الأرشيفوقفة عز

الشهيد الملازم سميح أحمد مرعي 1940-1967

سيرة الشهيد الصفصافي الضابط سميح أحمد مرعي الذي استشهد في سيناء المصرية يوم18-6-1967 ودفن في العريش.

شهيد صفصافي فلسطيني آخر هو بطل حكايتنا لهذا اليوم .. إنه الضابط الشهيد سميح أحمد مرعي الذي كان من أوائل الفلسطينيين الذين تدربوا في دورة ضباط عسكرية في بداية الستينيات من القرن الفائت في الكليات العسكرية العراقية ضمن فوج الفائيين الفلسطينيين الأول، الذي سافر الى العراق سنة 1962 لتلقي العلوم العسكرية والدورات الخاصة.

التحق الشهيد سميح أحمد مرعي ومعه الشهيد عدنان محمد حمد الذي استشهد قبله بسنة 1966، وشهداء آخرين من فلسطينيي النكبة من طلائع المتطوعين الفدائيين لأجل تحرير فلسطين بالكفاح المسلح والمقاومة. فألتحقوا بفوج التحرير الفلسطيني الأول في الجمهورية العراقية. يتضح من رسائل الشهيد لعائلته وأقاربه أنه التحق بالطلية العسكرية العراقية في بغداد سنة 1962 واستمر هناك حتى ربيع سنة 1967 من القرن الفائت. أما الصورة الأولى المرفقة هنا وهي باللباس العسكري للشهيد سميح، يعود تاريخها الى سنة 1962، حيث كان في ذلك الوقت يتدرب في الكلية العسكرية العراقية في بغداد أو في السليمانية في العراق. والصورة الثانية من مصر حيث سافر الى هناك ضمن الفوج على ما يبدو للتوجه الى قطاع غزة لبدء تدريب الفلسطينيين هناك. لكن العدوان الصهيوني في نكسة حزيران يونيو 1967 أوقف ذلك، وخاض الفوج المعارك على الجبهة المصرية حيث أسر واستشهد شهيدنا سميح أحمد مرعي. ليصبح من أوائل الشهداء الصفصافيين الذين سقطوا بعد النكبة.

في رسالة مؤرخة بتاريخ 7-7-1963 أرسلها الشهيد الى عمه أبو مرعي في مخيم عين الحلوة، كتب أنه انتقل من معسكر الرشيد في بغداد الى معسكر الفوج الثاني واللواء العشرين في السليمانية حيث معسكرات تدريب الجيش العراقي وفوج التحرير الفلسطيني. لكنه في الرسالة قام بشطب الفوج الأول وكتب أنه في الفوج الثاني واللواء العشرين في كلية الاحتياط بالسليمانية، هذا بعدما كان انتقل اليها في شهر أيار 1963. كما أبلغ عمه في نفس الرسالة أنه تزوج من فتاة فلسطينية من اللاجئين الفلسطينين المقيمين في العراق منذ النكبة سنة 1948. وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها فقد أنجب منها فيما بعد وقبل استشهاده بنتاً وإبناً، يعيشان الآن مع والدتهما في استراليا.

استشهد البطل سميح أحمد مرعي على أرض سيناء في مصر حيث كان يقاوم العدوان الصهيوني على شبه جزيرة سيناء في حرب النكسة حزيران 1967. في ذلك الوقت كان الشهيد سميح برتبة ضابط، تخرج من الكلية العسكرية في العراق.. وكان مقيماً هناك مع زوجته وطفليه. لكن عندما اندلعت الحرب على الجبهة المصرية وفي سيناء كان مع آخرين من فوج التحرير الفلسطيني الأول في مصر وتوجهوا الى جبهة القتال. خلال المعارك التي جرت هناك تم أسره من قبل القوات الصهيونية الغازية. أما كيف استشهد بطلنا الصفصافي سميح أحمد مرعي فإن استشهاده كان مميزاً ودرامياً لأبعد الحدود. فبحسب بعض أقاربه الذين يعرفون قصته وسمعوها من أحد رفاقه الضباط الفلسطينيين الذي كان اسيراً معه، فقد قالوا أن البطل الضابط سميح أحمد مرعي استشهد نتيجة انفجار لغم كان يحمله بين يديه وأدى الانفجار الى استشهاده.

بالنسبة لطريقة استشهاد الأخ سميح مرعي هناك عدة روايات نقلا عن شهود كانوا معه في سيناء في ذلك الوقت. وأنا عند التوثيق أقوم بنقل ما يرويه الرواة أو الشهود. لأنه الآن وبعد كل السنوات التي مرت من 1967 لا شهود، بل ناس يروون نقلاً عن ناس بدورهم رووا نقلاً عن شهود ربما توفيوا ورحلوا عن عالمنا وربما الناقلين الرواة أيضاً توفيوا.

واسرد بعض المعلومات نقلا عن أٌقرباء للشهيد سمعوها من الأكبر منهم سناً.

لكن رواية الأخ عمر صديق بالنسبة لي هي الأقرب للواقع لأنها منقولة عن العقيد المرحوم أحمد حنفي الذي كان مع الشهيد سميح في مكان استشهاده. والرواية هي التالية: ” الشهيد بإذن الله سميح كان ينقل ألغام مضادة للدبابات على عجل بعد انتزاعها من أماكن كانت مدفونة فيها، وكان رحمه الله يحمل لغمين بيديه وأحدهما لم ينزع منه الصاعق بعد. وبنتيجة تعرق يديه وسرعة العمل إنزلق اللغم من بين أصابعه وانفجر مما أودى بحياته .. هذا كلام تاريخي منذ عام ١٩٦٧ والله تعالى أعلم وأحكم وأنقله على ذمة من رواه.”.

في تعليق على حكاية الشهيد نشر في فيسبوك كتب السيد أبو محمد – حاتم خليل – التالي:

“رحم الله النقيب سميح مرعي احد أبطال جيش التحرير الفلسطيني.
نعم من طلائع جيش التحرير حيث التحق عام ١٩٦٣ لتكون نواة جيش التحرير وكان أبو طعان وحميد الحاج وفياض ومحمد خليل حيث انتقلوا من العراق إلى غزة وشارك في حرب ١٩٦٧ واستشهد وهو يدافع ضد قوات الإحتلال الإسرائيلي.
رحم الله الشهيد سميح مرعي بن فلسطين بن بلدة الصفصاف.”.

يقال أن الشهيد سميح أحمد مرعي دفن في العريش في مصر.

وفي رواية لزوجة الشهيد نقلتها ابنته ناديا سميح أحمد مرعي كتعليق على المقالة هذه كتبت:

“الله يرحمك يا أبي ويدخلك فسيح جنانه.
هناك اضافة تقول الوالدة أنه في وقت الحرب كان الوالد مريض وحرارته مرتفعة ولم يأخذوه الى المشفى وحكوا له أن يقوم بنزع الألغام، فكان رده أن هذه ليست شغلته، لكنهم أجبروه على فعل ذلك وأنفجراللغم ولم يبقى له أثر.
وقبل ذلك عندما تم أسره، كان ابن المختار أبلغ عنه وعن الضباط الذين كانوا مختبأين عند المختار (لا اعرف مختار أي منطقة). ابن المختار وشى بهم عند اليهود. فقبضوا عليهم من دارالمختار وأخذوهم أسرى. وبعد ذلك أجبروهم على نزع (شلع) الألغام وحدث ماحدث وانا لله وانا اليه راجعون وحسبي الله ونعم الوكيل”.

لا بد للأجيال الصفصافية وللأجيال الفلسطينية الشابة والناشئة ان تتعرف على سيرة هذا الشهيد الضابط الشجاع والمقدام، الذي رفض متاع الدنيا وقرر العمل لأجل تحرير فلسطين كل فلسطين. لي الشرف أن أكتب ما سمعته وعرفته عن سيرته العطرة، التي تكللت بالشهادة في مواجهة الصهاينة. فمثل هؤلاء الأبطال هم قدوة للأجيال الشابة التي تنتظر دورها في مواجهة العدو وعملية تحرير فلسطين كل فلسطين.

المجد والخلود للشهيد الملازم سميح أحمد مرعي ولكل شهداء شعبنا وأمتنا وقضيتنا ونضالنا.

 

نضال حمد

30-4-2021