بساط الريح

قرار تقسيم فلسطين باطل – أكرم عبيد

إعطا من لا يملك لمن لا يستحق..!

كلنا يعلم ان تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية قرار أوصت به لجنة بيل البريطانية عام 37 قبل عشر سنوات من صدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 181عام 1947

وفي الحقيقة ان هذا القرار لم ياتي من فراغ بل مهدت له بريطانية الاستعمارية منذ صدور الكتاب الابيض الرابع بعد فشل لجنة بيل التي رفضها الشعب الفلسطيني بشكل خاص والعرب بشكل عام وتخلت بريطانيها عنها بسبب بعد استمرار المقاومة المسلحة بصورة أشد مما كانت عليه بين عامي 38 / و39 فصدر الكتاب الأبيض الرابع والأخير من كتب بريطانيا الذي وعد بإستقلال فلسطين والحد من الهجرة اليهودية لكن هذا الوعد تبخر ولم تحققه بريطانية الاستعمارية بحجة اندلاع الحرب العالمية الثانية التي شغلت الجميع من بريطانيا الىوعصبة الأمم  وبقية الدول بما فيها الدول العربية التي قدمت النصيحة للشعب الفلسطيني بأن يثقوا ببريطانيا ويصدقوا وعودها  فخفت حدة الثورة وقال المفتي الحاج أمين: (كنت أرغب أن تستمر الثورة، ولكن الملوك والرؤساء العرب ظنوا أن تدخلهم يحل الأزمة، فقد آلمهم أن يروا شعب فلسطين معرضا للاختيار بين ترك الأرض وبين الذبح، وكنت أذهب إلى أن التضحية وحدها هي التي تؤدي إلى حل مقبول لقضيتنا، كان علينا أن تستمر المعركة مهما كان الثمن، ولكن اضطررت أمام الإلحاح إلى إفساح المجال أمام الملوك والرؤساء ليتلمسوا بأنفسهم غدر بريطانيا والصهيونية) وبقي الشعب الفلسطيني على هذه الحال  إلى أن انتهاء الحرب عام 45.

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م، وخروج بريطانيا منتصرة فيها مع حلفائها من الأوربيين والأمريكيين فكان من اهم اولوياتها تحقيق وعدها المشؤوم في اقامة ما يسمى الوطن القومي لليهود في فلسطين فتعمدت عقد مؤتمر لندن في 2 / 10 / 1946 الذي جمع ممثلي الشعب الفلسطيني ووزراء الخارجية العرب وعرضت الحكومة البريطانية في المؤتمر مشروعا سمي بمشروع موريسون نسبة إلى هربرت موريسون نائب رئيس الوزراء البريطاني، أو مشروع النظام الاتحادي وهو تقسيم فلسطين إلى أربع مناطق:

 منطقة عربية،ومنطقة يهودية، ومنطقة النقب، والقدس وما حولها، ولم يتم الاتفاق على أي شيء في المؤتمر.

 وتلت ذلك محاولة بريطانية قام بها أرنست بيفن وزير الخارجية في 26/2/1947، و تنص على استمرار الانتداب خمس سنوات بعد عام 48 وتنشأ خلالها حكومات ومجالس وتنحصر الهجرة اليهودية في المنطقة اليهودية المزعومة.

 وقد رفض عرب فلسطين كل هذه التوصيات والمقترحات لأنها لا تؤدي إلى أن تكون فلسطين دولة عربية مستقلةوبعد هذه المحاولات البريطانية في إيجاد صيغة تكفل قيام دولة يهودية في فلسطين كما كانوا قد خططوا، وبعد اشتداد النزاع والاشتباكات، تقدمت بريطانيا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تشكلت بعد الحرب بدلا من عصبة الأممووضعت بين يديها قضية فلسطين للبت فيهاوتنهي النزاع بين العرب واليهود، وأبلغت الأمم المتحدة بأنها سوف تنهي انتدابها على فلسطين في 15/5/1948.

 واقترحت على الأمم المتحدة تشكيل لجنة دولية لدراسة الوضع في فلسطين وتم تشكيل اللجنة من أحد عشر عضوا من مندوبي الدول واستبعد من عضوية اللجنة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن بحجة عدم تحيز اللجنة وقد اختير أعضاء اللجنة من الدول التاليةاستراليا، السويد، كندا، الهند، تشيكوسلوفاكيا، إيران، هولندا، غواتيمالا، البيرو، الأوراغوي، يوغوسلافياوعين القاضي ساندوستروم رئيسا للجنة وهو سويدي الجنسية وقد طُلِب من اللجنة أن تدرس الوضع في فلسطين على الطبيعة وتقدم تقريرها في شهر أيلول (سبتمبر) 47 وكانت اللجنة في رأي العرب متحيزة منذ لحظة تشكيلها لأن بعض أعضائها معروفون بميولهم الصهيونية وقد درست اللجنة الوضع ووضعت توصياتها في تقرير قدمته إلى الأمم المتحدة في 31/8/1947م وقد اشتمل التقرير على إحدى عشرة توصية منها التوصية بتقسيم فلسطين بأغلبية أعضائها حيث وافقت عليه ثماني دول وعارضته ثلاث دول هي الهند وإيران ويوغوسلافيا، وينص الاقتراح على تقسيم فلسطين إلى دولة عربية تتألف من مناطق الجليل الغربي ونابلس والسهل الساحلي من أسدود وحتى الحدود الجنوبية، وتتضمن الخليل وقسما من القدس وغور الأردن.

ودولة يهودية تضم الجليل الشرقي وسهل مرج بن عامر والقسم الأكبر من السهل الساحلي ومنطقة بئر السبع والنقب.

منطقة دولية في القدس تكون تحت الوصاية الدولية مدة عامين على الأقل وتبلغ مساحتها 0.65% من المساحة الكلية.

 حدد يوم السادس والعشرين من نوفمبر (تشرين ثان) 1947 موعداً للتصويت على قرار التقسيم لكن الوفد الأمريكي لاحظ أن الأغلبية من المندوبين لا تؤيد القرار فاقترح تأجيل التصويت إلى جلسة تعقد في 29/11/1947م، وادعى أن عيد الشكر في الولايات المتحدة يقع في يوم 27/11  وأن المناسب أن يكون التصويت بعد ذلك وعلى الرغم من معارضة الدول العربية وغيرها من المعارضين للقرار في تأجيل التصويت فقد تم تأجيل التصويت إلى ما بعد عيد الشكر.

 وفي خلال اليومين التاليين أي27 و 28 سعت أمريكا بكل ما تستطيع لضمان أغلبية مؤيدة للقرار عن طريق الترغيب والترهيب وقد تم لها ذلك.

وفي مساء يوم 29/11/1947 تم التصويت على مشروع قرار التقسيم فكانت النتيجة أن ثلاثا وثلاثين دولة أيدت القرار وأن ثلاث عشرة دولة عارضته وأن عشر دول قد امتنعت عن التصويت .

 وقد اعطي القرار لليهود 56.47% من أرض فلسطين الكلية، وهم لا يملكون منها إلا أقل من 7%. أُعطى لليهود 14200 كيلومتر مربع يملك العرب منها 9400 كيلومتر مربع.

ويعيش  فيها499 ألف يهودي  و 509 آلاف عربي.

ج– يعطي القرار للعرب 12000 كيلومتر مربع لا يملك اليهود منها إلا حوالى مائة كيلومتر مربع.

د– في الدولة التي خصصت للعرب يعيش 725 ألف عربي ويعيش فيها 10 آلاف يهودي فقط.

هـ– مساحة الدولة التي خصصت للعرب 42.88% من أرض فلسطين.

و– المساحة المخصصة للوصاية الدولية في القدس هي 0.65% من المساحة الكلية.

ز– أعطيت لليهود مساحات من الأرض لا يعيش فيها أحد من اليهود، مع أن من حجج الذين وضعوا التقسيم أنهم أعطوا لليهود المناطق التي فيها أكثرية يهودية.

 رفض الشعب الفلسطيني قرار التقسيم واعتبروه قرارا ظالما جائرا لأنه يأخذ أرضهم ويقدمها هدية مجانية للصهاينة الذين وافقو على القرار الاممي بدعم ومساندة الدول الاستعمارية

 وبعد قرار التقسيم لجأ الشعب الفلسطيني المظلوم لمقاومة العصابات الصهيونية الارهابية والاستيطان الصهيوني وشملت أعمال المقاومة جميع أنحاء فلسطين وتطوعت اعداد كبيرة من الشاب العربي لمساعدة الفلسطينيين من مصر وسوريا والأردن والعراق ووقعت معارك استخدمت فيها أسلحة متنوعة وراح ضحيتها الكثير من الشهداء والجرحى، وكأن لسان حال الفلسطينيين يقوللا للتفريط، لا للتسليم، لا للتقسيم، نعم للتضحية، نعم للثبات، نعم للجهاد.

لكن العصابات الصهيونية تعمدت ارتكاب المجازر والمذابح الجماعية في البلدات والقرى والمدن الفلسطينية وفي مقدمتها مذبحة دير ياسين لتشريد المزيد من الفلسطينيين واغتصاب ارضهم كما تعمدو استباق الأحداث وكانوا يتخوفون من أن يجتمع مجلس الأمن ويتخذ قرارا يبطل فيه قرار التقسيم فقرروا أن يضعوا الأمم المتحدة أمام الأمر الواقع، فأخذوا يهاجمون القرى العربية، ويستولون عليها، ومما قاموا به عملية نخشون التي أدت إلى استيلائهم على قرية القسطل العربية في 9/4/1948م، التي سقط فيها الشهيد القائد عبد القادر الحسيني، واستغل اليهود تشييع المواطنين لعبد القادر، فدخلوا القرية ودمروها تدميرا كاملا، وسيطروا عليها، وقد اتجهوا بعد ذلك إلى قرية دير ياسين، واقتحموها بالأسلحة الثقيلة ومثلوا بأهلها وقتلوا منها 250 معظمهم من النساء والأطفال وذلك لارهاب الشعب الفلسطيني في مدنه وقراه وتشريدهم بالقوة لتستولي عليها العصابات الصهيونية المسلحة.

وفي نفس السياق اعلن المجرمين الصهاينة المجرم الصهيوني دايفيد بن غوريون عن نيته في إزالة التقسيم العربي اليهودي والاستلاء على كل فلسطين بعد أن تقوى شوكةالعصابات الصهيونية لتأسيس وطنهم المزعوم

وقال المجرم مناحيم بيغين بعد ذلك في عام 1948م عن بطلان شرعية التقسيم وأن كل أرض فلسطين هي ملك لليهود وستبقي كذلك إلى الأبد.

وبعد ذلك عقدت القمة العربية في انشاص بمصر بعد أن كانت قد اجتمعت في صوفر بلبنان ورفضت التقسيم وقررت دخول الجيوش العربية الى فلسطين عند انتهاء الانتداب في 15/5/1948م لمساعدة الفلسطينيين ولمنع تنفيذ قرار التقسيم ولكنها فشلت بسبب تواطؤ معظم الانظمة العربية وعدم اعداد الجيوش العربية كالعصابات الصهيونية فوقعت الكارثة النكبة وشرد معظم الشعب الفلسطيني من مدنه وقراه وبلداته واستولت عليها العصابات الصهيونية التي اعلنت عشية انهاء الاحتلال البريطاني قيام الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة بتاريخ 15 / 5 / 1948

وفي خضم النضال التحرري للشعب الفلسطيني تبنت الامم المتحدة قرارا دوليا في أواسط السبعينيات من القرن العشرين  تعتبر فيه ذكرى قرار التقسيم  يوما للتضامن مع الشعب الفلسطيني لتكفر عن جريمتها اعترافا  بحقة في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على الارض الفلسطينية العربية وفق ما جاء في القرار المذكور آنفاً غير أن شيئا من ذلك لم يحدث 

akramobeid@hotmail.com       


اترك تعليقاً