صهيونيات

وحيدة في المعركة – تالي بن عوفاديا

  
(((( منذ متى وكيف تحولت (إسرائيل) من دولة مع “ظهرٍ” عريض لمسلكياتها في الشرق الأوسط – أي الولايات المتحدة – إلى الصبي المنبوذ في الحي الذي لا يريد أحد أن يلعب معه، ولا حتى المعلّمة؟ كي نفهم هذا يجب أن نعود عقداً إلى الوراء، إلى الصفعة المدوية التي تلقتها إسرائيل. فقط بعد نصف سنة على انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، توجه باراك أوباما إلى الشرق الأوسط، وبدل أن يزور أولاً الدولة التي تُعتبر أقرب حليفة لأميركا في المنطقة، اختار القفز عن القدس وإلقاء خطاب القاهرة المؤسس في مصر. الإهانة كانت كبيرة، كانت اللحظة التي لم يعد بعدها شيء إلى سابق عهده.
 
خطاب أوباما في القاهرة كان اللحظة التي لم يعد بعدها شيء إلى سابق عهده

إذا كان هناك من شيء كان من المفترض برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن يشعر به في يوم السبت الماضي فهو العزلة. فبعد أن هضم الملامح الجديدة للواقع في الحدود الشمالية، حان وقت مهاتفة الرئيس الروسي.

بالتأكيد نتنياهو عرض عليه المعطيات، مثلما يراها هو، وبوتين من جانبه أطلق عدة كلمات لباقة لكنه أوضح فوراً وعلناً: لن أسمح بالمس بالسيادة السورية.

إذا كانت موازين القوى في صبيحة يوم السبت بين إسرائيل وسوريا حافظت على توازنٍ عنيفٍ ما – إسقاط طائرة إسرائيلية وتدمير بطاريات دفاع جوي سورية – في اللحظة التي تطلبت تدخلاً دولياً، الأسد خرج ويده هي العليا بفضل دعم بوتين غير المتحفظ.
منذ متى وكيف تحولت إسرائيل من دولة مع “ظهرٍ” عريض لمسلكياتها في الشرق الأوسط – أي الولايات المتحدة – إلى الصبي المنبوذ في الحي الذي لا يريد أحد أن يلعب معه، ولا حتى المعلّمة؟

كي نفهم هذا يجب أن نعود عقداً إلى الوراء، إلى الصفعة المدوية التي تلقتها إسرائيل. فقط بعد نصف سنة على انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، توجه باراك أوباما إلى الشرق الأوسط. وبدل أن يزور أولاً الدولة التي تُعتبر أقرب حليفة لأميركا في المنطقة، اختار القفز عن القدس وإلقاء خطاب القاهرة المؤسس في مصر. الإهانة كانت كبيرة، كانت اللحظة التي لم يعد بعدها شيء إلى سابق عهده.

كذلك المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، بدا أن أميركا أوباما لم تعد تقيم هنا، وهذا الفراغ جذب فلاديمير بوتين، الذي قطف السيطرة في الشرق الأوسط كثمرة ناضجة، والنتيجة: إسرائيل خسرت نهائياً مكانة الصبي المفضّل.

لو كان بالإمكان فعل شيء ضد هذه العملية، فها أن نتنياهو فعل العكس تماماً: تواجه مع أوباما علناً ولم يعتد به عندما ألقى كلمته في الكونغرس ضد الاتفاق النووي. لو كانت قد بقيت فرصة ما لنيل حماية أوباما، فقد ضيّعها بالكامل.

إذن، ومن بقي؟ بوتين. ونتنياهو مضطر للاستثمار غير قليل في علاقته معه.

ذهاباً وإياباً بين موسكو والقدس، انتزع من بوتين مؤتمرات صحفية مشتركة وتصريحات من وراء الكواليس، بل وحتى اتفق معه على شروط تسمح لإسرائيل بالعمل في سوريا دون تدخل روسي. إلا أنه في لحظة واحدة في ساعات ظهيرة يوم السبت قرأ بيان الدعم الروسي لسوريا، وبالتأكيد شعر بمدى عزلته.

لأن نتنياهو يعلم أنه حتى لو أن مقيماً جديداً يقيم في البيت الأبيض، مستعد لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، فها إنه في لحظة الأزمة الحقيقية، التي تفصل بين الحياة والموت، إسرائيل بقيت لوحدها. تعتمد على نفسها فقط. لأنه عند دونالد ترامب، الأمر ليس حتى “قيادة من الخلف”. عنده “أميركا أولاً”. وعليه، بالتأكيد بالتأكيد، لا تزعجوه عن طائرات مسيرة خلال السبت.))))

المصدر : يديعوت أحرونوت – الميادين