فلسطين

أهكذا تكرّم ( أم جبر وشاح) يا حماس؟!-رشاد أبوشاور

انقطعت أخبار الأم المقاومة العظيمة ( أم جبر وشاح) عني منذ فترة، وكذا أخبار المقاوم جبر، ابنها الذي قضى حوالي 25 وعشرين عاما في الأسر، كان خلالها رفيقا وصديقا لعميد الأسرى العرب الرفيق والصديق سمير القنطار، ومن النشطاء البارزين في سجون الاحتلال.

الأم..أم جبر وشاح يعرفها كل الأسرى العرب، فهي قادت الأمهات الفلسطينيات لتبنيهم وتعويضهم عن تغييب الاحتلال لأمهاتهم، وبهذا تم كسر شعورهم بالوحشة في زنازين العدو..وفي مقدمتهم الأسير البطل عميد الأسرى العرب سمير القنطار، الذي تبنته وكان رفيقا لجبر في الأسر، بما يعنيه ذلك من جهد مرهق تبذله وهي تتنقل بين السجون التي ينقل لها جبر..وسمير، وغيرهما، هي المتقدمة في العمر.

تابعت بحرص أخبارها المشرفة، وتبنيها لسمير القنطار، الرفيق الذي كنت أتواصل معه هاتفيا إلى ما قبل تحريره بفترة قصيرة، وأيضا بواسطة الصليب الأحمر عبر مقره في شارع أبي رمانة في دمشق.

بعد تحريره زارني جبر في بيتي في العاصمة الأردنية عمان، وتناولنا الغداء معا، وكان رفقة الصديق الإعلامي حسن الكاشف، وهكذا تعرفت بجبر عن قرب، ومنه سمعت الكثير عن بسالة العزيز سمير القنطار الذي عرفه عن قرب، ومعها خاضا معارك الأسرى، مع أخوتهم ورفاقهم، في وجه عسف السجان الصهيوني وعدوانيته، تكللت بانتزاعهم لحقوقهم التي تحفظ آدميتهم، وتواصلهم مع ذويهم، ومتابعتهم عبر التلفزيون لأخبار العالم، وحق زيارة ذويهم لهم.

في بيروت، وفي أحد فنادق الحمراء المتواضعة التقيت بالأم..أم جبر..فبست يديها ورأسها، وقلت لها: أنا يتيم منذ طفولتي المبكرة ..فقبلتني واحتضنت رأسي: مثلك ليس يتيما، ثم جذبت رأسي: وأنت أيضا إبني مع جبر وسمير …

كانت قد حضرت إلى لبنان مع جبر لزيارة أسرة البطل سمير القنطار، وطمأنتهم على أخباره، وللتعرف بأسرة سمير عن قرب…

كتبت عنها مقالة في ( القدس العربي)، وبقيت على تواصل مع جبر، واطمأننت عليها دائما…

بعد تحرير سمير تواصلت مع جبر، وهنأت الأم.. أم الأسرى الفلسطينيين والعرب، أم جبر وسمير.. أمنا التي نباهي بها نحن الفلسطينيين، لأنها في مسيرتها، ومعها أمهات كثيرات تبنين أسرى من أقطار عربية كن يزرنهم قبل أبنائهن. افتخرنا بهن، وبأيقونتهن أم جبر الوقورة التي لم يقعدها المرض، وتعب الجسد، والتقدم في العمر، عن مواصلة منح أبنائها الأسرى حنان وعطف وحب الأم..الأم الفلسطينية.

صدمت يوم الخميس 18 حزيران الجاري بنبأ الاعتداء على أم جبر وشاح، وعلى أسرتها..على جبر البطل الفلسطيني..وعلى شقيقته..بالضرب العنيف والشتائم..إلى حد أن أم جبر قد نقلت من أمام بيتها في قلب مخيم البريج إلى مستشفى الأقصى وبدنها يرتجف..وصورها تظهر مدى ألمها وفداحة وقسوة ما تعرضت له!( الفيديو متوفر على مواقع التواصل لمن يرغب في التأكد).

أمّا المناضل جبر فقد اعتدي عليه، ومن بعد اقتيد إلى السجن!

شرطة وأمن حماس هي التي اقترفت هذه الجريمة البشعة التي تمس كل أم فلسطينية، وكل أسير فلسطين وعربي، وكل فلسطيني حيثما كان مقيما.

الحجة في الاعتداء أن عائلة وشاح تعدت على الممتلكات العامة ببنائها لغرفة خارج حدود بيتها!

المحكمة التي أصدرت حكما بهدم الغرفة هي محكمة حماس، والشرطة القاسية التي نفذت حكما حمساويا بوحشية على أسرة عريقة مقاومة هي شرطة حمساوية المستبدة التي لا توقفها قوانين وروادع!

الخلل في كل ممارسات حماس يعود إلى أنها السلطة المطلقة التي لا يشاركها فيها أي طرف فلسطيني منذ انقلابها يوم 14 حزيران 2007…

لقد نصحنا قيادة حماس مرارا وتكرارا بالكف عن الهيمنة على قطاع غزة، والتصرف كأي سلطة استبداد في بلاد العرب..ونصحناها بتشكيل قيادة فلسطينية واحدة تدير( كل) شؤون قطاع غزة، قيادة وحدة وطنية، تتشكل من كل الفصائل، ومن شخصيات وطنية وكفاءات مشهود لها، تقدم النموذج بحيث يمتد هذا النموذج إلى الضفة الفلسطينية..ولكن هيهات، فالهيمنة والتفرّد أغوى قيادة حماس التي لن تستجيب أبدا بالتخلّي عن السلطة، لأنها ترى بأنها فرصتها التاريخية، خاصة والسلطة في الضفة معرضة لفقدان( سلطتها)..وهذا رهانها لأبعد ما يكون عن هدف الوحدة الوطنية ومقاومة الاحتلال بكل طاقات الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع..والشتات.

الاعتداء على الأم الفلسطينية أم جبر وشاح، أمنا، وعلى شقيقنا ورفيقنا جبر وشاح الأسير البطل..وعلى شقيقته المناضلة..إهانة لشعبنا الفلسطيني..وجريمة تضاف إلى جرائم ممارسات حماس منذ انقلابها المدمر الذي اقترفت في تنفيذه الكثير من عمليات القتل وتكسير الركب، ومصادرة الممتلكات..وسياسة التمييز بين( مؤمنيها) و..بقية أفراد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة!

هذا الاعتداء سيكلفكم كثيرا يا حماس!

أنتم تواصلون اقتراف الأخطاء والخطايا بضيق أفق وقصر نظر.