وقفة عز

مصر الجزائر مرة أخرى

بقلم نضال حمد*

تابعت باهتمام بالغ مباريات كل من مصر والجزائر.. لذا أود أن أعبر عن شديد إعجابي بالفريقين لأنهما قدما عروضاً قوية بيضت الوجه الشاحب للكرة العربية … كما سعدت جداً بتأهلهما إلى نصف نهائي بطولة أمم أفريقيا على حساب أقوى فريقين منافسين في الدورة ساحل العاج والكاميرون… بنفس الوقت ساءني أن يكون اللقاء القادم بين مصر والجزائر في نصف النهائي، مما يعني أن أحدهما لا بد أن يودع المسابقة فيما الآخر سوف يتأهل الى المباراة النهائية حيث يلتقي مع الفائز من مبارة غانا ونيجيريا. على كل حال هكذا هو عالم الكورة له قوانينه وأحكامه ..

لا بد أن الحكم في تلك المبارة سوف يكون اللعب النظيف والفن الرفيع واللياقة وتسجيل الأهداف وكذلك الحظ الذي سوف يضحك لفريق على حساب الفريق الآخر… ومنذ الآن نقول مبروك للفريق الذي سيثبت أنه الأفضل على أرض الملعب. 

بطبيعة الحال فأن فوز أي من الفريقين سيكون نتيجة مشرفة للكرة العربية لأن الفائز عربي وسوف يلعب في النهائي أما الخاسر سيلعب على المركز الثالث. مما يعني أن أحدهما سيحتل المركز الأول أو الثاني فيما الآخر سيحتل المركز الثالث أو الرابع.  وأن يحل فريقان من بلاد العرب في أول أربعة مراكز هذا شيء كبير ونصر معنوي للكرة العربية.

لا بد من الإشادة بدور المدربين المعلم شحاتة مدرب مصر والمعلم سعدان مدرب الجزائر. فكلاهما أثبت أنه جدير بمركزه وأنه قادر على صنع الإنتصارات مع فريقه. ونأمل أن تكون المباراة المرتقبة يوم الخميس مباراة تصالحية بين الفريقين وبين الجمهورين، فالكرة توحد عشاقها من الجماهير، بينما كَتَبَة الحكام وعبيد السلطان يستغلونها لتعبئة الجماهير تعبئة حاقدة وفي غير محلها ولأهدافهم الشخصية والعدوانية.  وليس أدل على ذلك من تهليل اولائك الحاقدين للتطبيع مع الصهاينة في بلادنا العربية. فهم بنفس الوقت يمارسون التطبيع السياسي والاقتصادي والإعلامي والثقافي وحتى الرياضي، فيما يدعون لقطع العلاقات بين الأشقاء والأهل … بين العربي والعربي بسبب لعبة كورة. هؤلاء المماليك أولاً لا يشرف العرب أن يكونوا منهم وهم بالأساس لا يتشرفون بالإنتماء لهذه الأمة ويحاولون بشكل دائم التنكر لعروبتهم والإدعاء بأنهم من قوميات أخرى غير عربية. فهؤلاء يوم وقعت الواقعة ” الكريهة ” في أم درمان بالسودان بين منتخبي مصر والجزائر ومشجعي الطرفين، استطاعوا للأسف جر كثيرين وراءهم وادخالهم في تلك اللعبة القذرة، لعبة الشتائم والردح والتخوين والعداء بين الطرفين. والشيء الذي دعا ويدعو للأسف والحزن إنجرار بعض الشخصيات المعروفة بمواقفها القومية وراء أهل الفتنة من الطرفين.

إن مباراة يوم الخميس يجب أن تكون بداية رياضية جديدة للفريقين يثبتان ويبرهنان خلالها أنهما أهلاً لتمثيل الكرة العربية والأفريقية، وعلى الجميع تجاوز آثار الواقعة السابقة في السودان واللعب بروح رياضية عالية وبمسؤولية أخلاقية وقومية، فلاعبي الفريقين يتمتعون بتلك الروح، ولديهم مناعة قومية تستطيع أن تقف عائقاً بوجه أي مشروع فتنة جديد. وكلنا نتذكر كيف أهدى اللاعب المصري الكبير محمد أبوتريكة هدف الفوز للأهل في قطاع غزة المحاصر. وكيف صرح المعلم حسن شحاتة بأن أمنيته بعد تحقيق الانتصارات مع منتخب مصر أن يقود المنتخب الفلسطيني.. فالرياضيين العرب ليسوا كلهم كما رجل الأعمال السعودي ” علي الفراج ” مالك نادي بورتسموث الذي يعتمد في إدارة فريقه على طاقم يهودي صهيوني كامل وعلى مدرب صهيوني ولاعبين صهاينة … والغريب في هذا الأمر أن الساعد القذافي نجل الزعيم الليبي معمر القذافي سوف يصبح مالك هذا النادي … فهل لديه خطة لتسريح الصهاينة وأستبدالهم مثلاً بمدربين مثل شحاتة وسعدان وبلاعبين من منتخبي مصر والجزائر؟؟

  على مشجعي المنتخبين أن يحترموا العروبة التي تجمعهما ووحدة الدم والمصير والهدف وأن يترفعوا عن العداوات والأحقاد وأن يسدوا الأبواب أمام الفتنة وأمام الذين يريدون أن يعززوا من لغة الإنحطاط والضغينة والعداء التي سادت بين الجانبين بعد مباراة أم درمان. ولا شك أن تحقيق هذا الشيء في أنغولا يوم الخميس سوف يكون درساً مفيداً للسياسيين في البلدين. ورادعاً لكل متطاول على العروبة والعرب وعلى الشعبين والبلدين. فالشعب شيء ونظام الحكم شيء آخر. لأن الذي يقوم ببناء الجدار الفولاذي بين رفح المصرية ورفح الفلسطينية ليس الشعب المصري الشقيق الكادح والمظلوم والذي يسعى وراء لقمة العيش والكرامة المهدورة … هذا الشعب العظيم الذي لغاية اليوم مازال عصياً على التطبيع مع الصهاينة. إن الذي يبنى الجدار ويحاصر الشعب الفلسطيني كي يجعله يستسلم هو نظام الفرعون مبارك، المرتبط بشكل كامل مع المشاريع الأمريكية في المنطقة. وخير شهادة على ذلك تصريحات شالوم كوهين السفير الصهيوني في القاهرة التي عبر فيها عن بالغ سروره بالتنسيق الكبير والعالي بين النظام المصري والكيان الصهيوني. إذ اعتبر كوهين العلاقات والتنسيق بين البلدين في أفضل حالاته على الاطلاق. وأضاف كوهين: “..في القضايا السياسية نجد المصريين حاضرين ومهتمين بالمساعدة، كما أن التعاون (الإسرائيلي) المصري في المسائل الأمنية بلغ مستوى غير مسبوق“.

هؤلاء الذين ينسقون مع الصهاينة هم الذين وقفوا وراء الحملة على الجزائر وأستطاعوا أن يجدوا في الطرف الجزائري من ينجر لمثل تلك الحملة السيئة التي طالت الجميع… نأمل أن يكون لقاء الخميس فاتحة خير لإعادة ترميم العلاقات بين الطرفين … ومنذ الآن نبارك للفريق الذي سيفوز بالمباراة ويصعد الى المباراة النهائية..

 

27/01/2010