الجاليات والشتات

الفلسطينيون والاتحادات الفلسطينية في أوروبا … بيان الأمس مثالاً – نضال حمد

الفلسطينيون والاتحادات الفلسطينية في أوروبا … بيان الأمس مثالاً

 نضال حمد

صدر يوم أول أمس السابع والعشرون من حزيران – يونيو 2020 بيان يدعو لمواجهة مشروع ضم الصهاينة لأجزاء من أرض الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة كما كل فلسطين. حمل البيان توقيع أربع اتحادات فلسطينية في أوروبا تمثل الطيف السياسي الفلسطيني في القارة العجوز. الاتحادات المذكورة هي بطبيعة الحال انعكاس للفصائل الفلسطينية بالإضافة لبعض المستقلين الفلسطينيين المنضوين فيها.

لا شك أنها خطوة مهمة جدا أن يلتقي هؤلاء بعد طول قطيعة وغياب وصراع. فالعارف بأمور الجاليات واتحاداتها ومؤسساتها ومؤتمراتها وتجمعاتها ومراكزها وبخلافاتها المستعصية والمزمنة، لا بد أن يعتبر هذا اللقاء الذي أثمر هذا البيان على علاته فأل خير. كما ربما يكون بادرة أمل وشمعة نور في ظلام السنوات التي مرت على الفلسطينيين في الشتات الأوروبي. 

شهدت الساحة الشتاتية الفلسطينية في أوروبا منذ نحو عشرون عاماً بداية نهوض وصعود للمؤسسات الفلسطينية التي تبنت رفع راية حق العودة والدفاع عن هذا الحق. تنبت أيضا العمل على نشره في الأوساط الأوروبية عبر التنسيق مع المؤسسات والأحزاب والقوى الأوروبية المتضامنة مع فلسطين وهي كثيرة وموزعة في كل أوروبا. تلك القوى تعمل لأجل فلسطين منذ ستينيات القرن الفائت أي قبل ولادة التجمعات والمؤسسات ثم الاتحادات الفلسطينية بعشرات السنين. جل هؤلاء الأوروبيين من قوى اليسار الأوروبي. ثم مع تطور القضية الفلسطينية وازدياد نسبة الإجرام والإرهاب الصهيونين في فلسطين المحتلة ولبنان خلال فترة احتلال أجزاء منه. كذلك بعد افتضاح الموقف الصهيوني المعادي للسلام وفق النظرة الأوروبية، عقب توقيع اتفاقيات اوسلو ومشتقاتها وأخواتها، انخرط أوروبيون آخرون ليسوا فقط من اليسار بل من أطياف مختلفة بما فيها بعض الكهنة والكنائس في التضامن مع شعب فلسطين. نتجت عن ذلك حملات كثيرة ضد الصهاينة أهمها حملات المقاطعة ومحاولات جلب الصهاينة الى المحاكم الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب ضد الانسانية والخ. أثمرت تغييرا واضحا في الرأي العام الشعبي الأوروبي وحتى في مواقف حكومات وأحزاب وبرلمانات عديدة.

أنعش الاندفاع التضامني الأوروبي الفلسطينيين في أوروبا ودفعهم الى تعزيز مكانتهم واخراج قدراتهم ومحاولة خلق إطار فلسطيني يجمعهم. جرت محاولات كثيرة وكنت شخصياً منذ البدايات مع آخرين واحداً من المؤسسين والمنخرطين في هذا المجال. لكن محاولات توحيد الجميع في إطار واحد باءت بالفشل نتيجة العصبوية الفصائلية والخلافات السياسية بين الفلسطينيين أنفسهم. فغالبية الذين تداعوا قبل أقل من عشرين سنة لتشكيل تجمع فلسطيني يضم الفلسطينيين في أوروبا هم أنفسهم الذين يمثلون اليوم تلك الاتحادات الموقعة على البيان. في غالبيتهم كانوا من أعضاء الفصائل الفلسطينية التي نعرفها والتي لازالت موجودة في ساحات العمل الفلسطيني، لكن غياب الوجود الفاعل في الاجتماعات للمستقلين الفلسطينيين وهم أكثرية الفلسطينيين في أوروبا جعل الأمور أسهل للفصائل وأكثر تعقيدا للآخرين.

لا أريد أن يفهم من كلامي أنني ضد الفصائل وأنفي وجودها بل العكس هي موجودة وهي التي تقود فعليا تلك الاتحادات فيما المستقلين الذين شاركوا في التأسيس والعمل غالبيتهم ابتعدوا عن الاتحادات. هناك ايضا مستقلين آخرين ارتضوا البقاء بعيدين ومتفرجين ومنتقدين كأنهم ليسوا فلسطينيين… على كل حال هذا خطأهم أولا وأخيرا. لأنه لا يمكن العمل في أي اتحاد أو مؤسسة بعيدا عن أعضاء الفصائل الذين هم أعضاء فاعلين ولهم تأثير وتاريخ في العمل في أوروبا.

بنفس الوقت يمكن للمستقلين العمل والنجاح والتأثير بقوة على الموقف لأنهم الغالبية وتعزيزه بعيدا عن حسابات ومواقف الفصائل التي تتحكم بها وبمواقفها، طبيعة علاقاتها وتحالفاتها ومصالحها. لكنهم لم يفعلوا ذلك ويبدو أنهم لن يفعلوا ذلك في الوقت المنظور والقريب.

 أستطيع القول وبحسب معرفتي وخبرتي في العمل الجاليوي أن البيان الذي صدر يوم أمس يعبر عن رغبة لدى الاتحادات بإجياد أرضية مشتركة لتحرك ولو في مجال مواجهة قرار الاحتلال الصهيوني ضم 30% من أراضي الضفة الغربية. لعله يكون بداية لعمل منسق في مجالات أخرى بالرغم من الخلافات السياسية العاصفة بين الاتحادات المذكورة. وبالرغم من الخلافات الكبيرة بين الاتحادات خاصة بما يتعلق بثوابت شعب فلسطين. أمل أن يكون بداية لعمل منسق في مجالات أخرى بالرغم من صعوبة الأجواء التي سادت في الاجتماع، الذي أثمر أخيرا صيغة توافقية هي هذا البيان. الخلافات السياسية العاصفة بين الاتحادات المذكورة خاصة فيما يتعلق بثوابت الشعب الفلسطيني ربما تجعل من المستحيل أن يتمكن هؤلاء المجتمعين من تبني موقف سياسي مشترك. موقف يضمن الحفاظ على ثوابت الشعب الفلسطيني ويرفض الاعتراف بوجود الكيان الصهيوني الاستعماري. هذا بحد ذاته سيكون أهم وأصعب عقبة في وجه توحيد الاتحادات الفلسطينية في أوروبا والشتات الغربي عموما. 

 البيان بشكل عام ضعيف وناقص لأنه لم يذكر أن كل فلسطين تحت الاحتلال ( بالرغم من أنه ناقش فقط موضوع ضم مناطق في الضفة للكيان الصهيوني. فالقضية ليست فقط في ضم أجزاء من الضفة فكل الضفة عمليا محتلة وكل فلسطين محتلة. حتى في إحدى فقرات البيان ( سأرفقه كما نشر أدنى الصفحة) ورد التالي ( وضم المستوطنات ال ٢٨٣ في الأراضي الفلسطينية المحتلة…). ضمها لمن؟ يعني ل ( اسرائيل) التي تحتل بقية فلسطين.

هنا أرى خطورة تمرير الموقف وأثره السلبي على المتلقين الفلسطينيين والعرب. لأن هذا اعتراف بالكيان الصهيوني كان يجب أن لا يمرر في البيان خاصة من الرفاق والرفيقات المعنيين والمعنيات الذين أثق بهم-ن وبثبات مواقفهم-ن الوطنية.

لا وحدة وطنية ممكنة بدون الثبات على الموقف الوطني. ولا حاجة للوحدة إذا كانت على حساب الموقف الثابت. فالوحدة المبنية على الموقف الوطني الصلب، الرافض للتفريط بأي ذرة من أرض فلسطين، الداعم والمساند و المنخرط في حلف ومحور المقاومة بكل أساليبها ضد الاحتلال ومعسكر الأعداء، هي الوحدة الضامنة لشعبنا. ما عداها ليس أكثر من همروجة عابرة ستمضي الى زوال.

أن توقع كل الاتحادات على بيان مشترك هو سابقة رغم سوء بعض ما ورد فيه. ربما في المستقبل يجب تدارك مثل هذه الأخطاء المكلفة. فعندما يتعلق الأمر ببديهيات الثوابت الفلسطينية لا مجال للمناورة ولا لأي عمل مشترك. الوحدة تصونها وتحفظها وتنجحها المواقف الوطنية المبدئية الثابتة. لا حاجة للوحدة مع من يتخلى عن ثوابت شعبنا أو يعترف بالاحتلال الصهيوني ويرضى أن يكون وكيلا له. أقول ما أقوله الآن لأنني على ثقة بأن غالبية الفلسطينيين في أوروبا مع نهج  وأسلوب المقاومة لأجل تحرير فلسطين. كما أنهم ضد الاعتراف بالكيان الصهيوني أو التنسيق معه في أي اتجاه أمني أو غير أمني.

على كل حال فإن الأهم في هذا البيان أنه جاء بالاتفاق بين الاتحادات الجاليوية الفلسطينية في أوروبا وهو سابقة في العمل الجاليوي الفلسطيني في الساحات الأوروبية. لطالما دعونا الى التفاهم ولو على مثل هذه الأمور التي هي من بديهيات العمل في أوروبا. نتمنى أن تكون بداية لتنسيق قادم في مجالات عديدة كخطوة لتعزيز وحدة الموقف الفلسطيني الجاليوي في أوروبا. الموقف المحافظ على حق شعبنا بالمقاومة والكفاح والعمل على ازالة كيان الاحتلال الصهيوني وتحرير كامل تراب فلسطين.

 

نضال حمد 29-06-2020

 

 

بيان صادر عن الاتحادات والمؤسسات الفلسطينية الأوروبية 

بروكسل: في ظل قرار حكومة الاحتلال (الإسرائيلي) بضم مناطق الأغوار وشمال البحر الميت بداية شهر تموز/يوليو القادم ونظرا لاستكمال تنفيذ بنود ما يسمى “صفقة القرن” الهادفة إلى تصفية حقوق شعبنا بشكل كامل، تداعت الاتحادات والمؤسّسات الفلسطينية في أوروبا لعقد اجتماع عاجل لمناقشة آليات العمل للوقوف في وجه الهجمة الصهيونية والأمريكية.

إننا ندعو الاتحاد الأوروبي أن يتخذ موقفا واضحا من هذه الخطوة التي تشكل خرقاً للقوانين الدولية، وفي ذات الوقت ندعو جميع أبناء شعبنا الفلسطيني وأبناء الجاليات العربية وكل الشعوب المحبة للعدالة والسلام والمناصرة لقضية شعبنا في دول الشتات .الأوروبي، للتحرك ميدانياً وبشكل مشترك وموحد في كافة العواصم والمدن أمام السفارت الأمريكية وأمام البرلمانات الأوروبية وإصدار مذكرات احتجاج للجهات الرسمية المعنية من برلمانات وحكومات وغيرها في سبيل دعم أبناء شعبنا الفلسطيني في نضاله ولتعزيز صموده وإسناد جماهيره في مقاومة الاحتلال ومخططاته الاستيطانية الاستعمارية وقوانينه العنصرية.

إننا نؤكد على أهمية التعاون في تحركاتنا هذه مع الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الأوروبية الصديقة، الداعمة والمتضامنة مع شعبنا وحقوقه الوطنية الثابتة والعادلة والمشروعة في حق تقرير المصير والتحرّر والعودة والاستقلال وحماية القدس كعاصمة الشعب الفلسطيني التاريخية والأبدية.

وكذلك ندعو للتعبير عن الرفض والغضب لهذه الخطوة الصهيونية التي تشكل جريمة أخلاقية وإنسانية جديدة بحق الشعب الفلسطيني… واستمراراً للاستعمار على أرضه منذ العام 1948 مضافةً إلى جرائم حكومة الاحتلال التي تتعارض مع القوانين الدولية والأممية، وبشكل خاص ما ورد في اتفاقيات جنيف الرابعة للعام 1949 عن مسؤولية قوى الاستعمار والاحتلال وعدم جواز اي تغييرات بالقوة على واقع الأرض والسكان.

إننا كاتحادات ومؤسسات فاعلة وناشطة في دول الشتات الأوروبي إذ نعبر عن هذا الموقف للتأكيد على أن شعبنا الفلسطيني واحد موحد في الوطن والشتات ونقف معاً لإسقاط صفقة القرن وكل مخرجاتها؛ من استمرار الاحتلال وضم القدس وإعلانها عاصمة لدولة الاحتلال، وضم المستوطنات ال ٢٨٣ في الأراضي الفلسطينية المحتلة واستمرار حصار غزة، وإبقاء الآلاف من أبناء شعبنا قيد الاعتقال ومؤخراً ضم منطقة الأغوار وشمال البحر الميت التي تشكل ٣٠ بالمئة من الضفه الغربية المحتلة.

المجد للشهداء والحرية للأسرى.

عاش نضال شعبنا الفلسطيني العادل لتحرير وطنه وتحقيق كافة حقوقه الوطنية المشروعة.

النصر الحتمي لشعبنا المناضل.

–              إتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية-أوروبا 

–              الاتحاد العام للجاليات الفلسطينية في أوروبا

– إتحاد الجاليات والمؤسسات الفلسطينية-أوروبا

– مؤتمر فلسطينيي أوروبا

 

بروكسل 27-06-2020

 

 

على الرابط المرفق تجدون نص البيان الصادر عن الاتحادت المذكورة

بيان صادر عن الاتحادات والمؤسسات الفلسطينية الأوروبية