عربي وعالمي

حركة النهضة والتكتيكات السياسية القاتلة – الناصر خشيني

عندما كانت النهضة تسمى الاتجاه الاسلامي اصطدمنا بها كقوة سياسية لها حضور جماهيري كبير في الجامعة التونسية وعندما التقينا بقياداتهم الحالية الموجودين الان في الحكم في حلقات النقاش التي كانت تدور في الجامعة نهاية السبعينات لم يكونوا على قدر كبير من الذكاء او القدرة على الاقناع او الانتصار في اي قضية خلافية بحكم ضحالة الفكر الذي يتبعونه وضبابيته وكثيرا ما يرجئون الاجابة الى وقت لاحق انتظارا للتعليمات او يلجاون للعنف واطلاق شعارات للخروج من المازق الذي يقعون فيه نتيجة لقصورهم الفكري ومن ذلك انه كانت لهم مجلة حائطية تدور على الاجزاء الجامعية يسمونها الحدث وكنا نسخر منهم ونسميها الخبث تتضمن عادة مختلف مواقفهم من القضايا التي تناقش ومن ذلك ان موقفهم الثابت بخصوص القضية الفلسطينية انها صراع ديني بيينا نحن المسلمون واليهود ويرفعون شعارهم خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود وكنا ننبهم الى الاخطاء المنهجية التي يقعون فيها بمثل هذا التفكير الساذج وان النتيجة ستكون اقتسام الارض العربية بين اليهود والمسلمين والمسيحيين بينما ستؤول للامة العربية وفقا للفكر القومي التقدمي وعادة ما يلجاون الى التكفير والتفسيق وغير ذلك من التصرفات الصبيانية التي لا تنم عن عقل سديد او تفكير منهجي سليم

وكانت ارتباطاتهم بالحزب الحاكم لا تخفى على احد الى درجة ان مجلتهم المعرفة كانت تطبع في مطابع الحزب الحاكم مما يؤكد انهم لم يكونوا يمثلون اي خطر على النظام بقدر ما كانوا يسبحون بحمده وعندما تولى محمد المزالي الوزارة الاولى كانوا يعتبرونه خيارهم المفضل وينعتونه بالرجل المؤمن وهناك الكثير من اللقاءات الموثقة بينه وبين زعيمهم راشد الغنوشي الذي عرفته بشكل مباشر عندما كنت تلميذا وهو استاذ بمعهد المنصورة بالقيروان ولم يكن يدعو وقتها الى اكثر من اداء الصلاة والالتزام بالقيم الاخلاقية دون ان يمس ولو قيد انملة الحياة السياسية اطلاقا

ثم كانت المحاولة الانقلابية يوم 8 نوفمبر 1987 وما يسمى بالمجموعة الامنية لكن زين العابدين بن علي قد يكون تفطن لهذا العمل منهم وسبقهم الى السلطة بيوم واحد وانهى محاولتهم وكان الصراع الدامي بينه وبينهم على كرسي السلطة وان كانوا بكل غباء قد شاركوا في انتخابات عام 1989 وبذلك كشفوا انفسهم لنظام الحكم مما تسبب لهم في الكثير من المعاناة لان الصراع بينهم وبين بن على لم يكن من اجل تغيير واقع هذا الشعب المقهور بل كان من اجل الوصول للسلطة لا غير

وقد راينا كيف انهم لما تمكنوا من السلطة عام 2011 ابان الانتفاضة الشعبية التي حصلت انطلاقا من 17 ديسمبر 2010 لكنهم لم يشاركوا فيها ولما سالناهم عن سبب ذلك كانت الاجابة تعلمون حساسية موقف النظام منا وما عانيناه من ظلم وبطش وبالتالي فان التعليمات تقضي بعدم المشاركة فيها تجنبا لغضب النظام ولكن عندما امسكوا بالسلطة سمحوا لكل من هب ودب من شيوخ الفتنة للمجيئ الى تونس وصولا الى اعتداء واحد مثل وجدي غنيم على شعبنا بقوله موتوا بغيظكم ودعوته الى ختان الفتيات وهناك من المشايخ من يبارك تحجيب فتيات الروضات ذات الثلاث سنوات اضافة الى تعبئة مواردهم الحزبية باموال التعويضات وغيرها والا فمن اين جاءتهم كل تلك الاموال التي انفقوها في حملاتهم الانتخابية وكانوا طوال فترة بن علي مشردين ومهجرين وبلا عمل اضافة الى استيلائهم على اموال من بعض البلدان الخليجية وتشغيل عشرات الالاف من اتباعهم دون بقية الشعب التونسي وابقائه يعاني الفقر والبطالة والسماح لكل انواع الفساد تواصلا في تونس بعد ما يسمى ثورة .

اثناء حكمهم ايضا سمحوا للتطرف الديني ان يصومل او يؤفغن تونس حيث انتشرت ظاهرة النقات والشرطة الدينية وحلقات الدعوة للفكر السلفي المعتمد على فكر تكفيري رجعي بعيد كل البعد عن مضامين القران لانه يعتمد على مرويات ضعيفة ولم تثبت نسبتها للرسول عليه السلام وفي عهدهم تمكن ابو عياض زعيم انصار الشريعة من الفرار من جامع الفتح رغم محاصرته من قبل اجهزة الامن وصولا الى الاغتيالات السياسية التي طالت رمزين من رموز الثورة التونسية وهما شكري بلعيد ومحمد البراهمي لما يمثلانه من رؤى تقدمية وثورية تناهض الفكر الاخواني وتفضحه حتى وان لم تقم النهضة مباشرة باستهدافهما فانها كانت وقتها في سدة الحكم وتتحمل المسؤولية السياسية والاخلاقية عن اغتيالهما وخاصة الشهيد محمد البراهمي حيث وردت مراسلة من المخابرات الامريكية تفيد استهدافه للتصفية ووقع التعتيم عليها وكان بالامكان تجنب اغتياله لو كانت هناك ارادة صادقة في عدم استهدافه
هذا ولا ننسى ان حركة النهضة كانت السبب في عدم تشريع قوانين ثورية من مثل تحصين الثورة او تحديد سن رئيس الجمهورية بعد تهديد الباجي قائد السبسي لهم قبل ان يتولى رئاسة الجمهورية وقبل التوافق الثنائي معه في باريس سنة 2013 بعد اغتيال الشهيد محمد البراهمي وصولا الى عدم تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني وبدلا عن ذلك كانت زيارات قياداتهم الى واشنطن واستقبالهم لرموز مساندين للكيان الصهيوني

وافقت النهضة باعتبارها جزء من اليمين المتحكم في البلاد على قانون المصالحة مع الفاسدين سيئ السمعة رغما عن ارادة الشعب التونسي الذي انتفض ضد هذا القاون وسير المظاهرات في كل انحاء البلاد تنديدا بهذا القانون المجحف في حق الشعب اضافة الى ذلك تصريحات قياداتهم فيما يخص المثليين متناقضة تماما مع المنتظر منهم كجهة تدعي انها اسلامية التوجه اضافة الى المواقف السلبية لحد الان من مسالة تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني 

وأخيرا وفي جهة المنستير تعمد الحركة الى دفع يهودي لتراس قائمتها في الانتخابات البلدية كصك على بياض للقوى الغربية من كونها بعيدة كل البعد عن الجانب الدعوي وانها حزب مدني سياسي لا علاقة له بالدين الى هذا الحد ومن اجل البقاء في السلطة تواصل النهضة تكتيكاتها المكشوفة والتي لا تنطلي الا على ضعاف النفوس وبالتالي فانها رغم كثرة المنتمين اليها ورغم كثرة أموالها تبقى جهة يمينية تخدم موضوعيا سواء أراد منتسبوها ام لم يريدوا الجهات الأجنبية المناوئة لتطلعات جماهير شعبنا العربي وتبقي عليه ضمن دائرة التبعية والتخلف كما هو حاصل في وطننا العربي منذ استلموا السلطة في بعض البلدان العربية منذ ما يسمى باطلا الربيع العربي وهو دمار شامل لهذه الامة ساهم فيها التيار الاخواني للاسف في اكثر من بلد عربي كليبيا وسوريا .

 
الناصر خشيني نابل تونس

Email Naceur.khechini@gmail.com

http://alhorrriato.blogspot.com :Site

http://www.facebook.com/reqs.php?fcode=9d34d7041&f=693791089#!/profile.php?id=1150923524

L’image contient peut-être : 1 personne