الأخبارالأرشيف

وجبة إفطار تجمع مستوطنين وفلسطينيين على مائدة واحدة !

 
ترجمة خاصة- وطن للأنباء: استضاف مستوطنون يهود من مستوطنة غوش عتصيون مجموعة من الفلسطينيين الصائمين على مائدة افطار رمضاني اعدوها لهم في المستوطنة الواقعة جنوب الضفة الغربية، حيث اغتنموا الفرصة للحديث عن التعايش وبناء علاقات مع جيرانهم العرب.

مساء احد ايام اوائل حزيران – مستوطنة غوش عتصيون – جنوب القدس جلس نحو ستين شخصا تحت مظلة في فناء حديقة، انتظارا لغروب الشمس على الجبال الغربية، لإعلان نهاية يوم اخر من أيام الصيام الطويلة في رمضان وذلك للبدء بتناول التمر والماء إيذانا ببدء وجبة الافطار، والتي يتلوها وجبة رئيسية من الأرز والدجاج.

يعتبر هذا المنظر بحد ذاته لافتا جدا للنظر، وتعتبر تلك الوجبة الليلية، والتي تعرف ب “الافطار”، احدى اهم الميزات لرمضان وهو الشهر المقدس لدى المسلمين، وهو الوقت المحبب للعائلات والأصدقاء كي تلتئم معا وتصلي وتقضي وقتا جميلا ممتعا مع بعضها البعض، وغالبا يفضلون تناول تلك الوجبة خارجا في الهواء الطلق، حيث الحرارة المسائية المعتدلة.

ولكن هذا التجمع لا يشكل بالضبط الافطار الرمضاني التقليدي لسبب واحد وهو ان ما يقرب من نصف الحضور هم إسرائيليون من  سكان  الكتلة الاستيطانية غوش عتصيون، مثل: افرات، الون شفوت، كفار عتصيون، بات عين، تيكفا وغيرها، وقد جاء هؤلاء المستوطنين للاحتفال بنهاية يوم من الصيام ومن ثم الافطار مع الفلسطينيين، وكذلك لتبادل الحديث عن التعايش وبناء العلاقات.

ان ذلك المساء، الذي استضافته منظمة شوراشيم (اي جذور) -وهي منظمة غير حكومية اسرائيلية تعرف نفسها على انها “حركة شعبية من اجل التفاهم واللاعنف والتواصل بين الاسرائيليين والفلسطينيين” -هو الإفطار الثاني من ضمن أربعة افطارات ستستضيفها المنظمة خلال شهر رمضان، والامسية ايضا واحدة من ضمن عشرات البرامج الدينية التي تعتزم المنظمة تنظيمها خلال شهر حزيران.

وبالنسبة للمنظمات الإسرائيلية القديمة -مثل منظمة جفعات حفيفا، وجمعية مبادرات صندوق ابراهام والمجموعات الجديدة مثل جماعة لم الشمل الابراهيمي -أصبح الإفطار فرصة لكلا اليهود والعرب الإسرائيليين للالتقاء معا على أرضية محايدة من التجارب الدينية والثقافية، بعيدا عن السياسة. اما بالنسبة للمستوطنين والفلسطينيين، فمن الواضح أن القضايا والنقاشات تكون مشحونة أكثر.

وقال الحاخام حنان شلايزنغر، وهو مواطن من نيويورك عاش في ألون شفوت لمدة 30 عاما: “لقد جئت إلى هنا الليلة للتعامل مع نوع من المرض العاطفي الذي اعتقد اننا جميعا اسرائيليون وفلسطينيون نعاني منه، علما اننا على حد سواء نعاني من الهلع، والريبة، وسوء الفهم”.

\
وأضاف الحاخام شلايزنغر: “في الحقيقة انا املك الجرأة الكافية كي اتحدث بالنيابة عن نفسي، وربما بالنيابة عن إسرائيليين اخرين في مواقف ومواضيع كهذه، ولكن في مجتمعاتنا اليهودية الفلسطينيين غير مرئيين أساسا او لا يكادون يذكرون. حينما لا يكون هنالك عمال فلسطينيون يعملون في بناء منازلنا، فنحن لا نرى فلسطينيين ابدا. وقد جاء هذا الافطار بالتالي كفرصة للطرفين للتشارك في وجبة طعام، والجلوس فردا الى فرد والبحث في أوجه التشابه بينهما. وقد ساعدت هذه التجربة على فتح عيني وقلبي على اناس يعيشون بالقرب من بيتي وعلى مسافة اقل من خمس دقائق بالسيارة”.
المدعوون طلبوا عدم ذكر اسمائهم

لم ينسى الداعون الى الإفطار ان يطلبوا من جميع الفلسطينيين المشاركين في الافطار الرمضاني عدم الكشف عن هوياتهم خشية تعرضهم للعقاب من قبل مسؤولي السلطة الفلسطينية او نشطاء حماس تحت مسمى “تطبيع” العلاقات مع المستوطنين.

غير ان الخوف من العقاب المحتمل لم يثنهم عن كسر هذا الحاجز وتناول الوجبة مع الإسرائيليين في المستوطنة، وتحديدا على بعد مئتي متر فقط من مفرق غوش عتصيون، حيث تعرض فيه اسرائيليون للطعن، واطلاق النار والدهس عمدا من قبل فلسطينيين، رغم انه يتعين على الفلسطينيين المرور عبر حواجز وفحوصات امنية مفاجئة، وفق ما جاء في المقال المترجم.

في سياق النقاشات قال احد الفلسطينيين المشاركين: “ان معظم الفلسطينيين يربطون فقط بين المستوطنين من جهة والعنف واغلاقهم للطرقات من جهة اخرى، بالإضافة الى قيام الجنود الإسرائيليين باقتحام بيوتنا، واعتقال من يشاؤون وغير ذلك”. وأضاف: “هناك ضغوطا سياسية من قبل السلطة الفلسطينية لمنع “تطبيع” العلاقات مع المستوطنين.

وأضاف: ” لكن هذا الامر سخيف عندما تفكر فيه. لانه بالفعل يوجد الكثير من الفلسطينيين ممن يتحدثون الى المستوطنين، ونحن كذلك نقوم ببناء منازل المستوطنين، وتنظيفها، بالإضافة الى رعاية حدائقهم وصيانتها. وعليه، فان المقاطعة من الناحية الاجتماعية لا تعني إلا تناول الجانب السيء من تلك العلاقة، دون النظر اليهم كافراد لهم ارتباط عميق بهذه الأرض، وبالمقابل ابراز نفس الجانب من الفلسطينيين امام المستوطنين. وعليه فان هذا الافطار يعتبر فرصة رائعة للناس للالتقاء كانس متساوين”.
عدا عن الجوانب الثقافية من الافطار، فانه شكل بالنسبة لليهود المتدينين، فرصة لتناول الطعام ومناقشة اوجه التلاقي والتباين الروحي بين الديانتين. ان العبادات الإسلامية المتنوعة في رمضان، مثل التوبة والزكاة والصلاة هي مواضيع (عبادات) تتشابه مع مواضيع دينية تتم في شهر “أيلول” وهو شهر التوبة العبري الذي يأتي قبيل راس السنة العبرية. وبالإضافة إلى ذلك، فان للمسلمين واليهود الارثوذكس قواسم مشتركة من الأعراف الثقافية التي تتلاشى امام مظاهر المجتمعات الحديثة.

من بين ملاحظاته في هذا السياق، يروي الحاخام لي وايزمان، وهو عضو في طائفة “بريسلوف هسيديك”، ومؤلف “المدونة اليهودية الجهادية”، ويعيش في كاليفورنيا ما يلي:

من بين الحضور المسلمين، شاهد الرجل الاكبر سنا بين ضيوفنا صندوق “بوشكا” (اي صندوق الصدقة لدى اليهود، تزداكا) معلقا على جدار البيت. توجه الرجل الي بسؤال وهو مشرق الوجه: أهذا الصندوق للصدقة؟ (مستخدما ذات الكلمة العربية التي تشير الى هذا العمل الخيري، اي الصدقة).

يضيف الحاخام وايزمان: “لقد بدانا الحديث عن الصدقة .. وبفكرة منح القليل من الخير كل يوم كي تصبح عادة يومية، وان يتم هذا العطاء قبل الصلاة ..وهكذا. وفعلا سرعان ما انطلقت هذه النقاشات وتصاعدت الى موضوع الشجاعة في البذل والعطاء وهكذا. ونتيجة لذلك، وفي غضون بضعة دقائق تحولت طريقة الحديث من كونه “انتم، يا ناس، يا جماعة” الى “نحن، لنا” وقلنا استنتاجا اننا: مجرد بضعة من الناس المتدينين نحاول ان نعرف ماهية البقاء على اتصال مع الله ومع بعضنا البعض في هذا العالم المربك والمرتبك”.

 
“عن موقع واي نت/ ترجمة ناصر العيسة”
:::::
المصدر: http://www.wattan.tv/news/207423.html