صهيونيات

المجازر اليهودية قبل تأسيس الكيان الصهيوني – د. غازي حسين

حددت الاستراتيجية الصهيونية إقامة دولة اليهود على أرض فلسطين العربية بمساعدة الدول الاستعمارية وتواطؤ الرجعية العربية من الأمراء والملوك العرب           

وبالاستيلاء على الأرض العربية عن طريق حكومة الانتداب البريطانية وعن طريق شراء الأراضي من كبار الملاكين اللبنانيين والسوريين وبعض ضعاف النفوس من الفلسطينيين وبالإرهاب والمجازر الجماعية والعنصرية والترحيل لإقامة المستعمرات اليهودية على أنقاض القرى والبلدات الفلسطينية وتحقيق الاستعمار الاستيطاني اليهودي العنصري والاهابي.

قامت المنظمات اليهودية الإرهابية المسلحة منذ ثلاثينات القرن العشرين بارتكاب مئات المجازر الجماعية البشعة والتي شملت قتل الأطفال والنساء والشيوخ والرجال لإبادة أكبر عدد من الفلسطينيين وإرهاب وتخويف الآخرين وإجبارهم على الترحيل الجماعي لتفريغ الأرض من أصحابها الشرعيين وسكانها الأصليين. ونستعرض أهم الجرائم والمجازر الجماعية التي قامت بها المنظمات الإرهابية اليهودية المسلحة وهي الهاغاناه، الأرغون وشتيرن  ومنها:

* بتاريخ 11/11/1937، ألقى أحد أعضاء الأرغون الإرهابية قنبلة على مقهى عربي في يافا مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة آخرين بجراح.

* بتاريخ 14/11/1937، أطلقت النار على سيارة عربية في حي يهودي، فقتل ثلاثة من ركابها بينهم امرأتان.

* في أواخر كانون الأول 1937، ألقى أحد أعضاء منظمة الأرغون الإرهابية قنبلة على سوق الخضار المجاور لبوابة نابلس في القدس، فقتل العشرات من العرب(1).

* بتاريخ 6/3/1938 ألقى إرهابيو عصابتي الأرغون وشتيرن قنابل على سوق الخضار في حيفا، مما أدى إلى مقتل 18عربياً وأصيب 38 آخرين.

* بتاريخ 4/7/1938، ألقيت قنبلة يدوية على سيارة عربية في القدس فقتل خمسة من العرب وأصيب سبعة آخرون.

* بتاريخ 6/7/1938 انفجرت سيارتان ملغومتان وضعتهما عصابة الأرغون في سوق الخضار في حيفا، وأدى انفجارهما إلى مقتل 74 عربياً وجرح 129 آخرين(2).

* بتاريخ 8/7/1938، ألقيت قنبلة على سيارة بالقدس فقتلت أربعة وجرحت (15) آخرين.

* أكدت معاريف الصادرة في 26/7/2001 أن قادة عصابة الأرغون الإرهابية قد أجملوا عدد القتلى العرب في تموز وحده 1938 (140) عربياً. وكتب حاييم هنغبي يصف المجزرتين التي ارتكبتهما العصابة في شهر تموز وقال:

«الإرهابي ـ اليهودي، الذي نزل إلى السوق في البلدة السفلى بحيفا كان متنكراً بزي عتال حمل على ظهره قنبلتين وضعتا في أوعية حليب، وضع هذه الأوعية قرب إحدى البسطات وسط السوق وسارع في الاختفاء، ودوّت الانفجارات، وخلال ساعات نشرت تقديرات أولية: 21 قتيلاً و25جريحاً عربياً. في نفس اليوم قتل اثنان من عابري السبيل في البلدة القديمة في القدس وأصيب أربعة بجروح الإرهابي (اليهودي) الذي تمركز على ظهر أحد الأسطح وألقى قنبلة صغيرة في الشارع ولاذ بالفرار، وبعد يومين انفجرت قنبلة كبيرة في ساحة الباصات قرب شارع يافا (في القدس)، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 14 آخرين بجروح»(3).

ويضيف حاييم هنغبي في جريدة معاريف الإسرائيلية ويقول:

كذلك وقع في نفس تموز الدامي، قنبلة كبيرة أخفيت في صندوق خيار نقل على متن دراجة هوائية إلى وسط السوق العربي، وفي هذه المرة أيضاً كان الرجل (الإرهابي اليهودي) من عناصر الأرغون متنكراً بزي عتال، وضع القنبلة ـ أكثر من 30كغم ديناميت ـ داخل السوق المكتظ  في حيفا وانصرف. وحسب بيانات الشرطة البريطانية التي أرادت تقليل حجم الخسائر من أجل إخماد غضب الجمهور أعلنت عن مقتل 35 عربياً، أما حسب معطيات غير رسمية فقد كان العدد مضاعفاً(4).

ويؤكد كتاب «الهولوكوست الإسرائيلي» أن هذا الانفجار في سوق الخضار في مدينة حيفا أدى إلى استشهاد (74) عربياً وإصابة (129) آخرين بجراح(5).

* بتاريخ 26/8/1938، انفجرت سيارة ملغومة، وضعتها عصابة الأرغون الإرهابية في سوق في القدس، فقتلت 34 عربياً وجرحت 35 آخرين.

* بتاريخ 27/2/1939، فجرت عصابة الأرغون الإرهابية قنبلتين في حيفا، فقتل 27 عربياً وجرح 39 آخرون. وفي نفس اليوم قتل ثلاثة من العرب في تل أبيب وثلاثة في القدس(6).           

* بتاريخ 29/5/1939، ألقى إرهابيو الأرغون قنابل يدوية في سينما (ركس) في القدس فأصيب 18 عربياً بجراح.

* بتاريخ 2/6/1939، فجرت عصابة الأرغون قنابل يدوية في سوق بطيخ في القدس، فقتل خمسة من العرب وأصيب تسعة عشر بجراح(7).

* بتاريخ 12/6/1939 هاجمت عصابة الهاغاناه الإرهابية قرية بلدة الشيخ وقتلت خمسة من سكان القرية.

*بتاريخ 19/6/1939 ألقى إرهابي يهودي قنبلة في أحد أسواق حيفا فقتلت تسعة وجرحت أربعة آخرين من العرب.

*بتاريخ 29/6/1939، هوجمت ست حافلات عربية في تل أبيب ورخبوت وبتاح تكفا وقتل 11عربياً.

*بتاريخ 3/7/1939، ألقيت قنبلة يدوية على مقهى عربي في مدينة حيفا.

هدأت الأحداث والمجازر الصهيونية إبان سنوات الحرب العالمية الثانية، لأن الحركة الصهيونية أرادت أن تستغل الحرب العالمية ونتائجها لإقامة «إسرائيل» في فلسطين العربية.

ارتكبت المنظمات اليهودية الإرهابية المسلحة في شهر نيسان عشرات المجازر الجماعية منها مجزرة دير ياسين في 9/4/1948 ومجزرة أبو شوشة في 14/5/1948 لإقامة إسرائيل في 15 أيار 1948.

مجزرة أبو شوشة

كشف باحثون من جامعة بيرزيت عام 1995 لأول مرة عن مجزرة جماعية وقعت في قرية أبو شوشة، قرب الرملة، أسفرت عن مقتل 60 فلسطينياً وترحيل سكان القرية وإزالتها من الوجود، لإقامة مستعمرة يهودية على أنقاضها وتوطين المستعمرين اليهود فيها.

وقعت المجزرة بتاريخ 14/5/1948، أي قبل يوم واحد من انتهاء الانتداب البريطاني وقبل تأسيس الكيان الصهيوني بيوم واحد، وذلك عندما قام جنود من لواء جفعاتي بمحاصرة القرية عند آذان الفجر من كافة الاتجاهات. وقصفوها بمدافع المورتر وبزخات غزيرة من الرصاص. واحتلوا القرية بعد أن انسحب منها الرجال. واختبأت النساء في ثلاث مغر لمدة أسبوع اكتشف بعدها أمرهن، حيث تم إخراجهن من المغر وأمروهن بالتوجه إلى منازلهن. وكانت الجثث لا تزال متناثرة في القرية. وشكلت النساء لجنة ضمت خمس منهن قمن بدفن الشهداء والبالغ عددهم ستين شهيداً.

ووثق باحثو جامعة بيرزيت أسمائهم في الدراسة التي أنجزوها عن المجزرة(8).

طلبت القوات الإسرائيلية من النساء في 20/5/1948 بالتجمع في ساحة القرية. وأمرت النساء بالتحرك بين صفين من الجنود للخروج باتجاه الشرق، حيث تقع قرية القباب.

«وأمام توسلهن بالسماح لهن بالعودة إلى منازلهن قام الجنود (اليهود) بإطلاق النار في الهواء وباتجاه أقدام النساء إلى أن اختفين عن الأنظار ليغادرن القرية إلى الأبد»(9).

«قتل حسب رواية الهاغاناه 30 وأكثر من 70 حسب الرواية العربية»(10).

وثّق الباحثان فاهوم شلبي ونصر يعقوب أسماء الشهداء وأعمارهم وموقع القتل وأحياناً موقع الدفن. وتم رصد أسماء ستين شهيداً في مجزرة لم يسجل عنها التاريخ قبل ذلك كلمة واحدة.

وصف د. صالح عبد الجواد، أحد المشرفين على الدراسة بـ «الدراسة المهمة لأنها كشفت عن مجزرة وقعت يوم إعلان قيام دولة إسرائيل ولم تكن مسجلة في التاريخ قبل الآن».

وعلق الدكتور عبد الجواد على الدراسة قائلاً: «إن الدراسة طعنة قوية في جوهر الدعاية التي تنكر وجود حملات (إبادة جماعية) وترحيل وقال لقد حاول شمعون بيرس في كتابه «شرق أوسط جديد» أن ينفي وجود الترحيل لكن هذه الدراسة كانت طعنة قوية في جوهر الدعاية الإسرائيلية التي تحاول إنكار وجود حملات الترحيل»(11).

إن ارتكاب العصابات اليهودية الإرهابية المسلحة وإسرائيل لمئات المجازر الجماعية، وإشعال الحروب العدوانية، ومصادرة وتهويد الأرض والمقدسات والبشر والشجر والحجر، والتطهير العرقي، وفرض الحصار والعقوبات الجماعية، وتدمير المنجزات وعرقلة التنمية والتطور في فلسطين المحتلة لإقامة أكبر غيتو يهودي استعماري وعنصري وإرهابي في قلب المنطقة العربية والإسلامية عرّض ويعرّض الأمن والاستقرار والازدهار والسلام الإقليمي والعالمي لأفدح الأضرار.

وظهر بجلاء أن إسرائيل غدة سرطانية خبيثة يجب اجتثاثها ككيان استعمار استيطاني ونظام عنصري وإرهابي وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية في كل فلسطين التاريخية ومصيراسرائيل الغريبة عن فلسطين الى الزوال.

 

المصادر

  1. من ملفات الإرهاب الصهيوني، دار الجليل ـ عمان 1985، ص35.

  2. علي سعادة الهولوكوست الفلسطيني ـ عمان 2000، ص49.

  3. نواف الزرو، من دير ياسين إلى مخيم جنين ـ عمان 2002، ص20.

  4. جريدة معاريف في 26/7/2001.

  5. الهولوكوست الفلسطيني، مصدر سابق، ص49.

  6. من ملفات الإرهاب الصهيوني، مصدر سابق، ص36.

  7. المصدر السابق نفسه.

  8. جريدة القدس المقدسية في 31/3/1995.

  9. نواف الزرو، من دير ياسين إلى مخيم جنين، مصدر سابق، ص60.

  10. جريدة القدس المقدسية في 24/7/2001.

  11. الدستور الأردنية في 29/10/1999.