الأرشيفعربي وعالمي

الأمن الإنساني – الدكتور عادل عامر

مثل الأمن بمختلف فروعه هاجس للمجتمعات الإنسانية المختلفة.، و مع مرور الوقت و تطور أسلحة الدمار الشامل تطورت المسائل الأمنية المطروحة للدراسة، و طرأت تغيرات كثيرة على نوع  التهديدات و مدى تأثيره على الأنسان ابشكل خاص  ، فتطور.

مصطلح الأمن ليصل إلى مستوى أدق  و هو الأمن الإنساني ، الذي احتل مكانة واسعة في الدراسات الدولية و في الأبحاث الأمنية في النصف الثاني من عقد التسعينيات

توسع مفهوم الأمن الإنساني من إطار التحليل الأمني والسياسي للأمن  الإقليمي و أمن الدولة  إلى اطار أمن الأنسان ( الفرد ) و لقد سلط تقرير التنمية البشرية لعام 1994 الضوء على عنصرين رئيسيين للأمن الإنساني : “التحرر من الخوف” / “التحرر من الحاجة”

يعد مفهوم الأمن البشري  أو ما يقصد به الأمن الإنساني- نقطة تحول في الدراسات الأمنية ، وذلك من خلال الانتقال من أمن الدولة و الحدود و الأرض إلى أمن من يعيشون داخل الدولة، وفي إطار حدودها ، و على أرضها . يمثل هذا المفهوم عودة إلى أمن الأفراد الذين يعدون الوحدة الأساسية للأمن

ويمكن إرجاع مفهوم الأمن البشري(الإنساني) إلى تأسيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر عام 1840 ، وتجسد المفهوم فيما بعد تأسيس الأمم المتحدة في إطار المبادئ العامة للمنظمة وتلك ، وتجسد المفهوم أيضاً في (7 (التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقيات جنيف ظل الحركة الدولية لعمال المناجم ، والمحكمة الجنائية الدولية، لمعاقبة الأفراد على انتهاكهم لقواعد الإنسانية ضد غيرهم من البشر. توجد العديد من التهديدات الموجهة للأمن البشري ، التي تركز على أمن البشر في حياتهم اليومية ، و الذي يمثل الاهتمام المبدئي ، والأساسي للبشر ، وهذه التهديدات متسعة ، إلا أنه يمكن ضمها في سبع فئات رئيسية ، أو محاور تمثل أبعاد الأمن . وداخل كل محور توجد التهديدات الخاصة به ، وهذه المحاور هي : ( الأمن الاقتصادي ، والأمن الغذائي ، والأمن الصحي ، والأمن البيئي ، والأمن الشخصي ، والأمن المجتمعي ، والأمن السياسي)

لْكُل أَصْبَح عَلَى يَقِيْن تَام أَن كَثِيْرا مِّن الْقَضَايَا الَّتِي تَطْرَح فِي قَضَايَا حُقُوْق الْإِنْسَان وَقَضَايَا الْأَمْن الْإِنْسَانِي لَاحِقَا، هِي عَنْاصِر رَئِيْسَة لِلْتَّدَخُّل فِي الْأَمْن الْوَطَنِي لِلْدُّوَل، وَهَذَا مَا يَجْعَلَنَا كَعَالِم ثَالِث وَعَرَّب َنَعُوْد إِلَى نَوَاتُنَا الْآمِنَة وَالْمُتَمَثِّلَة فِي هَيْئَة الْدَّعْوَة الْإِنْسَانِيَّة وَالْأَمْن الْإِنْسَانِي ، لَكِن هَذَا الْأَمْر وَتَفَعَيلَتِه عَلَى الْمُسْتَوَيَيْن الْعَرَبِي وَالإِقْلِيْمّي يَقْتَضِي عَلَاقَات عَمِيْقَة مَع الْأُرْدُن وَالَّذِي يُعْتَبَر الْعُمْق الِاسْتِرَاتِيْجِي لِلْأَمْن الْإِنْسَانِي ،

وَقَد اسْتَطَاع هَذَا الْبَلَد بِمَوَاردُه الْبَسِيطَة وَالْغَنِي بِالْعُقُول الْإِنْسَانِيَّة أَن يَجْعَل مِن التَّرْبِيَة فِي الْمَفْهُوْم الْإِنْسَانِي ذَات فَهُم جَدِيْد أَصْبَح الْفَرْد فِيْه يُشَكِّل الْعُنْصُر الْأَسَاسِي فِي فَهْم وَتَحْلِيْل مَفْهُوْم الْأَمْن الْإِنْسَانِي، وَيُؤَسِّس عَلَى ذَلِك أَن أَمْن الْدُّوَل عَلَى أَهَمِّيَّتِه لَيْس وَحْدَه الْكَفِيْل بِتَحْقِيْق أَمَّن الْأَفْرَاد ، لِأَن حَقَائِق ومُعْطيّات الْوَاقِع الْعَالَمِي تُثَبِت وَفِي كُل يَوْم أَهَمِّيَّة الْتَّرْبِيَة لَا التَّقْلِيْدِيَّة بَل الْتَّرْبِيَة فِي مَفْهُوْم الْأَمْن الْإِنْسَانِي ،

وَإِلَا فَإِن الْدُّوَل سَتَفْقِد مُبَرِّرَات وُجُوْدِهَا وَتَتَحَوَّل ضِد أَمَّن مُوَاطِنِيْهَا. بِنَاء عَلَى ذَلِك كُلِّه تَطَوُّر مَفْهُوْم الْتَّرْبِيَة وَحُقُوْق الْإِنْسَان دَاخِل مَفْهُوْم الْأَمْن الْإِنْسَانِي لَدَمْج الْفَرْد فِي مُجْمَل الْعَمَلِيَّة الْأُمْنِيَة الْدِّيِمُقْرَاطِيَّة مُنْذ نُعُوْمَة أَظَافِرَه، وَذَلِك مِن خِلَال الْتَرْكِّيز عَلَى تَحْقِيْق أَمَّن الْأَفْرَاد دَاخِل وَعَبَر الْحُدُوْد لِأَن قَضَايَاهُم أَصْبَحَت تَتَعَلَّق بِالْوُجُوْد ، بَدَلَا مِن التَّرْكِيْز عَلَى أَمْن الْحُدُوْد ذَاتِه وَتَحْقِيْق أَمَّن الْأَفْرَاد، الَّذِي لَا يُمْكِن تَحْقِيْقِه بِمَعْزِل عَن أَمْن الْدُّوَل.

وَهَذَا بِحَد ذَاتِه تَطَوُّر يَسْتَدْعِي الْنَّظَر إِلَى ضَرُوْرَة أَن تُحْصِن الْدَّوْلَة الْوَطَنِيَّة جَبْهَتِهَا الْدَّاخِلِيَّة وَتُعَزِّز الْتَّرْبِيَة فِي مَفْهُوْم الْأَمْن الْإِنْسَانِي وَحُقُوْق الْإِنْسَان لَدَى مُوَاطِنِيْهَا، وَتَجْعَلُه حَقِيْقَة عَلَى أَرْض الْوَاقِع حَتَّى لَا يُسْتَغَل هَذَا الْأَمْر لِزَعْزَعَة أَمَّن الْدَّوْلَة ، لِهَذَا نَسْتَطِيْع الْقَوْل أَنَّه وَمِن خِلَال الْنَّوَاة الْوَطَنِيَّة وَالْخامَة الْمُتَوَفِّرَة فِي الْإِقْلِيم وَالْوَطَن الْعَرَبِي وَالْأُرْدُن تَحَدِيَدْا وَالْمُتَمَثِّلَة وَبِكُل شَفَافِيَة بِهَيْئَة الْدَّعْوَة الْإِنْسَانِيَّة وَالْأَمْن الْإِنْسَانِي عَلَى الْمُسْتَوَى الْعَالَمِي ، كَتَرْبَوِيِّين يُمْكِنُنَا الْنَّظَر إِلَى الْتَّرْبِيَة مِن خِلَال مَفْهُوْم الْأَمْن الْإِنْسَانِي عَلَى كَوْنِهَا خُطْوَة أَبْعَد مِن مَفْهُوْم حُقُوْق الْإِنْسَان، وَذَلِك فِيْمَا يَتَعَلَّق بِكَوْن مَفْهُوْم حُقُوْق الْإِنْسَان فِي أَغْلَب الْأَحْيَان يَأْخُذ شَكْل الْمُطَالَبَات الْقَانُوْنِيَّة مُمَثِّلَة فِي ضَرُوْرَة تَوَافُر تَشْرِيْعَات قَانُوْنِيَّة كَفِيْلَة بِوَضْع الْتِزَامَات مُحَدَّدَة تُجَاه حُقُوْق بِعَيْنِهَا كَاتِّفَاقِيَات حُقُوْق الْطِّفْل، أَو الْمَرْأَة، أَو اللَّاجِئِيْن، وَغَيْرِهَا مِن الِاتِّفَاقِيَات الْقَانُوْنِيَّة سَوَاء أَخَذَت الْطَّابَع الْعَالَمِي أَو الْإِقْلِيمِي، إِلَا أَنَّنَا نَجِد الْتَّرْبِيَة فِي مَفْهُوْم الْأَمْن الْإِنْسَانِي تَخْطُو خُطْوَة أَبْعَد نَحْو الْتَرْكِّيز عَلَى الْإِصْلاح الْمُؤَسَّسِي وَالْمَعْنَي بِتَحْقِيْق أَمَّن الْأَفْرَاد أَو إِنْشَاء مُؤَسَّسَات جَدِيْدَة كَفِيْلَة بِهَذَا الْأَمْر ، وَالْأَمْن الْتَّعْلِيْمِي وَالْأَمْن الْمَائِي وَالغِذَائِي وَالدْوَائِي وَالْأَمْن الْمُدَرِّسِي وَالْبِيْئَة الْتَّرْبَوِيَّة وَالْتَّعْلِيْمِيَّة الْآمِنَة كَحَق طَبِيْعِي لِلْأَفْرَاد،

وَعَلَيْنَا جَمِيْعِا مُهِمَّة تَعْظِيْم هَذَا الْمُنَجَّز الْأُرْدُنِّي لِكَوْنِه الْنَّمُوْذَج الَّذِي تَحْتَاجُه الْمِنْطَقَة وَالْعَالَم ، فَالْمَفْهُوْم الْتَّرْبَوِي فِي الْأَمْن الْإِنْسَانِي الَّذِي يُرَكَّز عَلَى كُل مَا ذَكَرْنَا هُو فِي الْأَصْل جَهْد أُرّدُنِي خَالِص وَيَسْتَحِق الْتَّعْظِيم وَالْتَّبْجِيْل ، وَالْسُّؤَال إِذَا لَم نُدْرِك كَتَرْبَوِيِّين وَأَسَاتِذَة فِي الْمَدَارِس وَالْجَامِعَات ذَلِك َقَبْل غَيْرِنَا فَمَن هَذَا الَّذِي سَيُدْرِك و سَيَقُوْدُنَا إِلَى الْإِصْلاح الْمَنْشُود ، عَلَيْنَا أَن نَعِي أَن الْجَمِيع يَرْقُبُنَا وَبِهَذِه الْلَّحْظَة الْإِنْسَانِيَّة الْثَّائِرَة وَبِعَيْن يُتَصَوَّر أَنَّهَا مُدْرِكَة لِكَافَّة الْأَخْطَار الْمُحْدِقَة فِيْه كَإِنْسَان ، وَهَذَا مَا يُضَاعَف مَسْؤُوْلِيَّتِنَا فِي ظِل وَاقِع الْمِنْطَقَة السِّيَاسِي وَالْاقْتِصَادِي وَالِاجْتِمَاعِي غَيْر الْعَادِل،

وَالْصِّرَاع عَلَى الْسُّلْطَة، وَتَوْزِيع الْمَوَارِد عَلَى فِئَات مُعَيَّنَة مِن الْمُجَتَمَع، وَفِي بَعْض الْحَالَات الْتَدَخُّل الْعَسْكَرِي الْخَارِجِي، كَأَّهُم الْعَوَائِق الَّتِي تُهَدِّد أَمْن الْإِنْسَان الْعَرَبِي ، وَإِذَا كَان هُنَالِك جُمْلَة مِن الْتَّدَابِير الْمُتَّفِق عَلَيْهَا و الْوَاجِب اتِّخَاذُهَا وَالَّتِي يُمْكِن مِن خِلَالِهَا تَجُذِيّر أَمَّن الْإِنْسَان فِي الْعَالَم الْعَرَبِي بِمَا فِي ذَلِك الْضَّمَانَات الْعَالَمِيَّة لِحُقُوْق الْإِنْسَان وَالْحُرِّيَّات وَخُصُوْصا حُقُوْق الْمَرْأَة، وَحِمَايَة الْبِيْئَة، وَمُعَالَجَة الْفَقْر وَالْجُوْع، وَتَوْسِيْع الْخَدَّمَات الْصِّحِّيَّة، وَإِنْهَاء الِاحْتِلَال وَالَتَدَخْلَات الْعَسْكَرِيَّة الَّتِي تَتَسَبَّب فِي مُعَانَاة الْإِنْسَان وَتَقْضِي عَلَى الْتَّنْمِيَة الاقْتِصَادِيَّة .

أَلَا أَن هَذَا لَا يَكْفِي لِأَن مُهِمَّتُنَا وَنَحْن دَاخِل الْمَجْمَع الْإِنْسَانِي الْأَعْظَم الَّذِي تَتَوَاجَد فَوْق أَرْضِه ( هَيْئَة الْدَّعْوَة الْإِنْسَانِيَّة وَالْأَمْن الْإِنْسَانِي ) بَل نَحْتَاج إِلَى الْمَزِيْد مِن الْجَهْد الْنَّوْعِي وَهَذَا بِدَوْرِه يَنْعَكِس عَلَى قُدْرَتِنَا كَتَرْبَوِيِّين عَلَى الْقِيَام بِدَوْرِنَا فِي تَحْقِيْق مُسَار الْتَّنْمِيَة الْإِنْسَانِيَّة وَمُعَالَجَة الْتَوَتِّرَات الْقَائِمَة مَحَلِّيّا وَإِقْلِيمَا وَعَالميّا ، وَيَجْعَل مَن الْشَّرَاكَة مَع مُجْتَمَعَاتِنَا طَرِيْقا غَيْر مَحْفُوْف بِكَثِيْر مِن الْمَخَاطِر ، وَالْحَالَة تُؤَكِّد عُمْق الْأَزِمَّة بَيْن الْدَّوْلَة وَالْمُجْتَمَع، وَتَجْعَلُه عُرْضَة لِلْتَّدَخُّل الْخَارِجِي، نَتَحَّدَث عَن مُجْتَمَعَات تَئِن تَحْت وَطْأَة الْتَّخَلُّف وَالْفَقْر وَالْمَرَض وَالْجُوْع وَالْأُمِّيَّة وَالْتَسَلُّط وَالْتَّبَعِيَّة وَغُيَّاب الْقِيَم الْإِنْسَانِيَّة الَّتِي تَضْمَن الْحَد الْأَدْنَى مِن كَرَامَة الْإِنْسَان وَالْجَمِيْع يَسْتَنْجِد بِنَا ، بَعْد أَن عَرَفُوْا مِن أَعْضَاء الْهَيْئَة الْجَلِيِّة الَّذِيْن يَجُبُّوْن الْعَالَم أَن فِي الْأُرْدُن تَعْظِيمَا لُإِنْسَانِيَّة وَأَمِن الْإِنْسَان ،

وَالْمُحْزِن أَن الْبَعْض فِي الْأُرْدُن لَا يَعْرِفُوْن شَيْئا عَن هَذِه الْهَيْئَة أَو عَن مُؤَسِّسِها وَلَا عَن أَعْضَائِهَا فِي حِيْن أَن جَلَالِة الْمَلِك عَبْد الْلَّه الْثَّانِي الْمُعَظَّم يُعْتَبَر وَحَسْب مَا نُشِر فِي جَرِيْد الْدُّسْتُور الْأَرْدُنِيَّة فِي 2006 م الْنَّاطِق الْأَعْلَى بِاسْم هَذِه الْهَيْئَة الْجَلَيْلَة ، أَمَّا جَلَالَة الْمَلِكَة رَانْيَا الْمُعَظَّمَة وَالَّتِي تُعَبِّر عَنْهُا الْهَيْئَة بِالْأُم الْإِنْسَانِيَّة الْعَظِيْمَة فَهِي عُضْو فَاعِل عَلَى الْمُسْتَوَيَات الْمَحَلِّيَّة وَالْإِقْلِيْمِيَّة وَالْعَالَمِيَّة ، وَلِلْعِلْم فَقَط هَذِه الْهَيْئَة غَيْر مَدْعُومَة مِن أَحَد وَغَيْر مُسَجَّلَة رِسَمِيّا حَتَّى لَا تُفْقَد صِفَتِهَا الْإِقْلِيمِيَّة وَالْعَالَمِيَّة ، أَو تَلْتَصِق بِشُبْهَة الْتَّرْوِيْج لِهَذَا الْدِّيْن أَو ذَاك الَّذِي قَد تَكُوْن الْدَّوْلَة صَاحِبَة الْتَّصْرِيح تَدْعُوَا إِلَيْه .

الدكتور عادل عامر

دكتور القانون العام

محكم دولي معتمد

وعضو المجلس الأعلى لحقوق الانسان