الأرشيفوقفة عز

أم ناظم مخيم شاتيلا – نضال حمد

سمية أحمد إسماعيل (أم ناظم) ولدت في بلدة الكابري الفلسطينية قضاء عكا سنة 1936. عاشت ١٢ سنة من عمرها في فلسطين قبل النكبة واحتلال فلسطين من قبل العصابات الصهيونية بمساعدة الاستعمار البريطاني والامبريالية الرأسمالية الأمريكية ودول أوروبا بشكل عام. بعد سقوط الوطن وفقدان الديار تشرد شعبنا فلجأت الطفلة سمية مع عائلتها الى لبنان. أقامت في مخيم شاتيلا حتى وفاتها يوم ٩ -١-٢٠٠٨ ودفنت في مقبرة الشهداء بجوار شهداء الثورة الفلسطينية.

في مقابلة نشرها موقع هوية قالت أم ناظم: عن الوضع الفلسطيني في لبنان قبل نشوء العمل الفدائي:

«كان زوجي أبو ناظم يبيع جلاب في العازورية في بيروت، وعلى شان يبيع جاب تصريح من المسؤول عن العازورية، وكان اسمه إميل بيدس، وهو من الناصرة فلسطين، كان مجنس لبناني وهو كان مدير بنك انترا في لبنان.

جاء الدرك وطلبوا التصريح من أبو ناظم، فأعطاهم التصريح، ما عجبهم إنه معه تصريح، ثم طلبوا هويته، وعندما شافوا الهوية قالوا له كمان فلسطيني يا أخو… ثم ضربوه بالهوية على وجهه، لأنه فلسطيني. بالمخيم كان في كل مخفر واحد من المكتب الثاني، كان بالليل بيجي ويتنصط على الناس. الدولة اللبنانية كانت ظالمة كثير في هذاك الزمان..»

كانت امراة ذات شخصية قوية ولسان فصيح بالرغم من أنها لم تتلقى تعليماً في المدارس، ثم أصبحت في المخيم خلال سنوات الثورة والكفاح رمزاً من رموزه الوطنية، فمدرسة للفداء والعطاء والانتماء لفلسطين.

قدمت الأبناء شهداء وأسرى ومناضلين، لم تنكسر ارادتها كما أنها لم تنكس رايتها، بقيت حاضنة للمناضلين وللفدائيين، ورافعة من رافعات صمود مخيم شاتيلا في كل مراحل نضال وصمود المخيم.

عرفتها من خلال النضال مع الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية الرفيق الشهيد طلعت يعقوب. الذي كان يكن لها احتراماً خاصاً. وحرص على زيارتها وعائلتها في المخيم في مناسبات عديدة قبل حصار بيروت 1982. وفي كتابه ” آه يا بيروت” الذي يروي ايام الحصار والمواجهة كتب عنها الأديب الفلسطيني الكبير رشاد أبوشاور. كما كتب عنها الصديق المناضل والأديب والسياسي والفنان مروان عبد العال في روايته “زهرة الطين”. أما الكاتب الفلسطيني الصديق محمود كلم فقد جعل من أم ناظم أهم أبطال كتاباته العديدة عن مخيم شاتيلا وأحدثها ما نشره قبل أيام في مواقع عديدة بعنوان: “رواية شاتيلا.. دموع لا تجف” ((سميّة أحمد إسماعيل (أم ناظم)، تلك التي ما بخلت يوماً على الثورة الفلسطينية فقدمت ثلاثة من أحبائها شهداء (محمد في تل الزعتر عام 1976، أحمد في حرب المخيمات عام 1985 في شاتيلا، وفيها كذلك خسرت زوجها صالح هاشم.))

أم ناظم الانسانة المخلصة لشعبها ولثوار فلسطين كانت تحرص على زيارة قبور الشهداء وتحفيز النسوة وعموم أهل المخيم على الصبر والصمود والثبات بالرغم من كل المآسي التي عاشها أهل المخيم وعاشتها المخيمات الفلسطينية في لبنان. فلم تستلم بالرغم من أهوال وبشاعة مجزرة صبرا وشاتيلا التي ارتكبها الفاشيون الانعزاليون اللبنانيون باشراف جيش الغزاة الصهاينة بداية النصف الثاني من شهر أيلول 1982. كما لم تهزم ارادتها القوية في حرب المخيمات الجهنمية التي شنت على المخيمات الفلسطينية في بيروت منتصف سنوات الثمانينيات من القرن الفائت، حيث تم حصار وتجويع المخيمات من اجل استسلامها وتركيعها. ففي تلك المعركة الطويلة استشهد أحد أبناءها وزوجها.

لم تنطلِ عليها ألاعيب من خانوا الأمانة والعهود وتضحيات الشعب والشهداء. بقيت مؤمنة بعروبة فلسطين وبكامل ترابها الوطني وبحق العودة الذي لا ينجز إلا بالنضال والكفاح والمقاومة. ولا يمكن تحقيقه عبر الاستسلام والانهزام والخضوع لمعسكر الأعداء.

سنبقى على عهد فلسطين الكاملة يا أم ناظم.

نضال حمد

08-1-2021