من هنا وهناك

سماح ادريس: النكبة حدثٌ يحْدث (بصيغة المضارع)، أيْ يتدحرج ويتواصل

ليس مبالغةً القول إنّ “النكبة” ليست حدثًا حَدَثَ في 15 أيّار/مايو 1948، وإنّما هي حدثٌ يحْدث (بصيغة المضارع)، أيْ يتدحرج ويتواصل.

وليس مبالغةً القول إنّ كثيرين منّا يشاركون في استمرار هذا “الحدث الذي يحدث”. من هؤلاء المشاركين:

– مَن تخلّى عن هدف تحرير كامل فلسطين، وتخلّى عن حقّ الشعب الفلسطينيّ في العودة إلى بيته معزّزًا مكرمًا.

– مَن يسلّم المقاومين إلى العدوّ، عبر “التنسيق الأمنيّ” أو ما شابه.

– مَن يروّج أضاليلَ “تاريخيّة” من قبيل أنّ الشعب الفلسطينيّ “باع أرضه”.

– مَن يسْخر من المقاومة الحاليّة (ولا أقول “ينقدها موضوعيًّا” لأنّ هذا النقد حقّ وواجب)، ولا يتّعظ من أنّ كلّ المقاومات عبر التاريخ نشأتْ ضعيفةً ثمّ تنامت مع الزمن حتى طردت الاحتلالَ ولو بعد أكثر من 130 عامًا.

– مَن يسْخر من المقاطعة الاقتصادية والفنية والثقافية والأكاديمية، التي وصفها نتنياهو بأنها “خطر استراتيجيّ على إسرائيل.”

– مَن ينشئ أولادَه على احتقار لغتهم وتاريخهم وماضيهم، ويدفعهم الى الالتحاق بحضاراتٍ “متفوّقة”، فيغرس في نفوسهم مشاعرَ الدونيّة والاغتراب عن قضايا شعبهم، وعلى رأسها طردُ الاحتلال.

– من ينادي بـ”تأجيل” تحرير فلسطين إلى حين حلّ القضايا الأخرى، وكأنّه يمكن بناءُ ديمقراطيّة وحريّة وتحرّر اجتماعيّ وحداثة في أيّ بلد عربيّ مع بقاء زرع استعماريّ عدوانيّ تدخليّ متحالف مع أنظمة الاستعمار والسرقة.

فلنتذكّرْ أننا مشاركون في استمرار هذه النكبة عبر ما ورد أعلاه (وعبر أمور أخرى). وفي المقابل، فلنتذكّرْ نصيحةَ إقبال أحمد، المثقف الباكستانيّ الراحل: “كلَّ مساء، قبل أن تضعوا رؤوسَكم على الوسادة، اسألوا أنفسَكم: ماذا فعلنا اليوم من أجل فلسطين؟


(كتبتُ المنشور أعلاه في مثل هذا اليوم من العام الماضي).

سماح ادريس

جداره في فيسبوك