الأرشيفوقفة عز

الشهيد طرزان – نضال حمد

الشهيد طرزان – نضال حمد

 حي على الصباح وحي على الكفاح.

في كل منزل فلسطيني حنظلة وحطة فلسطينية ومفتاح بيت في الوطن المحتل.

في كل بيت فلسطيني كما في كثير من البيوت العربية، المصرية والسورية واللبنانية والأردنية والعراقية والتونسية والمغربية توجد صور لشهداء مضوا على طريق تحرير فلسطين ووحدة الأمة العربية.

في كل بيت عربي وفلسطيني صورة لشهيد ولجريح أو أكثر أو لأسير أو أكثر، صوراً لوطن نحمله معنا أينما ولينا وجوهنا منذ النكبة وحتى اليوم.

نعيش في زمن صعب، ظاهره سوداوي وباطنه مُشع ومضيئ. ورغم سواد وظلام المرحلة باقون على العهد والوعد، نصون أمانة الشهداء وننقلها من جيل الى جيل ومن كتف الى كتف.

في كل مخيم تحيا فلسطين من رأسها حتى أصبع قدمها.. وتشع نضالاً من الناقورة وأصبع الجليل مرورا بالصفصاف وصفورية ولوبية وترشيحا والشجرة وسخنين وحطين وجنين، وصولا الى نابلس والخليل، كما الى أريحا حيث ريحة التاريخ الفلسطيني القديم والعريق.. والى غزة وبئرالسبع وأم الرشاش وكل البلاد.

من مخيم بعيد نمضي الى الوطن فنصل الى بحر ميت فيه حياة أكثر مما لدى قيادات فلسطينية وعربية تحيا ميتة، ولا تعرف الكرامة ولا الحياء.

حي على فلسطين الشهداء والعطاء والفداء والانتماء، حي على المؤتمنين على أمانات الشهداء

فمن هؤلاء الذي تركوا أثراً في عقولنا وقلوبنا نحن أطفال المخيم في ذلك الزمن من العصر الفدائي، شهيد لا أعرف لغاية اليوم من أي بلد أو مدينة أو قرية أو مخيم هو. ولا أعرف إن كان فلسطينياً أم عربياً. ولا أملك صورة له، سوى الصورة التي بقيت عالقة في ذاكرتي منذ عرفته ورأيته في بداية النصف الثاني من السبعينيات من القرن الفائت في مخيمنا عين الحلوة.

فمما لازلت أذكره من طفولتي في مخيمي عين الحلوة، فدائي عربي أو فلسطيني كان اسمه الحركي طرزان. هو بالفعل كان يشبه طرزان بطل القصة التلفزيونية والسينمائية التي شاهدناها وقرأنا عنها ونحن أطفالاً وفتية صغار السن.

كان شابا طويل القامة، رشيق الجسد وشعره أشقر متدلي على كتفيه.. ربما كان خرنوبي أو بني اللون يميل أكثر الى الشقار، لم اعد أذكر بالضبط. ومن العلامات الفارقة أن شاربه كان طويلا ومميزاً، وكان عادة يقود سيارة نقل عسكرية كبيرة من نوع (يونماك) تابعة لكتبية بيت المقدس. في هذا الصدد يقول الرفيق سابقاً- الشيخ لاحقاً، شقيقي جمال حمد – أبو محمد –: “أظنه كان غزاويا أو من الضفة أو فلسطينيا من الأردن. كان وجهه بشوشا دائما وكان يتمتع بهيبة الرجولة. كما أظنه كان متزوجا فلسطينية من حيّ حطين أو من جنوب مخيم عين الحلوة عموماً. فعلا ترك أثراً عندي أيضا وبقيت أسال عن قصة موته فعلمت أنه أستشهد في جبل لبنان عام 1976م. وهناك اكثر من رواية لكيفية مقتله. فعلا كان رجلا مميزا رغم أن علاقتنا معه لم تتجاوز أننا نراه حين نكون وقوفا على الشارع فقط، لكنه كان يبتسم لنا ويمضي الى الجبهات. حتى مضى ذات يوم ولم يعود. رحمه الله وغفر له.”.

بالتأكيد هناك من أطفال المخيم من لازال يتذكره. فطرزان كان فدائياً في صفوف حركة فتح كما لم يكن من سكان مخيم عين الحلوة. لكنه كان كثير التجوال على شوارع المخيم.

حقيقة لا أذكر ولا أعرف من أين جاء الى مخيمنا لكنه كان فدائياً، مقاتلاً وصل مع حركة فتح الى عين الحلوة من أجل العمل في سبيل تحرير فلسطين.

في يوم من الأيام غاب طرزان عن الظهور على الشوارع في المخيم وبقي غائباً لعدة أيام. لم أعرف لا أنا ولا أقراني من الأطفال الى أين ذهب ولا سبب غيابه. لكنني بعد أيام فهمت سر غياب طرزاننا حين شاهدت على الجدار ملصقاً لحركة فتح ينعى فيه الشهيد البطل طرزان.

استشهد طرزاننا الفدائي في معارك تحرير جبل لبنان من الانعزاليين اللبنانيين الفاشيين حلفاء الكيان الصهيوني. حدث ذلك في سنة ١٩٧٦. استشهد طرزان الفتحاوي وهو يحفظ البيان العسكري الأول لحركة فتح، الذي صدر عن قيادة قوات العاصفة، كما كان يحفظ اسمه وتلاوة الفاتحة.

في اليوم الذي تذكرت فيه الشهيد طرزان وشهداء كثيرين ممن لازالت ذاكرتي من المخيم تحمل صورهم وأسماءهم وحكاياتهم، إرتأيت أن أفضل شيء أهديه لطرزان وللشهداء وللأحياء ممن لازالوا حريصين على دماءهم وتضحياتهم ويصونون أمانتهم، وبالذات عناصر حركة فتح لأنها أكبر الفصائل الفلسطينية، ولأنها كانت القائد والآمر الناهي في منظمة التحرير الفلسطينية ولازالت. إرتأيت أن أعيد التذكير بهذا البيان لعل فيه إحياء للذاكرة المعطوبة، ذاكرة النسيان عند الكثيرين والكثيرات.

( بسم الله الرحمن الرحيم

اتكالا منا على الله وايمانا منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب ، وايمانا منا بواجب الجهاد المقدس ، وايمانا منا بموقف العربي الثائر من المحيط الى الخليج ، وايمانا منا بمؤازرة احرار وشرفاء العالم ، لذلك تحركت اجنحه من قواتنا الضاربه ليلة الجمعه ١٩٦٤/١٢/٣١ ، وقامت بتنفيذ العمليات المطلوبه منها كاملة ضمن الارض المحتله . وعادت جميعها الى معسكراتها سالمه . واننا لنحذر العدو من القيام بأية اجراءات ضد المدنيين الامنين العرب اينما كانوا ، لان قواتنا سترد على الاعتداء باعتداءات مماثله ، وستعتبر هذه الاجراءات من جرائم الحرب. كما واننا نحذر جميع الدول من التدخل لصالح العدو باي شكل كان لان قواتنا سترد على هذا العمل بتعريض مصالح هذه الدول للدمار اينما كانت . . . عاشت وحدة شعبنا . . . وعاش نضاله لاستعادة كرامته ووطنه (.

المجد والخلود للشهيد المجهول طرزان ولكل شهداء ثورتنا وقضيتنا ونضالنا الثوري لأجل التحرير والعودة والنصر.

  • للأسف لا توجد صورة للشهيد طرزان كي ننشرها مع هذه النبذة عنه

نضال حمد في السابع من فبراير- شباط 2021