الأرشيفعربي وعالمي

هـل يصبح عـباس ” ابن العـلقمي ” الفلسطيني .؟!

بـقلـم :  عـادل أبو هـاشـم

كلما شاهدت أو استمعت لتصريحات رئيس السلطة الفلسطينية العدمية والتي تفوح منها روائح تزكم الأنوف المناضلة  و المجاهدة من أبناء شعبنا و أمتنا و أحرار العالم ، وتضر بقضيتنا و تاريخ شهدائنا الأبرار ، تبادر إلى ذهني السؤال التالي :

هل التاريخ يعيد نفسه أم نحن كبشر نرتكب نفس الأخطاء .؟!

و بعد قراءة متأنية لتاريخ الشعوب التي وقفت ضد الغزاة  وجدت أن التاريخ لا يعيد  نفسه لأننا لا يمكن  أن نعود بنفس الشخصيات إلي نفس المكان والزمان مرة أخري ،  وكذلك نفس الاحساس الذي شعرنا به في اللحظة الأولي لا يمكن أن يعود في اللحظة التالية  ، بل التاريخ يقدم لنا عظة ، ولكن البشر هم من يكرر نفس الخطأ باتباع نفس الخطوات التي سار عليها السابقون .

وبالتالي نرتكب نفس الخطأ للمرة المليون .!

إذن التاريخ لا يعيد نفسه بل نحن البشر لم نتعظ من التاريخ ونأخذ العظة منه  .

فبعد سيل التصريحات و الأحاديث من السيد محمود عباس للأعلام الصهيوني ،  وجدنا أن عباس يصر أصرار عجيباً على استنساخ  صورة حديثة  لابن العلقمي المشهور في التاريخ  ، حتى أن البعض قد أطلق عليه لقب ” ابن العلقمي الفلسطيني ” .!

ابن العلقمي السابق هو  محمد بن أحمد مؤيد الدين الأسدي البغدادي المعروف بـ “ابن العلقمي ”  وزير الخليفة العباسي المستعصم بالله محمد بن الظاهر ، وهو شخصية مهزوزة تجسد الخيانة وممالأة أعداء الأمة على مر العصور ، وقد كتب المؤرخون عن جريمته وما الحق بالأمة صفحات سوداء ،  حيث وثق فيه الخليفة فألقى إليه زمام أموره ، لكن ابن العلقمى خان الأمانة بتحالفه مع التتار الأعداء طمعاً في الملك ، مما تسبب في زوال الخلافة العباسية وسقوط بغداد في يد المغول عام 656 هـ (  1258 م ) .

في سيل الإسهال الإعلامي لمحمود عباس مع الأعلام الصهيوني أكد لمذيعة القناة الثانية الأسرائيلة قبل أيام أن القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية تفتش حقائب تلاميذ  المدارس بحثًا عن سكاكين لمنع العمليات ، و إن أجهزة الأمن الفلسطينية عثرت في مدرسة واحدة على 70 سكينا في حقائب التلاميذ وجردتهم منها ،  وأقنعتهم بعدم جدوى القتل أو الموت على الحواجز الإسرائيلية .!

وقد برئ  عباس في المقابلة الاحتلال الإسرائيلي من جريمة إعدام الشهيد عبد الفتاح الشريف من قبل أحد جنود الاحتلال في منطقة تل أرميدة وسط مدينة الخليل ، بعد أن كان ملقى على الأرض ولا يشكل أي تهديد على حياة المحيطين به من جنود للاحتلال أو المستوطنين، وأطلق الجندي الصهيوني الرصاص على رأسه من مسافة قريبة ، و الجريمة موثقة بالصور .!

( تزامنت  تصريحات عباس مع زيارة وفد فلسطيني رسمي نيابة عنه وتعزيته لعائلة الجنرال في الجيش (الإسرائيلي) منير عمار الذي ينحدر من الطائفة الدرزية، والذي لقي مصرعه بعد تحطم طائرة مدنية صغيرة كان يقودها في جبال كمون بالجليل الأسفل ، ورأس الوفد  عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، محمد المدني ،  الذي أشاد بالجنرال عمار وبما تحلى به من صفات “إنسانية طيبة”، وتعامله الإيجابي مع نظرائه الفلسطينيين في الضفة ) .!

وجاء هذا اللقاء بعد أيام من استقبال عباس بمقر المقاطعة في مدينة رام الله وفدا يتكون من 60 إسرائيليا، جميعهم من اليهود الذين ولدوا في بلدان عربية ، حيث قام الفنان (الإسرائيلي) شموئيل بن عامي بتقديم هدية لعباس عبارة عن تمثال من صنع يده، إلى جانب قيام الحاخام أبراهام غولان بمباركة عباس ..!!

بعد أن انتشى عباس بمباركة الحاخام اليهودي قال انه يحب يوميا الأستماع إلى أغاني المطربين (الإسرائيليين), بداية من موشيه إلياهو وغيره من المشاهير .!!

و يتساءل الشارع الفلسطيني بكل غيظ و حرقة :

هل هذه هي الخطيئة الأولى لمحمود عباس وهو الذي  استلب  من شعب فلسطين كل جهاده ونضاله وتضحياته ، وحرم شهدائه من شرف الشهادة لأن هؤلاء وليس اتفاق أوسلو هم الذين كرسوا بقاء الشعب على أرضه، ودافعوا عنه ولا يزالون .!

وهل عباس هو أول من تاجر بدماء شهدائنا .؟!

وكيف نعتب على شخص  أسقط  شعبنا في حفرة ” أوسلو ”  التي أسقطت حق اللاجئين والعودة ، و قطعت أوصال شعبنا الفلسطيني إلى شعوب عدة وقبائل عدة ، ووصف جهاد الشعب الفلسطيني ضد أشرس غزوة استعمارية استيطانية صهيونية عنصرية استهدفته بالإرهاب ، وأن الفلسطينيين السبب في معاناة اليهود ،أن يقول ما قاله .؟!

أليس هو الذي أخذ  الوطن إلى حرب أهلية  ، و يحاصر ويحرض على حصار أكثر من 2 مليون من أبناء شعبه إلى درجة الموت ، بل و يطلب و يتوسل من العدو الصهيوني تدمير قطاع غزة على روؤس أبنائه لأنهم فضلوا المقاوم على المساوم .؟!

أليس هو الذي خرج على التلفاز المصري  و هو يفاخر بأنه صاحب فكرة إغراق حدود رفح بمياه البحر ، و ليقر بتواطئه مع السلطات المصرية بإغراق الحدود بين فلسطين ومصر بمياه البحر للقضاء على الأنفاق .!

أليس هو الذي أكد بأن لا عداء بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي .؟!

وكان من قبل قد وصف نضال وجهاد ومقاومة شعبه ضد أشرس غزوة استعمارية استيطانية صهيونية عنصرية استهدفته بالإرهاب ، والعنف الغير مبرر والعدوان على المدنيين (الإسرائيليين) العزل الأبرياء ،  وأن الفلسطينيين السبب في معاناة اليهود .!!

أليس هو نفس الشخص الذي باتت الانتفاضة ــ في نظره ــ سوءة شعب يرفض الاحتلال ويقاوم الظلم ويواجه العدوان ، ولا بد من تغطيتها أو إزالتها أو حتى نسفها حتى ترضى الإدارة الأمريكية والحكومة (الإسرائيلية) عنه.؟!

أليس هو الذي أتهم  إنتفاضة الأقصى المباركة بالعسكرة التي أدت إلى تدمير كل ما بنته السلطة الفلسطينية ، وطالب بإنهاء الانتفاضة وتجريد الفلسطينيين من السلاح المقاوم ، وو صل به الأمر إلى اتهام فلسطينيي عام 1948م بإفشال الانتفاضة وإسقاط حق عودة اللاجئين إلى ديارهم.!، واتهامهم أيضـًا بالمسئولية عن مقتل شهدائهم الثلاثة عشر الذين سقطوا في انتفاضة القدس والأقصى في شهر أكتوبر عام 2000.؟!

أليس هو الذي يتساوق تماماً مع المخطط الصهيو ــ أمريكي الذي طالما تذرع بصواريخ المقاومة ليبرر حصاره الظالم لقطاع غزة ومجازره الوحشية ضد سكانه المدنيين، ووصم حركات المقاومة عموما، وحركة حماس خصوصا بالإرهاب، رغم أن مقاومة المحتل حق كفلته كل الشرائع والقوانين الدولية .؟!

أليس هو الذي ربط  بين حركتي حماس وتنظيم “القاعدة”، حيث أكد على وجود تنظيم القاعدة بقطاع غزة ، وتحالفه مع “حماس” التي تقوم بتسهيل عملية دخول وخروج عناصره  على حد مزاعمه ، وهو أمر خطير لا يمس حركة حماس ، بقدر ما يمس أمن الشعب الفلسطيني وقوى المقاومة .؟!

أليس هو نفس الشخص الذي جلب لشعبه الويلات من خلال “اتفاق أوسلو” الذي حول مسار شعبنا السياسي إلى مسار بدون هوية ، وجعل تاريخنا يبدو وكأنه سجل مفتوح للإحباط واليأس والخيانة .؟!

أليس هو القائل بعد اختطاف الجنود الصهاينة الثلاثة أن الفتية المخطوفين هم بشر و سنعمل على إعادتهم و سيكون لنا كلام أخر مع من اختطفهم .؟!

في شهر أغسطس الماضي تم “اختطاف”  أربعة شبان الفلسطينيين أثناء سفرهم من قطاع غزة إلى القاهرة داخل الأراضي المصرية  ، هل سمع أحدكم أن عباس ذكرهم مرة واحدة .؟!.

أليس هو صاحب شعار ” التنسيق الأمني المقدس مع العدو الصهيوني” ، وأنه مهم لنا لمنع اندلاع انتفاضة أخرى . ؟!

أليس هو القائل : ” بدأت التنسيق الأمني منذ 2005 م وحتى يومنا هذا ولم يتوقف التنسيق الأمني إطلاقا رغم أن “إسرائيل” تستغله لصالحها وللأسوأ ” .؟!

و هو القائل : “هناك قتل وهدم واقتحامات “إسرائيلية” وكأننا غير موجودين ومع ذلك نحن ملتزمين بالتنسيق الأمني ” .!

أليس هو القائل :  ” مـن حق (إسرائيل) الدفاع عنها نـفسـها، لكن دون تقوية “حماس، و أن أسر الجنود الصهاينة تجارة خاسرة ” .؟!

أليس هو القائل :  ” إن (إسرائيل) وجدت من أجل أن تبقى دولة لها كيانها وليس لها أن تزول ” .؟!

لقد أصبح المواطن الفلسطيني في كافة بقاع الأرض يتساءل :

لماذا يصر محمود عباس على لعب دور ” ابن العلقمي ” .؟!

وهل عباس حقا رئيسا للشعب الفلسطيني .؟!

إن مجموعة الأحداث المتعاقبة على الساحة الفلسطينية  تشير إلى أن الشعب الفلسطيني في واد وعباس في واد آخر ، حيث انه يهوى الفشل إلى ابعد الحدود ، ويحترف الجمود عند مواقف ثبت بطلانها  ، وما زال يصر على التصرف وكأنه خارج المعادلة السياسية الفلسطينية ،  وانه لا يقيم وزناُ لنفسه ولا لشعبه ، ويغوى استخدام سياسات غير منتجة حيث يذكرنا عهده بآخر عهود الخلفاء العباسيين ، حيث أخذ منهم الخور والضعف والهوان مأخذا ، حتى صار الخليفة العباسي لعبة بأيدي بعض رجال العسكر من غير العرب ، ودمية بأيدي الجواري ، فوصل الأمر إلى أن أحد الخلفاء لم يدم حكمه لأكثر من يوم واحد، وفقئت عيناه وأصبح متسولا ليحصل على قوت يومه .!

وإذا كان ” ابن العلقمي ” قد و جد من يدافع عنه في كتب التاريخ رغم اسهامه في سقوط الدولة الأسلامية  ، فإن  المدافع عن ” ابن العلقمي الفلسطيني ” لن يجد في مجلدات القضية الفلسطينية سوى صفحات سوداء  من كلمات ومواقف وشهادات ونصوص من شخص أعمى  الله ــ سبحانه و تعالى ــ بصره و بصيرته عن شعبه .!

.

 

اترك تعليقاً