بساط الريح

جحا الأمريكي ومساميره من وارسو الى سورية

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

في علم صناعة الأزمات وعلم التفاوض(والأخذ والعطى)وتقديم التنازلات، فانّه من الممكن أن ينجح تصعيد أي أزمة في بعض الأحيان، عندما يكون قدرتك على تحمل التبعات أكبر من منافسك وعندّها فقط تضغط عليه لتقديم التنازلات التي لا يقدر عليها في وضع آخر. لكن وفي علم صناعة الأزمات أيضاً، فانّ الأزمات بحد ذاتها لا تسير دوماً في خطوط مستقيمة، فقد يكون خصمك أكثر صلابة منك وصرامة ولديه في جعبته حيلاً غير متوقعة، وسيقود سوء تقديرك هذا الى الأضرار بك من حيث لا تدري، وعندما يقترف خصمك سوء تقدير مماثل فسوف يخسر كلاكما. وفي هذا السياق العام قادت العولمة بصورها المختلفة، الى صعوبة في فهم العلاقات الثنائية أو حتّى التنبؤ بمساراتها المتعددة والمختلفة والمتباينة بين الدول ومنظومات عملها، والسؤال هنا:

هل سوء التقدير المتبادل على طول خطوط العلاقات الروسية الأمريكية مثلاً، هو أحد الأخطاء الأكثر خطورة في السياسة الخارجية لكلا العاصمتين؟.

باراك أوباما فضح حقيقة سياسة واشنطن حين قال ذات نهار أمريكي، عاد وكررها في مقاله الأخير قبيل قمة الناتو الحالية في وارسو:

(لا يوجد خطر في العالم سوى روسيّا كتحدي للناتو، وأضاف هذا العندليب الأسمر لكي يظهر على أنّه موضوعي:

هناك داعش والأرهاب، وتحدي خروج بريطانيا من الأتحاد الأوروبي… وقرّر الناتو نشر أربع كتائب عسكرية متعددة الجنسيات على الحدود مع روسيّا، وبكل صفاقة سياسية قرّر أيضاً ارسال خبراء ومندوبين الى موسكو لشرح قراراته الأخيره، وكأنّ روسيّا تجهل ما اتخذ من قرارات نيتاويّة في وارسو، فعلاً وقاحة غربية بامتياز)، و واشنطن توظف الأمم المتحدة لكيفية حماية المصالح الأمريكية ونفوذها العالمي، وضمان مكانتها كقطب أوحد بالعالم، وان كانت السياسة الخارجية الأمريكية الحالية صار رصيدها على وشك النفاذ، فانّ أنظمة من الأقليم دخلت أيامها المتبقية في النفاذ أيضاً، عبر مسح الجرائم التي ارتكبت من قبلهم باشعال الفوضى في المنطقة، واشعالها في أوكرانيا الآن ولاحقاً في دول أسيا الوسطى حيث تنظيم خراسان الأرهابي النسخة المشرقة من عصابة تنظيم داعش، كل ذلك بفعل أيديهم بعض هؤلاء العرب بقتال داعش عبر مسلسل الحرب على داعش بحلقات متتالية، حيث المخرج وكاتب النص واشنطن، والمنتج مشيخات ديكتاتوريات الخليج، والموزّع اعلام البترو دولار وبعض البيادق المحليين والأقليميين والدوليين. دمشق وموسكو وطهران وحزب الله وباقي المحور، يعرفون أنّ الهدف بمجمله من مسلسل الحرب على دواعش الماما الأمريكية هو:

استنزاف بشري وعسكري كبير وتحطيم ممنهج لنسيج المجتمع السوري ولبنية الدولة التحتية، مع فرض نظام سياسي برلماني طائفي مثل لبنان والعراق وبشكل أكثر هشاشة وبعمق.

دمشق تعرقل مد خط آنابيب من قطر عبر السعودية والأردن وسورية الى شاطىء المتوسط ثم الى جنوب أوروبا، وهذا المشروع يهدف الى افشال خط السيل الجنوبي الروسي للغاز، مع العمل على استنفاذ موارد روسية المادية والسياسية الضخمة عبر الأزمة الأوكرانية، وهاهي أمريكا تشن هجومها على روسيّا عبر الأتجاه الجنوبي وتحت عنوان مكافحة التطرف الأسلامي، كل ذلك لتغيير السلطة في موسكو أيضاً بأخرى موالية لها، والهيمنة على مصادر الطاقة في العالم، لذلك لا ثمة عناق سوري أمريكي تخشاه موسكو، أو ثمة عناق روسي أمريكي تخشاه سورية، حيث الجميع مستهدف بما فيه ايران رغم دخول الأتفاق النووي مسار التنفيذ، وحزب الله وباقي المقاومات، وحتّى دول الدمى في المنطقة مستهدفة والساحات السياسية الضعيفة والقوية على حد سواء.

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يبدو لديه تقارير استخباراتية دقيقة ومقنعة ومعقولة بالنسبة لحكومته، مرفوعة من مستويات أمنية وخاصة من جهاز الأم أي سكس بعد اعادة تنقيحها لدى مجلس اللوردات الحاكم هناك، وهذا ما دفعه الى القول: دولة ارهابية على المتوسط تهديد عميق واستراتيجي لدولة عضو في الناتو(حلف شمال الأطلسي)… وتابع: هناك تخوفات من تمددات للدواعش الى الأردن ولبنان ونسي أو تناسى هذا الكاميرون ديفيد أن يضيف… وتمددات الدواعش الى الضفة الغربية وغزّة لينسجم مع رؤية النتن ياهو بيبي ومجتمع مخابراته، ليصار الى شيطنة كل شيء فيما بعد.

والمعروف استخباراتيّاً، أنّ رجال المخابرات الأنجليز هم من أبناء الريف الأنجليزي الذكي والخبيث بنفس الوقت، وخاصةً العاملون في جهاز الفرع الخارجي الأم أي سكس هذا من جانب، ومن جانب آخر يقول صديقي المغترب والخبير الأستراتيجي: بالرغم من أنّ بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية حلفاء، الاّ أنّ هناك تنافس عميق وحميم بينهما في مناطق وعلى مناطق النفوذ البريطانية السابقة والحالية، ولا شيء يوضح حقيقة العلاقات الأمريكية البريطانية خارج نطاق المجاملات الرسمية، الاّ حجم التفاهم أو التوتر بين السعودية وقطر والتحالفات الأقليمية لكل منهما، فبعد انقلاب أمير قطر السابق على والده جد الأمير الحالي عادت قطر للمظلة البريطانية.

حتّى ايران الشاه رضا بهلوي كانت مظلتها أمريكية، وبعد الثورة عادت تحت المظلة البريطانية، وهذا أحد أهم أسباب اشتعال المنطقة والمستمر حتّى اللحظة ومنذ ذلك الحين. اذاً التنافس موجود بين لندن وواشنطن وهذا أمر طبيعي في علاقات الدول الخاصة، وأن تقسيم مناطق النفوذ في العالم والذي تم في اجتماع يالطا بين تشرشل و روزفلت وستالين منح كثيراً من مناطق النفوذ البريطاني للأمريكيين، وقبلت لندن حينها وعلى مضض بسبب ضعف موقفها بعد الحرب العالمية الثانية وتسعى الآن لأستعادة مناطق نفوذها.

داعش والنصرة يأجوج ومأجوج العصر، وكاميرون عبّر عن مكنونات مخاوف مجلس اللوردات الحاكم في بريطانيا، والذي يعلم أنّ هناك دول بعضها دمى في المنطقة سيهزمها الدواعش، وهنا فعلت فعلها المخابرات البريطانية(كونها لديها داتا معلومات وهي جزء من المطبخ)في مفاصل طور وصناعة الدواعش في مطابخ الأدارة الأمريكية وبلدربيرغها، فصرنا نسمع حديثاً وتحديداً هذه الأيام عن انشقاقات في داعش تقاتل داعش وتحت مسميات أبو عبيدة الجرّاح وسنرى لاحقاً القعقاع وخالد وما الى ذلك.

فبريطانيا دورها دائماً دور الظل والظل العجوز للولايات المتحدة الأمريكية مع امكانيات تنافسها لأستعادة نفوذها الضائع في السابق، فلندن تعتبر مثلاً سقوط سورية في يد داعش والعراق، يعني مثلاً سقوط لبنان والأردن والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزّة المحتل والمسخ “اسرائيل” الشمال الفلسطيني المحتل، وهنا هذا يعني تغير دراماتيكي في الخارطة الأستراتيجية للمنطقة دون أن يكون الخليج ومشيخاته بمنأى عن التداعيات الكارثية.

فهناك تحولات جيواستراتيجية وتسوناميات داعشية ارهابية في المنطقة بفعل أمريكي، من أجل تعزيز حالة التشظي التي يشهدها العراق وسورية والمنطقة، كي تمهّد لتنتج ميلاد أرخبيلات كيانية طائفية أو اثنية وذلك لشرعنة اسرائيل الصهيونية في المنطقة، مع ترسيمات لحدود نفوذ جديدة مع حلفاء مع فرض خرائط دم BLOOD MAPS كأمر واقع بمشارط العمليات القيصرية، وعبر استراتيجيات التطهير العرقي والطائفي ETHNIC CLEANSING كل ذلك مع التفكيك الممنهج والتفتيت الجغرافي والتلاعب بجينات الوحدة الوطنية، وافشال الدول الوطنية FAILIN STATES  واستهدافات للجيوش الوطنية ذات العقيدة الوطنية واحلال ديمقراطيات التوماهوك وبديلها الداعشي، لتأمين مصالح الشركات الأمريكية والأوروبية النفطية في المنطقة.

واشنطن فشلت في التحكم ومراقبة أزمة المنطقة، فزّجت بورقة داعش كون أن التطورات والنتائج في محصلتها لم تصب في صالحها، بل في صالح طرف آخر هو طرف خط المقاومة في المنطقة، فتدخلت بريطانيا من جديد ووجدت فرصتها سانحة ومواتية لأستعادة بعض مناطق النفوذ فكان الأنشقاق الأولي في داعش، وسنرى استثمارتها وتوظيفاتها وتوليفاتها لداعش لاحقاً. من له علاقات منّا بخلايا التفكير(دبّابات الفكر think tanks) في الداخل الأمريكي المحتقن الآن، يعرف أنّ الولاء للولايات المتحدة الأمريكية(الأمبراطورية الرومانية الجديدة عبر دولة كوردستان) أخطر من معاداتها، فالعداء لها له مخاطره، والتحالف معها يقترن دائماً وأبداً بالمصائب والدمار، فهل تعي نواة الدولة الأردنية ذلك ومثيلاتها من شقيقاتها الكبرى والصغرى؟

ثمة تحالف دولي متذبذب في فعله ولجهة النتائج(مقصود)على الأرض، بقيادة ثقافة الماكدولندز(تحالف الأمر الواقع وخارج قرارات الشرعية الدولية)لمحاربة عصابة داعش في العراق وسورية، فشل فشلاً ذريعاً بعد مضي أكثر من عامين كاملين على عمله، هذا ونشرت وتنشر وستنشر وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عدة تقارير تناقض بعضها البعض كاستراتيجية مخابراتيه أمريكية تستحدث دوماً، تهدف الى الخلط والمزج والتشتيت وعدم التركيز في كتلة من الأهداف موجّهه، لخصمها وعدوها ومنافسها أيّاً كان هذا الخصم أو العدو أو حتّى المنافس انّها مخابرات المولينكس، فثمة تقارير تؤكد على تراجع واضح في قوّة داعش لجهة الفعل والأحتفاظ بالجغرافيا، وتراجعات في ميزانيته النفطيه وغيرها من مصادر دخله الأخرى،  وأخرى من التقارير المسربة عن قصد، تؤكد على أنّها تلحظ تراجعات طفيفه هنا وهناك، يعوظها داعش في اللعب في الديمغرافيا، وتقارير واضحة تؤكد وتصر على قوّة العصابة وتماسكها وأنّها ما زالت بنفس العدد ولكنها في حالة سكون(كاتب هذا التحليل يعتقد أنّ داعش في حالة نزف جهادي عميق، لذلك جاءت كلمة “سكون” في أحد تقارير المخابرات المركزية الأمريكية كونه يراد أن يكون لها ما بعدها في اسناد عمل الوكالة الأمنية الأمريكية لذات العصابة الأرهابية)، يؤشّر على أنّ السفلة الأمريكان الرسميين يعملون على تقويتها من جديد، ومدّها بالمورد البشري من كافة الساحات الدولية بما فيها دواخل الساحات العربية، ودواخل بلاد القوقاز من الشيشان وغيرهم.

فما يجري في المنطقة الآن هو ادارة للأزمة والبؤر الساخنة ولعصابة داعش الأرهابية، لحين نضوج الظروف المساعده على تقسيم المنطقة وتقسيم المقسّم وتجزئة المجزّأ، هذا هو المشروع الأمريكي في المنطقة مشروع التقسيم وهو ما أشار اليه أمين عام حزب الله السيّد حسن نصر الله في السابق، وأعتقد تماماً هو ما سيشير اليه بطريقة مختلفه في خطابه القادم في الذكرى العاشره لأنتصار المقاومة في حرب تموز2006 م في الرابع عشر من آب القادم. واشنطن لا تريد انهاء عصابة داعش الأرهابية، بل العمل على اعادة هيكلتها من جديد مع عمق بناء مفاصلها الأرهابية، ليصار لأعادة توجيهها نحو ساحات ودول أسيويه أخرى تتمدد نحو الصين وروسيّا وايران، لا بل عبرها هاهم يعودون سفلة خلق الله تعالى الى العراق من جديد، عبر قولهم أنّ عصابة داعش تستخدم السلاح الكيميائي في العراق، كل ذلك كمسمار جحا لعودتهم الى العراق من جديد، كونه عاد أولوية أمن قومي أمريكي ازاء مخططات العبث القادمة في ايران عبر استراتيجيات التطبيع الناعم بعد الأتفاق النووي الأيراني، بل تعميق وجودهم حيث هم لم يغادروا أصلاً ليعودوا! لكن عبر دواعش الماما الأمريكية يعمّقون وجودهم ومفاصلهم في المنطقة، دون أن يخسروا جندي واحد، فعصابة داعش وجبهة النصرة وأشرار الشام(أحرار الشام)ثلاثة أطفال لقطاء، غير معترف بهم من خصوم الدولة الوطنية السورية في المنطقة.

السياسة الأمريكية لا تفرغ مساميرها بالمطلق، تماماً كأفلام الأكشن الأمريكية حيث الأبطال فيها لا تفرغ أسلحتهم من الذخيرة، انّها الصفاقة الأمريكية في أبهى صورها وتمحورها، بعبارة أخرى هي الوقاحة الأمريكية بثقافة الماكدونلدز والبرغر وأفلام الأكشن، وهي تستخدم مساميرها كحجّة واهية للوصول الى المبتغى والمرجو من وقاحاتها لتقسيم المنطقة واسقاط أنظمة ورسم خرائط جديدة، والأندى من ذلك اظهار الأسرائيلي بأنّه يحمي الأقليات في المنطقة(هل يفسّر هذا سر العشق الجنبلاطي لأسرائيل الآن؟)، أتذكر بعض مسامير جحا الأمريكي كان بشعبتين، اعلام السوريين(عبر لقاء بشّار الجعفري باور في نيويورك قبل أكثر من عام ونصف)بادخال ستة أفراد ممن درّبتهم السي أي ايه في تركيا من ما تسمى بالمعارضة السورية المعتدلة، مع تهديدها بحمايتهم جوّاً، وهذه حالة هوليودية بامتياز، ثم جاء القرار 2235(هو أكبر من شعبة بمسمار جحا الأمريكي، وأقل من مشهد الختام الهوليودي)في جدار التسوية السياسية في المنطقة عبر المسألة السورية ان حدثت أصلاً.

الدولة الوطنية السورية وعلى ما أؤمن به وأعتقده بقوّة، ترى وبعمق رأسي وعرضي، أنّ أي تعديل على الدستور السوري يجب أن يدفع بفكرة الدولة الجامعة الواحدة الضامنة الى الأمام، لا أن يلبنن أو يعرقن الدولة، فدسترة وجود الأقليات في الداخل السوري هو تشريع يعني ببساطة ربط كل أقلية بدولة خارجية، كما هو في لبنان الآن(الحالة اللبنانية)، لذلك هذه من ملاحظاتنا النقديّة على المبادرة الأيرانية في وقتها عام 2015 م، والتي تعاملت معها موسكو على أنّها مبادرتها، وهذا ما أوضحته في تحليل لنا بعنوان: تسويات سياسية تلفح الجميع لخلق نظام اقليمي جديد أساسه ايران، وموسكو تصنع معادلة(سوساي)لخلق أنصاف استدارات.

وعلى لبنان ترك قاعدة التفكير بقاعدة(الطائفة القاعدة)وهذه فكرة واستراتيجية سورية بامتياز، يجب نسخها في الداخل اللبناني للوصول الى دولة الشراكة الحقيقية الكاملة وعبر الحوار والحوار فقط، وسورية الجديدة لن تقبل بالطائفة القاعدة والتي قد تروّج لها بقصد أو دون قصد مبادرات الحلفاء لاحقاً عندما تحين لحظة التسوية.

تتحدث المعلومات(تؤكد حقيقة قصة مسامير جحا التي كرّست استخدام الحجّة الواهية للوصول الى المبتغى)عن وجود أكثر من مائتين جندي انجليزي، ومثلهم فرنسي، وألماني، وكندي، ينتمون إلى فوج قوّات النخبة في جيوشهم، وهم الآن في الداخل السوري يرتدون سرًا ملابس عناصر اللقيط داعش، ويرفعون راياته السوداء، وبعضهم ملتحي وبعضهم أمرد، يشاركون في مهاجمة أهداف سورية بحجة محاربة داعش، مشيرة إلى أنّه “ربما تعمل القوات الخاصة الأمريكية وعناصر وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA بالطريقة نفسها.” وتضيف المعلومات”خلال الحرب على ليبيا نشرت بريطانيا المئات من عناصر القوات الخاصة المظلية، وكان هناك في ليبيا على أهبة الاستعداد 800 من قوات المارينز الملكية وأربعة آلاف من نظرائهم من الولايات المتحدة للتدخل في وقت قصير إذا أعطيت الأوامر”. وتأتي هذه المعلومات الأستخبارية والتي سربت الى صحيفة الصنداي اكسبرس، بعد أسبوعين من إعلان رئيس الوزراء البريطاني كاميرون الموافقة على انضمام الطائرات الحربية البريطانية للولايات المتحدة في قصف سورية، رغم رفض البرلمان في آب من عام 2013 هذا الأمر.

وبحسب المعلومات المسرّبة، فإنّ جزءًا من عمل تلك القوات البرية المنتشرة في سورية، خاضع لأمرة القيادة الأمريكية في مهمة مسماة “SMASH” تهدف إلى سحق الوحدات والمجموعات القتالية الصغيرة، التي تنتقل في سيارات الشحن الصغيرة(البيك أب)، علمًا أنّ هذه القوات قادرة في سياق أهدافها، تسيير الطائرات الصغيرة بدون طيار لمسح التضاريس وتحديد أهداف للهجوم دون الحاجة لعمليات برية. وأوضحت المعلومات أنّ أكثر من 250 متخصصًا بريطانيًا، وربما أمريكيًا هم مشاركون في سورية في تقديم خدمات الدعم في مجال الاتصالات للمجموعات التي تقاتل تنظيم داعش والنظام السوري. أمّا في خارج سوريا فتقوم قوات SAS البريطانية الموجودة في السعودية حسب المعلومات الأستخبارية المسربة للصحيفة اياها، بمهمة تدريب الإرهابيين المناهضين لنظام الأسد، ويقوم  الضباط الأمريكيون  بالغاية ذاتها في كل من تركيا وقطر- وربما “إسرائيل”، وبعض دول الجوار السوري الأخرى.

تدعي كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في هذا الأمر، أنّها تدرب ما تسميه المتمردين المعتدلين لتعكس غطاء ضبابي على المشهد الحقيقي،  حيث  التعاون والعمل المباشر مع إرهابيي داعش المدربين والمسلحين والممولين من الخارج، عبر تسهيل تسريبهم عبر الحدود إلى سوريا لمحاربة الجيش العربي السوري، والآن أضيف الدعم الجوي الأمريكي والبريطاني والفرنسي والألماني والكندي جنبًا إلى جنب مع القوات الخاصة السرية على الأرض.

وهنا نشير الى قول الجنرال المتقاعد في الجيش البريطاني والرئيس السابق لهيئة الأركان ديفيد ريتشارد: أنّ الدبابات سوف تتدفق كجزء من عمليات المملكة المتحدة في سورية، وأنّ الضربات الجوية الأمريكية إنّما هي تدافع عن مقاتلي داعش الإرهابيين، الذين يخدمون كقدم للجنود الأمريكيين ضد الجيش العربي السوري.

وللعودة الى ما تم تسريبه أيضاً في فترة سابقة، الى صحيفة وول ستريت جورنال Wall Street Journal، ما يبدو أنّه ينذر بالشؤم كمشابه للتمهيد لليبيا 2(كاشفة زيف تخويل أوباما للقوات الجوية الأميريكية بضرب القوات السورية إذا هاجمت تلك القوات المتمردين المعتدلين المدعومين أمريكيًا(غير الموجودين عمليًا).

كل هذه المحاولات الغربية تصطدم بالعائق الروسي والصيني والأيراني وحزب الله الكابح بقوة لكل هذه التدخلات، وهو ما يمنع مصير على الطراز الليبي للأزمة السورية. فعلى سبيل المثال، بينما  ذكرت وسائل الإعلام التركية عن الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان في قول سابق له: أنّ بوتين قد يلين موقفه من الأسد(قوله هذا سابق على الوجود العسكري الروسي في الداخل السوري والذي جاء بطلب من دمشق)، بمعنى أنّه قد يتخلى عنه، وقوله أنّ أوباما تشجع من حقيقة أنّ بوتين قد خابره مرةً في أواخر حزيران 2015 م، وفي أنّه بدأ المخابرة بالحديث حول سورية، معتقدًا أنّه صار لديهم إحساس أنّ نظام الأسد يفقد قبضته عن مساحات أكبر وأكبر من الأراضي داخل سورية، وأنّ احتمال استيلاء”الجهاديين”على السلطة أو هزيمة النظام هي ليست وشيكة. ولكنّه يغدو تهديدًا أكبر يومًا بعد يوم، وهذا يقدم للأمريكيين فرصة لمحادثات جديّة مع الروس حسب اعتقاد أردوغان والسعوديين في حينه، فأنّ  الناطق بلسان بوتين Dmitry  Peskov  قال أنّ الزعيمين بوتين وأوباما ناقشا مكافحة الإرهاب وخاصة المتمثل ب”تنظيم الدولة الاسلامية” عصابة داعش، موضحًا أنّ وجهة النظر الروسية هي معروفة جيدًا وقد كررها بوتين خلال محادثته مع أوباما وأنّها لن تتغير: “بوتين يعارض أي تدخل خارجي من قبل أية دولة في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ويدعم الحق السيادي للسوريين كما لغيرهم من الشعوب في الدول الأخرى في اختيار قادتهم والمشرعين لبلادهم”  بينما قال مساعد بوتين Ushakov:

أنّ قوات القيادة الحالية في سورية هي واحدة من القوات الحقيقية والفعالة في مواجهة الدولة الإسلامية – عصابة داعش، وتخلص الصحيفة إلى القول ليس هناك ما يشير إلى أنّ الروسي يتجه نحو دعم أقل للرئيس الأسد ونسقه السياسي ونظامه.

البلدربيرغ الأمريكي ونواة الأدارة الأمريكية الحالية، وأي نواة لأي ادارة قادمة ولو كانت جمهورية، يدركون جيداً أنّ سورية بنسقها السياسي الحالي ونظامها وديكتاتورية جغرافيتها، هي مفتاح السلم والحرب في العالم، ومن ينتصر في الحرب الدائرة في سورية وعلى سورية الآن، هو من يحق له اعادة رسم خرائط المنطقة وتوازانات القوى في كينونة النظام العالمي الجديد، لذلك نرى أنّ الفدرالية الروسية والصين معاً وبتشاركية ايرانية عميقة، يدركون أنّ انتصار واشنطن في سورية سيكون مقدمة لتنفيذ استراتيجية الأستدارة نحو أسيا، للعبث بأمن روسيّا والصين ومحاصرتهما لأضعافهما حد الأنهيار الكامل، من هنا روسيّا أيتها الدواعش السياسية والأستخبارايتة المخابراتية في بعض الدواخل العربية، لم ولن تتخلّى عن سورية بنسقها السياسي وبأسدها باسناد صيني كبير، واصرار ايران على افشال المشروع الأمريكي، وحاجة روسيّا والصين لأيران لدورها في سياقات النظام العالمي الجديد، بسبب موقعها الجيواستراتيجي، كونها طريق الحرير الجديد بين الشرق الأوسط وأسيا، بجانب قوّتها العسكرية والأقتصادية والبشرية، وتقاطع أديولوجيتها الثورية مع المبادىء القانونية والأخلاقية، التي يؤمن بها هذين البلدين جعلهما يدعمان سورية بنسقها السياسي ونظامها وأسدها بلا حدود وبلا قيود.

وواضح أنّ روسيّا لن تسمح لواشنطن أن تعربد في العالم على هواها، ولن تسمح لماثلات حقبة بوريس يلتسين وفريق الليبراليين الجدد في الداخل الروسي ذوي البناطيل الورديّة القصيرة بالعودة من جديد وبلباس آخر ومختلف للتعمية السياسية على عودتهم، فهذا زمن ولّى ولن يعود بعد تعاظمات في الشعور القومي الروسي الذي أعاده بوتين وفريقه الى وجدان الشعب الروسي المتعاظم. أمريكا بعربدتها ومتاهاتها المقصودة كسياسة ونهج، تريد ضرب الخاصرة الروسية الرخوة في القوقاز، فاذا تحقق لها ما تريد في المسألة السورية والحدث السوري، فانّ العبور سيكون في غاية السهولة الى الجنوب القوقازي، خاصةً في ظلّ أنّ ايران تعتبر الخاصرة الروسية الضعيفة بالمعنى الأستراتجي الجغرافي كمجال حيوي للأمن القومي الروسي. فميزة الروس أنّهم يوزّعون جلّ بيضهم في أكثر من سلّة بأكثر من مكان وساحة في منطقة كمنطقتنا الشرق الأوسطية، رمالها متحركة تنزلق نحو المزيد تلو المزيد من الكوارث.

اللقيط داعش والذي هو نتاج تلك الليلة الحرام تحت السقف الحرام في الفعل الحرام لوكالة الأستخبارات الأمريكية ومجتمع المخابرات الأسرائيلي الصهيوني في فراش الوهابية ونتاجات فكر ابن تيمية، وصل هذا اللقيط الى الباكستان والأفغانستان ولمجمل شبه القارة الهنديّة، وهنا قرون استشعارات مجتمعات المخابرات الروسيّة والصينيّة والهنديّة كانت ترصد كل شيء، بل وقبل وصول هذا اللقيط داعش الى تلك المناطق والساحات، فاستدعى كل ذلك تدخلاً من هذه الأطراف لرصد النوايا الأمريكية من الحرب على دواعش الماما ذاتها ومدى جدية ماما أمريكا لمحاربة فيروساتها، لخلق متاهاتها ومنها المتاه الأمريكية المقصودة في شبه القارة الهنديّة.

لعبة الفوضى الخلاّقة الأمريكية الغربية الصهيونية فشلت حتّى اللحظة في تغيير موازين القوى على الأرض، من خلال سلاح الأرهاب الذي انقلب على رعاته وتمدد وصار يهدد الجميع بالجميع، لذا طالبت روسيّا والصين والهند، من باراك أوباما وادارته والتي اقتربت من دخولها في مرحلة البطة العرجاء لجهة اتخاذا القرارات، من تحديد موقفه من محاربة الأرهاب بوضوح، وذلك في اشارة واضحة الى مخطط البلدربيرغ الأمريكي للأستدارة نحو أسيا بهدف زعزعة الأستقرار في دولها، وتم رفع كرت أحمر رابح في وجهه وهو يتموضع في التالي: تقويض الدولار الأمريكي كعملة مرجعية دولية واستبداله بعمله جديده في اطار منظمة دول البريكس، كمعادل دولي اقتصادي وعسكري ومدني بجانب منظمة شانغهاي، حيث من شأن ذلك أن يصيب الأقتصاد الأمريكي في مقتل، خاصةً وأنّ الصين هي البلد الكبير الذي يشتري سندات ديون واشنطن بمئات المليارات من الدولارات، وفي حال طرحها في السوق الأممي فسينهار اقتصاد أكبر دولة في العالم، ليجر معه قاطرة كل الدول المرتبطة به عضويّاً الى الهاوية وما أدراك ما الهاوية.

الغرب لا يفهم الاّ لغة المصالح والأقتصاد، لذلك قرّر باراك أوباما بايعاز من البلدربيرغ الأمريكي(جنين الحكومة الأممية)وعبر ادارته حكومة الأتوقراطية الأمريكية، وذراعها العسكري المجمّع الصناعي الحربي، تعديل الأستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط من خلال الرهان على التقارب مع ايران من مدخل ملفها النووي، كمقدمة لتحسين علاقات بلاده معها ومحاولة احداث التغيير الهادىء من داخلها، تنفيذاً لتوصيات مجتمع المخابرات الأمريكي ومفاده: أنّ مفتاح التغيير في المنطقة يمر من البوّابة الأيرانية، وأنّه لا حل لأحتواء ايران سوى الأنفتاح عليها والرهان على مخطط تثويري بعيد المدى لزرع ثقافات الماكدونالدز بديلاً عن ثقافات الثورة، في وجدان وعقول الأجيال القادمة في ايران نفسها، واللعب بالطبقة الوسطى الأيرانية، والتغلغل داخل مفاصل الدولة الأيرانية للتفجير الناعم لها، فالتطبيع مع ايران هو أحد أليات تنفيذ هذا السيناريو.

اذاً هذا الهدف الأستراتيجي يؤكد أنّ التوصل الى الأتفاق النووي مع ايران والتنازل لها عن حقوقها دون مقابل يذكر(سوى تنازل ايران في الهوامش للغرب)هو حاجة أمريكية بالأساس، فتم الأستثمار في الجزرة النووية الأيرانية لأحتواء ايران والنفاذ الى دواخلها، ومن ثم اعمال أدوات التخريب الناعمه حتّى تعطي ثمارها على المدى البعيد، وقد يكون هذا هو السبب الرئيس لمعارضة الحرس الثوري الأيراني والجناح المحافظ للأتفاق النووي مع السداسية الدولية حتّى اللحظة(تصريحات الصديق رئيس هيئة الطاقة النووية الأيرانية علي أكبر صالحي من تحذيره لواشنطن من نقض الأتفاق النووي مع طهران بعد تسييله في ايران وأمريكا، تجيء في سياقات قراءات لنا عديدة حول استراتيجيات التطبيع الناعم مع ايران لتفجيرها من الداخل).

وهل نحن أمام ريح عقيم هبّت لتحمل معها لفحات تنذر بحرب أعمق من باردة، من شأنها ومآلاتها أن تجمّد كل التفاهمات والحلول في العديد من الساحات؟ آلا يمكن اعتبار سورية الصاعدة رغم النزف اليومي، والعراق الساخن، وغزّة النازفة، وأوكرانيا غير المستقرة، والصراع على ثروات أسيا الوسطى بمثابة الخماسية القاتلة، وستكون محور كل الحكاية الباردة؟ من سينتصر على من في النهاية، الجليد السيبيري أم ثلوج ولاية الآسكا؟ وهل لنا أن نكيّف اصرارات هنا وهناك لأعضاء الناتو وفي قمتهم الأخيرة في وارسو، هو مؤشر تذكير بالهدف الذي أنشىء من أجله حلف شمال الأطلسي، بمثابة اعلان عداء لنواة الأتحاد الروسي؟ ما هي مديات عدم سماح الأمريكي للروسي بالتمدد في العديد من الساحات؟

هل ستستثمر واشنطن وبلدربيرغها ومجتمع استخباراتها، وبالتعاون مع مجتمعات المخابرات الغربية والأسرائيلية وبعض مجتمعات مومياءات الأستخبار العربي، في استغلال الجمهوريات الأسلامية أو التي يتواجد بها مسلمون لأثارة القلاقل والمشاكل حول روسيّا؟

في المحصّلة ستلجأ الولايات المتحدة الأمريكية وجلّ حلفائها من بعض غرب وبعض مومياءات الحكم العربي باسناد اسرائيلي لدعم مكثف ومتعدد لكييف عسكرياً وسياسياً ولوجستياً واقتصادياً ودبلوماسياً واعلامياً، وسوف تزداد العقوبات على موسكو وستجهد أوروبا بالبحث عن مصدر آخر للغاز ان أمكن، وستحسم بقوّة بعض الملفات داخل نواة الأدارة الأمريكية وداخل المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، كونه أي تباطؤ هنا او تلكؤ هناك سيعني ويشي تقدماً وانطلاقاً روسياً الى الأمام خاصةً في سورية والعراق وأوكرانيا وان شئت الصراع العربي الأسرائيلي حالياً الى حد ما ولاحقاً بعمق.

والسؤال هنا: هل ترى واشنطن دي سي في تطوير حقل(سردار) النفطي والغازي الواقع بين الحدود التركمنستانية والمناطق الأذربيجانية الى حد ما مصدر غازي هام لأوروبا وبديلاً الى درجة تكتيكية مؤقته؟ كيف رعت ومهّدت الولايات المتحدة الأمريكية لبناء الشراكات السعودية الأسرائيلية لأستثمار نفط تركمنستان وأذربيجان؟ ما هي أسرار العلاقات بين الشركة السعودية للبترول والتي يملكها الأمير تركي بن عبدالله بن عبد العزيز ومجموعة ميرهاف التي يديرها مسؤول الموساد السابق يوسف ميامان؟ الى أي مدى استطاع هذا البيدق الموسادي يوسف ميامان وخلال فترة وجوده في وسط آسيا وعمله مع آخرين من بعض عرب في تعزيز الوجود الأسرائيلي هناك، عبر تكثيف الحضور الأمني والمخابراتي في تلك المنطقة الغنية بالطاقة في حوض بحر قزوين و\ أو بحر الخزر الذي يشكل المركز الأقتصادي لخمس جمهوريات سابقة للأتحاد السوفياتي في وقته وحينه؟ يوسف ميامان رائد المشاريع النفطية والغازية في وسط أوروبا وصف أطلقته الصحافة العالمية عليه وخاصةً الأوروبية، ونشاطات شركته منذ أكثر من عشر سنوات في تركمنستان، وقد حاز على الجنسية التركمنستانية من السلطات الرئاسية بمرسوم خاص من الرئيس سبار مراد نيازوف، وتوفي الرئيس بعد عامين من منح يوسف ميامان مسؤول الموساد ومعزّز الوجود الأسرائيلي في وسط آسيا بالتعاون مع آخرين من بينهم عرب.

من منكم أيّها القرّاء لا يتذكر السيد روفين داينايا أول سفير اسرائيلي في التركمنستان؟ وقد أفرد كاتب هذا التحليل، تحليلاً خاصاً نشر في كل وسائل الميديا وقبل أكثر من تسع من السنين حول هذا الروفين العميل السابق للموساد، فهو بيدق موسادي كغيره وكان يدير عمليات موسكو وقبل عام 1996 م، حيث استاطاع يوسف ميامان في تعيين روفين سفيراً هناك بتنسيق من وزير الخارجية الأسرائيلي السابق ووزير الأمن الحالي، الموغل بالتطرف أفيغدور ليبرمان. انخراط واضح وعميق لعنوان الأدارة الأمريكية العنوان السطحي باراك أوباما، بالأشراف على حرب ضد روسيّا في شرق أوكرانيا وعبر عقوبات اقتصادية دولية تديرها وزارة المال الأمريكية وجهاز الأستخبار الخاص بها، أعلن هذا الرئيس الرخ أنّه سيرسل مستشارين عسكريين أمريكيين لدعم عمليات أوكرانيا العسكرية ضد المتمردين المواليين لروسيّا في الجمهوريات الأنفصالية في شرق أوكرانيا، بالرغم من أنّ هذا الرخ الأمريكي يعلم أنهم موجودون هناك ويعملون تبعاً للدليل السياسي والعملياتي للعمليات الدفاعية الدولية الجديدة، وفي حال كان المجتمع العسكري والأستخباراتي الأمريكي يقوم بالعمليات بالطريقة السليمة، فانّ هناك فرقاً شبه عسكرية من عناصر وكالة الأستخبارات الأمريكية والعمليات الخاصة يراقبون ما يحدث في روسيّا وعن قرب. الدمية الأمريكية الجديدة( الرخ الأوكراني أيضاً) هو الذي سيشرعن النشاط العسكري الأمريكي على الحدود الروسية، وهذا الرخ الأمريكي الجديد الرئيس يقود حكومة من عناصر متنافرة تمثل مصالح الأثرياء والمجموعات النازية الجديدة التي تتركز قواعدها وبيادقها وقواعد دعمها وبيادق دعمها في غرب أوكرانيا. البلدربيرغ الأمريكي وعبر رخه الرئيس أوباما استخدم تدمير الطائرة الماليزية ام ايتش 17 فوق شرق أوكرانيا ككرة قدم سياسية لغايات شيطنة موسكو والقاء اللوم عليها. اذاً من الزاوية الأمريكية روسيّا بزعامة فلادمير بوتين مسؤولة بطريقة ما عن موت أكثر من ثلاثمائة راكب، كونها تدعم المتمردين الموالين لها في قتالهم ضد النازيين المجرمين الأوكرانيين المدعومين من واشنطن ومن البلدربيرغ الأمريكي. حسناً أيّها القرّاء الأذكياء: ماذا ستفعل الولايات المتحدة الأمريكية والبلدربيرغ عندما تقوم المجموعات الأنفصالية في المكسيك والمدعومة من الحكومة المكسيكية بالعبور الى أمريكا وولاياتها، وتزرع العبوات الناسفة في مدن وبلدات أريزونا وتكساس وبالتنسيق مع القاعدة وأخواتها في الداخل السوري والعراقي والأفغاني والباكستاني؟

نعم من حق الولايات المتحدة الأمريكية ان تغضب وتجن بجنون مطبق، كون الفدرالية الروسية بزعامة الزعيم الأممي فلادمير بوتين ومجتمع المخابرات الروسية استعادوا شبه جزيرة القرم وعبر استفتاء شعبوي نزيه وبدون اطلاق رصاصة واحدة، قبل أن تتمكن واشنطن والبلدربيرغ الأمريكي من وضع الآيادي عليها وتعطيل خطط روسيّا والصين والأتحاد الأوروبي الرامية الى ربط اقتصادات آسيا وأوروبا بواسطة السكك الحديدية وخطوط الغاز والمرافىء والطرقات السريعة.

 في الجانب الصراعي الأممي الاخر من موضوعة الصراعات على آسيا الوسطى، واذا كنّا في تحليل وتوصيف سياسي وقبل أكثر من أربع سنوات خلت, قد وصفنا قيرغيزستان بالمعنى السياسي والأمني – الأستراتيجي (باسرائيل ثانيه في أسيا الوسطى), بالنسبة لمحور واشنطن – تل أبيب, فانّها من الناحية الأقتصادية وبمعناها الواسع الشمولي الأستراتيجي, وبالنسبة لذات المحور السابق, بمثابة (سويسرا أسيا الوسطى) وذلك لكثرة, تمتعها بالثروات الطبيعية والمعادن الثمينة والهامة مثل: الأنتيمون, الفحم الحجري, اليورانيوم, واحتياط كبير ونوعي, من النفط والغاز الطبيعي. من يتابع مفاعيل تقرير دايان فنشتاين رئيسة لجنة الأستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي حول فضائح السي أي ايه يصل الى حقائق مذهلة، وأنّ التعذيب في السجون السريّة لم يكن بهدف انتزاع اعترافات جماعات القاعدة، بل التأثير عليهم وفيهم بحيث يتم تغيير السلوك والتحكم بتصرفاتهم ويصبحون خانعين خاضعين للأوامر، بما فيها الأستعداد لتقديم اعترافات عن جرائم لم يقوموا بها ونورد هنا مثالين توضيحييين:

أولاً: اعترافات أشخاص من القاعدة ممن ادّعت الحكومة الأمريكية مسؤوليتهم عن أحداث أيلول 2001 م. ثانياً: أو قيام أشخاص بجرائم دون أن يكون هناك أدنى شعور أو وعي داخلي لما يفعلون، وهو ما يفعله الداعشيون(الزومبيات)في الرقة والموصل.

لقد أنفقت استخبارات حكوماتكم أيّها الغربيون مئات الملايين من الدولارات واليورات، وارتكبت أبشع الجرائم من أجل تصنيع خرافة تفيد بأنّ تنظيم القاعدة الذي أنشأته تلك الأستخبارات ذاتها للقتال ضد السوفييت في أفغانستان وثم في يوغوسلافيا وفي الشيشان أنّه قد صار العدو الأول للغرب.

لقد خضع قادة داعش وكما أسلفنا في تحليل لنا في 4 – 1 -2015 م، والذي جاء بعنوان:(بوكا2 لأنتاج أبو الحسين الأيراني)، فقد خضع أبو بكر البغدادي ورفاقه من أبي مسلم التركماني الى حجي بكر الى أبي القاسم وغيرهم كثير، لنفس البرنامج التعذيبي لوكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية بين الأعوام 2004 الى 2009 أثناء اعتقالهم في معسكر أو سجن بوكا في الجنوب العراقي، نراهم قبل دخولهم السجن كانوا يقاتلون القوّات الأمريكية الغازية، واذا بهم وبقدرة قادر وبعد خروجهم السجن راحوا يقاتلون سورية الى جانب قوات حلف الناتو!!؟؟.

وحده الزمن سيكشف لكم تلاعب أجهزة استخبارات حكوماتكم وتورّطها في دعم الأرهاب ايّها الأوروبيون، ليس فقط لأهداف أنانية قذرة، حيث الجشع وحب السيطرة على العالم وعلى الثروات ولو كان الثمن سفك دماء الشعوب الضعيفة واغراقها في بحور من الدماء، ولا مانع لديهم كما ترون في مثل هذا المثال الصارخ من نقل المشاهد الأجرامية الى قلب بلادكم وعواصمكم وسفك دمائكم، طالما أنّ الهدف هو التجييش الأعلامي باتجاه معين ورسم سياسات تتجاوز البروباغاندا الأعلامية في محاربة الأرهاب لغايات دنيئة.

رفض وكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية نشر وثائق جديدة تتضمن معلومات مفصّلة عن برامج الاستجواب واعتقال مشتبه بهم، بممارستهم لما يسمى بالإرهاب الأممي بالخارج بحجة لا تسمن ولا تغني من جوع وعلى شاكلة الحجّة التالية:(تمس الأمن القومي في شكل جديّ)، فهذا يتعارض مع قرارات القضاء الأمريكي الفدرالي، ويعتبر جريمة فدرالية وحسب منطوق التشريعات الأمريكية الفدرالية المتعلقة بهذا الخصوص القضائي.

السجون السريّة لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية C.I.A   حقيقة موجودة منذ أحداث أيلول 2001 م وحتّى هذه اللحظة، وقد اعترفت إدارتي الرئيس السابق بوش الابن بوجودها، و بعد أن تم فضحها عبر وسائل الميديا العالمية بمساعدة حثيثة و واضحة من جناح محدد من داخل أروقة C.I.A  سائه السلوك السيء والمنبوذ المتبع في مخابراته، سلوك غير قانوني وغير إنساني وغير أخلاقي وغير حضاري، سلوك دموي سادي، وهذا ما حاولت أن تخفيه ادارتي الرئيس أوباما وتحذر الكونغرس الأمريكي من نشر تقريره، الى أن أصدر الكونغرس الأمريكي تقريره الأخير حول ذلك أواخر العام  2014 م، رافضاً محاولات الديمقراطيين لعرقلة ذلك.

السي أي ايه تمارس سلوك دموي ومنذ تأسيسها على يد الرئيس هنري ترومان، والذي كان يخشى انزلاقات الوكالة الى مثل ما انزلقت عليه الان، فهي بمثابة الغستابو الولاياتية الأمريكية نظراً للمسارات المريبة لعمليات تقوم بها هذه الوكالة، ما يقود الكثير من اللاعبين الدوليين والمتابعين لشؤون الأستخبارات، الى ضرورة وضرورة وضرورة حظر وكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية الحالية، حيث لم يعد هناك من أمل في اصلاحها واعادة هيكلتها من جديد، مما يستدعي الى (هندرتها)بصورة مختلفة، بعبارة أخرى: شطبها واعادة تأسيس وتشكيل أخرى وفقاً لمعايير صارمة ومحددة، تختلف عن المعايير التي حكمت نشوء الحالي من وكالات الأستخبارات المختلفة.

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

mohd_ahamd2003@yahoo.com

اترك تعليقاً