الأرشيفعربي وعالمي

امتيازات (اسرائيل) السياحية فى سيناء – محمد سيف الدولة

تصاعدت حالة الغضب الشعبى المصرى فى الايام القليلة الماضية على خلفية الاعلان عن قيام جهات (اسرائيلية) بتنظيم مهرجانين موسيقيين حاشدين فى مدينتى طابا ونويبع بسيناء، وما تردد من أن الامن (الاسرائيلى) هو الذي سيقوم بتأمينهما. وهو الخبر الذي اكتشفته ونشرته الصفحة الرسمية للحملة الشعبية المصرية لمقاطعة “إسرائيل” BDS.

وتزامن ذلك مع انطلاق اول رحلة طيران مباشر منذ توقيع اتفاقية “السلام”، من تل ابيب الى مطار شرم شيخ، وكذلك نشر صور لآلاف السياح (الاسرائيليين) وهم ينتظرون دخول سيناء عبر معبر طابا للاحتفال بعيد الفصح على الاراضى المصرية.

ليتم نكأ الجرح والتساؤل القديم حول التسهيلات الاستثنائية وغير المسبوقة التى تعطيها الدولة المصرية “للإسرائيليين” فى سيناء، والتي بلغ عددهم على سبيل المثال عام 2019 قبل الكورونا 700 ألف سائح.


أما أصل الحكاية فهو انه فى 26 فبراير 1989 تم توقيع اتفاق مصرى “إسرائيلي” بشأن السياحة الى جنوب سيناء عبر معبر طابا، ومما جاء فيه بالنص:

· التأشيرات: سيتم إعفاء جميع السائحين (الاسرائيليين) الذين يدخلون جنوب سيناء من التأشيرات السياحية، وسيتم ختم طوابع الدخول والخروج إما على جواز السفر بناءً على طلب السائح أو على استمارات التسجيل العادية عند الدخول. ستكون هذه الطوابع صالحة لمدة (14 يومًا).

· الرسوم: لن يتم فرض رسوم على الأشخاص الذين يسافرون أقل من كيلومتر واحد من نقطة التفتيش.

· الجمارك: لن يكون هناك سوى عمليات تفتيش عشوائية على الأشخاص المشبوهين. وأي شخص لديه ما يصرح به سيتم تسجيل هذا الإعلان من قبل المسؤولين في نموذج الخروج.

· العملة: سيتم تقديم التسهيلات في فندق Sonesta على مدار 24 ساعة لاستبدال العملة الإسرائيلية بالعملة المصرية والعكس، والعملة “الإسرائيلية” التي يتم الحصول عليها من خلال هذا الإجراء ستكون قابلة للتحويل إلى دولارات أمريكية من قبل بنك “إسرائيل”.

· المركبات: مركبات الركاب الخاصة والسيارات المستأجرة: ستسجل سلطات الجمارك رقم لوحة ترخيص السيارة واسم المالك واسم السائق؛ سيقومون بلصق ملصق صالح لعدة إدخالات لمسافة كيلومتر واحد لفترة إقامة تصل إلى 14 يومًا. ستنطبق هذه القواعد أيضًا على مركبات الخدمة والإمداد المصرح بها التي تلبي احتياجات الفندق، والمكوكات الفندقية المعتمدة والحافلات السياحية التي تنقل الركاب من “إسرائيل” إلى الفندق والعكس بالعكس، ومركبات الطوارئ، والتي سيتم تعجيل مرورها من قبل كليهما. الجوانب .. ويجب تغطية المركبات التي تعبر الحدود بتأمين مصري مناسب صالح لمدة تصل إلى 14 يومًا، أو أكثر – حتى عام واحد – إذا طُلب ذلك.

· اللوائح الغذائية: يسمح باستيراد المواد الغذائية للاستهلاك الشخصي وفقًا للمتطلبات الصحية والجمركية.

· ستنظر السلطات المصرية في إمكانية تخصيص منطقة تخييم محصورة تكون مجهزة بمرافق.

· يستمر تطبيق جميع القواعد واللوائح المتعلقة بالسياحة المتفق عليها بين مصر و”إسرائيل” ما لم ينص على خلاف ذلك في هذه الأمور.


لم يقبل المصريون أو يتفهموا أبدا، الأسباب التى دفعت الدولة المصرية للموافقة على اعطاء (اسرائيل) هذا الوضع الاستثنائى فى شواطئ جنوب سيناء:

· فهى العدو التاريخى والوجودى الذي قام بالعدوان علينا واحتلال اراضينا مرتين فى 1956 و1967 ولم يخرج الا بعد ان قاتلناه، ورغم ذلك فرض علينا بموجب اتفاقيات كامب ديفيد، قيودا أمنية وعسكرية فى سيناء.

· ولماذا نعطى (اسرائيل) امتيازات لم تحكم بها المحكمة الدولية؟ بعد أن فازت مصر فى النزاع الحدودى حول طابا، وصدر لصالحها حكم نهائى من هيئة التحكيم الدولية فى 29 سبتمبر 1988، بعد تسع سنوات كاملة من توقيع اتفاقية “السلام”.

· ان الاطماع الصهيونية فى سيناء قائمة ولم تتوقف أبدا وفقا للتصريحات المتكررة من قادتهم؛ من أول تصريح “مناحم بيجين” الشهير بعد توقيع اتفاقه مع مصر عام 1979 حين قال: ((سنضطر إلى الإنسحاب من سيناء لعدم توافر طاقة بشرية قادرة على الاحتفاظ بهذه المساحة المترامية الأطراف. سيناء تحتاج إلى ثلاثة ملايين يهودى على الأقل لاستيطانها والدفاع عنها. وعندما يهاجر مثل هذا العدد من الإتحاد السوفيتى أو الأمريكتين إلى “إسرائيل” سنعود إليها وستجدونها فى حوزتنا)). الى آخر تصريح “آفى ديختر” وزير الامن الداخلى الاسبق عام 2008 الذي قال فيه انهم انسحبوا من سيناء بضمانات امريكية للعودة اليها فى حالة تغير النظام فى مصر لغير صالح (اسرائيل).

· أضف الى ذلك المخاطر الجمة التى يتعرض لها الأمن القومى المصرى من جراء انشطة الاختراق والتجسس والتجنيد الاسرائيلية، فى ظل السماح بكل هذا التواجد والاختلاط والتواصل بين آلاف السياح “الاسرائيليين” وبين المصريين على شاطئ سيناء.

· كما أن اعطاء كل هذه الامتيازات الاستثنائية لمواطنى دولة (العدو الصهيونى) فى الوقت الذى يتم فرض ترسانة من القيود الحديدة على دخول الفلسطينيين من معبر رفح، أمر لا يمكن أى يقبله أى عقل أو ضمير وطنى.

· وقبل ذلك وبعده، يأتى الغضب الشعبى المصرى من اعطاء مثل هذه المكافآت والامتيازات لدولة الاحتلال رغم كل ما ترتكبه يوميا من جرائم حرب وابادة واقتلاع ضد الشعب الفلسطينى الشقيق.


كان هذا بابا واحدا فقط من أبواب ويوميات التطبيع الرسمى المصرى مع (اسرائيل)، الذى هو محل رفض ومعارضة ومقاطعة المصريين على امتداد ما يزيد عن أربعين عاما.

Seif_eldawla@hotmail.com

القاهرة فى 18 ابريل 2022