الأخبارالأرشيف

مخاطر قمم ترامب في الرياض على قضية فلسطين والوضع في المنطقة

  

د. غازي حسين

عقدت القمة الخليجية الأمريكية في الرياض بتاريخ 21 أيار2017 بين قادة دول مجلس التعاون الخليجي وترامب، ووقعت دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة الأمريكية مذكرة تفاهم لتأسيس مركز لتخفيف منابع تمويل الإرهاب استجابةً لطلب إسرائيلي بوقف الدعم لمنظمات  المقاومة الفلسطينية الحكومي والأهلي .

واتفقوا على عقد قمّة سنوية لاستعراض التقدّم المحرز في تنفيذ ما تمّ الاتفاق عليه وذلك لضمان عدم وصول مساعدات مادية إلى الشعب الفلسطيني وحركة المقاومة الفلسطينية  لتسهيل تمرير الحل الصهيوني الاستعماري والعنصري والإرهابي والظالم لقضية فلسطين .

وكانت دول الخليج وعلى رأسها مملكة آل سعود قد نعتت حركات المقاومة الفلسطينية واللبنانية بالإرهاب لتسهيل إقامة التحالف الخليجي الإسرائيلي  الجديد على حساب حقوق الشعب العربي الفلسطيني المشروعة وحركات المقاومة العربية، ودفاعاً عن الاحتلال الإسرائيلي وتهويد القدس وبقية فلسطين، وكانت المملكة السعودية قد وقّعت في 20 أيار 2017 مع تاجر الصفقات ترامب صفقة أسلحة بقيمة 400 مليار دولار .

وانعقدت القمة الإسلامية الأمريكية برئاسة المتهوّد والأهوج المهووس ترامب بتاريخ 22 أيار 2017 في الرياض ، وشارك في القمة قادة وممثلون من 54 دولة إسلامية ترأسها ترامب ، وهكذا يكون ترامب قد عقد ثلاث قمم سعودية وخليجية وعربية اسلامية في العاصمة السعودية ، وجرى فيها تتويجه خليفة لاتباع الإمبريالية الأمريكية من القادة العرب والمسلمين الذين حضروا القمة.

وأكّد ترامب أنه شارك في قمة الرياض شريطة ان تدفع دول الخليج مئات المليارات من الدولارات في شراء الأسلحة الأمريكية ثمن حمايتها وتوافق على صفقة القرن وصناعة اسلام امريكي.

وأكّد ترامب في مقابلة مع  cbn أنّه اشترط على السعودية دفع مئات المليارات من الدولارات من أجل المشاركة في قمة الرياض ، وذلك عبر شراء السلاح والاستثمار في الولايات المتحدة ووقف تمويل الإرهاب ، ووقف مساعدة المقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني والتحالف مع اسرائيل ومواجهة ايران.

وحمّل ترامب إيران المسؤولية عن عدم الاستقرار في المنطقة زاعماً أنّ إيران تدرّب وتسلّح المليشيات في المنطقة، وكانت لعقود ترفع شعارات الموت لأمريكا وإسرائيل ، واعتبر ترامب أنّ السلطات الإيرانية هي من تموّل الإرهاب الدولي وتغذي الكراهية في الشرق الأوسط، وشدّد ترامب أنه على جميع الدول والشعوب  أن تبذل جهوداً مشتركة من أجل عزل إيران ، كما دعا إلى إدراج حزب الله في قائمة التنظيمات الإرهابية على المستوى الدولي .

وأكّدت اسرائيل أنّ هدف زيارة ترامب للملكة السعودية في المقام الأول هو إعادة الشراكة الاستراتيجية مع الدول السنية المعتدلة ، ولتحقيق صفقة القرن بالتوصّل إلى اتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين لتخليد وجودها .

واعتبر الأوروبيون أن ترامب يريد أن يأخذ من قمم الرياض جزية  من أوروبا على غرار تلك التي أخذها من السعودية وبقية الدول الإسلامية .

وقال الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح القمة ” أنّ النظام الإيراني يشكّل رأس حربة الإرهاب العالمي منذ ثورة الخميني وحتى اليوم” ، وأضاف  الملك ” أننا في هذه الدولة منذ 300 عام لم نعرف إرهاباً أو تطرفاً حتى أطلّت ثورة الحميني برأسها عام 1979″

وكان ترامب واسرائيل والمتأمرك محمد بن سلمان أبرز الرابحين من القمم الثلاث .

تجاهلت القم الثلاث تجاهلاً كاملاً عدالة قضية فلسطين القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية ، وأعدل قضية في تاريخ البشرية ، وتطرقت إليها من وجهة نظر اسرائيل ، وتسويق صفقة القرن التي يعمل ترامب على تحقيقها بتصفية القضية والتطبيع الجماعي العربي الرسمي  ، وإنهاء الصراع العربي الصهيوني بالصلح والاعتراف والقبول بوجود اسرائيل والتعايش معها بمثابة القائد والمركز في منطقة الشرق الأوسط .

دقّ ترامب الأجراس والطبول لحروب طائفية ومذهبية وعرقية في البلدان العربية والإسلامية لمئة سنة قادمة تحرق الأخضر واليابس تحقيقاً للاستراتيجيات الأمريكية والإسرائيلية ، فقامت السعودية بمحاصرة قطر ، وفصل مسعود البرزاني شمال العراق عن الوطن الأم تحقيقاً للاستراتيجيتين الأمريكية والإسرائيلية .

وجاءخطاب الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس الاستعماري والعنصري والمنحاز كليّة للعدو الإسرائيلي والبيانات الختامية والتصريحات الصحفية لإشعال السعودية للحروب المذهبية في العالم الإسلامي لتحقيق الاستراتيجية الامريكية التي وضعها ترامب.

وأعربت بعض الدول المشاركة في القمة العربية الإسلامية الأمريكية استغرابها لعدم علمها المسبق بالبيان الختامي الذي صدر عن القمة.

وتشهد المنطقة بعد قمم الرياض مزيداً من التمزّق واليأس والضياع وانتشار الفساد وهدر أموال النفط والغاز ، وأشعل المتأمرك والمتصهين ومجرم الحرب محمد بن سلمان الخلاف السعودي القطري لرفض قطر الانصياع إلى قيادة السعودية لجميع البلدان العربية والإسلامية ، وتطبّع السعودية بتعاونها  مع المتصهين ترامب الوضع العربي بالحروب الطائفية والحروب بالوكالة لنهب الثروات وتفتيت الدول ، بحيث يخيب معها أمل الأجيال الشابة بمستقل مزدهر ومستقر وتفقد الأمل في التنمية والتطوّر في أوطانها ، وكانت إسرائيل الدولة الوحيدة في العالم التي أعربت عن ترحيبها بفصل شمال العراق واعتبرت الدولة الكردية ذخراً استراتيجياً لإسرائيل .وتعمل ادارة ترامب اليهودية على تفتيت سورية وبقاء القوات الامريكية المعتدية فيها.

وحقق ترامب هدفه بعقد صفقات وصلت إلى حوالي نصف تريليون دولار ،ووصفت قمة الرياض حركات المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي والأمريكي بالإرهاب خلافاً لقرارات ومؤتمرات القمم العربية ومبادئ القانون الدولي ، وحركات مقاومة الشعوب الأوروبية  للاحتلال النازي .

ووضعت حجر الأساس لإنشاء حلف ناتو سنّي لخدمة أهداف حلف الناتو وبالتنسيق والتعاون الكاملين معه، وأخذ ترامب الأموال من السعودية وبقية دول الخليج والدعم السياسي والتطبيع الجماعي  مع اسرائيل ، وقدّم النصائح لخدمة المصالح العليا لأمريكا واسرائيل، وحمّل إيران مسؤولية الإرهاب العالمي ، ودعا إلى عزلتها ومواجهتها وإلغاء الاتفاق النووي الإيراني مع 5 + 1 .

وحاضر ترامب بقادة وممثلي 54 دولة عربية وإسلامية وحثّها على التسامح وتجريم مقاومة الاحتلال ، وتأسيس الناتو الإسلامي ، وتأجيج نيران الحروب الطائفية ، والهرولة في التطبيع الجماعي مع اسرائيل ، وأكّد أنّ الإرهاب الإسلامي ومسؤولية مكافحته تتولّاه الدول الإسلامية ، ومنح رئيس الصفقات والمهووس بحب اسرائيل في القمة السعودية تأييداً استراتيجياً في مواجهة إيران .

وطرح فكرة التطبيع العربي الرسمي أولاً مع اسرائيل لكي تستقوي اسرائيل بدول الخليج لممارسة الضغط والابتزاز على المفاوض الفلسطيني ا الضعيف والمخصي ، لتمرير مبادرة ترامب أي مشروع نتنياهو لتصفية قضية فلسطين ، ويطالب ترامب أولاً بعلاقات اقتصادية ودبلوماسية شبه كاملة ، وبعد ذلك البحث مع الفلسطينيين في حكم ذاتي وليس دولة ذات سيادة، وظهر بجلاء أن ترامب حصل على الأموال الأسطورية  من السعودية وبقية دول الخليج وجدد الانحياز الأعمى والدعم الأمريكي المطلق لإسرائيل، وتوجّه ولأول مرة من السعودية مباشرة لإسرائيل وزار حائط البراق (حائط المبكى) كأول رئيس أمريكي مع العلم أنه ملك للوقف الإسلامي ، وأرض محتلة بموجب القانون الدولي وقرار مجلس الأمن، وجلب معه في زيارته المباشرة لإسرائيل اقتراحات تحقق أمنيات قادة العدو الإسرائيلي  من بن غوريون وحتى نتنياهو ، ومنها تحالف دول الخليج مع إسرائيل لمواجهة إيران وتصفية قضية فلسطين برعاية الولايات المتحدة عدوّة العروبة والإسلام والشعب الفلسطيني المظلوم وجميع الشعوب والأمم في العالم .