الأرشيفعربي وعالمي

مقالات نشرة كنعان ليوم 25-5-2015

صباحكم/ن نصر…تذكروا استدخال الهزيمة – عادل سمارة

 

دعونا نعلِّم الجيل الجديد تناقض الأشياء والمواقف، نعلمهم أن للأحداث أكثر من بُعد لكي يقارنوا أبعاد الأحداث. دعونا نقول لهم لكل شيء نقيضه. نقول لهم: أما وانتم تحتفلون بالنصر تذكروا فريق إستدخال الهزيمة، لأنه يُهلك اسنانه ويجدد اسنانه لقضم النصر. هذا كان ولا يزال دأب مستدخلي الهزيمة. لم يتركوا منارة إلا ونهشوها. دعونا نشرح لأزواجهم وبناتهم واولادهم بأنكم تعيشون في بيئة مريضة، فاتحوا عيونكم. علينا جميعا ونحن نحتفل بالنصر أن تبقى على زناد الوعي والرشاش أيدينا.

ولكن ما هو استدخال الهزيمة؟

استدخال الهزيمة:

هذا المصطلح محاولة لصياغة تعبير عن التطبيع يحمل معنى أكثر وضوحاً من التطبيع نفسه أو توضيح التطبيع بوضعه في سياقه العملي. لقد نحتت الحركة الوطنية المصرية مصطلح مناهضة التطبيع منذ اتفاقات كامب ديفيد وهي مأثرة لها لا شك. لكن نظرة معمقة تجد أن المصطلح لا يكفي للتعبير عن العلاقات السياسية الاجتماعية الاقتصادية بمحتواها الطبقي وهو ضد قومي طبعا وضد وطني.

المقصود باستدخال الهزيمة هو أن طبقات أحزاباً أفراداً بحكم مصالحهم وتهافت التزامهم وتخارج وعيهم توصلوا إلى استحالة الانتصار على العدوين الرئيسيين من الثورة المضادة:

·       المركز الرأسمالي الغربي.

·       والكيان الصهيوني.

فانحاز هؤلاء إلى الثورة المضادة باعتراف بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقة معه ليصبحوا المكون الثالث للثورة المضادة.

هذا المصطلح هو قراءة نفسية لواقع مادي قائم على الأرض، فهو يعني أن هذه الأنظمة، الطبقات، الأحزاب، المثقفين قد توصلوا إلى حالٍ من الهزيمة بحيث أخذوا يفكرون ويتصرفون ويُخاطِبون كمهزومين. إنهم حالة من الاستقرار في قاع المرحلة.

لقد غدت الهزيمة نمط حياتهم، وهذا يبرر التبعية واللاوطنية وعدم التنمية وبالطبع اعتبار الكيان الصهيوني الإشكنازي واقعاً شرعياً وجزءًا من المنطقة وصاحب الدور القيادي فيها! وهذا ما قُصد بمصطلح الاندماج المهيمن.

قد يوحي مصطلح التطبيع لمن لا يعرف الطبيعة التناحرية للصراع بأنَّ هناك إشكالية بين طرفين شرعيين مما يوحي بحلها وبقاء كل طرف على “أرضه”. وهذا ليس الحال في فلسطين والوطن العربي. فالكيان الصهيوني الإشكنازي غير طبيعي وهو استعمار استيطاني رأسمالي أبيض، ومن هنا فهو بلا شرعية وعليه، فالتناقض معه تناحري.

لا يتسع المجال هنا للحديث اللغوي عن تفسير التطبيع.

لقد استخدمنا هذا المصطلح للمرة الأولى عنواناً لكتابنا: اللاجئون الفلسطينيون بين حق العودة واستدخال الهزيمة قراءة في تخليع حق العودة وذلك في عام 2000. ولكنه عولج بإسهاب في كتابنا: التطبيع يسري في دمك الصادر عام 2010. ((وهذا التعريف من كتابي عن زيف الربيع العربي وعنوانه: “ثورة مضادة، إرهاصات أم ثورة، منشورات دار فضاءات عمان 2013 وبيسان رام الله 2013، ص ص 294-95)).

● ● ●

 

إنهم يحاولون إخراس صوت الميادين!

رشاد أبوشاور

                
منذ  مساء الأمس الأحد 24 أيّار الجاري، وبعد خطاب سماحة السيد حسن نصر الله ، بمناسبة عيد انتصار المقاومة ال15 ، تمّ استهداف فضائية الميادين، بتغييب بثها كلما عادت للبث، لحرمان ملايين العرب من متابعة الأخبار التي تهمهم، والتي تصلهم بمصداقية، واحترام لعقولهم، وبموضوعية…
لقد سقطت فضائيات النفط والغاز، وما عادت أكاذيبها تنطلي على ملايين العرب، وافتضح دور (إعلامييها) المزيفين، وخطابها التحريضي الطائفي الخادم لأعداء الأمة، بعد أن تمسحت لفترات بالقضية الفلسطينية، وبالمقاومة اللبنانية، لتحصل على مصداقية، ثم لتكشف عن وجهها الحقيقي المشوّه، التابع، والمعّد لمثل هذه الأيام.

هل يمكن لأنظمة النفط والغاز والتبعية أن تموّل إعلاما يخدم قضية العرب الأقدس..القضية الفلسطينية، في مواجهة الصهيونية، والانحياز الأمريكي؟!

هل يمكن لأنظمة العشائرية الشمولية النهابة أن تكون موئلاً للديمقراطية، ولكرامة الإنسان العربي؟!

بعد أن خسرت هذه الفضائيات، وفي المقدمة منها ( الجزيرة) المعركة، وانفض عنها ملايين المشاهدين، ها هو التخريب يستهدف القناة التي في فترة وجيزة زمنيا تقدمت بشكل مذهل، واستقطبت ملايين المشاهدين العرب…

تخريب على كل الصعد تمارسه أنظمة النفط والغاز، ولكن هذه العقلية المريضة ستبوء بالخسران، ففي هذه المعركة المحتدمة، والتي تدور على الأرض السورية، واللبنانية، والعراقية، واليمنية، والليبية، والمصرية ..في وجه قوى التكفير والعمالة والتخريب، ستنتصر إرادة ملايين العرب المتطلعين للحرية، والكرامة، والعدالة…
الميادين تبث على قمرين آخرين، ويمكن متابعتها لمن يرغب بالبحث عن مواقع بثها، وزيارة موقعيها على النت، والفيس بوك…
من يقصفون اليمن وشعبه، ويدمرون المدن، والقرى، والمستشفيات، والمساجد، والمدارس..ومن يمولون الحرب على سورية وشعبها وجيشها،يقصفون موقع الميادين، حتى يخلو الفضاء لأكاذيبهم…
أترون إلى أي حضيض يسقط هؤلاء القتلة المفسدون في الأرض؟!

● ● ●

شهادة علي فصل من تاريخ الحركة الشيوعية نص رسالة موجهة إلي عبد الناصر سنة 1969

عيداروس القصير

تقديم :

بقلم : عيداروس القصير

علي غير انتظار أحضر لي صديق عزيز زميل من زملاء النضال السياسي قي حقبتي الستينات والسبعينات الماضية مجموعة صور لرسائل كانت في حوزته تخص بعض السياسيين المصريين المعتقلين خلال الفترة من أوائل سنة 1969 إلي ابريل 1971 مرسلة منهم إلي بعض الاشخاص والجهات خارج الأسوار علاوة علي بعض وثائق أخري تتعلق بأحداث تللك الفترة .

من بين هذه الوثائق رسالة موقعة من ثلاثة عشر من هؤلاء المعتقلين وموجهة إلي الرئيس جمال عبدالناصرتتناول- من خلال مناقشة خطابه أمام المؤتمر القومي الثالث للاتحاد الاشتراكي – مختلف الأوضاع السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية ، وتنتقد سياسات وممارسات الدولة وأجهزتها تجاهها ، وتطرح رؤبة استراتيجية وتوجهات سياسية أساسية لإنجاز مهمات المرحلة وفي مقدمتها مهمات تحقيق الانتصار علي الاستعمار الامريكي والكيان الصهيوني وتحرير الأراضي المصرية والعربية المحتلة .

وقد رأيت أنه من واجبي ألآن – وخاصة أنني أحد هولاء الثلاثة عشر ومن المساهمين بقدر متواضع في صياغتها- أن أضع هذه الوثيقة أمام جيلي الشباب والوسط من السياسيين والمثقفين وكذلك المعنيين بالتأريخ لتلك الفترة وأن أعيد وضعها أيضا مرة أخري أمام الأحياء من شيوخ الحركة السياسية والثقافية الذين لا شك أن بعضهم قد اطلع عليها في حينه خاصة إذا كان من قادة وكوادر الشيوعيين والتقدميين المصريين الذين عارضها أغلبهم بشدة . فقد نظر هولاء إليها وإلي مواقف المجموعة المسئولة عن اصدارها والمطابقة للأراء الواردة فيها كهرطقة ورعونة بوصفها خروج وانحراف عن الخط العام الذي تبنوه ، خط الالتحاق بنظام 23 يوليو وبالناصرية تحديدا والاندماج في تنظيماته منذ سنة 1965، خط إزالة أثارالعدوان والتسوية السلمية مع الكيان الصهيوني القائمة علي الصلح والاعتراف وقرار مجلس الامن 242 لسنة 1967 الذي يكافئ الغاصب المعتدي علي اغتصابه وعدوانه .

أما أهمية نشر هذه الرسالة القديمة والآن تحديدا فترجع إلي الأسباب التالية :

1– لم يغير كثيرا مرور نحو 39 عاما علي تاريخ الرسالة من القضايا الأساسية للوضع السياسي الاقتصادي الاجتماعي في مصر أو البلاد العربية والمهمات التي يطرحها بل كرسها واعطاها ابعادا أعمق وأشمل . كانت قضايانا الأساسية في تاريخ الرسالة وهو 13 أكتوبر 1969وكما عكستها هي :

* تحرير الأراضي المصرية والعربية المحتلة وتحقيق التحرر الوطني الكامل لمصر وتوحيد وتعبئة الشعوب العربية للانتصار علي الاستعمار الامريكي والصهيوني اللذين اتخذا من هزيمتنا ستة 1967 مرتكزا لالحاق مصر وكل الدول العربية بعلاقات الخضوع والتبعبة للاستعمار الامريكي ولتسليمها بالوجود والتوسع الصهيوني ، وقد انتهج موقعو الرسالة استراتيجية المقاومة والتحرير والحاق الهزيمة بالعدو الأمريكي الصهيوني في حرب يخوضها الجيش الوطني والشعب المسلح ودعوا إلي نبذ سياسة التسوية السلمية والاعتراف بالكيان الصهيوني والاعتماد علي الامم المتحدة أو المفاوضات الثنائية أو الجماعية باعتبارها طريق يفضي لا محالة إلي الهزيمة والاستسلام.

* مواصلة وتطوير وتجذير استراتيجية البناء الاقتصادي المعتمد علي الذات. وهي سياسة تتطلب التوجه الواضح الحاسم نحو بناء قاعدة صناعية تكنولوجبة حديثة لا بمكن بناءها في ظل واقع التخلف والتبعبة الاقتصاديين الموروثين وفي مواجهة واقع ومخططات السبطرة والتهديد والعداون الإستعماري والصهيوني بدون تعبئة أقصي ما يمكن من فائض الانتاج أو الفائض الاقتصادي (ما يزيد عن الاستهلاك الضروري والأساسي) في بناء الاقتصاد وبدون الدور القيادي للقطاع العام وبدون ضمان الحقوق الاقتصادية والاحتماعية للطبقات الشعبية ونطويرها . وفد تناولت الرسالة هذه القضية بهذا التوجه لحلها داعية إلي نبذ الدعوة الي الاقتصاد “الحر” التي عادت للظهور إلي حدما بعد هزيمة 67 وداعية لاقتصاد الحرب ضمن استراتيجية التحرير.

* تحقيق الحرية والديموقراطبة للشعب بإنهاء سباسة الاعتقال والاجراءات الاستثتثنائية التي طالت طبقات وفئات الشعب وممثليها السياسيين والنقابيين أكثر مما طالت القوي الرجعية والمعادبة للمواقف الوطنية والتحولات والاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والتقدمية التي أجراها نظام 23 يوليو في الحقبة الناصرية واتاحة حق كل أبناء الشعب في العمل السياسي والتقابي وحرية التنظيم (تكوين الاحزاب والنقابات والجمعيات) والنشر والاحتماع . وتعد هذه الرسالة – في حدود علمي- أوضح وأوعي وأجرأ مطالبة ودعوة معلنة رسميا من أصحابها داخل مصر في تللك الفترة لإنهاء ديكتاتورية الحكم والدولة البوليسية وتحقيق الحرية والديموقراطية للشعب.

واليوم وبرغم انسحاب اسرائيل من سيناء بموجب اتفاقيات كامب ديفيد لم تسترد مصر سيادتها الكاملة عليها نتيجة للترتيبات الأمنية التي جردتها من السلاح المصري وفرض وجود عسكري أمريكي ودولي عليها إلي أجل غير مسمي ، ولم تستكمل استقلالها السياسي ، بل اصبحت بحكم الترتيبات الأمنية في سيناء وروابط التبعية السياسة والعسكرية والاقنصادية لأمريكا خاصة والامبريالية العالمية أقل استقلالا بفقدان القدر الأكبر من قرارها الوطني وإرادتها السياسية المستقلين وتشعبت وتعمقت تبعية مصر للاستعمار الأمريكي والعالمي ، وهي اليوم حقيقة – وليس علي سبيل المجاز – أقرب إلي وضع شبه المستعمرة , أما بالنسبة للعالم العربي ككل فقد اصبحت الدول العربية أكثر عجزا واستسلاما للوجود والتوسع الصهيوني وأكثر خضوعا وتبعية للإستعمار الامريكي والعالمي بل صارت هدفا لعودة الإستعمار المباشر القديم بداية باحتلال العراق واتخاذه مركز وثوب ومرتكز لتحويل الدول العربية جميعا إلي مستعمرات أو أشباه مستعمرات في إطار خريطة جديدة وذلك كما أعلن وزير الخارجية الامريكية السابق عشية احتلال العراق سنة 2003 . إن سياسة الحلول السلمية والاعتماد علي الامم المتحدة ومجلس الأمن والتذلل علي اعتاب “البيت الابيض” الأمريكي وانسحاب مصر الدولة من جبهة المواجهة وانخراطها في جبهة الانهزاميين والمستسلمين اطلقت يد العدو الصهيوني في دول الجوار الفلسطيني فاستمر في احتلال واستيطان الجولان وكامل أرض فلسطين وإجبار جميع ” دول الطوق ” علي غلق حدودها أمام المقاومة الفلسطينية واحتلال الجنوب اللبناني وبيروت العاصمة سنة 1982 في ظل صمت الدول والجيوش العربية دون استثناء .ودفعت هذه السياسة قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلي طريق تصفية الثورة الفلسطينية وحرب التحرير الوطنية الفلسطينة فابرمت اتفاقية أوسلو المشئومة وسيئة السمعة. وهذه السياسة بعدائها لاستراتيجية المقاومة والتحرير وبحريها السياسية وحصارها العسكري “العربي” علي قوي المقاومة وببعثها للقوي الداخلية الرجعية المتوجهة للالتحاق بعجلة الاستعمار الامريكي تحت زعم أن بيد أمريكا الحل أو 99% من أوراق اللعبة !! وبتمكينها هذه القوي من احكام سيطرتها علي أنظمة الحكم العربية هي التي حالت دون تحرير الأراضي المحتلة 1967 ودون اعداد القوي العسكرية النظامية والشعبية القادرة علي الحاق الهزيمة الحاسمة بالكيان الصهيوني وإقامة الدولة الفلسطينة الوطنية الديموقراطية علي انقاضه، وهي التي هيأت أوضاع دول المنطقة واعدتها لتكون محلا لمشروع عودة الاستعمار المباشر وإعادة رسم خرائطها في سايكس- بيكو جديدة . ولولا الانطلاق السريع للمقاومة العراقية وصمود المقاومة الفلسطينية والانتصار الثاني للمقاومة اللبنانية علي الكيان الصهيوني سنة 2006 لكانت الجيوش الامريكية والصهبونية تعربد وتمرح في بلدان عربية كثيرة وترسل بالأوامر اليومية للحكام العرب في التفاصيل .

واليوم أيضا نجد الوضع الاقنصادي أكثر تخلفا وتبعية للخارج في بنيته رغم نمو حجم الاقتصاد الكلي ، وتزداد الفوارق بين الطبقات بمقاييس هائلة حتي صارت عوائد العمل نحو 25% أو20% كما يذهب الاقنصاديون بعد ان كانت حوالي50% أواخر عقد الستينات ، وازداد ابتعاد السياسة الاقتصادية عما هو ضروري للنمو الاقتصادي وبناء قاعدة صناعية زراعية تكنولوجية حديثة معتمدة علي الذات بأخذها باستراتيجيات المنظمات الدولية الخاضعة للدول الاستعمارية وباطاحتها حتي بالتوجهات المحدودة وغير الجذربة لبناء هيكل صناعي حديث التي انطوت عليها السياسة السابقة لما يسمي الانفتاح ثم التحرير والتكييف الهيكلي الاقتصادي . كما صار الاقنصاد العربي ككل أكتر تبعبة وتشوها واندماجا في الاقتصاد الدولي اندماجا طرفيا ومن ثم تكربس بقائه اقنصادا متخلفا تابعا إلي أجل غبر مسمي .

أما نظام الحكم الديكتاتوري والدولة البوليسية في مصر فهما قائمان اليوم من حيث الجوهر والأساس برغم اتاحة هامش من الحريات الفردية والتعددية السياسية والصحفية التي تسمح فقط بتكوين وتبلور جماعات ( لوبيهات ) المصالح الرأسمالية الخاصة المخنلفة في اقتصاد السوق المفتوح علي مصراعيه لرأس المال الخاص والأجنبي ، وإضافة إلي ذلك صارت الطبيعة الطبقية للدولة أكثر رجعبة وعداءا للشعب حيث تمثل اليوم الرأسمالية الكبيرة المرتبطة بالقوي الاستعمارية وهي بصفة أساسية وكلاء وممثلي وشركاء رأس المال الأجنبي في الدول الاستعمارية .

لذلك فإن عدم حل المشكلات القديمة وعدم انجار المهمات القديمة الجديدة وتطور الأوضاع في مصر والبلاد العربية علي النحو الذي أشرنا إليه في السطور السابقة قد حالت دون تقادم الرسالة التي نقدم لها واحتفطت بالقدر الأكبر من أهميتها حتي اللحظة الحاضرة . وإن من يتفحص الأوضاع الحالية في مصر والعالم العربي وأهم الخلافات الناشبة اليوم بين القوي السياسية سيجد أصولها في تلك الرسالة ، وما أعنيه هو المنهج والأفكار والتوجهات التي طرحتها وبغض النظر عن مدي التزام كل من وقع عليها علي حده بها طوال الوقت التالي لاصدارها من عدمه سواء من رحل منهم أومن لا يزال علي قيد الحياة .

2 – الرسالة تمثل اتجاها محددا شكل في الفكر والممارسة القوام الرئيسي في حركة قسم من الشيوعيين المصريين اتخذ إسم التيار وأشتهر بالتيار الثوري في الفترة التالية لحل الحزبين الشيوعببن المصريين ” حدتو ” و ” الراية والعمال والفلاحين ” سنة 1965 . فالتيار الذي لم بنشأ كتنظيم حزبي وإنما كحركة سياسية تعمل بوسائل غير حزبية أو بوسائل قليلة الشبه بالوسائل الحزبية المعروفة وبدون هياكل تنظيمية هرمية وثابتة وبهدف العمل علي استمرار وفعالية دور الشيوعيين في المجتمع بعد غياب تنظيمهم الحزبي ، هذا التيار ضم منذ بدايته اتجاهين مختلفين هدفا وخطا سياسيا تم حل التناقض بينهما مؤقتا بمقولة ” الالتزام الاختياري ” أي عدم التقيد حتما برأي أغلبية أوبمستوي قيادي تاريخي أو واقعي في حركة التيار الجديدة . الاتجاة الأول مثله كمال عبدالحليم المسئول السياسي لحزب حدتو الذي لم يكن موافقا علي التنظيم الطليعي وانضمام الشيوعيين إليه بطريقة فردية – وهذه نقطة في صالحه بالنسبة للقادة الأخرين الذين هرولوا للتنظيم الطليعي – وكان يري التيار كطريق وأداة للتوصل إلي اقامة الحزب الواحد للثورة الاشتراكية بين الشيوعيين وبين المجموعة الاشتراكبة في نظام 23 يوليو التي يقودها جمال عبدالناصر كما كان بعتقد . والاتجاة الثاني وكان أبرز ممثليه محمد عباس فهمي ومحمد طاهر البدري – اللذين كانا عضوين في اللجنة المركزية لحدتو قبل تضييقها – كان يري في التيار شكلا انتقاليا مؤقنا للحركة يتم عبره وفي حماه وبصورة غير معلنة مؤقتا اعادة بناء المقومات الفكرية والتنظيمية لحزب شيوعي جديد يرفض تحليل المجموعة الاشتراكبة في النظام الناصري والنظريات والأفكار السوفيتية عن طريق التطور اللا رأسمالي ( تحقيق الاشتراكية عن غير طريق الثورة الاشتراكبة بقيادة الطبقة العاملة وحزبها الشيوعي ) والنظم الجديدة ذات التوجة الاشتراكي قولا والبرجوارية ورأسمالية الدولة فعلا .

وتعد الرسالة موضوع هذا التقديم بمثابة اعلان وتوثيق للتمايز والاستقلال التامين عن اتجاه كمال عبد الحليم حيث كان العمل الموحد أو المشترك من خلال صيغة التيار قد غدا أكثر صعوية بعد هزيمة 1967 والخلافات الجديدة حول استراتيجية مقاومة العدو الأمربكي الاسرائيلي وتحرير الأرض المحتلة ، وكان مجاله مسدودا منذ انتخابات مجلس الامة دائرة عابدين سنة 1968 التي أيدنا فيها مرشح الاتحاد الاشتراكي بشرط كتابة برنامجه الانتخابي والذي دعونا فيه للجبهة الوطنية وما تعنيه ضمنا من إقامة الحزب الشيوعي والمطالبة بتعدد الاحزاب والغاء صيغة الانحاد الاشتراكي ، وهو ما عارضه كمال عبدالحليم داعيا للاستمرار في العمل علي اقامة الحزب الاشتراكي الواحد من الشيوعيين ومجموعة عبدالناصر” الاشتراكية ” . ومنذ تلك الفترة فصاعدا أصبحت التيار قاصرا واقعيا علي الاتجاه الثاني سايق الذكر في التيار والذي لا يعرف أو يذكر التيار في الحياة السياسية إلا به حيث انحسر تماما الاتجاه الذي يمثله كمال عبدالحليم وفقد تماما مبرر الهدف المباشر من وراء دعوته لاستمرار دور الشيوعيين كتيار بعد حل الحزب وهو اقامة الحزب الواحد للثورة الاشتراكية بوفاة جمال عبدالناصر .

إن نشر هذه الرسالة اليوم يعد مساهمة موثقة في كشف خطأ وانحياز وعدم موضوعية الهجوم التي تعرض له هذا الاتجاه منذ الستينات ، ولا يزال يتعرض له متابعوه حتي من واصل منهم نفس المنهج الذي بدأوا به ونفس الخط الأساسي بعد إجراء التغبرات الضرورية عليه والتي أملتها التحولات في طبيعة سلطة الدولة بعد عبدالناصر وخاصة بعد حرب اكتوبر وسياستها في الارتباط بروابط التبعية للاستعمار الأمريكي والعالمي والتسليم بالوجود الصهيوني ووصايته علي سيناء ، من رفض الرهان الخاسر القائل بأن من قام بحرب أكتوبر لن يستسلم للعدو الامريكي الصهيوني ، ومن رفض المساومة غير المبدئية مع نظام السادات ومبارك والمتمثلة في تبني لغة ماركسية قانونية فاقدة لروح الماركسية الثورية في تحليل الأوضاع والنطورات السياسية والموقف منها. وهما الرهان والمساومة اللذان انزلقت إليهما أغلبية قيادة التيار وتسببتا في أزمة داخلية استمرت نحو خمسة سنوات وانتهت يانشقاقه في ديسمبر 1977 وتشكيل الخارجون منه تنظيما جديدا بإسم ” حركة التحرر الوطني الدبموقراطية الشعبية ” احتفظ بالمنطلقات الفكرية والسياسة الأساسبة لبيان ال 13 مع تعديل تحليل طبيعة السلطة والموقف منها .هذه المساومة وذلك الرهان أطلقتهما رغبة عارمة ،ولكنها غير موضوعية،أي ليست مؤسسة علي الحقائق القائمة فعلا في السياسة ، في التحول إلي حزب شبوعي علني وقانوني بديل ، أو في مواجهة ، حزبي التجمع والحزب الشيوعي المصري الذي تأسس سنة 1975 ، وهما حقا – ووفقا لرؤية مبدئية وثورية، رؤية قائمة علي تحليل محدد للواقع المحدد الذي نواجهه في النضال ضد الاستعمار والصهيونية والبرجوازية – حزبان انتهازيان يمينيان ، وكانا ذيلين لكل من السوفييت والناصرية ، ولكن النضال الضروري ضدهما لا يجيز أيضا المساومة غيرالمبدئية مع العدو الأصلي ،الطبقي بل والوطني .

كانت تلك الرغبة الذاتية التي تملكت هؤلاء الرفاق السبب الأساسي في الانقلاب علي المنهج الذي سرنا عليه من قبل وهو المبدئية في الفكر والسياسة المستتدة الي تحليل محدد للواقع القائم و أساليب العمل الملائمة . وهو ما أهدر قدرأ كبيرا من مردود المبادرة الثورية والموقف الواعي والطليعي اللذين اتخذهما التيار باتجاهه الرافض لتحليل المجموعة الاشتراكية ونظرية طريق التطور اللارأسمالي وفي مواجهة قادة الشيوعيين اليمينيين الذي تسابقوا علي اعادة تكوين الحزب الشيوعي بطبعة جديدة من خط انتهازي يميني بعد وفاة عبدالناصر بقدر ما كانوا قد هرولوا للإلتحاق بالتنظيم الطليعي في حياته ، علاوة علي نضاله ضد ديكتاتورية الحكم والدولة البوليسية ومطالبته بالحرية والديموقراطية للشعب منذ عهد عبدالناصر وضد استراتيجية إزالة أثار العدوان والتسوية السلمية مع الكيان الصهيوني التي مهدت الطريق لكامب ديفيد ، وكذلك من أجل مواصلة وتجذير التحول الاجتماعي لصالح الطبقات الشعبية وبناء الاقتصاد المستقل . وقد اعاق هذا الهدر التقدم الحثيث الذي كان يحققه التيار تجاه بناء حزب شبوعي ثوري وكبير وذا قواعد جماهيرية وأدي إلي احهاضه .

والنشر يساهم أيضا في اجلاء الصورة الحقيقية والشاملة لحركة التيار وكشف الصورة المشوهة المختزلة المخالفة للتاريخ الحقيقي التي اشاعها عنه خصومه في الفرق والجماعات اليمينية واليسارية في الحركة الشيوعية ،هذه الصورة التي تختزل تاريخ الحركة ومواقفها في الموقف السياسي الخاطئ الذي أشرنا اليه لأحد اجنحتها من نظام السادات وموقفه من أمريكا والكيان الصهيوني وتوجهانه الاقنصادية والاجتماعية المعبرة عن راس المال الكبير المرتبط بالامبريالية والأكثر عداءا للطبقات الشعبية. فهذا الموقف رفضه وقاومه أيضا جناح أخر كما لايمكن اختصار كل تاريخ هؤلاء الرفاق في هذا الموقف الذي شكل مرحلة أو حلقة مغايرة للحلقات الأخري السابقة في تاريخهم المشرفة والغنية بآيات وعيهم ونضالهم وتضحياتهم منها الرسالة التي نقدمها هنا ومواقف وأراء واعية وطليعية مذكورة في هذه المقدمة وغيرها، وفضلا عن ذلك فإن ما لايعرفه الشيوعيون أو غيرهم من السياسيين المصريين باستثناء عددا ربما لا يبلغ عدد أصابع اليد الواحدة، هو أن المسئول الأول عن هذا الموقف ، المسئول السياسي للتيار محمد عباس فهمي ، أقر بعد عقد اتفاقية كامب ديفيد بخطأ موقفه من النظام الحاكم وذلك بقوله لأحد الرفاق ممن أيدوا ذلك الموقف ولا يزال علي قيد الحياة ” السادات راح للناحية الثانية ” أي للجبهة المعادبة أو الاستسلامية ، وكذلك بعرضه علي شخصيا إعادة الوضع في التيار إلي ما كان عليه قبل الخلاف واستعادة وحدتنا علي أساس امكانية إنهاء الخلاف الذي فرقنا فوافقته بشرط النقد الذاتي العلتي لموقفه والاتفاق علي وثائق سياسية جديدة تستتد بالدرجة الأولي علي منطلقاتنا الفكرية والسياسية في الستينات السابقة واللاحقة لهزيمة 67 علاوة علي التغير الحادث في طبيعة السلطة والوضع السياسي التاجم عن المعاهدة مع العدو الصهيوني، وابلغته بامكان مجموعتنا ( ح.ت.و.د,ِش) تقديم اقتراح مكتوب بمشروع الوثيقة أو الوثائق الضرورية قبل نهاية السنة (1979) أو في حدود سنة علي الأكثر، وتواعدتا علي محاولة الاتفاق والتنفيذ لكن وفاته المفاجئة كانت أسيق . أما خلفاؤه ورفاقه في ذلك الموقف والمنهج الذي فكر هو في اعادة النظر فيهما وتصحيحهما علي الأقل في الحدود التي أشرنا إليها فإنهم للأسف لم يحاولوا أو يهتموا بالمسالة معنا ، كما لم يهتموا بها مع أنفسهم بصورة ملموسة لا في تلك الفترة ولا فيما بعد برغم رفضهم لكامب ديفيد بل وللصلح والاعتراف باسرائيل من حيث المبدأ واخلاصهم غير المحدود لقضايا التحرر الوطني والديموقراطية والاشتراكية,

يساهم النشر أيضا مع هذه المقدمة في القاء بعض الضوء علي مدي موضوعية ودقة وشمول الكتابات عن دور وتوجهات الشيوعيين المصريين في الستينات وما بعدها خاصة عن حركة التيار والمنشورة في السنتبن الماضيتين وفي دعوة المهتمين بالكتابة والتأريخ للحركة الشيوعية والسياسية عامة لتوخي المزيد من الموضوعبة والدقة والتحقق من المعلومات وصدق مصادرها .

3 – الاحياء ممن وقعوا علي الرسالة أصبحوا أربعة فقط ونشرها أثناء حياتهم يضفي مصداقية علي النص المنشور ومطابقته الأصل .

النص الحرفي الكامل للرسالة المذكورة :

السيد الرئيس جمال عبدالناصر

بعد التحية .

الشيوعيون والتقدميون المعتقلون بمعتقل طرة السياسي والموقعون علي هذا البيان يرون أن من واجبهم في الظروف الحرجة والخطيرة التي يمر بها الوطن الآن أن يكتبوا اليكم بوجهة نظرهم في القضايا الهامة المطروحة أمام الشعب .

إن الظروف التي نشأت بعد النكسة تتطلب أكثر من أي وقت مضي أن يدلي المواطنون بآرائهم في مختلف المشاكل ونحن باعتبارنا مواطنون مصريون نرسل اليكم بآرائنا آملين أن نشارك مع غيرنا في توضيح الطريق إلي هزيمة العدو وتحقيق النصر .

السيد الرئيس

لقد حددتم في خطابكم أمام المؤتمر القومي الثالث الموقف بشكل عام بالنسبة للمعركة وذكرتم أن اسرائيل ما هي إلا ” أقلية عنصرية غريبة تدعي لنفسها ما ليس حقا لها وتطمع في أن تنتزع من الأمة العربية أرضا تمتد من النيل إلي الفرات ” , وذكرتم أن أمريكا وبريطانيا تساندان وتدعمان اسرائيل عسكريا واقتصاديا وأن الحرب مع اسرائيل مستمرة وأنها طويلة . كما أن قرار وقف اطلاق النار دون انسحاب القوات المعتدية هو تحقيق لسياسة اسرائيل وتحقيق لسياسة أمريكا في اغتصاب أجزاء من الأرض العربية ، وأن قرار وقف اطلاق النار ليس قرارا أبديا ، واستعرضتم المساعي التي بذلت من أجل ايجاد حل سلمي للمشكلة في الأمم المتحدة ، ومهمة يارنج ،المباحثات الرباعية والثنائية …الخ دون الوصول إلي أي نتيجة . ثم أعلنتم ” لن يتقرر موقف لأي انسان إلا بشئ واحد هو موقف العدو من هذا الانسان وموقفه هو من العدو . أيها الاخوة القول الفصل هو القتال أو اللاقتال وقد قررنا أيها الاخوة أننا سنقاتل من أجل استرداد أراضينا ” .

ونحن نؤيد هذا الموقف ولكن اسمحوا لنا أن نوضح بعض المسائل الأساسية بالنسبة للمعركة ككل :

أولا : قبل هؤلاء الأعداء المسلحين المصرين علي استعباد شعوبنا لا يصبح هدفنا إزالة آثار العدوان والعودة إلي خطوط ما قبل يونيو 67 . وإنما بصبح الحاق الهزيمة العسكرية باسرائيل والقضاء علي قواتها العسكرية والالتزام مع كل الثوار من أجل اقامة الدولة الفلسطينية الديموقراطية ، دولة المسلمين والمسيحين واليهود علي أنقاض الكيان الاسرائيلي . إننا طرف أصيل في المعركة يقع عليه العبئ الأساسي في الحرب ، وبالنسبة للاستعمار الامريكي يصبح الهدف تصفية كافة مصالحه السياسية والاقتصادية والثقافية وقواعده العسكرية في المنطقة واعداد شعبنا والشعوب العربية لمواجهة الاستعمار الامريكي بالسلاج إذا ما سولت له نفسه أن يرسل قواته المسلحة لانقاذ اسرائيل من مصيرها المحتوم وهو الهزيمة أو الدفاع عن مصالحه في المنطقة.

ثانيا : في مواجهة العدو الاسرائيلي والذي حدد لتحقيق أهدافه التوسعية استخدام القوة المسلحة وعن هذا الطريق تمكن من تحقيق انتصارات علي الجيوش العربية في اعوام 1948 ، 1956 ، 1967 في مواجهة هذا العدو ليس هناك إلا طريق واحد لالحاق الهزيمة به وتحقيق نصرنا الحاسم ألا وهو طريق الحرب وهذه الحرب لن يقوم بها جيشنا النظامي وحده بل هي أيضا وبالضرورة حرب شعبية مسلحة وبالتالي يصبح الحديث عن الحلول السلمية في أي وقت مضي أو في المستقبل من قبيل خداع الشعوب العربية .

إن العدو الاسرائيلي أو الامريكي عندما يتكلم عن السلام فهو يخفي استعداده للحرب ولمزيد من المؤامرات ضد شعوبنا وضد الأنظمة الوطنية في المنطقة . إن الحديث عن الحلول السلمية والمفاوضات الرباعية والثنائية …الخ يجب أن ينتهي إلي الابد ليحل محلها لغة البندقية فلن تنتصر شعوبنا إلا بالنضال المسلح .

ثالثا : إن القتال لا ينفي بل يتطلب عملا سياسيا علي النطاق المحلي والعالمي ليخدم قضية القتال نفسها . إن واجبنا ألا نبحث عن تأييد الشعوب والأنظمة المختلفة لقرار مجلس الأمن 242 لسنة 1967 والحلول السلمية بل يجب أن يهدف عملنا السياسي إلي كسب تأييد الشعوب والأنظمة المختلفة للحرب التحريرية العربية العادلة التي تقوم بها شعوبنا ضد الاستعمار الأمريكي وأداته اسرائيل ومن أجل تصفية النفوذ الاستعماري بكافة صورة وأشكاله .

رابعا : الرصاص الذي أطلقته المقاومة الفلسطينية في أول يناير 1965 صحح وضع القضية الفلسطينية بل القضايا العربية إزاء الاستعمار والصهيونية . ولقد حددت تلك الرصاصات أن قضايانا لن تحل إلا بالاعتماد علي أنفسنا ، كما أسقطت كل قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن إيتداءا من قرار التقسيم عام 1947 حتي قرار مجلس الأمن عام 1967 وجاءت النكسة لتؤكد هذه الحقيقة ، فلا الأمم المتحدة ولا مجلس الأمن ولا المحادثات الرباعية والثنائية ولا مهمة يارنج بمستطيعة أن تعيد الحق العربي ، بل أنها في الحقيقة لن تكون سوي وسيلة يستخدمها الأعداء ليخفوا استعدادهم لاستمرار العدوان والتآمر ضدنا .

السيد الرئيس

لقد جاء بخطابكم بالنسبة للقضية الفلسطينية ” نحن نعطي كل ما لدينا للمقاومة عسكريا وسياسيا وفنيا ونحن علي استعداد لها بغير حساب وبغير مطلب إلا مطلب الأمة العربية كلها ، وهو شن القتال ضد العدو ” .

إننا نحيي هذا الموقف واسمحوا لنا أن نشير إلي نقطتين :

1 – إن تأييدنا ومساعدتنا للمقاومة الفلسطينية ينسحبان بالضرورة إلي تأييد أهداف المقاومة في اقامة الدولة الفلسطينية الديموقراطية .

2 – إزالة التناقض بين رفض تنظيمات المقاومة لقرار مجلس الأمن الصادر في 22 نوفمبر 1967 والذي يفتح طريق المساومة والحلول السلمية وبين الموقف المصري الرسمي الذي ما زال ينطلق من محاولة تطبيق قرار مجلس الأمن 1967 . ولقد سبق لسيادتكم بسعة أفق وتفضيل لصالح المعركة ككل ودون حرج أن اعلنتم أن من حق المنظمات الفلسطينية أن ترفض هذا القرار . واليوم وخبرتنا بمجلس الأمن وافتضاح دور أمريكا وبريطانيا مقدمة صيغة القرار تفرض علينا أن نعلن سحب موافقتنا علي قرار مجلس الأمن الصادر في 22 نوفمبر 67 فتوجهون بذلك ضربة قوية لموقف يثير البلبلة في صفوف شعوبنا ومقاتلينا وتتيحون الفرص لتوحيد الاستراتيجية العربية ضد العدو المشترك .

السيد الرئيس

جاء في خطابكم بالنسبة للعالم العربي ” تنسيق العمل الموحد علي أعلي مستوي لابد أن يشترك معنا في هذا التنسيق قوات المقاومة الممثلة لنضال الشعب الفلسطيني ” ، ” لا تدخل في الشئون الداخلية لأي بلد عربي وإنما يهمنا مساهمة كل بلد عربي في المعركة ” ، ” لسنا من أنصار إنشاء محاور عربية ” .

إن معركة المصير تتطلب الحرص علي مساهمة كل بلد عربي في المعركة ، وأن مشكلة العمل العربي هي في خلق أوسع جبهة ممكنة ضد العدو المشترك ،علي أن حرصنا علي مساهمة كافة الدول العربية في المعركة وعدم التدخل في شئونها الداخلية يجب ألا يكون عائقا في سبيل :

أولا : ممارسة النقد المستمر لمواقف الدول العربية من قضية فلسطين والمعركة ضد الاستعمار الامريكي الاسرائيلي .

ثانيا : حشد القوي الشعبية والوطنية المقاومة للاستعمار الامريكي الاسرائيلي وخصوصا عمودها الفقري العمال والفلاحين .

ثالثا : وضع استراتيجية عربية موحدة ضد هذا العدو المشترك .

إن العمل العربي يتطلب التخلص من النظرة الضيقة التي تحكم سياسات بعض الأنظمة العربية الحاكمة والأحزاب السياسية العربية إزاء القوي التي يجب التعاون معها لالحاق الهزيمة بالعدو . إن شعوبنا العربية تخوض معركة وطنية كبري ، وحرب تحرير حقيقية ، الأمر الذي يتطلب حشد كل قوي قادرة علي أن تساهم بأي قدر مهما صغر في المعركة ، مهما كانت عقائدها واختلافها مع القوي الأخري . إن الخلافات الماضية والأخطاء المتبادلة والثأر والحزازات التي تحكم علاقات القوي الوطنية المختلفة في منطقتنا يجب أن تتراجع إلي الخلف . لتبدأ سياسة ثورية ومبدئية من أجل حشد ملايين العرب في جبهة متحدة . إن تكوين هذه الجبهة الجبارة هو السبيل للبطش بعدونا الشرس المغرور وتحقيق سلام دائم وعادل في المنطقة ,

السيد الرئيس

إن الحرب التحريرية التي تخوضها الشعوب هي جزء من النضال العالمي من أجل التحرر الوطني والديموقراطية والاشتراكية والسلام ، وشعوبنا العربية بحكم طبيعة المعركة التي تخوضها عليها أن تسعي مع غيرها من القوي الثورية والوطنية والاشتراكية من أجل تكوين جبهة عالمية متحدة ضد الاستعمار الامريكي – العدو الأول والدائم لشعوب العالم – وأداته اسرائيل والصهيونية ، وهي مطالبة بأن تسعي لكسب الاصدقاء والحلفاء للأهداف التي تناضل من أجلها وهي هزيمة اسرائيل واقامة الدولة الفلسطينية الديموقراطية وتصفية كافة المصالح الاستعمارية السياسية والاقتصادية والثقافية والقواعد العسكرية في منطقتنا العربية ، ونحن نؤيد ما جاء في خطابكم من تقدير موقف الاتحاد السوفيتي والدول الاشتراكية من معركتنا الحالية ، ونطالب الاتحاد السوفيتي ودول أوربا الاشتراكية بأن يعيدوا النظر في الأساس الايديولوجي والسياسي الذي يحكم نظرتهم إلي الوجود الاسرائيلي ويسحبوا اعترافهم به ، وأن بؤيدوا النضال العربي في تحقيق النصر بالسلاح من أجل أقامة الدولة الفلسطينية الديموقراطية ودون الاعتماد علي أي أمل خداع في جهود الأمم المتحدة ومجلس الأمن و المحاداثات رباعية كانت أم ثنائية . علي أنه يجب علينا أن نؤكد أن موقفنا من الحرب التحريرية واصرارنا علي تحقبق أهدافنا وبذل كافة التضحيات الواجبة في ميدان القتال وفضح أكذوبة الكيان الاسرائيلي المصطنع سيلعب دورا أساسيا في نبذ ما تبقي من سياسيات الاعتراف بالكيان الاسرائيلي لدي بعض الدول الاشتراكية .

السيد الرئيس

إسمحوا لنا أن نقدم بعض الآراء الخاصة بالعلاقة بين التحول الاجتماعي والمعركة . وقد جاء بخطابكم أمام المؤتمر القومي الثالث ” ان النضال شامل لأن الثورة شاملة ، ان المعركة العسكرية علي جبهة القتال ليست بعيدة عن مشاكل التطور الاقتصادي ، ان حربنا ضد الاستعمار هي جزء من حربنا ضد التخلف ، ان استقلالنا الوطني ليست له دعامة إلا قدراتنا الوطنية ” .

أولا : نحن نوافق علي أن المعركة لا يجب أن توقف عملية التحول الاجتماعي وأن بناء اقتصادنا المستقل لا يجب أن يتوقف لحظة واحدة ، بل أننا نري أنه بدون استمرار البناء الاقتصادي فإنه يستحيل تأمين الشروط المادية لكسب الحرب ، وتحمل الشعب لحرب طويلة مليئة بالصعوبات والتضحيات .

ثانيا : الحرب هي طريقنا لهزيمة اعدائنا والمحافظة علي حياتنا ومصيرنا . لذلك يجب أن يوضع البناء الاقتصادي في خدمة الحرب وأن يخضع لمتطلباتها ، إننا نطالب بتحويل اقتصادنا إلي اقتصاد حرب ، وأن نقف بحزم ضد الاتجاهات والسياسات التي تفسح المجال للقادرين والاغنياء بزيادة استهلاكهم الكمالي من السلع المحلية والأجنبية .

ثالثا : إن اقتصاد الحرب لا بنفي بل بتطلب رفع مستوي الجماهير خصوصا العمال والفلاحين وصغار المثقفين والموظفين ، وحل مشاكل صغار التجار والحرفيين ، وذلك وفقا لخطة مدروسة تراعي ظروف المعركة وتناقش جماهيريا في الوقت الذي تحرص فيه علي الغاء الامتيازات ومحاربة الإسراف الإداري في الحكومة والقطاع العام . إن ذلك شرط أساسي لإثارة حماس الجماهير من أجل المساهمة في زيادة الانتاج وفي إستمرار البناء الاقتصادي وفي ايجاد الأسس والإمكانيات المادية للانتصار في الحرب .

رابعا : ما زال للقطاع الخاص دور في بناء اقتصادنا المستقل في هذه الفترة التي تمر بها البلاد ولكن علينا في نفس الوقت :

1 – أن ندعم القطاع العام وأن يزداد دوره باستمرار وأن يظل له الدور القيادي في بناء اقتصادنا المستقل ، مع العمل علي زيادة كفاءته بمحاربة البيروقراطية في ادارته وضمان زيادة رقابة وفعالية ومشاركة العمال في الادارة .

2 – تشجيع التعاون وتدعيمه واعطائه كافة فرص النمو .

3 – الحرص علي ألا يتمكن القطاع الخاص أثناء نموه من التحول إلي احتكار وألا يكون هذا النمو طفيليا يزيد من أرباحه ومن عوامل المضاربة في السوق دون زيادة حقيقية في الانتاج السلعي أو في تشغيل الطاقة الانتاجية المعطلة .

4 – إن دور القطاع الخاص في الفترة الحالية لا يعني أننا نؤيد الحرية الافتصادية أو المستقبل الرأسمالي لبلادنا ، بل أننا نصر مع شعبنا علي أن طريقنا ومستقبلنا هو بناء المجتمع الاشتراكي علي أرضنا .

خامسا : إن تحديد الملكية الزراعية ب 50 فدان للفرد ، و بـ 100 فدان الأسرة هي خطوة في سبيل حل مشكلة الأرض ولكنها لا يجب أن تكون هي الأخبرة وأن علينا أن نبحث خلال المعركة وطبقا لتطور سيرها عن الوسائل والتشريعات لتحقيق الثورة الزراعية في بلادنا . إن اصلاحا زراعيا جذريا ، بستهدف تصفية العلاقات شبه الاقطاعية ويحد من نمو الطبقات الطفيلية في الريف ويفتح الطريق أمام تطبيق شعار ” الأرض لمن يفلحها ” لتحقيق هدفين أساسيين : زيادة الانتاج من ناحية ومن ناحية ثانية حشد طاقات الفلاحين بطريقة ثورية في المعركة الوطنية الكبري ، أصبح أمرا علي جانب كبير من الأهمية . ولن يتأتي ذلك إلا باطلاق الحرية للفلاحين في تكوين تنظيماتهم التعاونية ونقابات العمال الزراعيين بعيدا عن التدخل البوليسي والإداري .

السيد الرئيس

رغم مرور عام علي ” بيان 30 مارس ” الذي وعد بادخال تغييرات أساسية بالنسبة للدولة وللاتحاد الاشتراكي ، فإننا نري أنه لم تحدث تغيييرات يمكن أن يعتد بها في هذين المجالين . فالدولة ما زالت تعتمد الأساليب البوليسية والإدارية , فالتقارير البوليسية وأجهزة التسجيل والتسمع والتعذيب والاعتقال لمدد طويلة ، وعدم إمكانية الالتحاق بأي وظيفة مهما قل شأنها دون موافقة مكتب الأمن ، والفصل من العمل بغير الطريق التأديبي ، ما زالت هي التصرفات الأساسية التي تحكم علاقة الدولة بالمواطنين .

والاتحاد الاشتراكي ما زال ذلك التنظيم الغير قادر علي أن بعبئ الشعب للمعركة ويسوده جو غير ديموقراطي وتعلق بانتخاباته الأخيرة وطريقة تكوينه ومدي تمثيله للطبقات الشعبية المحتلفة شوائب كثيرة ، ويعتمد في علاقاته مع الجماهير علي أساليب بيروقراطيبة وبوليسية ، ونتيجة لغياب الحرية النقابية واسقاط العضوية العاملة للاتحاد الاشتراكي لدخول مجالس الادارات والنقابات فقد حرم العمال من اختيار ممثليهم الحقيقيين الأمر الذي حول الحركة النقابية والتنظيم النقابي إلي جهاز عاجز تماما عن القيام بمهامه سواء كانت نقابية أو وطتية أو زيادة الانتاج في أحرج فترة يمر بها شعبنا . إن مشكلة الديموقراطية ما زالت بغير حل جذري في بلادنا .

إننا لسنا من أنصار الليبرالية أو الديموفراطية المطلقة ، ولسنا بغافلين عن نشاط القوي المضادة والعميلة للاستعمار الأمريكي وأداته اسرائل ، ونحن نطالب بالديموقراطية والحرية للطبقات المختلفة من العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين ، والرأسمالية الوطنية ، تلك الطبقات التي تكون معا جبهة متحدة ضد العدو المشترك . إن الديموقراطية والحرية يجب أن تعطي لكل من يوافق علي الدفاع عن أرض الوطن ، الحرية للشعب ولا حرية لاعداء الشعب .

السيد الرئيس

إننا نخشي أن تظل القوي المسئولة عن العمل السياسي في بلادنا تسيطر عليها نظرة ضيقة ترفض التعاون مع أي قوي أخري أو أفراد ذوي عقائد مختلفة وأراء متباينة ، الأمر الذي يعوق تعبئة الجماهير الغفيرة من أجل المعركة . إننا نطالب بالتخلي عن تللك النظرة والحرص علي التعاون مع كل القوي والأفراد الذي يوافقون علي الدفاع عن أرض الوطن . إن مطلبنا هذا ليس جديدا علي بلادنا , ففي عام 1956 وأثناء العدوان الثلاثي كانت كل القوي المختلفة بما فيها الشيوعيين تعمل معا تحت قيادتكم في مواجهة العدوان . كما أنه لا يجب أن يحكم نظرة القوي المسئولة عن العمل السياسي في بلادنا التمسك بلا ضرورة بأي أشكال تنظيمية قائمة ثبت عدم قدرتها علي التعبئة والحشد . ولقد سيق أن صرختم بانكم تفكرون بأنه يمكن أن يتم العمل السياسي في بلادنا عن طريق حزب أو أكثر من حزب . إن ما نريد أن نقوله في هذا الموضوع هو المطالبة بطرحه للنقاش من جديد بلا قيد إلا مصلحة الشعب واحتياجات المعركة . وما يهمنا أن نؤكده في هذا البيان هو أننا نطالب بحرية الشعب في التنظيم والاجتماع والنشر حتي يمكن تعبئة الجماهير وتوحيدها وإثارة حماسها في المعركة .

السيدالرئيس

إن استمرار المعتقلات التي كانت مفتوحة قبل يونيو 1967 والتي ما زالت تستقبل حتي ألآن أعدادا جديدة من المعتقلين هو قيد علي حرية الشعب . إن سياسة الاعتقال التي تسير عليها السلطات اليوم هي سيف يشهر في وجه الشعب ، وفي وجه كل من بفكر في انتقاد الأوضاع الفاسدة في بلادنا ، إننا نعارض هذه السياسة لسببين :

أولا : إن اتباع سياسة الاعتقال لمدد طويلة يخلق جوا من عدم الثقة والارهاب وسط جماهبر الشعب وينشر السلبية ويعوق حركة الجماهير كما أنه يخلق مناخا مناسبا لتحرك القوي المضادة والعميلة .

ثانيا : إساءة استخدام شعار ” الثورة المضادة ” : ونحن نوافقكم علي ما اعلنتموه في لقائكم بمكتب تحرير الطليعة أثناء زيارتكم لجريدة الاهرام بأن ” قوي الثورة المضادة ” ليست بالحجم الذي تناقش به والمبالغ فيه . إن القوي المضادة تختلف من مرحلة لأخري طبقا للهدف المطلوب تحقيقه ونوع العدو الذي نحاربه ونري أن القوي المضادة اليوم في بلادنا هي القوي التي تعوق أساسا تعبئة شعبنا في المعركة ، هي تلك القوي التي تتشبث بالأساليب الفاسدة التي كانت تمارس قبل النكسة ، هي تلك القوي التي تريد أن تستغل ظروف النكسة والاخطار الموجودة لتعمل علي اسقاط النظام . وإزاء هذه القوي لا يوجد سوي العمل السياسي والشعبي الواسع وسط الجماهير ، هو السبيل الوحيد للقضاء علي خطرها . إننا نقف ضد سياسة الاعتقال ونري أن يقدم للقضاء أي فرد أو مجموعة تتآمر علي مصلحة وأمن البلاد .

إننا لا نغالي إذا قلنا أنه لن يكون في بلادنا عمل سياسي جماهيري إذا لم تتوافر للشعب أوسع حرية وديموقراطية ، إذا لم تلغي سياسة الاعتقال ، إذا لم تتحول دولتنا إلي دولة ديموقراطية .

السيد الرئيس

سنضع أمامكم مثلا عن كيف تتناول القوي المسئولة والمحتكرة للعمل السياسي في بلادنا مشكلة كمشكلتنا . نحن شيوعيون منا من مارس العمل السياسي قبل عام 1952 . ومنذ قيام ” ثورة 23 يوليو ” ونحن لمدة 17 عاما وما زلنا نساند النظام الحالي ولكن لنا انتقادات أساسية عليه وعلي الأساليب الخاطئة في حكم البلاد ومنذ عام 52 ونحن نواجه الاضطهاد والتعذيب ومنا من تعرض للموت أكثر من مرة في السجون والمعتقلات ، ورغم ذلك فقد ثابرنا بدافع من فهمنا لمصلحة الشعب والوطن علي الاستمرار في مساندة النظام الحالي وممارسة النقد قبل أخطائه . ولقد سعينا من جانبنا للعمل مع هيئة التحرير والاتحاد القومي والاتحاد الاشتراكي ، رغم ما لدينا من اعتراضات علي اسلوب عملهم وطريقة تكوينهم . وفي معركة الانتخابات الأحبرة عام 1968 تعاونا بشكل ايجابي مع مرشحي الاتحاد الاشتراكي وكمثل في دائرة عابدين والجيزة وغيرهما من الدوائر الانتخابية . كما تقدمنا بطلبات الانضمام لعضوية الاتحاد الاشتراكي ، فماذا كان الموقف ؟ الرفض والاعتقال . إن سياسة مكافحة الشيوعية ما زالت سارية في بلادنا . فما زال قانون مكافحة الشيوعية الذي صدر في عهد صدقي عدو الشعب عام 1946 ساري المفعول بل شددت العقوبة عام 1954 . والشيوعبون المصريون محرومون من الالتحاق بالجيش وبعض الوظائف كالنيابة والجامعة والاذاعة والتدريس…الخ وما زال الشيوعيون المفرج عنهم عام 1964 يحاربون في أرزاقهم فمنهم من أعيد إلي عمله بمرتب ضئيل عقوبة له علي نضاله من أجل الشعب والاشتراكية ، ومنذ 1964 وبعد الافراج العام عن الشيوعيين المعتقلين والمسجونين ،لم تتوقف سجون ومعتقلات مصر عن استقبال الشيوعيين . ولا يكتفي باعتقالهم في ظروف معيشية تضر بصحتهم وتحت الاشراف المباشر لجهاز المباحت العامة ، بل أن بعضهم يحارب في رزقه بالفصل من العمل . إن سياسة معاداة الشيوعية يجب أن تختفي من بلادنا . فالشيوعيون المصريون قد أثبتوا بالقول والعمل أنهم وطنيون . لقد شاركوا في قيام ” ثورة 23 يوليو ” وساندوها ضد أعدائها رغم ما نالهم علي أيدي أجهزنها من اعتقال وتعذيب واستشهاد وساهموا في دحر العدوان الاستعماري الثلاثي عام 1956 . إن المعركة التي تخوضها بلادنا ، والوحدة الوطنية العظيمة التي يسعي المخلصون من أبناء هذا الوطن أينما كانت مواقعهم لتحقيقها لتتطلب دفن سياسة معاداة الشيوعية والافراج عن المعتقلين الشيوعيين .

إننا نناشدكم بصفتكم المسئول عن قيادة المعركة أن تذللوا كافة العقبات أمام وحدة كل القوي الوطنية والثورية بما فيها الشيوعيين وتمكينها من الاشتراك في المعركة . لقد استطاعت بلادنا بعد النكسة أن تصمد وأن ترفض الخضوع للعدو الأمريكي الاسرائيلي ، وقواتنا المسلحة التي نرسل إليها بتحياتنا وتقديرنا من خلف الأسوار تقف صامدة علي ضفة القنال . أما العمل السياسي ، العمل الشعبي ، تحويل شعبنا إلي شعب مسلح يعرف كل فرد فيه دوره في المعركة فلم يتم فيه شئ يذكر . بل أن هناك من يضعون العقبات سواء بالقول أو بالعمل ويعرقلون انجاز هذه المهمة الرئيسية ، معرضين بذلك بلادنا للخطر . ونحن نأمل في ان يقدم اقتراحكم الخاص بتكوين ” لجان المواطنين من أجل المعركة ” الصيغة الملائمة التي تكفل تعبئة الشعب وتسليحه وإعداده للمعركة .

ومهما كانت نظرتنا للديموقراطية والحرية ، وانتقاداتنا حول العمل السياسي في بلادنا ، فإننا نرحب بهذا الاقتراح ونطالب بأن تنشأ ” لجان المواطنين من أجل المعركة ” بعيدا عن الأساليب البيروقراطية والبوليسية وألا تكون مجرد اضافة شكلية إلي اللجان القائمة فعلا .إنها يجب أن تكون لجان شعبية حقا تتمتع بثقة الجماهير. إن المطلوب هو دعوة الجماهير وتشجيعها في ظل مناخ ديموقراطي صحي وحريات واسعة لتكون هذه اللجان دونما قيود تنظيمية أو شروط عضوية مسبقة إلا شرط واحد هو الدفاع عن أرض الوطن. إن هذه اللجان يجب أن تتسع لتشمل كل فرد وكل قوة في بلادنا قادرة علي أن تبذل جهدا في المعركة ،وأن يكفل في داخلها حق الانتقاد وحريته وأن يتاح لها فرص لتلعب في المستقبل دورا علي نطاق البلاد كلها . إن ” لجان المواطنين من أجل المعركة ” يجب أن تكون الاطار الذي يحقق الوحدة الوطنية الحقيقية ، وحدة صلبة ضد العدو المشترك من أجل النصر .

السيد الرئيس

إن النتيجة النهائية للمعركة تتوقف علي الاعداد السليم والثوري لها . ونحن واثقون من أن شعبنا علي استعداد لأن يبذل الدم والجهد والمال وكل شئ من أجل النصر . وباعتباركم المسئول عن قيادة المعركة فإننا نثق في أنكم ستعملون علي تجنيب شعبنا المعارك الجانبية والصراعات الداخلية ، بتوحيد كل القوي والافراد الراغبين في الدفاع عن أرض الوطن ، بتحقيق الديموقراطية والحرية للشعب . إن الشعب الموحد والمسلح والحر هو وحده القادر علي تحقيق النصر .

وتفضلوا يقبول وافر احتراماتنا .

13 / 10 /1969

أحمد أحمد سليم – محمدعوني صادق – علي محمد الصباغ – محمد عباس فهمي – خليل محمدالآسي – محمد حسن المنشاوي – محمدخالدعبدالله – زكريا امام رجب – محمدعلي فهمي فخري – محمدسعدهجرس -عبدالمنعم سعودي- محمدطاهرالبدري – عيداروس القصير

اترك تعليقاً