الأرشيفعربي وعالمي

لماذا شكر إيران وسوريا جريمة بالنسبة للإسلام السياسي؟ – تركي العريض

ثارت ثائرة أشخاص يعتبرهم البعض، ويحبون ان يقدموا أنفسهم على أنهم، قريبون من حركة حماس.  سبب ثورتهم هو تقديم القيادات السياسية لحركة حماس، والجهاد الإسلامي، الشكر لإيران وسوريا، على الدعم الذي قدمتاه للمقاومة، والذي بدونه ما كان يمكن تحقيق هذا النصر التاريخي.  والسؤال: لماذا موقف هؤلاء وكتاباتهم الرافضة لهذا الشكر اللفظي؟
الموقف الذي يتخذه هؤلاء ينفي عنهم تهمة اقربهم من التيار الوطني الرئيسي المقاوم  بحركة حماس.  يعتبر  هذا التيار حماس حركة تحرر وطني، تستنجد بالخطاب الديني كرافعة شعبية للمقاومة.  أحداث الأقصى، والفداء الذي حققه الشعب الفلسطيني يؤكد أن الدين رافعة قوية لأي فعل مقاوم. بالنهاية كل الأفكار والأيدلوجيات هي وسائل وأدوات لتحقيق الهدف، ولكل أن يجتهد كما يرى مناسب، طالما أن إجتهاده يقربنا أكثر من تحقيق الهدف. لكن البعض لا يميز بين الهدف الجماعي، والإجتهاد الشخصي والفئوي، مما يحوله غالبا لقوة معاكسة، او لعبء يعوق المسيرة بإتجاه الهدف.
ما يميز المحتجون على الشكر هو قربهم من الجناح الذي يحمل فكر القاعدة/داعش في حماس. هذا التيار الذي برز خلال مشاركته بالحرب الصهيو أمريكية على سوريا، والذي إنحسر كثيرا بالمرحلة الأخيرة، ويضعف أكثر كلما حققت كتائب عز الدين القسام، وسرايا القدس، والمقاومة اللبنانية إنتصارا آخر بمواجهة الصهاينة، حيث يتبين أن هذا التيار ينسجم مع أهداف العدو، سواءا كانت مواقفهم عن سوء نية او عن سوء تصرف.  المدهش أنه لدينا دواعش على “اليسار” أيضا، وهذا موضوع آخر.
يعتبر هذا التيار إمتداد لفكر الإسلام السياسي بالإخوان المسلمين وتفريخاتهم، وهو التيار الذي لم، ولا، يمتلك أي مشروع لمواجهة الإستعمار الصهيو أمريكي الذي نرزح تحته، بل على العكس، نجد أن هذا التيار، وبكل مواجهة مع المستعمر، يقف بالجهة المقابلة لقوى التحرر العربي والإسلامي وبذات الخندق مع العدو، ألم يقف هذا التيار مع قوى العدوان الثلاثي على مصر في 1956، بحجة عدائهم لجمال عبد الناصر، ومنهم من أعلن أنه سجد شكرا لله بعد أن إحتل العدو الصهيوني سيناء في 1967، وبرر متولي الشعرواي سجوده هذا “لأنهم تخلصوا من الشيوعية” كذب الشعراوي، الذي كان سيطوباً قديس لو كان للمسلمين قديسون، كذب وهو يقول هذا لأنه كان يعلم علم اليقين ان عبد الناصر لم يكن يوما شيوعيا، بل طارد الشيوعيين، وسجنهم وعذبتهم مخابراته، وبسبب التعذيب توفي الأستاذ الجامعي حينها شهدي عطية الشافعي.
يستمر هذا التيار على نفس النهج، ويلتزم بنفس دوره الوطيفي بخدمة تحالف الإستعمار، حاملا أيدلوجية داعش والقاعدة حيث تم توظيفهم أولا بخدمة مشروع محاربة دول الناتو للإتحاد السوفيتي بأفغانستان.ولعبت قيادات من الإخوان حينها دور اساسي بالتجييش لهذه الحرب، مع تأكدهم تماما بأنهم برعاية أجهزة مخابرات الناتو، وعلى رأسها المخابرات الأمريكية، يقاتلون بسلاح وبتمويل توفره لهم هذه الأجهزة.  هذا ما كان يعرفه تماما عبد الله عزام، مثلا.
ثم تابع ذات التحالف الحرب على العراق، بهدف تقسيمه إلى 3 دويلات متناحرة، تدور كلها بالفلك الصهيو أمريكي، فكان تنظيم داعش وأبو مصعب الزرقاوي، رأس حربة تحقيق مشروع بايدن، الرئيس الحالي، بتقسيم العراق.
ثم تمتد هذا المشروع مع الحرب الكونية على سوريا، والتي كان كامل وقودها من الإسلام السياسي، بتمويل سخي جدا من دول الأسرلة، وبسلاح متطور من دول الناتو، وبتسهيلات ودعم كبير من تركيا أردوغان، وبمشاركة، ولأهداف، صهيونية تسعى لتقسيم سوريا إلى دويلات ايضا، كجزء من مشروع الشرق الأوسط الجديد، الذي سينهي خلال تحقيقه أي مقاومة للعدو الصهيوني، حيث كان المشروع سيمشل سوريا والعراق، لو قدر له الإنتصار.
لا، ولم، يمتلك الإسلام السياسي يوما مشروع لمواجهة القوى الإستعمارية وتحرير فلسطين أو صد الهجوم على أرض عربية، حيث لا ينتمي هؤلاء للجغرافيا، كجزء من معتقدهم وعقيدتهم، بل ينتمون لكل من يدعمهم (كما يظنوا) بإنتمائهم المذهبي، وبنفس الوقت يعادون من ينتمي للوطن. بمرحلة الحرب بأفغانستان كانوا  يقولون أنهم ينتموا “للإسلام” بكل مذاهبه، بناء على مصلحة أمريكا والناتو. لحاجات الفتنة الطائفية لتدمير العراق، إختزلت المخابرات العربية تدينهم ليصبح  “للمذهب” السني حيث “صححت” أجهزة الإستخبارات الغربية لهم دينهم، فأصبح الإسلام بالنسبة لهم الجزء التكفيري من “المذهب السني” كأحد مستلزمات الفتنة الطائفية لإثارة الحرب الأهلية بالعراق وسوريا. وللتوضيح فقط فإنني أميز بين الدين والتدين، فالدين هو كما مثبت بالقرآن الكريم. أما التدين فهو فهم الناس وتأويلهم لما في القرآن الكريم، وأرفض كل ما ينسب للدين إن إختلف مع نص القرآن.
ضل الطريق إلى الهدف تيار من حماس حين شارك بهذه الحرب، التي لو إنتصر بها الإسلام السياسي لكان بحقيقته إنتصار للتحالف الصهيو امركي، ولكنا دخلنا بالعصر الصهيوني ربما لـ 100 سنة قادمة.  شاركت هذه القوى بالحرب من نفس الخندق، وكتفا بكتف مع العدو الصهيوني. ومن ينتقدون شكر المقاومة لإيران وسوريا هم مخلفات قوى الإسلام السياسي هذه.
السؤال: هل مازال هؤلاء مستمرين بخدمة المشروع الصهيو أمريكي لكن على أرض فلسطين هذه المرة؟ وضد المقاومة الفلسطينية؟ ومرة أخرى مموهين بعباءة التدين؟ نعرف انهم معادين جدا لحزب الله، بل أن سبب رئيسي للحرب على سوريا كان ليقطع هؤلاء شريان حزب الله، وحرمانه من الدعم الإيراني السوري، تمهيدا لأن تصفيه دولة العدو الصهيوني.  لهؤلاء والإستعمار نفس الأعدا، ونفس الحلفاء، يهزمون معا، وينتصرون معا، يحزنون معا مع كل هزيمة للعدو، ولهم.
لم يفكر أتباع الإسلام السياسي، ولم يحتاجوا، يوما للبحث عن مصدر للسلاح، والتدريب، عندما لا يمتلكون ثمنا له، فما بالك عنما تكون قوة تبحث عن أموال أيضا بدون اي مقابل أو شرط، إضافة إلى السلاح.
لا يعرف التكفيريون كيف يفكرالمقاومون، وحقيقة مشاعرهم، بعد أن اضناهم البحث عن المقومات للمقاومة، ومقدار معاناتهم والثمن من دم ودمار الذي تحملوه خلال رحلة البحث، وبالتالي قيمة كل من سوريا وإيران، بنظر المقاومة، اللتان وفرتا كل مقومات هذا النصر للمقاومة. وحدهم المقاومون الذين يعرفون أن كان الشكر وحده كاف ليوفي كل من سوريا وإيران حقها.

“رأي اليوم”