الأرشيفثقافة وفن

«البانوراما الدولية»: ما لن تعرضه الصالات التجارية – علي وجيه

إضافةً إلى فيلمي الافتتاح والختام، يجلب BIFF عدداً من أفلام النسخة الأخيرة من «مهرجان كان»، ضمن عروض «البانوراما الدولية». صحيح أنّها لا تضم شريط السعفة وبقية الرابحين، باستثناء «متسوقة شخصية» لأوليفييه أساياس (أفضل إخراج مناصفةً مع كريستيان مونجيو عن «باكالوريا»)، إلا أنّ عرضها يشكّل فرصة قد لا يتيحها التوزيع التجاري في الشرق الأوسط.

لنبدأ بأساياس (1955) الذي يعمل ثانيةً مع كريستين ستيوارت بعد Clouds of Sils Maria (أفضل ممثّلة مساعدة في السيزار). هي عبدة للمشاهير هنا أيضاً، تتسوّق لهم الملابس والمجوهرات. لكن مهلاً، هذا فيلم رعب وتشويق يتلمّس إرث هيتشكوك، من بطولة ملكة «توايلايت» المتوّجة على عرش «الجنر». لا يتأخّر شبح شقيقها الراحل (هكذا يُفترَض) في التواصل معها عبر دردشة الموبايل. أساياس يتفوّق على سواه بشحن النوع بجرعة أعلى من الحساسيّة والعناية بإدارة الممثّل. يضبط الإيقاع كما يليق بعمل درامي ثقيل. المردود متوسط إجمالاً، إلا أنّه ليس أفضل أفلام السينمائي الفرنسي بالتأكيد. ماركو بيلوكيو (1939) كبير آخر يقدّم عملاً دون التوقعات هو «أحلام سعيدة»، الذي افتتح «أسبوعي المخرجين» في «مهرجان كان»، بعد أشهر فقط من تتويج فيلمه «دم دمائي» (2015) بجائزة لجنة تحكيم البندقية. المعلّم الإيطالي يتصدّى لهواجس شاب غير قادر على تجاوز رحيل أمّه عندما كان في التاسعة. تيمة الـ «ماما» محلّ تقدير في بلاد فليني وبازوليني. يعالجها بيلوكيو بسطحية غير متوقعة، في اقتباس عن رواية ماسيمو غرانيليني. السرد المقسوم على زمنين لا يقترح شيئاً سوى العاطفة والوجدانيات، مع التنويه بعذوبتها وإبرازها قدرات الممثّلين، عند صانع معروف بأفلام العائلة الدافئة. الهولندي باول فيرهوفن (1938) يعود بعد عشر سنوات من الغياب في «هي»، مفتتحاً أعماله الناطقة بالفرنسية. إيزابيل أوبير ساحرة في دور رئيسة شركة ألعاب فيديو صارمة تتعرض للاغتصاب في منزلها. اقتباس رواية «أوه…» لفيليب دجيان، وصفه بعضهم بأنّه فيلم «لا أخلاقي».

ذلك أنّ الانتقام أبعد ما يكون عن التوقع وكليشيهات الانفعال. طبقات تكشف طبقات من الجحيم الداخلي. السلوك البارد يخطّ مسافة ملتبسة بين الضحية والمازوشية. «هي» نافس على السعفة الفائتة، وهو مرشّح فرنسا الرسمي لأوسكار 2017. من قسم «نظرة ما» في الكروازيت، تأتي ثلاثة أفلام. «الراقصة» للفرنسية ستيفاني دي غوستو، عن الراقصة الأميركية لوي فولر التي سحرت فرنسا القرن التاسع عشر. «الطالب» للروسي كيريل سربرينيكوف (1969)، يتناول النسخة المسيحيّة من التعصب الديني. «أمور شخصية» لمهى حاج، يسرد حكايات متداخلة لشخصيات من فلسطينيي الـ 48، تمثّل أجيالاً عدة انحداراً من النكبة. حاج عرفت السينما عملياً على يد إيليا سليمان، إذ ساعدت في ديكور «الزمن الباقي» (2009)، قبل أن تنجز شريطاً قصيراً بعنوان «برتقال». المفاجئ أنّ الفيلم يحمل رسمياً جنسية الاحتلال الإسرائيلي ويمثّله، كونه مموّلاً بالكامل من «صندوق الفيلم الإسرائيلي» ومدير تصويره (إيلاد ديبي) إسرائيلياً أيضاً، مما دفع «حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في لبنان» إلى مطالبة القائمين على المهرجان باتخاذ «موقف وطني وأخلاقي واضح من عرض هذا الفيلم ومن رعايته» (راجع الصفحة الأخيرة في عدد اليوم). الأخوان السوريان محمد وأحمد ملص (1983) حاضران بـ «كأس العالم»، بعد أفلام جالت مهرجانات عدّة مثل «البحث عن عباس كيارستمي» (2015) و«115» (2015). في معرّة النعمان، يحاول شاب تأليف فريق كرة قدم للمشاركة في مونديال 2018، متحدّياً أهوال الحرب وقصف الطائرات. في السياق، نترقب فيلمين عن مأساة المهاجرين إلى أوروبا: الوثائقي «نار في البحر» للإيطالي جيانفرانكو روسي (1964)، الذي نال الدب الذهبي في «مهرجان برلين»، والأوتوبيوغرافي «اسمي عادل» للإيطالي من أصل مغربي عادل العزّاب (1988)، الذي فاز بجائزة أفضل فيلم في «مسابقة نور الشريف للفيلم العربي» ضمن «مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط» الأخير. فيرنر هيرتزوغ (1942) يستكشف أثر الإنترنت والفضاء الافتراضي على العالم الحقيقي في وثائقي «يا للعجب، أحلام يقظة العالم المتصل». المعلّم الألماني أنجز البيوغرافي المخيّب للآمال «ملكة الصحراء» (2015) عن الرحالة والمستكشفة واللغوية والمستشرقة والكاتبة والمهتمّة بالآثار والسياسيّة والجاسوسة البريطانيّة غيرترود بيل (1868 – 1926)، التي لعبتها نيكول كيدمان باقتدار. من منظور وثائقي، تتناولها الأميركيتان سابين كراينبوهي وزيفا أولباوم في «رسائل من بغداد». الشريط منقول كلياً عن لسان بيل ومعاصريها، ومقتبس من رسائلهم الحميمة ومذكراتهم الشخصية ووثائقهم الرسمية. أيضاً، تقترح البانوراما عناوين أميركية أخرى، هي: «رجال صغار» لآيرا ساكس (1965)، و«مجهول بالكامل» لجوشوا مارستون (1968)، و«الحب والصداقة» لويت ستيلمان (1952)، إضافةً إلى Hunt for the Wilderpeople للنيوزيلندي تايكا وايتيتي. من إيران، تُعرَض نسخة مرمّمة من «ليالي شارع زايندة» (1990) لمحسن مخملباف، التي افتتحت كلاسيكيات الدورة 73 من «مهرجان البندقية»، بعد استعادة الشريط من الرقابة الإيرانية. السينمائي الإيراني كان قد أثار صدمة واستياء في أوساط المناضلين والمتضامنين مع القضية الفلسطينية حين زار عام 2013 «اسرائيل» وحيّا شعبها وركع على خشبة المسرح ضمن «مهرجان القدس الدولي للسينما». وتستكمل «البانوراما الدولية» برنامجها إلى 21 فيلماً طويلاً، و4 أفلام قصيرة من إيران ولبنان وباكستان، يشكّل الأطفال بنيتها الأساسية.

الاخبار

http://www.al-akhbar.com/node/265836

اترك تعليقاً