الأرشيفالجاليات والشتات

الشهيد البطل أحمد علي محمود شريدة (أبو حديد) – المهندس علي شريدي

ولد شهيد حركة فتح (قوات العاصفة. وقوات ال ١٧) وشهيد الثورة الفلسطينية سنة ١٩٤٢ في قرة الصفصاف – قضاء صفد. أي فيما يعرف بالجليل الأعلى. تفتحت عيناه على حارات الصفصاف والعين وكروم الزيتون والتين والعنب والتبغ. اشتم انفه رائحة زيت الزيتون والزعتر. وشرب من حليب أبقار الصفصاف ومياه عين الصفصاف.
عند نكبة ١٩٤٨ كان شهيد الغدر والخيانة يقترب من الست سنوات. هاجر مع أهله الى لبنان حيث حط بهم الرحال في بنت جبيل اللبنانية مثل كل أهالي الصفصاف. كانت الاقامة في بنت جبيل فترة انتقالية قصيرة ريثما يتم اعداد مخيمات اللجوء لإقامة مؤقتة، كما كان يقال لأهلنا وكما قال أهلنا لنا. امتدت هذه الاقامة الى يومنا هذا ولم نرجع الى الوراء على طريق العودة خطوة واحدة منذ ٧٣ عاماً.
أقامت عائلة علي المسلم. أبو حسين المسلم. والد الشهيد كما كان يعرف في الصفصاف في كراكونات أو فرجونات سكة الحديد في منطقة ميناء طرابلس شمال لبنان. وهو تجمع لعدد قليل من عائلات الصفصاف مثل عائلة المرحوم جميل عبيد (أبو العبد جميل) واحد أفراد عائلة أبو الكل (جبر سعيد أبو الكل). لا نستطيع تسمية المكان بمخيم لأنه كان يفتقر الى أبسط متطلبات البنية التحتية أعلاها سقفًا الماء.
كانت عائلة أبو حسين المسلم تعمل في تحميل وتفريخ القطارات (الترينات) القادمة الى ميناء طرابلس حاملة بضائع التصدير والعائدة وهي تحمل بضائع مستوردة توزع من الشمال الى الجنوب مروراً ببيروت. كان العمل في الميناء هو مصدر الدخل الوحيد لهذه الحفنة من العائلات.
تلقى الشهيد أحمد تعليمه الابتدائي في مدرسة الميناء التابعة للانروا. ولم يكن عندئذٍ وجود لمدرسة ابتدائية بمعنى المدرسة ولا وجود لمدرسة اعدادية. ظل الحال هكذا على أسرته حتى انتقل هذا المخيم برمته الى مخيم أكتر تنظيماً وببنية تحتية أفضل هو مخيم البداوي على أطراف طرابلس الى الشمال. والمحاذي لمصفاة طرابلس التي كانت تقوم على استلام وتكرير وتوزيع مشتقات النفط القادم من العراق عبر خطوط انابيب.
كان الانتقال الى البداوي تقريباً في أواخر الخمسينات. حيث تغير نمط العمل لأسرة الشهيد أحمد من الاعتماد على عمل التحميل والتفريغ التي عمل بها الشهيد أحمد مع والده واخوته حسين وفؤاد ومحمد الى العمل اليومي في سهل عكار وأعمال البناء. فالعمل في مصنع المغدور البسكويت والاغذية. وغيرها من الأعمال اليومية في داخل مدينة طرابلس.
إما العمل في مصفاة طرابلس. حتى أعمال التنظيفات أو العتالة فكانت مقتصرة على اللبنانيين وكان ممنوع على الفلسطيني الدخول الى المصفاة بحكم كون كل الفلسطينيين المتواجدين في المخيمات يخضعون للأحكام العسكرية (العرفية) بالمعنى الفعلي. هذا في عهد الرئيس فؤاد شهاب.
عمل الشهيد أحمد في معامل الغندور في طرابلس ومعامل حجارة الباطون وأصبح معلم بهذه المهنة الى أن حدثت هزيمة سنة ١٩٦٧. فتحت الطريق الى الأردن وأصبح عمل الفدائين فوق الأرض. بدأ شباب المخيمات الفلسطينية في لبنان بالتوافد الى معسكرات التدريب في سوريا والاردن عن طريق التهريب عبر الحدود اللبنانية السورية.
التحق الشهيد احمد سنة ١٩٦٨ في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في الاردن. تلقى تدريبات عسكرية في قواعد فتح لفترة لا أستطيع تحديدها وإن كانت تقل عن السنة. عاد بعدها الى مخيم البداوي لتشكيل نواة الفدائيون كما كانوا يعرفون في لبنان.
بدأت بوادر الثورة الفلسطينية تخرج الى العلن في مخيمات لبنان سنة ١٩٧١. انتقل الشهيد احمد الى مواقع فتح في مخيم ضبية في جبل لبنان او ما يعرف بالمتن وتولى مسؤولية قيادة مجموعة مهمة تختص بالاعداد والتسليح والتدريب، الى قبل سقوط المخيم بيد القوات الانعزالية حيث كان قد تم نقله الى قوات ال ١٧ في طرابلس والبداوي وتولى مسؤولية التسليح.
لم يعد يخفى على أحد حجم الفساد الذي كان ينخر عظام فتح. والسرقات المكشوفة التي كانت معروفةعلى كل مستوايات القيادة حتى الوصول الى الرئيس الشهيد رمز الثورة الختيار أبو عمار.
حاولت بعض القيادات الفاسدة جر الشهيد أحمد الى مشاركتها في الفساد وسرقة وبيع السلاح وتقاسم السرقة. لكن أخلاق الشهيد أحمد الثورية أبت عليه الانخراط في مثل هذه الصفقات الدنيئة. أقفل الباب في وجههم مرات عدة. وكشف ما كان يجري للمسؤولين. مما دفع هذه العصابة الى إفتعال إشكال فردي مع أحد رفاقه في فتح واغتياله غدراً في البداوي تحت غطاء خلاف شخصي. تمت تصفيته غدراً في شباط سنة ١٩٧٩ تاركاً وراءه أرملة وخمسة أيتام أطفال.
حاولت العصابة ومسؤولين داخل فتح لملمة الموضوع بالصلح وترضية الأسرة بشوية فلوس ووضع الاغتيال في خانة الاشكال الفردي. ووضع القاتل بالسجن (طبعاً لفترة وجيزة الى ان يبرد الجرح كما جرت العادة داخل فتح) ولكن عائلة شريدة رفضت التسوية أو المصالحة أو اعتبار أن ما حصل إشكال فردي. تحرك المسلحون من فتح والشعبية من عائلة شريدة من عين الحلوة بالباصات وتجمعوا في أكثر من نقطة في مخيم البداوي بتهديد واضح يهدف الى السيطرة على مراكز فتح في مخيم البداوي. فما كان من قيادات عليا في فتح وبقية فصائل المقاومة في طرابلس التداعي لعقد عدة اجتماعات لتجنيب حمام دم داخل المخيم وداخل فتح وانشقاقات داخل صفوف فتح. تم الاتفاق على تسليمه الى القضاء الثوري بوجود محامين من فتح والشعبية والقيادة العامة. واتخذ القرار بالاغلبية بحكم الاعدام بعد ان تكشفت حقيقة مؤامرة الاغتيال امام بقية الفصائل. تم اعدام القاتل المجرم وانتهت اسطورة المقاتل العنيد القبضاي أحمد شريدة ( أبو حديد) كما كان يعرف في البداوي وعين الحلوة.

المهندس علي شريدة- أبو شادي

 

الشهيد البطل احمد علي محمود شريدة (أبو حديد) – المهندس علي شريدي

 

أرشيف موقع الصفصاف
وذاكرة أهل الصفصاف
www.al-safsaf.com