الأرشيفعربي وعالمي

إحياء قرار الأمم المتحدة 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية – د. غازي حسين

تتنافى عنصرية الصهيونية والكيان الصهيوني مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة و القانون الدولي,.والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ,والاتفاقية الدولية لتحريم إبادة الجنس البشري والعهد الدولي الخاص بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري ,والعهد الدولي بشان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ,والعهد الدولي بشان الحقوق المدنية و السياسية ومع كافة الأعراف والقوانين السماوية والوضعية .

وتجلت عنصرية الكيان الصهيوني وممارسته للإرهاب والإبادة الجماعية كسياسة رسمية في الحروب العدوانية والمجازر الجماعية التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني وبقية العرب.

لذلك اتخذت الأمم المتحدة في العاشر من تشرين الثاني 1975 القرار التاريخي رقم 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية وجاء فيه: ” إن الجمعية العامة للأمم المتحدة تقرر إن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية و التمييز العنصري “.

وأشار قرار الأمم المتحدة التاريخي إلى قرارها رقم 1904(د-18) في العشرين من تشرين الثاني 1963 الذي تضمن إعلان الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري .

وأشارت الأمم المتحدة في القرار المذكور إلى قرارها رقم 3151 (د-28) تاريخ 14 كانون الأول 1973 حول التحالف الآثم بين نظام الابارتايد و الصهيونية .

وأحاط القرار علما بقرار مؤتمر قمة رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الإفريقية في دورته الثانية عشر في 28 تموز 1975 في كمبالا والذي تضمن “إن النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة والنظامين العنصريين الحاكمين في زمبابوي وأفريقيا الجنوبية ترجع إلى أصل استعماري مشترك ,وتشكل كياناً كلياً ولها هيكل عنصري واحد, وترتبط ارتباطاً عضوياً في سياستها الرامية إلى إهدار كرامة الإنسان وحرمته.”

وتضمن القرار 3379 الإحاطة علما بالإعلان السياسي الصادر عن قمة عدم الانحياز في ليما في 30اب 1975 الذي أدان الصهيونية بوصفها تهديداً للسلم والأمن العالميين وطلب من جميع البلدان مقاومة هذه الأيدلوجية العنصرية الامبريالية  .

وعلى اثر موافقة الأمم المتحدة على القرار 3379 فقدت “إسرائيل” والولايات المتحدة الأميركية واليهودية العالمية صوابها وجن جنونها ,وقررت بالعمل الدؤوب والمستمر لإلغائه .

واتخذ الكونغرس الأمريكي قرارا ببذل أقصى الجهود لإلغائه وكذلك الكونغرس الاسترالي .

 

1

 

تشكلت اللجنة العربية لدعم القرار 3379 ردا على مساعي الصهيونية العالمية والامبريالية الأميركية لإلغاء القرار المذكور والأمر الذي رتب مسؤولية كبيرة على عاتق المثقفين العرب للدفاع عنه وفضح الطابع العنصري والإرهابي والاستيطاني للكيان الصهيوني .

وتشكلت اللجنة بقرار من الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب و الصحفيين الفلسطينيين في مقر الاتحاد بالمزة في دمشق على الشكل التالي :

  1. د.جورج جبور رئيساً .

  2. د.غازي حسين نائب الرئيس للشؤون السياسية و التنظيمية .

  3. الأستاذ إنعام رعد نائب الرئيس للعلاقات الخارجية .

  4. الأستاذ عبد الهادي النشاش نائب الرئيس للعلاقات الخارجية .

وعضوية د. عبد الحسين شعبان,الأستاذ سعيد سيف,الأستاذ صابر محي الدين ,الأستاذ ناجي علوش ,الأستاذ عبد الفتاح إدريس والأستاذ غطاس أبو عيطة .

وكانت اللجنة تهدف إلى :

  • دعم القرار3379 والدفاع عنه و العمل على تعميمه والحيلولة دون إلغائه.

  • السعي لكسب التأييد للقرار 3379 على مستوى الأمم المتحدة ومنظماتها والرأي العام العالمي.

  • فضح عنصرية الصهيونية والكيان الصهيوني على الصعيدين النظري و العملي وإبراز ممارسة “إسرائيل” للعنصرية والتمييز العنصري والإبادة الجماعية(الهولوكوست) تجاه الشعب الفلسطيني ,وإحياء الذكرى السنوية للمجازر الجماعية التي ارتكبتها وترتكبها “إسرائيل” .

  • إبراز التشابه النظري والتعاون العملي بين الصهيونية والنازية ونظام الابارتايد في جنوب إفريقيا .

  • كشف الدور التخريبي الذي تمارسه الصهيونية والكيان الصهيوني ضد حركات المقاومة والتحرر الوطني في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية .

  • المطالبة المستمرة بوقف الهجرة اليهودية وتوضيح خطرها وخطر الترحيل والاستعمار الاستيطاني اليهودي على الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني وعلى السلام والأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة العربية .

2

 

حددت الولايات المتحدة الأميركية العام 1990 لإلغاء القرار 3379 تلبية لرغبة اليهودية العالمية”وإسرائيل” ,لذلك تداعت اللجنة العربية لدعم 3379الى عدة اجتماعات لمدة ثلاثة أشهر وقررت تغيير اسم اللجنة وأصبحت تحمل اسم :”اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية و العنصرية “. وصدر عن اللجنة وثيقتان سياسيتان .وكانت الولايات المتحدة قد أرجأت عملية إلغاء القرار إلى ما بعد حرب الخليج الثانية .

وتوسعت اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية بإضافة  د.علي عقلة عرسان ,د.عبد العظيم المغربي, د.حامد خليل ,د.طيب تيزيني ود.نادية خوست إلى عضويتها .

وانتخبت الأستاذ إنعام رعد رئيسا لها ود.غازي حسين أمين سر اللجنة .

وتضمنت الوثيقة السياسية الثانية التي أصدرتها اللجنة في آذار 1994 أن الكيان الصهيوني مشروع استعماري استيطاني قائم على التعصب المقيت المستند إلى اعتقاد تلمودي مفرط في الخرافية والاستعلاء العنصري ,وان الصهيونية تستمد جذورها الأيديولوجية من ارث “الشعب المختار” الاستعلائي العنصري ,وان المشروع الصهيوني يرتبط عضويا بالامبريالية الأميركية ويهدف إلى استنزاف العرب, ثروة وموارد طبيعية وأموالا وطاقة بشرية وروحية ,وإلحاق الإحباط و التخلف بأجيالهم ,وإبقائهم نهب التمزق و قيد الهيمنة ,وهو المشروع المعوّق للتقدم و النهضة و الوحدة في الوطن العربي .

وفي السادس عشر من كانون الأول 1991 وافقت الجمعية العامة وبناء على مساعي الولايات المتحدة وباسم النظام العالمي الجديد بقيادة القطب الواحد إلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الذي يساوي بين الصهيونية و العنصرية في سابقة فريدة من نوعها (وربما الأولى) في تاريخ الأمم المتحدة و التعامل الدولي ,ما وضع “إسرائيل” وعنصريتها وإرهابها فوق الأمم المتحدة وفوق العهود و المواثيق الدولية و القانون الدولي .

واعترضت 15 دولة عربية على الإلغاء وامتنعت 7دول عربية عن التصويت منها : مصر,المغرب,سلطنة عمان,تونس ,جيبوتي,جزر القمر وتشاد .

يتكون قرار الإلغاء من سطر واحد صاغه نائب وزير الخارجية الأميركي لورانس ايغلبرغر وفيما يلي نصه:”تقرر الجمعية العامة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379 “. واعتبر العدو الصهيوني إلغاء القرار نصراً تاريخيا وهاجم الدول العربية التي عارضت الإلغاء .

وهنا يتساءل المواطن العربي لماذا لم تلتزم الدول العربية السبع التي امتنعت عن التصويت بقرارات مؤتمرات القمم العربية و الإسلامية وبالموقف العربي الرسمي والشعبي وبقرارات المجموعة العربية في الأمم المتحدة بالدفاع عن القرار ومعارضة إلغائه ؟

كيف يمكن للدول الأوروبية والآسيوية والإفريقية أن تصوت ضد إلغاء القرار عندما تجد رئيس منظمة التحرير الفلسطينية ودول عربية تؤيد فعلا الإلغاء وترحب سرا بالتخلص منه ؟

3

والمؤلم حقا إن الإلغاء جاء في وقت تصعّد فيه “إسرائيل” من عنصريتها وإرهابها واستيطانها .

تخلت الأمم المتحدة عن قناعاتها وقراراتها ومبادئها و النتائج التي توصلت إليها لجان التحقيق ولجنة ممارسة الشعب الفلسطيني للحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف بمنتهى البساطة ,استجابة لهيمنة القطب الواحد على النظام العالمي الجديد وعلى الأمم المتحدة بهيئتيها:الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي.

ومن الملف للنظر إن الأمم المتحدة عندما وافقت على القرار 3379 بررته بالعديد من القرارات الدولية الهامة التي أكدت على عنصرية الصهيونية .ولكنها عندما اتخذت قرار الإلغاء لم تبرره ولا بكلمة واحدة أو قرار واحد وإنما اعتمدت على الهيمنة الأميركية على الأمم المتحدة والنظام العالمي الجديد,لإرضاء اليهودية العالمية و”إسرائيل” .

إن عنصرية الصهيونية والنضال ضدها لم يبدأ بقرار دولي وسوف لن ينتهي بقرار دولي ,فإلغاء القرار  3379 لا يعني أن الصهيونية تخلت عن أيديولوجيتها , وان الكيان الصهيوني تخلى عن العنصرية في قوانينه وممارساته  . ولكن الإلغاء ساعد “إسرائيل” على الاستمرار بل وتصعيد سياسة التطهير العرقي والهولوكوست على الشعب الفلسطيني .

لماذا تتغاضى الدول الغربية عن عنصرية الصهيونية و الكيان الصهيوني تجاه العرب وتقيم الدنيا ولا تقعدها إذا اقتلع حجر واحد من إحدى المقابر اليهودية في ألمانيا أو فرنسا ؟

إن استمرار استغلال “الصهيونية” والدول الغربية لمعزوفة الهولوكوست النازي لتبرير الهولوكوست الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني يظهر بجلاء عنصرية العالم الغربي تجاه قضايا الشعوب العربية والإسلامية  .

لماذا تناهض الدول الغربية العنصرية في كل مكان وتسكت عن عنصرية الصهيونية الموجهة ضد العرب وتقدم كافة أنواع الدعم للكيان الصهيوني ؟

إن سكوت بل ودعم الدول الغربية لاستيطان وإرهاب وعنصرية “إسرائيل” يظهر بجلاء ازدواجية المواقف الغربية .

ويجسّد إلغاء القرار 3379 هزيمة نكراء للأمم المتحدة في تطبيق ميثاقها وقراراتها وبقية العهود والمواثيق الدولية بما فيها العهد الدولي بشأن تحريم العنصرية و التمييز العنصري على الصراع العربي الصهيوني .

4

وسهّل تهافت بعض الزعماء العرب على التسوية للولايات المتحدة عملية إلغاء القرار .

إن التنظير الذي قامت به قيادات فلسطينية وعربية حول التفريق بين صهيونية جيدة وأخرى شريرة, والاستعداد لإسقاط حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم والاستعداد لتمزيق الميثاق الوطني الفلسطيني,والدعوات لإقامة اتحاد اقتصادي فلسطيني-أردني-إسرائيلي ,والموافقة على إلغاء القرار

في المباحثات والجلسات السرية ,كل ذلك أدى إلى تشجيع الإدارة الأميركية السير في مخططها بإلغاء القرار,واضعف الموقف العربي والإسلامي والدولي في الدفاع عنه.

تتجسد عنصرية وإرهاب ووحشية”إسرائيل” في تصاعد الهولوكوست على قطاع غزة وفي معاملة الفلسطينيين داخلها وداخل الأراضي المحتلة عام 1967.وتصاعدت بعد مفاوضات مدريد وبعد توقيع اتفاق الإذعان في أوسلو ,وتزداد يوماً بعد يوم لكسر إرادة الشعب الفلسطيني والإرادات العربية والاعتراف بالمشروع الصهيوني على حساب الحقوق الوطنية و التاريخية للفلسطينيين و للعرب و المسلمين في مدينة الإسراء و المعراج وبقية فلسطين.

دعت اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية والعنصرية في بيان أدانت فيه إلغاء الأمم المتحدة القرار 3379 إلى أوسع حملة لتعرية عنصرية الصهيونية ,وسياسة الإرهاب و التمييز العنصري التي يطبقها الكيان الصهيوني ولتعزيز ثقافة المقاومة ومناهضة التطبيع و التصدي للغزو الثقافي والاقتصادي الصهيوني القادم من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد .

وبناء على دعوة من اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية أصدرت سبعة اتحادات عربية قومية مذكرة أدانت فيها إلغاء القرار واقترحت خطة عمل لمواجهة عنصرية الصهيونية والكيان الصهيوني في المجالين العربي و الدولي ,والتصدي لنظام الشرق الأوسط الجديد وإحياء التضامن العربي وتعزيز العمل العربي المشترك.

وأكد الأمين العام المساعد للجامعة العربية السيد عدنان عمران أن موافقة الجمعية العامة على إلغاء القرار الذي أصدرته عام 1975 هو سابقة خطيرة في تاريخ المنظمة الدولية لأنه يفتح الباب إمام إلغاء قرارات أخرى عديدة تمثل مكاسب لشعوب العالم بأسرها ويناقض قناعات المجتمع الدولي الذي استند في إصدار هذا القرار إلى الحقائق المتعلقة بالعقيدة الصهيونية وممارسات “إسرائيل” في المنطقة و العالم .

إن إلغاء القرار 3379 يجسد انحياز النظام العالمي الجديد ,الذي تنفرد الولايات المتحدة بقيادته,وانحياز الأمم المتحدة إلى الصهيونية و الكيان الصهيوني ,ويظهر عداء الدول الغربية للأمة العربية, ويعبّر عن استجابة الأمم المتحدة للابتزاز الصهيوني,ويضفي الشرعية الدولية على الأساطير والخرافات و الإطماع والأكاذيب والجرائم الصهيونية. ويعني إلغاء القرار تدعيم وتشجيع للاستعمار الاستيطاني اليهودي و الهجرة اليهودية وترحيل الفلسطينيين من وطنهم وطن أباهم وأجدادهم .

5

 

إن تبرئة الصهيونية من طبيعتها وجرائهما و ممارساتها العنصرية ,موقف عنصري وأبشع أنواع التمييز العنصري الموجة ضد العرب,والإلغاء سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة و التعامل الدولي ومكافأة للكيان الصهيوني على جرائمه واعتداءاته وممارساته باسم الشرعية الدولية والنظام العالمي الجديد .

نطالب بالعمل الدؤوب لإلغاء القرار الذي ألغى قرار الأمم المتحدة رقم 3379 وطرد “إسرائيل” من الأمم المتحدة و المنظمات الدولية لممارستها للعنصرية والإرهاب و الاستعمار الاستيطاني و الهولوكوست على الشعب الفلسطيني كسياسة رسمية .

6

اترك تعليقاً