من هنا وهناك

تقاطعات بين الزردشتيه والإسلام – ماجد مغامس

إختلف المؤرخون حول زمان زردشت. ولكن المشهور أنه ولد سنة 660 ق .م . وقتل سنة 583 ق .م ( اي حوالي 1200 عام قبل الإسلام). والزردشتيه هي ما عرفت في الإسلام بإسم المجوسيه. حيث ورد ذكرهم في القرآن: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد).

هناك إعتقادات كثيره خاطئه فيما يتعلق بالزردشتيه. اولها الأعتقاد الخاطئ أن الزردشتيين يعبدون النار. فالنار هي فقط رمز من رموز التقديس في الزردشتيه بصفتها ترمز لنور وحكمة الإله, و من هنا فالزردشتيون حريصون على ألا تنطفئ في معابدهم ولذا جاء الاعتقاد السائد أن الزردشتيين يعبدون النار. الأهم من ذلك هو الإعتقاد الخاطئ أن الزردشتيه ديانه ثنويه ( تؤمن بوجود إلهين) وذلك جاء لأن الزردشتيه تؤمن بوجود قوة الظلام ( أهرمن). فاعتقد البعض انها ألهه ثانيه يعبدها الزردشتيون بجانب الإله الأوحد, ولكن ( أهرمن) لا يمثل إلها بقدر ما يعبر عن فكرة قوى الشر التي تحكم الكون ( مشابهة لفكرة الشيطان في الإسلام).

من هنا نقول أن الزردشتيه ديانه توحيديه بالدرجه الأولى. حيث اعتقد معتنقو الزردشتيه بوجود إله واحد اسمه ( اهورامزدا) ولهم كتاب مقدس يدعى (الأفيستا) او ( الاوستا) وشرح هذا الكتاب المعروف ب ( الزند اوستا). وقد أيد هذا الطرح عدد من العلماء والباحثين منهم الشهرستاني وعباس محمود العقاد ومصطفى حلمي و الشفيع الماحي أحمد ( الذين إعتمدت عليهم هذه الدراسه). فيقول الشهرستاني عن الإله الزردشتيي: ( هو أحد لا شريك له، ولا ضدَّ ولا ندَّ). ولعل الأيه الوارد ذكرها أعلاه توحي بذلك من حيث شمول المجوس مع (الَّذِينَ آمَنُوا والَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى) وهم – على إختلاف كينونتهم في التفاسير المختلفه, موحدون.

ويوجد الكثير من نقاط التقاطع والتشابه بين الزردشتيه ( وتفرعها في المانويه) والإسلام نوردها بإختصار فيما يلي:

– التوحيد: يقول زردشت في (الأفيستا): (إني لأدرك أنك أنت وحدك الإله وأنك الأوحد الأحد، وإني من صحة إدراكي هذا أوقن تمام اليقين من يقيني هذا الموقن أنك أنت الإله الأوحد). ويقول ( لا إله سوى آهورامزدا).

– الشهادتان: يتعين على من يريد الدخول بالزردشتيه النطق بالشهادتين قائلا: ( أشهد بأني مؤمن بالله الخير الغني , و أتبع زرداشت رسولة الكريم). وفي نصوص أخرى (أشهد أني عابد للإله أهورا مزدا، مؤمن بزردشت).

– الصلوات الخمس: دعا زردشت أتباعه إلى خمس صلوات في اليوم، في الفجر والظهر والعصر والمغرب ومنتصف الليل.

– الصوم: فرض الصوم في الدين الزردشتي ثلاثون يوما كما في الإسلام. ويبدأ الصوم من شروق الشمس إلى الغروب.

– المهدي المنتظر: يؤمن الزردشتيون أنه (سيظهر في آخر الزمان “أشيزريكا” على أهل العالم، ويحي العدل ويميت الجور، ويرد السنن المغيرة إلى أوضاعها الأول، وتنقاد له الملوك، وتتيسر له الأمور، وينصر الدين والحق، ويحصل في زمانه الأمن والدعة وسكون الفتن وزوال المحن).

– المعراج: كما هو الحال في قصة الإسراء والمعراج الوارده في القرآن, ورد في الزردشتيه ان زرداشت عرج إلى السماء (أخذ الملاك بيد زردشت وعرج به إلى السماء…).

– الصراط: في الزردشتيه يوم القيامه (يمر السعداء من فوقه فلا ينالهم وهج ولا حرارة والاشقياء يرونه امامهم في دقة الشعرة).

– أسماء الله الحسنى: كما في الإسلام, هناك في الزردشتيه أسماء لاهورامازدا مثل: (واهب الانعام، المكين، الكامل، ، الحكيم، الخبير،الغني، المغني، السيد، المنعم، الطيب القهار).

– الإعتقاد بتحريف الإنجيل: كما في الإسلام, قال ( ماني) أن الأناجيل الأربعه محرفه ورفضها جميعا.

– نفي صلب المسيح: كما في الإسلام, تنفي الزردشتيه صلب المسيح (..لكن إله الظلمة أغوى اليهود ليصلبوه ،ولما لم يكن له جسد فان الآلام لم تؤثر فيه ولكن اليهود ظنوا انه صلب).

– حور العين: تحدثت الزردشتيه عن أرواح إناث تعيش في الهواء سموها ( بيركان) او( بريان), وهي جميلة جدا وتأسر قلوب الرجال. وهذه الإناث مخصصه كمكافاه (للذين تكافحو في الحروب اختيارهم قتل بعضهم بعضاً ولا يصرفون وجوههم أخصامهم ذهبوا بعد إلى السماء).

– آخر الأنبياء: قال بها زردشت إذ قال: (أيها الناس إنني رسول الله إليكم …لهدايتكم بعثني الإله في آخر الزمان …أراد أن يختتم بي هذه الحياة الدنيا فجئت .. …بشيرا ونذيرا).

– الصلاه على النبي: يتعين على العابد حين يسجد ان يختتم صلاته بالتحية والسلام على النبي قائلا (مبارك هادينا البارقليط رسول النور).

– نور مولد النبي: روى الطبراني أن النبي قال : ( ورأت أمي في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام ). وكذلك في الزردشتيه قبل مولد زردشت (انبثق نور الهي شديد من بيت بوراشاب فرحت له الطبيعه والرسول عند ولادته).

– شق صدر النبي: أخرج مسلم أن جبريل أتى للنبي وهو (يلعب مع الغلمان فأخذه فصرعه ، فشق عن قلبه). كذلك في الزردشتيه حصل لزردشت اذ (شق ( الملاك) صدره بطعنة سيف وملئت أحشاؤها بالرصاص المنصهر).

– قصة غار حراء: حيث تقول القصه الزرداشتيه أن زرداشت كان يعتكف دوما في جبل يسمى جبل سابلان ويستغرق هناك في التفكير بالكون…وفي إحدى المرات (رأى نورًا يسطع فوقه، وإذا به “فاهومانا” كبير الملائكة، ينبِّئه بأمر النبوَّة). وهي مشابهه لما ورد في السيره النبويه.

– حكم الرده: كما في الإسلام, يحرم على الزردشتي الرجوع عن دينه والا يقتل.

– حكم السرقه: حكم قطع يد السارق ايضا وارد في الزردشتيه كما في الإسلام.

– كراهة الدخول إلى الأسواق: أخرج مسلم في صحيحه أن النبي قال ( أبغض البلاد إلى الله أسواقها). وفي الزردشتيه يتعين على الزردشتي ان يتجنب دخول الأسواق بكونها اماكن تتميز بالغش والخداع.

– تعدد الزوجات: في الزردشتيه يحق للزرادشني الزواج بأكثر من زوجة.

– حجاب المرأه: الزمت الزردشتيه المرأه بالحجاب ومنعت الإختلاط وخروجها من منزلها الا للضروره.

في النهايه, نود أن نؤكد للقارئ المتعصب أننا نعلم ما يدور في منتديات ومواقع ( رد الشبهات على الإسلام). من هنا نقول أولا أن الهدف من هذا المقال ليس التشكيك في الإسلام. وأن الكثير من الباحثين والمؤرخين تحدثوا في هذه الناحيه خصيصا والتشابه بين الإسلام وغيره من الديانات بشكل عام. فما أوردناه هنا هو مشاهدات من عدة مصادر أردنا أن نقدمها للقارئ مرتبه لغايات المعرفه. كما نعلم أن مواقع ( رد الشبهات) قد ” ردت” على بعض مما ورد من هذه التقاطعات. وللحق نقول أن النزر اليسير مما اوردته هذه المواقع مقنع إلى حد ما, أما جله فلا يؤخذ به. من هنا, ومن باب النزاهة الأكادميه ندعو القارئ للإطلاع على هذه الردود للحكم بنفسه.

رسالة من حسين الموسوي*

اترك تعليقاً