الأرشيفالجاليات والشتات

خالد أبو خالد: لم يرحل ويظل “يُشعل الدنيا بارود” – هيثم أبو الغزلان

قُرأت وحُفظت أشعار خالد أبو خالد، في ذاكرة الفلسطنيين والعرب، وخُطّت على جدران المخيمات وفي زنزانات العدو، كانت تُرافق أطفال الحجارة، مع كل حجر يقذفونه باتجاه جنود العدو الإسرائيلي، فمن: “وطنا غالي واللي يخون يولي”، و “هلي علينا يا بشايرنا هلي”، و”أكتب تاريخ العزة بعد المذلة”، إلى “ظليت أغني وأشعل الدنيا بارود”، و”احنا تخطينا وتعدينا هالحدود”.
فهو الذي قال “قد صرت الآن وطناً تسكنه كل عصافير الزمن القادم”.. وبهذه الكلمات الحاملات الأمل، يصف الشاعر الفلسطيني أبو خالد حاله والوطن، والأهم، هو الأمل الذي لا يفارقه..
وقد كتب على الغلاف الخلفي للأجزاء الثلاثة من مجموعته الشعرية، “العوديسا الفلسطينية” “القصيدة مفتوحة، القصيدة مقفلة، في الحالتين لتؤكد أنها غير قابلة للتأويل الغريب أو المُتغرِّب. فإما فلسطين وإما فلسطين وإما أن نكون أو نكون تلك هي المسألة، تأسيسًا على الحياة وهي كونية دائمًا، تأسيسًا على جوهر الشعر”. ليتساءل: “إذ كيف لأحد أن يُبرّر كونيته.. خارج الصراع.. إنه تواصل الأجيال في الشعراء كما في المقاتلين”.

..قبل سنتين أو يزيد قليلا، تشرّفت بلقائي مع الشاعر والفنان التشكيلي خالد أبو خالد، أكثر من مرة، وفي إحداها كان لي شرف مرافقته مع الكاتب الأستاذ علي عزيز، من صيدا إلى مخيم “نهر البارد” شمال لبنان، للقاء عدد من الكتاب والمثقفين الفلسطينيين هناك، وفي الطريق الطويلة ذهاباً وإيابًا تحدّث أبو خالد عن حياته وشعره ونضاله ما لم أسمعه عنه من قبل.. وهو القائل إن “المثقَّف الحقيقي هو الذي لا يضيِّع بوصلته ولا يغرق في التفاصيل.. عندما يكون الوطن مستهدفاً علينا الاصطفاف تحت سقفه لكي نقاتل، وكلٌّ يقاتل بأدواته”..‏
وخالد أبو خالد، كما يحب أن يُعرّف نفسه “شاعر محتشد بالوطن وبالأمة العربية من الماء إلى الماء مهموم بها يحاول أن يسهم بأداته الشعر لتشكيل رافعة لاستنهاض الأمة”..

في الختام، لقد حافظ الشاعر خالد أبو خالد على مجموعة من الضمائر، منها ضمير الأرض المقدسة وضمير والده الشهيد، أو الشهداء وضمير جده وضمير الشهيد عبد الرحيم محمود، ويقول إنه شاعر يفكر بواقعية لا تشده الأوهام. وقد حلم دائماً بولاية فلسطين في جسد الوطن العربي الواحد. فهو يعتبر أن فلسطين هي الاسم الحركي لهذا الوطن العربي، والواقعية تقول إن العدو الصهيوني هو عدو يملك برنامجاً لمشروعه،.. و”لأنني واقعي أيضاً أعرف وأعي أن الواقع ليس ثابتاً، وإنما هو متغير ومتحرك لأن الانحطاط حالة عابرة وليست ثابتة”..