من هنا وهناك

وحدات المارينز الثقافية

 

د.موفق محادين

 

 فأما الذين يرفضون فكرة المؤامرة فمثل الذين يعتبرونها المحرك الاساسي للتاريخ، حيث يسود المنطق الصوري الميكانيكي، ومثلهم من يرفض الحتمية او يعتبرها قانونا أبديا.

المؤامرة موجودة في قلب التاريخ والاستراتيجيات الكبرى، ولكنها ليست رافعة لها، والحتمية موجودة كسياق وسيرورة حية وليس لى طريقة جدل الطبيعة الأعمى..

وبأثر رجعي لما يجري الآن تعالَوا نتذكر هذه المحطات لنعرف إن كانت هناك مؤامرات ام لا، وما هو موقع المثقفين فيها، في أنماطهم المختلفة: المغفلون والعملاء والمشوشون.

1. في عصر الحقبة القطنية “تساوي الحقبة النفطية، اخذت مصر من الاهمية العالمية ما اخذته السعودية في الحقبة الثانية، وذلك على خلفية الحرب الاهلية الامريكية وضرب تجارة القطن، وتركيز بريطانيا على مصر كبديل لمصانعها في مانشستر ويورك هايمر.

وبدلا من ان يستثمر ذلك لبناء مصر منتجة حديثة بدد الخديوي اموال مصر في بناء “قاهرة” على غرار باريس، وكان حوله العديد من المثقفين الذين زينوا له ذلك، إما من موقع الاستغفال او الانبهار العمراني او الخيانة، وعندما احتج البعض عليهم وصفوهم بالتخلف.

2. بعد تلك الفترة عرفت مصر والمنطقة ما عرف بموجة التنوير الحديثة التي عمقت من تبعية مصر بدلا من تحريرها، فيما كانت اليابان تكرس أنموذجا مختلفا “الثورة الصناعية والحفاظ على الهوية والثقافة القومية” وتراوح اعضاء موجة التنوير المصرية والعربية بين ليبراليين علمانيين وليبراليين اسلاميين.

3. وكانت المحافل الماسونية القاسم المشترك لهم، بعضهم بحسن نية وبعضهم بنوايا اخرى..

واستمرت هذه الموجة في مؤتمر باريس “العربي” 1913 وكان تحت سيطرة الماسونية.. وعندما حذر بعضهم من نوايا الاستعمار البريطاني والفرنسي، وانه يستخدم موجة التنوير كما “الديموقراطية اليوم” لتمزيق الشرق وإلحاقه بالنظام الراسمالي العالمي، وصفوا هذا البعض بالتخلف واللغة الخشبية ومرضى ثقافة المؤامرة…الخ.

وتبين لاحقا ان العديد من المتنورين كانوا عملاء للمخابرات البريطانية والفرنسية ومكتب الشرق التابع للمنظمة الصهيونية، والنتيجة سايكس – بيكو ووعد بلفور.

وبعد اقصاء الاستعمار الأمريكي الجديد للاستعمار القديم تكررت اشكال مختلفة من مثقفي النوايا الحسنة المغفلين ومن عملاء المخابرات الامريكية وفقا لكتاب “من يدفع للزمار، أو حرب امريكا على الجبهة الثقافية”، وهو للكاتبة البريطانية سوندرز التي وصفتهم بوحدات المشاة الثقافية او المارينز الايديولوجي:- حليقو الرؤوس بدون بنادق، واسلاميون ليبراليون ومتشددون، وليبراليون علمانيون من نشطاء التمويل الاجنبي ومراكز الدراسات الخاصة و”مع لايكفكفك” على حقوق الانسان.

:::::

“العرب اليوم”

اترك تعليقاً