من هنا وهناك

(الحاج) كيري! – رشاد أبو شاور

(الحاج) كيري! –  رشاد أبو شاور

يقال عندنا في أمثالنا: الحاج حاج والنطة العتيقة فيه، وأصل المثل أن القط ذهب للحج، ووعد ( الفئران) بأنه بعد الحج، أبدا، لن يعود لمطاردتها وأكلها.

استبشرت الفئران بوعد القط، ولما عاد مرتديا مسوح الحج، وواضعا على وجهه قناع الرضى والتقى، ابتهجت وأخذت تتقرب منه، وإن بشيء  من الحذر.

وذات يوم، نط الحاج قط على أحد الفئران الذي وفد لتهنئته بالعودة سالما، وبحجته المباركة..وفتك به، والتهمه، فكان المثل: الحاج حاج والنطة العتيقة فيه!

ما علاقة هذا بالشيخ كيري؟

وزير الخارجية الأمريكي كيري ذكرني( بالشيخ) يونس، في رواية ( مالك الحزين) للروائي المصري الراحل إبراهيم أصلان، والتي نقلها إلى السينما المخرج داوود عبد السيد في فيلم حمل اسم( الكيت كات)، وهو واحد من روائع السينما، وقد أبدع فيه الفنان الكبير محمود عبد العزيز في دور الشيخ يونس.

الشيخ يونس ضرير، وهو شخصية طريفة، صاحبة مقالب، وهو وإن كان لا يرى فهو يتمتع ببصيرة ثاقبة تعوضه عن نظره المفقود.

ذات مساء، في حفل عرس على سطح أحد بيوت الحي، وقد عرف الشيخ يونس أن ( الميكروفون) مفتوح، بدأ يروي أسرار وعلاقات، وما خفي من علاقات ( ناس) الحارة…وهات يا فضائح، وهو يضحك ويضرب كفا بكف، وكأنه لا يعرف بأن الميكروفون مفتوح على الهواء، وأن كل ناس الحارة يسمعون ما يذيعه من فضائح!

الشيخ كيري في لقاء مع إذاعة أمريكية، وكان الميكروفون مفتوحا( بهدل) نتينياهو بسخريته من حربه التي يشنها على غزة، فقال: هذه حرب بالغة الدقة، والدليل كثرة الضحايا المدنيين..هو يغمز ولا يُدين!

قيل عن ( فعلة) كيري: هو يقصد بهدلة نتينياهو ردا على تحقير نتينياهو له. هل تذكرون ما فعله نتينياهو به في إحدى لقاء جمعهما بعد تصريحاته بتبرئة الفلسطينيين من إعاقة مسيرة السلام؟!

في كل حال، كيري، وحين سألته شبكة فوكس نيوز عن كلامه الميكروفوني، برّأ ( الكيان الصهيوني ) من جرائمه، وبرر له حربه بحجة أن الحرب لتدمير الأنفاق، وإيقاف الصورايخ!

الفرق بين الشيخ يونس( والشيخ) كيري، أن الشيخ يونس بريء وطيب ويسخر من رذائل أهل حيه، بينما كيري ليس سوى وزير خارجية أمريكي لا يجرؤ على انتقاد ( الكيان الصهيوني)، ولن يكون منحازا إلاّ لهذا الكيان، فهو يمثّل سياسة الإدارات الأمريكية المتوارث للانحياز للكيان الصهيوني..أمّا زلات اللسان فيسهل لحسها بسرعة في ميكروفون مفتوح، أو في جلسات مغلقة، فعلاقة الطرفين الحليفين أقوى من أن تزعزعها كلمات عابرة في ميكروفون، لأنها علاقات تعبر عنها وتوطدها لأباتشي والإف 16 التي تمزق لحم أطفالنا، وتهدم البيوت على رؤوس أهلنا!

* الإثنين ، اليوم الخامس عشر للحرب على شعبنا في غزة..21 تموز 2014

اترك تعليقاً