الأخبارالأرشيف

بدأت كارثة أوسلو مع هزيمة العروبة 1967 – عادل سمارة

 
لم أقصد ولم أفعل أبدا تبرير سقوط م.ت.ف في كارثة اتفاقات أوسلو التي ملخصها “من التحرير إلى الاستدوال فالتسوية فالتصفية”. يكمن المدخل الواقعي والتطور الطبيعي لفهم القضية الفلسطينية في حقيقة أن الكيان الصهيوني زُرع ضد الوطن العربي بأكمله. وليس اغتصاب فلسطين سوى لتكون موقع التركيز الجغرافي للانطلاق أو الحفاظ على ما تم استعماره من كامل الوطن العربي.

 

لقد قاومنا قدر الإمكان منذ بدايات الاستيطان الوحشي الأولية، ولا أقصد بالإمكانيات السلاح فقط بل الرؤية الفكرية السياسية الثقافية ايضا لطبيعة الصراع وفهْمنا له وإحاطتنا به. أما عربياً فقبيل تكريس الدولة القُطرية العربية كان التطوع الشعبي العربي عاديا وسلساً للنضال في فلسطين بغض النظر عن حدود عمق الوعي مقابل عمق الانتماء وبساطته. 
 

أقصد هنا أن تبلورات وتكريس دول سايكس-بيكو لعب دورا اساسيا في تفكيك قومية المعركة، بل إن هذا الاتفاق قد أرسى علاقة حبل سرِّي بين القطريات العربية والكيان الصهيوني وصلت إلى وحدة المصير بينهما، ولم يتضح هذا في تزامنه مع وعد بلفور بقدر ما اتضح عبر مسيرة قرن نشهد منها اليوم بناء تحالف بين بعض هذه القطريات والكيان الصهيوني.
 

وسواء كان فكاك هذا النظام او ذاك نفسه عن الصراع بسبب ازماته وانشغالاته أو عمالته أو دوره …الخ لأن المهم بالنسبة للثورة المضادة هو قتل العمق والدور الشعبي العربي بما أن هذا القتل هو الضمان الوحيد لبقاء الكيان الصهيوني بوجوده ودوره. 
 

كانت المحطة الفارقة في هذا المستوى في حصول هزيمتين:
 

الأولى: الوجود المهزوم مجسداً في التيار السياسي العربي التابع والعميل مباشرة وبلا مداورة وهي أنظمة النفط والممالك وهما اللذان أسسا لقوى الدين السياسي ودوره الإرهابي لاحقا وخاصة حالياً. هذا التيار كأنظمة لم يشارك قط في اي نضال تحرري لا قطريا ولا قومياً، بل مارس دوره المعادي للعروبة. هذا المحور هو طريق التدمير من الداخل بالتآمر على المعسكر القومي التقدمي.
 

والثانية: هي هزيمة حزيران 1967 اي هزيمة المنحى العروبي التقدمي وإلى حد كبير العلماني الاشتراكي ، وهي الهزيمة التي نعيش تمفصلاتها حتى اليوم.
 

قبيل حزيران 1967، كان معظم النضال الفلسطيني ضمن البنى الحزبية العربية وخاصة القومي السوري والبعث والقوميين العرب. هذا باستثناء فتح التي بدأت عام   1965  بتركيز إقليمي قُطري فلسطيني. وهو اتجاه مضاد للدور العربي، ومن هنا هو بالنتيجة، وليس شرطا بالقرار، تصفوي لأن الصراع هو ضد كامل الثورة المضادة التي هدفها كامل الوطن العربي وليس فلسطين فقط وبالتالي، فإن مقاومة اغتصاب فلسطين اعتمادا على الفلسطينيين وحدهم هو إما منهجاً مغامراً، أو تكتيكا خبيثاً للتوصل إلى التسوية التي انقلبت بالضرورة إلى التصفية.

 
لذا، ونظراً لعلاقة تبعية انظمة النفط والممالك للغرب الراسمالي كعدو واضح وتاريخي، ليس غريباً أن تم احتضان قيادة م.ت.ف ماليا من أنظمة النفط خاصة لتلعب دورها التخريبي ضد المقاومة. أي، هل يُعقل أن يسمح الغرب خالق الكيان بتمويل أنظمة هو أنشأها ضد القومية العربية بأن تقوم هي نفسها بتمويل “ثورة” تهدف اقتلاع الكيان!

 
يفتح هذا على سؤال: هل خلق م.ت.ف قبيل عدوان 1967 كان من أجل إحياء القضية الفلسطينية ضمن بعدها العروبي؟ أم من أجل رمي العبء بهدف قُطري على كاهل الفلسطينيين وحدهم لا سيما وأن الوحدة عام 1958 تم وضع حد لها مما جعل مسألة الوحدة بعيدة التحقق ؟

 
وابتعاد التحقق لا يعني صحة هذيان الطابور الثقافي السادس الذي يقطع بأن الدولة القومية انتهت وهو مثابة رسالة اطمئنان وتطمين للكيان ببقائه بل اندماجه بشكل مهيمن في الوطن العربي.

 
ولا يقلل من خبث هذه الرسالة الزعم بأن الدولة القومية انتهت عالميا، وهو الزعم الذي لم يسنده تنظير بما هو البديل. وبديل هؤلاء طبعا، وخاصة ما بعد الحداثيين، ليس الأممية الشيوعية أبداً. من تمفصلات هذه العدمية وكر الدراسات الذي يديره عزمي بشارة الذي جعل من إمارة قطر حاملة لمشروع صهيوني ضد الأمة العربية مجسداً في تدمير سوريا وبقية الجمهوريات والتنظير لنهاية السياسة واللجوء إلى المعرفة المجردة والمتجردة والتي تجرد حاملها من اي دور عملي سوى تأجير ثقافته. “انظر هذيان اسماعيل ناشف،الذي استمات في تقليد ميشيل فوكو وخاصة في فك السياسة عن المعرفة لينتهي مفكرا بالأجرة في الدوحة وماكينة تفريخ صهاينة شباباً على صعيد عربي” إنه سيلان وسيولة الريْع!

 
https://www.arab48.com/…/ الدولة-القومية-انتهت-والمثقف-الفلس…

 
ما حصل عام 1967 هو إرغام الأنظمة العربية التقدمية على الانشغال الداخلي سواء بأوضاعها او تحرير أرضها التي أُضيفت إلى فلسطين مما وضع تحرير فلسطين في خانة جانبية بل حتى مهملة.

 
هنا كان التغير الأكثر خطورة في مسيرة الصراع والتناقض وذلك:

 
• بالخروج الرسمي التقدمي العربي من مشروع التحرير منشغلا إما في تحرير أرضه المغتصبة أو مشاغله المحلية لينحصر في خانة الدفاع أمام هجمات متتالية. 
• إتساع ظاهرة المقاومة الفلسطينية ولكن بالتوازي مع إنهيار المشروع القومي أي الحاضنة الضرورية للمقاومة مما أفقد المقاومة بعدها العروبي.

• إن مقاومة بلا بعد شعبي عربي ليست مؤهلة وحدها للتحرير لكن القوى الجذرية منها مؤهلة للاستمرار وصولا إلى استنهاض واسترداد العمق العربي. 

• إصرار الأنظمة الرسمية على حصر علاقة م.ت.ف بالأنظمة وليس بالقوى السياسية أو الشارع العربي.

• تناغم توجهات قيادة م.ت.ف اليمينية مع المخطط أو الطريق الذي رسمته الأنظمة الرسمية سواء التي هُزمت في حزيران أو التي بقيت خارج الصراع بل حتى متآمرة على القومية العربية.

هذه التطورات هي التي مهدت للقبول التدريجي من قيادة م.ت.ف لمشاريع التسوية التي هي بوضوح:

• التراجع عن التحرير مثل قول أحدهم(كسرنا تابو التحرير الشامل)

• حصر الصراع في استعادة المحتل 1967، أي اقتسام الوطن مع العدو والتخلي عن تحرير الوطن.

 
بهذا تم التوافق قصداً أو بالنتيجة بين قيادة م.ت.ف والأنظمة العربية الرسمية على فك القضية عن عمقها القومي تمهيداً لتصفيتها.

 
لذا، كان اتفاق أوسلو مثابة استكمال التسوية باتجاه التصفية. ولعل ما يدعم زعمنا هذا، أن هذا الاتفاق أتى ايضاً نتيجة مناخات مجافية للنضال الوطني الفلسطيني والقومي العربي وخاصة:

 
• خروج م.ت.ف من لبنان إلى الشتات، اي انتهاء دورها في الكفاح المسلح والذهاب إلى التسويات التي تنطلق جميعها من اعتبار الكيان الصهيوني واقعا قائما لا نقاش فيه بل اشتراط أن يكون أي نقاش بعد التسليم ببقاء الكيان الصهيوني. 

• تفكك الكتلة الاشتراكية الصديقة

• وتدمير العراق تمهيدأ لتدمير الجمهوريات العربية

 
وبكلام موجز، فإن ما آل إليه الوضع في اعقاب اتفاقات أوسلو وبروتوكول باريس كان بناء على ما سبق مآلاً طبيعيا أُقيم على تصفية العمق القومي للقضية عبر الآليات السابقة مضافا إليها:

 
• آلية الهجمة الإرهابية ضد الجمهوريات العربية حيث ألقت أنظمة النفط بكل ما لديها من مال وقوة عمل محوَّلة إلى جيوش إرهابية في خدمة الثورة المضادة وخاصة جناحها الصهيوني.

• الطابور السادس الثقافي الذي اصبحت قيادته في قطر على شكل تحالف ممثل الدين السياسي فيه القرضاوي، وممثل الحركة الصهيونية عزمي بشارة، وممثل عدمية ما بعد الحداثة مجموعة مؤجِّري ثقافتهم من طراز اسماعيل ناشف، صخر ابو فخر…الخ.

 
لعلنا نختم بمقارنة مأساتين لمثقفين وليس للمثقفين:

 
الأولى ماساة ما وصل إليه إدوارد سعيد في عتابه المر على إغتصاب امريكا للعرب ضمن مضاجعة مؤلمة (انظر كتابه الاستشراق).

 
والثانية: مأساة المثقف العربي الذي يزعم إقامة مشروع عربي في خدر إمارة لا تاريخ لها سوى كونها قاعدة للعدو الأمريكي ووكراً للكيان الصهيوني ناهيك عن وراثة اقتلاع الإبن لأبيه.

 
أليست هذه ورطة هذا الصنف من المثقفين؟ هذا الفريق الذي كي يبرر سقوطه يزعم ان كل شيء في ورطة وخاصة المثقفين العرب. وهذا طبيعي من مثقف لم يشتبك سوى مع نفسه ليتناسل كالدودة الشريطية.

 
https://www.arab48.com/%E2%80%A6/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%AA-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AB%D9%82%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3
 
 

 

ARAB48.COM

 
الدولة القوميّة انتهت، والمثقّف الفلسطينيّ في ورطة

تبدو محاورة الباحث والأكاديميّ الفلسطينيّ إسماعيل ناشف، مهمّة سهلة وصعبة في الوقت ذاته؛ سهلة لأنّك تستطيع أن تبدأ من حيث تريد، في طرح القضايا والأسئلة، لكنّك لا تض….