة الصديق هشام عارف الموعد في شهر آذار – مارس 2009.   

هالني سماع خبر رحيل الزميل “أبو العارف” هشام الموعد، الباحث الفلسطيني، أحد كتاب موقع الصفصاف المقاوم بالموقف، بالكلمة وبالانتماء لكل فلسطين، التي طالما حلم الأخ هشام بالعودة إليها رافعاً شارة النصر، فاتحاً صفورية، داخلاً  أراضيها دخول الفرسان فوق خيولهم الفلسطينية العربية الأصيلة.

ها هو هشام الموعد يرحل دون أن يكحل عينه بتراب صفورية ومياه وعشب الجليل، يمضي الى بيت الله ومن هناك إن شاء لله الى أرض فلسطين المحررة ولو بعد حين.

يمضي مؤسس ورئيس بيت التراث الفلسطيني في مخيم اليرموك بدمشق بصمت ودونما ضجيج، تاركاً خلفه آخر مقالة أسلها الى موقع الصفصاف وهي بعنوان “عفواً أبو عرب”. وصلت صباح الخميس أي قبل وفاته بساعات. ويتحدث فيها الزميل هشام كعادته عن الذين أداروا الظهر للآخرين، ولم يعد يكترثوا بهم بعدما اعتقدوا أنهم وحدهم من يحكم في الميدان.

يحضرني الآن يا أبا العارف خبراً قرأته قبل قليل عن كتاب فلسطينييون يريدون الدفاع عن كرامة القيادة الفلسطينية في منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية. كأنه بقيت لديهم ولدى القيادة كرامة… وكأن الذين صنعتهم أوسلو من الكتاب أصحاب كرامات، هؤلاء لديهم مكرمات من تلك القيادة ولا يوجد لديهم كرامات. لأنهم تخلوا عن حق العودة وعن المقاومة وعن فلسطين وقبلوا بموائد القيادات ومراكز عملهم التي تؤدي الخدمات للسلطان ولمشاريع شطب حق العودة وتضييع أرض فلسطين. بين هؤلاء وبينك وبيتك الفلسطيني يوجد شاسع كبير وفرق في كل شيء، أنت كنت تكتب لفلسطين وتبحث عن وسائل لحفظ كرامتها وتراثها وتاريخها بينما هم كانوا يكتبون لأجل المال والجاه والسلطان والمكرمات ولو على حساب الكرامات.

هشام الموعد لم يكن ينتمي إلا لفلسطين، لكل فلسطين، هكذا كان وهكذا عرفناه وهكذا مضى… لم يتخل عن حلمه بالعودة الى صفورية بلدة الآباء والأجداد، لذا دعا أبناء شعبه لمواصلة المواجهة والمقاومة والوحدة من أجل النصر والتحرير والعودة. دعا لتثقيف الشباب الفلسطيني وتطوير وعي وثقافة الأجيال الصاعدة من الجنسين، وتطعيم هؤلاء بثقافة العودة والمقاومة.

إفتتح من ماله الخاص وبعرقه وجهده وتعبه ومواظبته بيت التراث الفلسطيني في مخيم اليرموك، وعمل على اتمامه ونجاحه جاهداً وبكل وقته وما ملك من مقدرات، فجمع فيه كل شيء كان له علاقة بحياة الفلسطنييين في بلداتهم الفلسطينية قبل سنة النكبة 1948. فكان الداخل الى ديوانه أو بيته الفلسطيني يعتقد أنه في متحف للتراث الفلسطيني الخالص. هناك عرف البعض حكايات تراثية فلسطينية كانوا يجهلونها. كما هناك تعرف الأطفال والشبيبة على المهباز والقمباز وأاشياء أخرى منوعة وعديدة كانت مِلكاً كما فلسطين “المسلوبة” للآباء والأجداد.

في ملتقى دمشق العالمي للدفاع عن حق العودة الذي جرى في ذلك الوقت من سنة 2009 في العاصمة السورية وبحضور فلسطيني وعربي وإسلامي وعالمي كبير، كانت خيمة صفورية وهي جزء من بيت التراث الفلسطيني تلفت الأنظار من بعيد… وكان هشام عارف الموعد يتحرك هنا وهناك، يشد الزوار ويشرح لهم عن كل قطعة موجودة ومعروضة في الخيمة. يصب لهم القهوة العربية السادة. يطلعهم على الصور والرسوم والخرائط والشروحات التي اعتلت جدران خيمته أو بيته الفلسطيني التراثي الحقيقي.

كنا ننتظر قدومه في شهر مايو / أيار الى مدينة غوتيبورغ السويدية حيث يقام اليوم الوطني الفلسطيني في ذكرى النكبة الفلسطينية. وتحدثت عن هذا الأمر مع شقيقه، صديقي وزميلي الناشط الفلسطيني المعروف محمد الموعد – أبو فراس-، مؤسس أول لجنة حق عودة في أوروبا وفي السويد… وهو مثلي عضو في لجنتي التنسيق والأمانة العامة لاتحاد الجاليات والفعاليات الفلسطينية في الشتات – أوروبا. أبو فراس نشيط وعمل ويعمل كما شقيقه المرحوم أبو العارف بلا كلل وبدون ملل. فكل شيء لأجل فلسطين ممكن ولا يوجد مستحيل لأجل وطن المستحيلات. كنا على أمل اللقاء مع هشام الموعد من جديد لكن الموت كان أسرع، فأختطفه في وقت مبكر جداً. ليترك بيت التراث الفلسطيني في المخيم، وخلفه كهدية عظيمة لشعب فلسطين المُطالَب بالوفاء لهذه القضية والاستمرار بالمقاومة حتى العودة والتحرير.

وداعاً يا هشام وإلى لقاء على أرض فلسطين المحررة حيث سنعيد دفن كل شهداءنا وأمواتنا الذين مضوا في مخيمات وبلدان الشتات.

06-03-2009

*زميلك نضال حمد: مدير موقع الصفصاف

www.al-safsaf.com

www.safsaf.org