facebookالأرشيف

تحرير المرأة من التأنيث. أين تتفق سيداو والخليل – د. عادل سمارة

(حلقة 2 من 2)

سيداو والأرض المحتلة:

 

“بئس قوم هنا، وسيداو هناك حيث يُعلون على العقل المؤخرة ويعبدون أقبح جزء في المرأة”

ما ورد في الحلقة الأولى لا يدفعنا لرفض كل ما اتت به سيداو على أن يكون الحق لكل امرىءٍ في رفض ما يراه لا يتطابق مع حقوقه كإنسان وليس مع مصالحه أو حتى ثقافته. وهنا يصل الفارق درجة أن يكون فالقاً.

وهنا، ايضا، لا مجال للقول المديد، ولكن:

أوسع واسخن الرد بحقد ضد سيداو هو من: كبار السن وكبار الملاك!إنه راس المال آخر وليد للملكية الخاصة.

هذا يفتح على حقيقتين خطيرتين في الأرض المحتلة:

الأولى: أن أكثر وأوسع “نشاط” اقتصادي سلبي في الأرض المحتلة هو الاستثمار في سمسرة الأراضي والعقارات وخاصة بعد اتفاقيات اوسلو.

والثانية: إن أفظع الجرائم في الأرض المحتلة هي ضد المرأة وخاصة على الإرث وحرمان المرأة وبالطبع تغطية كثير من هذه الجرائم التي هي اسرية، تغطيتها بمزاعم الشرف، وكثير من ما يتعلق “بالشرف” هي أساساً اغتصاب أسري!

يقف كبار السن ضد سيداو، رغم إصلاحيتها، لأنهم هم الذين يملكون وبالتالي فأية تقوية للمرأة هي انتقاص من مصالحهم وهيمنتهم المتخلفة ثقافيا التي يورثونها لورثتهم من الذكور فقط أو غالباً. وكلما كانت أملاك الكبير في السن أكثر كلما كان ذكوريا أكثر وضد المرأة بشكل أفظع. ومن يذهب إلى المحاكم والكاتب العدل يرى العديد من النساء اللائي أُتي بهن ليتنازلن عن ميراثهن، وكثيرات منهن لا يعرفن عن ما يتنازلن.

يتحدث الكبار باسم كل المجتمع بمن فيه النساء والشباب.

جدير القول بأن كل من الشباب والمرأة لا يملكون وبالتالي لا يتحمس الشباب خاصة ضد المرأة لأنها لا تنازعهم الكثير وتحديداً في الأملاك، إلا في حالتين:
• كون الشباب الذكور هم المرشحون للوراثة • أو كونهم من قوى الدين السياسي التي في دولتهم الدين-سياسية الراسمالية المتخيلة، بل حتى الريعية ـو الراسمالية المحيطية في أرقى الأحوال، ستبقى المرأة في المنزل.

هذا مع أن مثلهم الأعلى، أي خلافة بني عثمان هي دولة تعتاش إلى حد كبير على دعارات ثلاث:

1- السياحة في جوهر الدعارة حيث اباح اردوغان منذ 2004 كل من الشذوذ الجنسي والزنى.

2- الانفتاح الاقتصادي لتحقيق ما يسمى المعجزة حيث غدت تركيا ورشة لأوروبا حيث الأجور الرخيصة.

3- تتسلح تركيا من أعدى مؤسسات التاريخ اي الناتو وتقيم علاقات أخوية مع الكيان الصهيوني .

يتحمس ، في مستوى ما، كبار السن وأصحاب كبار الملكيات ضد سيداو لأنهم متزوجون من جهة وربما عدة زوجات، ولكن ايضا لكثير منهم علاقات خارج الزواج وخاصة الذين لديهم المال والسيارات الفارهة وأكثر من بيت ويسافرون كثيرا. وبالتالي، فالعلاقات خارج الزواج ليست محصورة في عدم المتزوجين مما يعني أن ربط ذلك بالعزوبية ليس صحيحا في أغلب الأحيان.

وهؤلاء، رغم ثقافتهم التقليدية وحتى أعتق، إلا أنهم لا يُعطون وزنا للثقافة والتربية. فالبيوت التي تُحسن التربية لا تخشى على بناتها ولا حتى اولادها وتثق بخياراتهم الزوجية، بينما حينما يختار الكبار زوجات لأولادهم: (خطبنا له إبنة فلان) ، هم الذين يختارون وليس الأولاد، وكأنهم هم الذين يتزوجون. ويختارون بالطبع فتيات صغيرات العمر وربما لأسباب عائلية لبقاء الأملاك في العائلة، وهم يعلمون أن الأبناء حين يرثونهم يرثون ايضا مقومات تعدد الزوجات أو القدرة على الإنفاق على علاقات خارج الأسرة، وفي أحيان كثيرة يعرفون ذلك ويباركون “فحولة” الأبناء!

بمناسبة السفر، فكثير من اثرياء العرب، وربما الخليل، يسافرون إلى تركيا وجنوب شرق آىسيا للمتعة. أما برجوازية الغرب فهي التي وضعت كل ما يتعلق ب “حقوق المرأة” ولكنها هي نفسها التي تمتعت بعد هزيمة الاشتراكية في روسيا بملايين الروسيات اللواتي أطلق عليهن “فراشات الليل” ولم يتحسن وضعهن إلا بعد سقوط يلتسين. حصلت الظاهرة في شرق أوروبا بعد الاشتراكية لكن لم يحصل صَوْن فراشات الليل. أي ان حامي المرأة في الغرب الرأسمالي حراميها. طبعا جلبت النخاسة فراشات الليل إلى خليج النفط، والكيان الصهيوني والأرض المحتلة.

لا أود القول، ما من أحد، بل اقول ليس سهلا على أحد إرغام المتعلمة بوعي على الزواج دون قناعتها، بينما القاصر يمكن خداعها “بلمعان قلادة ذهب”. لا أحد يرغم اسرة واعية على تزويج ابنتها لا باكرا ولا بغير قناعتها.

ليس المطلوب من أهل الدين السياسي التطبيع مع سيداو، إذا كان الخلاف حقيقياً، أو محددا بينهما ولكن لماذا التطبيع مع الكيان وعدم التطبيع مع المرأة. خذوا مدينة الخليل، هل بها مقاطعة لاقتصاد الكيان، طالما “الثورة” هناك ضد سيداو؟ هل هناك ما يعلو على التجارة والربح؟
أذكر عام 1994 ندورة في معهد البوليتكنك في الخليل بين اقتصاديين مع بروتوكول باريس، ولا أتعس، وآخرين ضده. بدأ الحديث د. عاطف علاونة، باعتباره من المشاركين في المحادثات، وحيث تجاوز الوقت المسموح له، ناوله سامي خضر الداعي للحيث قصاصة بأن وقته انتهى فغضب د. عاطف وقام ليخرج. العجيب ان الذي منعه هم التجار والراسماليون عموماً لأنهم يريدون أن يعرفوا كيف سيتاجرون بلا قيود. المهم لم يُعرب اي واحد عن رفضه لا لأوسلو ولا لبروتوكول باريس! كانت الأسئلة عن فرصة الاستيراد والتصدير اي لم يرفضوا التطبيع وبينهم كان الكثير من الأحزاب ذات الدين السياسي. وبالمناسبة كان الصديقان د. علاونة و د. عمر عبد الرازق وهما من قوى الدين السياسي من المشاركين في إعداد كتاب عن التجارة بين المحتل 1967 والكيان ضمن فريق من اقتصاديين فلسطينيين واردنيين ومصريين وصهاينة بإشراف ستانلي فيشر الاقتصادي اليميني من المصرف الدولي ولاحقا حاكم بنك الكيان. الورشة كانت في جامعة هارفارد وعنها صدر الكتاب، ومن يقرأ بروتوكول باريس يجده نصا شبه حرفي للكتاب من هارفارد.

إذن، لا تختلف قوى الدين السياسي وراس المال في الجوهريات مع سيداو.

كما كتبت قبل ايام رفضا لترويج سيداو لأمور المثلية…الخ، لأن هذه اساساً امور جسمانية شخصية فقط لا خاصة ومن يُمنع علانية يمارسها سرا من عهد آدم، فهي مسألة لا يمكن ضبطها ومن فائض الوقت الانشغال بها. وهنا نعود للثقافة والتربية مجددا. يمكن حول هذا الرجوع إلى مقالتنا (في المثلية الجنسية واستعمار

استيطاني اقتلاعي عادل سمارة في الرابط التالي من مجلة كنعان)

 

https://kanaanonline.org/…/%d9%81%d9%8a-%d8%a7%d9%84%d9%85…/

 

وهنا ننتقل إلى ما هو افظع، فليس أكثر من اثرياء معظمهم من قوى الدين السياسي الذين يسافرون إلى تركيا وينبهرون بها رغم انها:

• أكثر الدول “الإسلامية” التي يحكمها حزب دين سياسي انفتاحا جنسيا إلى مستوى الدعارة
• وربما الدولة الإسلامية الوحيدة التي تساوي المرأة بالرجل في الميراث الذي يرفضه هؤلاء(طبعا السماح بهدف كسب الأصوات).

• وأكثر الأنظمة التي تزعم قيادة وتمثيل الإسلام
• وأكثر الدول التي تخدم الكيان الصهيوني
• وأكثر عملاء العدو خدمة “للناتو”

أليست العلاقة مع تركيا هي تطبيع مرفوع إلى قوة ألف!

ترى، ألم يسمع أهل الدين السياسي ، أحزابا وتجارا ومالكين واثرياء…الخ بجهاد النكاح؟ هل يؤمنون به؟ أم آمنوا به لأنه عثماني وضد سوريا بما هي آخر مواقع الصمود العروبي ؟ حول جهاد النكاح انظر كتابنا:

https://kanaanonline.org/…/%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b5-%d8%a7%…

 

هناك حملة من قوى الدين السياسي ضد منظمات الأنجزة ولكن ليس من باب رفض التطبيع ولا من باب خطورة المال المسموم، بل من باب رفضهم للحقوق البسيطة التي يقدمها هؤلاء للمرأة ولا سيما التي تدفع باتجاه لبرالي وحداثي.

أخيرا، لا سيداو ولا العثماني ولا الدين السياسي ولا التطبيع ولا الأنجزة، المسألة هي العروبة العلمانية والإشتراكية لتحرير الأرض والإنسان وخاصة تحرر المرأة.

إعفونا من عفنكم وكذبكم.
رابط كتابنا “تأنيث المرأة”

https://kanaanonline.org/…/%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b5-%d8%a7…/

● ● ●