الأخبار

يا عودة للدار ما أقساها ….! – محمد عادل

يا عودة للدار … ما أوجعها ، ما أثقلها وما أمرّها … وما أقساها … تبحث عن أحبة ، عن عشق ،

عن طيور وملائكة كانوا يحلقون هنا … هنا … ولا تراها … هنا كانوا يملؤون المكان صخبا وفوضى وعنادا وجمالا … الآن يا قلب ما تراه ليس هو المكانا ….ولا الزمانا … وحيدا تجر ثقل أيام الحزن المالحة والمرة كأنها الاثقالا ….. كأنك أيها الرجل لم تأت إلى هنا ولا تعرف الطريق ولا تذكر انك كنت هنا أو تحلم أنك مررت من هنا … هنا بقايا زمن ، بقايا ذكرى … وجوه تراها ولا تراك …

تسأل عن طرق بعيدة وقريبة …لا أحد يجيب وكأن كلامك غير مفهوم أو غير مسموع

 تنظر من حولك عن أحبة يردون عليك التحية والسلام … عن أشجار وورود وطيور …؟

عن بلبل يعرفك وينظر إليك في الصباح … ليغرد ويعزف الألحان لزمن جميل جميل وبديع
غيبه الظلام في بلاد من أجمل وأحلى البلاد ….

هنا شجرة الخروب تظللنا جميعا بأغصانها
المترامية … حاملة قرون الخروب الطرية الحلوة … وعصافير وطيور لا تعرف من أين أتت
ولا تهرب من أحد … وكأنها تقول لك هذا مكاني المفضل والجميل … وهذا عالمنا الجميل …

الآن لا أحد …لا المكان لك ولا الزمان لك … يقال في علم النبات أن الأشجار تعرف صاحبها
أو من يسقيها أو يعتني بها أو يتظلل بظلها ولا تنساه … ويصدر عنها أصوات الشوق
والحنين لمن غابوا أو ذهبوا بعيدا … وللأشجار حكايات كثيرة في زمن مضى … من أشجار
الزيتون والليمون والبرتقال والرمان والصنوبر … وكما يقول احد الأصدقاء … ليمونتي لو
عدّت يا ترى …هل تعرفني … يسأل عن الليمونة التي تركها وغادر البلاد مجبراً مقهوراً
حزيناً … يسأل عن الليمونة ورائحتها المميزة والتي لم يرَ مثلها في كل ترحاله وإسفاره ….

وعن توتة الدار … والكروم الكروم في جبال الخليل … حيث عنب الخليل المميز حلاوة
ونكهة وشكلاً … وتاريخاً من الإبداع في الزراعة والعناية بالكروم … سقا الله على الخليل وما
حول الخليل من قرى وادعة… ومن ذكريات مازالت راسخة في الذكرى عن أجمل وأحسن وأنبل الناس …

يقول شاعرنا الكبير سليمان دغش :

هل تَتعَبُ الرّوحُ التي تَسكُنُ فينا وَطَناً يُشبِهُنا في الحُلْمِ والذّكرى

فلا نَنْسى بأنَّ الرّوحَ مثل الريحِ تَسري حيثُما شاءَ الهوى

يا وَطَناً يَسكُنُنا

ما أقرَبَ الرّوحَ إليكَ فانتَظِرْنا.

يا للأيام ما أثقلها وأمرّها وأقساها … وكيف تبدلت المواقف والرؤى … وبقي من بقي على
الطريق … وغادر من غادر إلى المواقع الأخرى… إلى الجوائز والمهرجانات وكتابة أي كلام
يخدم علنا الأعداء وأصدقاء الأعداء …… والانحياز لمنطق اللامنطق …والجحود ونسيان ما
مضى وما كان في مكانة التقديس والوفاء …. كيف يقبل البعض أن ينسى من كان له معلما
ومربيا وداعما ومساندا وحاميا … ومكانا في الزمان الصعب … كيف يعيش البعض الآن بلا
قلب ولا عقل …وبلا أخلاق … بلا أخلاق ! انه يا صديقي الزمان الرخو … الرمادي ، حيث
من كانوا هنا … أصبحوا هناك وكأنهم دمى محنطة تنطق بما يمليه عليها أصحاب الأموال
النفطية في دول صنعتها ومولتها وإدارتها بريطانيا … التي مازالت تمارس حتى الآن دور
ألمستعمر الخفي في بلادنا …

 

 

اترك تعليقاً