وقفة عز

واثق الخطوة مشى شهيداً … – نضال حمد

شاب فلسطيني من قطاع غزة سبق أن فقد قدماه وأصبح معاقاً جسدياً مثل آلاف الشباب والصبايا والأطفال في فلسطين المحتلة. فقد قدماه لكنه لم يفقد الأمل وحب الحياة، و لم يستسلم للإعاقة، فتحداها وقاومها وأنتصر عليها.

 كان يريد عربة متحركة – كرسي – للمعوقين كي يواصل رحلة الحياة. ثم حصل على العربة فبدأ يعمل لأجل العيش بكرامة و كي لا يكون عبءاً على أحد، وكي لا يسمح للساقين المبتورتين اصابته بالعجز والشلل.

 عمل دهاناً في الأبنية ثم عمل في غسيل السيارات على شوارع غزة المحاصرة.

في يوم القدس وكل فلسطين وفي جمعة الغضب ضد ترامب والصهاينة والمتصهينين عرباً وأجانب، مسلمين أو متأسلمين، مسيحيين متصهينين، على شاكلة بوش و ترامب و بلفور و بلير وغيرهم من أعداء فلسطين والشرق العربي، خرج كما في كل يوم منذ قرار ترامب، من بيته الى خطوط المواجهة مع الأعداء الصهاينة في القطاع الصامد الصابر.

 

من بين 8 شبان من قطاع غزة خرج ابو ثريا حياً من المعركة سنة 2008، معركة صد العدوان الصهيوني الأول على القطاع في زمن حكومة حماس. استشهد رفاقه السبعة فيما هو فقط خرج حياً بعدما بترت ساقاه.

 لم تقف الحالة الصحية والجسدية الجديدة عائقاً في وجه الفتى ابراهيم، الفدائي الذي لا يعرف التعب، المناضل الصلب، صاحب الارادة الحديدية، لا بل الفولاذية. فأنا شخصياً عرفت خلال الحرب أيضاً ما معنى أن تفقد طرفاً من أطراف جسدك، فقد فقدت ساقي اليسرى كاملة وأصبت اصابات بليغة في ساقي اليمنى في معركة صد الدبابات الصهيونية الغازية في بيروت المحاصرة سنة 1982. وبعد ذلك وجدت صعوبات جمة في التغلب على الاعاقة من الناحية الجسدية، لكنني منذ اليوم الأول انتصرت عليها نفسياً. لذا كنت شديد الاعجاب بقدرات ابراهيم ابو ثريا الخارقة، وهو يزحف نحو الشريط الحدودي، وهو يتسلق عواميد الكهرباء ويرفع علم فلسطين عالياً وأعلى من الاحتلال الصهيوني وأعوانه العرب والأجانب.

كنت أسهب في مشاهدته وهو يصعد السيارات المارة ويقوم بغسلها مقابل بعض الأموال كي يستمر في الحياة ولكي يعيش حياة كريمة، ولكي لا يشعر أنه عالة على عائلته أو على المجتمع.

حين أعلن شعبنا الفلسطيني غضبه ورفضه لقرار العنصري ترامب حول مدينة القدس الفلسطينية المحتلة، حرص الشهيد ابراهيم على التواجد يوميا عند الشريط الفاصل بين غزة وأراضي فلسطين المحتلة سنة 1948. حيث كان يشارك في المواجهات اليومية المباشرة مع جنود الاحتلال الصهيوني.

كان يدعو ويحث الشباب على المواجهة وعدم التراجع أو الوهن والخوف من المحتلين الصهاينة …

كان مؤمناً بأن شعب فلسطين شعبٌ صلبٌ ولا تُكسر شوكته، شعبٌ شجاعٌ بينما الاحتلال مجموعة من اللقطاء والجبناء. ولو لم يكونوا كما وصفهم لما اطلقوا النار عليه وهو المعوق، والمدني الذي كان سلاحه فقط علم بلاده ولسانه وكلماته.

أطلق قناص صهيوني طلقة واحدة على رأس ابراهيم أبو ثريا فأرداه شهيداً. وسقط مدرجاً بدمائه الطاهرة فوق تراب فلسطين وعلى أرض الأجداد والآباء.

 

 استشهد ابراهيم صاحب صرخة ” هذه الأرض أرضنا، مش راح نستسلم …”. والمطلوب الآن أن يعرف الفلسطينيون وخاصة الذين يدعون تمثيل الشعب الفلسطيني كيف يرفعون قضية تصفية واغتيال الشهيد ابراهيم الى المحاكم والمؤسسات القضائية والحقوقية والانسانية الدولية. فمثل هذه الجريمة لو حصلت في اي بلد أوروبي لأحدثت هزة أرضية ظلت ارتجاجتها مستمرة على مدى شهور وليس دقائق.

 لذا فأن كل مؤسسات المجتمع المدني في فلسطين والشتات وكل من يهمه أمر حقوق الانسان في فلسطين المحتلة مطالبون باعداد تقرير لتقديمه الى المحاكم العالمية.

 يجب ان لا تمر جريمة الصهاينة بلا عقاب دولي وقانوني، أما العقاب الفلسطيني للصهاينة فهو بتصعيد الانتفاضة والكفاح المسلح كخطوة على طريق حلّ سلطة التنسيق الأمني المقدس، ومن أجل إنهاء وإزالة وأجتثات الاحتلال الصهيوني لفلسطين وطن وأرض الشعب العربي الفلسطيني.

نضال حمد – أوسلو في 16-12-2017