الأرشيفصهيونياتعربي وعالمي

عنصرية الصهيونية – د. غازي حسين

استغلت الصهيونية “الديانة اليهودية” وسخرّتها لخدمة مصالحها و مصالح الاستعمار . واعتمدت عليها كركيزة أساسية في زعمها أن اليهودية”قومية” لتحقيق المشروع الصهيوني في الوطن العربي . واستندت إلى العديد من الأساطير والأكاذيب والمفاهيم العنصرية منها:

  • أسطورة شعب الله المختار وخرافة أرض الميعاد من النيل إلى الفرات .
  • خرافة أن اليهودية قومية وليست ديانة فقط.
  • خرافة وجود شعب عالمي يهودي واحد , وأمة يهودية عالمية وعرق يهودي نقي .
  • خرافة الشتات و الحنين إلى صهيون وأبدية معاداة اللاسامية.

ورسّختْ في أذهان اليهود أنهم شعب الله المختار وأنقى الأعراق وأذكاها والنخبة بين بني البشر .

تأثر موزيس هيس الذي يطلقون عليه نبي الصهيونية بأفكار الفيلسوف فريد ريش بيتشـه وهربرت سبنسر حول عدم اندماج الأصناف المختلفة .ونادى هيس بمقاومة اندماج اليهود في الشعوب الأخرى.

واستغل تيودورهرتسل مؤسس الصهيونية كحركة سياسية عالمية منظمة وآحاد عام فلسفة نيتشه العنصرية .واخذ هرتسل منها ومن الأساطير التوراتية تمجيد القوة , ووضع القوة فوق الحق,في حين اخذ منها آحاد عام “نظرية النخبة” واستبدل الآري فيها باليهودي .

تبنى الرّواد والمؤسسون الصهاينة “العنصرية الألمانية” ولكنهم استبدلوا العنصر الآري المتفوق فيها بالعنصر اليهودي النقي و الذكي و المتفوق ,والذي خُلق العالم ومن فيه من أجله.والتقوا مع الحركات السامية و العنصرية الألمانية في مقاومة اندماج اليهود وعزلهم وحملهم على الهجرة إلى فلسطين .

وشكّل هذا التلاقي و التشابه الفكري و النظري الأرضية المشتركة للتعاون العملي بين النازية و الحركة الصهيونية لتنظيف ألمانيا وأوروبا من اليهود و تهجيرهم فقط إلى فلسطين العربية .

وبالتالي يمكن القول إن عنصرية الصهيونية لها جذور أقدم بكثير من جذور النازية و الحركات العنصرية التي ظهرت في أوروبا في القرن التاسع عشر , وتعود جذورها إلى التوراة و التلمود .

إن اليهودية ديانة وليست قومية ,واليهود لا يشكلون امة واحدة , أو شعبا عالميا واحداً,ولا يشكلون مجموعة عرقية نقية ,ولا وجود على الإطلاق لعرق يهودي نقي ,وإنما هم من أجناس وشعوب شتى. واثبت علم السلالات أن اليهود لا يمثلون عرقاً نقياً شانهم في ذلك شأن المسلمين و الكاثوليك و البروتستانت .

وعندما يحلل المرء كتاب هرتسل “دولة اليهود” ومذكراته وكتاب تاريخ الصهيونية لسوكولوف يستنتج منها :

  • اليهود أنقى أمة بين الأمم في العالم .
  • ستكون دولة اليهود حضناً للتفوق الحضاري في مواجهة الهمجية الآسيوية.
  • تقوم العلاقات بين الشعوب والأمم على القوة, والقوة فوق الحق
  • لايستطيع اليهود العيش مع غير اليهود ,فالمجتمعات غير اليهودية معادية لليهود .
  • ترحيل غير اليهود من “اسرائيل” وجعلها دولة يهودية نقية خالصة عنصرية ولجميع اليهود في العالم.

وأكد المؤسسون الصهاينة أن دولة اليهود(العنصرية) ستكون بمثابة الخط الدفاعي الأمامي لأوروبا في مواجهة البربرية الآسيوية . وأسست الوكالة اليهودية شركة الكيرن كيمت للأراضي و التي جسدّت عنصرية اليهودية في ميثاقها , حيث ينص احد بنوده :” إن الأراضي التي تملكها ملك لليهود ولا يجوز بيعها للعرب”.

وهي من اكبر المؤسسات العنصرية في الكيان الصهيوني حتى اليوم .

رفع الصهاينة و المستعمرون اليهود في فلسطين شعار العمل العبري.وأصبح هدفهم تهويد الأرض وتهويد العمل في الأراضي و المؤسسات اليهودية .

وانتقلت عدوى العنصرية من المنظمة الصهيونية و الشركات و المؤسسات اليهودية إلى الأحزاب الصهيونية وخاصة حيروت والماباي .وبلور حزب الماباي (حزب العمل اليوم)موقفه العنصري على الشكل التالي:

” إن الحقوق في ارض “إسرائيل” أي فلسطين العربية تعود لليهود الذين يسكنونها ولكل يهود العالم الذين ينوون القدوم إليها, بينما يملك العرب الفلسطينيون حق السكن فيها فقط , ويفقدون هذا الحق في اللحظة التي يتركون فيها البلد” .

واعتبر الحزب أن السيادة على فلسطين تعود لليهود فقط , لذلك يجب ترحيل العرب منها.

وتجّلت عنصرية الصهيونية بأجلى مظاهرها بالمقولة التي رفعتها وهي أن “فلسطين ارض بلا شعب لشعب بلا ارض ” وانطلاقا من هذه المرتكزات العنصرية حض القادة الصهاينة المستوطنين اليهود في فلسطين على مقاطعة العرب . ورفعوا اللافتات التي حملت العبارات التالية :

  • لاتشتروا بضائعكم من التجار و الحوانيت العربية.
  • لاتشتروا شيئا من  البقال أو بائع الفواكه العربي .
  • لا تعالجوا أسنانكم عند طبيب عربي .

وعملوا على غرس الأراضي الفلسطينية بالمستعمرين اليهود بمساعدة أول مندوب سامي بريطاني وهو هربرت صموئيل وترحيل العرب منها وعدم استخدام العمال العرب في المشاريع اليهودية .

واتفق الصهاينة جميعهم في الرأي على معاداة العرب ووجوب ترحيلهم وتهويد فلسطين و السيطرة على المقدسات العربية الإسلامية و المسيحية وتغيير الهوية العربية الإسلامية.

وجاء في مذكرات هرتسل إن إقامة “دولة اليهود” تحقيق جزئي لمحاولة الرجل الأبيض إدخال حضارته الغربية إلى الشرق المتخلف . وكتب في رسالة بعث بها إلى دوق بادن (في ألمانيا)انه إذا كانت مشيئة الله أن نعود إلى ارض آباءنا التاريخية ,فإنا نود أن نعيش كممثلين للحضارة الغربية وسندخل النظافة والنظام وعادات الغرب الأصيلة إلى هذه البقعة الفاسدة من الشرق التي تفترسها الأوبئة.

وخاطب حاييم وايزمان زعيم المنظمة الصهيونية العالمية الحكومة البريطانية ووعدها في حالة تأييدها للهجرة اليهودية أن يقوم المستعمرون اليهود بحماية المصالح البريطانية في قناة السويس .

اعتمدت الصهيونية على طبيعتها العنصرية وتهجير اليهود إلى فلسطين بمساعدة الحركات اللاسامية و النازية وبالتعاون معها و ترحيل العرب وإجبارهم على التوطين خارج وطنهم  وعلى الاستعمار الاستيطاني بالاستيلاء على الأراضي و الممتلكات الفلسطينية لإقامة دولة اليهود كأكبر غيتو يهودي عنصري في قلب الوطن العربي و المنطقة الإسلامية معاد لشعوب المنطقة و كحليف للامبريالية .

إن الصهيونية اشد خطراً من النازية ومن جميع الحركات العنصرية الأخرى لأنها أضفتْ على عنصريتها وعلى أهدافها العنصرية و الاستعمارية طابعا دينياً مقدساً ورفعتها إلى مرتبة القداسة .

وأخذت أهم مرتكزاتها العنصرية من اليهودية كأسطورة شعب الله المختار, وشعب الكهنة وارض الميعاد, وعودة اليهود إلى ارض الميعاد التي تحدث عنها الرئيس بوش في خطابه أمام الكنيست في 15 أيار 2008 يوم النكبة .

إن عنصرية الصهيونية التي تقوم على أساس تفوق اليهود أي على التفوق والاستعلاء و النقاء والانغلاق العنصري, وعزل اليهود ومقاومة اندماجهم وتهجيرهم إلى فلسطين , و ترحيل العرب منها وتهويدها عدوة للعرب و اليهود وحقوق الإنسان وابسط المفاهيم الحضارية والإنسانية وخطيرة على النمو و التطور والازدهار والاستقرار في المنطقة و في العالم اجمع.

فالصهيونية اخطر وأشرس الحركات العنصرية التي ظهرت في تاريخ البشرية ونجحت في إقامة كيان عنصري وأقامت فيه مجتمعا عنصريا مدججاً بجميع أسلحة الدمار الشامل واحدث الأسلحة التقليدية ويقوم على أساس التمييز العنصري بين اليهود وغير اليهود , بين اليهود و العرب, وبين اليهود الغربيين و اليهود الشرقيين .

وأصبحت العنصرية في الكيان الصهيوني سياسة رسمية تجسدت وتتجسد باستمرار في قوانين وممارسات تجاه شعبنا العربي في الداخل و الخارج .

إن مذهب الصهيونية هو الأساس للأيديولوجية و السياسة الإسرائيلية كما جاء في ما سمي ببيان الاستقلال, وبالتالي أصبحت العنصرية و التمييز العنصري عقيدة رسمية للكيان الصهيوني .

والصهيونية هي أيديولوجية الغالبية العظمى من يهود العالم أيضا وتخدم مصالح الاحتكارات اليهودية والامبريالية العالمية و المستعمرين اليهود على حساب حقوق ومصالح وثروات وحياة الشعب الفلسطيني وبقية شعوب المنطقة العربية والإسلامية .

تعاونت في بادئ الأمر مع الاستعمار الألماني ثم البريطاني و الفرنسي وارتمت كلية في أحضان الامبريالية الأميركية لأمركة المنطقة وصهينتها ومسح هويتها الحضارية العربية الإسلامية وإغتصاب الارض والحقوق والمياه والمقدسات ,وإقامة “إسرائيل العظمى” الاقتصادية كقائد ومركز للمنطقة من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد وأتباعهم من العرب. والصهيونية أيديولوجية عنصرية فاشية وكولونيالية ,وآخر نظم الاستعمار الاستيطاني والعنصري المتبقي في العالم.

زالت الحركات اللاسامية من أوروبا,والنازية من ألمانيا والفاشية من ايطاليا واسبانيا والعنصرية من روديسيا والبرتغال، والابارتايد من جنوب إفريقيا ومصير الصهيونية و الكيان الصهيوني إلى الزوال إن عاجلاً أو آجلاً ومهما طال الزمن.