عربي وعالمي

العراق ولعبة الأمم – أكرم عبيد

العراق  ولعبة الأمم – أكرم عبيد

بالتأكيد أن المشروع الصهيوامريكي ألتقسيمي الفتنوي الطائفي والمذهبي فشل في سورية وانهزم تحت ضربات الجيش العربي السورية بعد دخول الأزمة عامها الرابع من إعلان الحرب الكونية على سورية لكن تنفيذ هذا المشروع انتقل إلى العراق الحلقة الأضعف في محاولة لتصفية حساباتهم مع قوى محور المقاومة والصمود في المنطقة التي تشهد صراع محاور تتعمد بعض أطرافه توظيف خلافاتها السياسية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية لغاية صهيوامريكية مما أثار قلق ومخاوف الكثير من البلاد العربية والإقليمية بسبب الموقع الجيوسياسي المهم للعراق الذي يشترك في حدود طويلة مع إيران وتركيا ومعظم بلدان الخليج والأردن وسورية التي ستنعكس عليها تداعيات الأحداث في العراق بشكل مباشر .

 التي تحاول الإدارة الأمريكية وشركائها من الأنظمة الغربية استثمارها لفرض المزيد من الضغط على إيران في سياق المفاوضات لتقديم التنازلات بخصوص الملف السلمي النووي في سياق مفاوضاتها الصعبة معها .

لذلك فان الأحداث المتسارعة في العراق ليست معزولة عما يخطط للمنطقة من قبل الإدارة الصهيوامريكية وخاصة أن هذه الأحداث مرتبطة بشكل جدلي بمصالح وصراعات قوى محلية وإقليمية ودولية لخلط أوراق المنطقة بعد فوز تيار المالكي في الانتخابات البرلمانية بالأغلبية لكن هذه الانتخابات على ما يبدو للمراقب لم تحسم المعركة بين القوى المحلية العراقية المتناحرة والتي برزت بشكل واضح بين تيار رئيس الوزراء العراقي المالكي وخصومه في المعارضة بعد المواجهات الدامية في الانبار والتي أخذت شكل الصراع المذهبي بين أبناء الشعب العراقي من ” شيعة وسنة ” وحاول كل طرف إثبات وجوده وهيبته على الطرف الأخر لكن المعارك لم تحسم لصالح احد الطرفين وكان البعض من القوى العراقية المحلية الأخرى من مختلف الطوائف من سنة وشيعة وأكراد يحاول قدر الإمكان الاستفادة من هذا الصراع الذي لم تكن هذه القوى بعيدة عنه وان لم تشارك به بشكل مباشر لكنها حاولت الاستفادة منه لتحقيق بعض المكاسب السياسية لصالحها .

أما على الصعيد الإقليمي تعمد البعض من الأنظمة المتصهينة في المنطقة وفي مقدمتها النظام السعودي الداعم لعصابات داعش المتعارض مع النظام القطري المتحالف مع النظام التركي والإخوان المسلمين بقيادة الإدارة الصهيوامريكية والتي تعتبر المرجع الرئيس في تصدير الإرهاب والإرهابيين والتي خططت لتفجير الأوضاع في العراق من جديد معتقدين ومتوهمين أنهم من خلال الأحداث المتسارعة في العراق قد يجدون ضالتهم لتغيير موازين القوى لصالحهم من خلال عصابات داعش من اجل تحقيق ما عجزوا عن تحقيقه من البوابة السورية لتقسيم المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وعرقية بعد سيطرة الدواعش على اكبر مساحة جغرافية من الأراضي العراقية والسورية لفرض الأمر الواقع على الأرض وتقسم البلاد والعباد ولكن بمقاييس ومفاهيم صهيوامريكية جديدة .

أما على الصعيد الخارجي فكان الموقف الأمريكي متناقض ومرتبك لدرجة التردد في دعم ومساندة الحكومة العراقية بموجب اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين الطرفين.

وهذا ما يثبت بصراحة إن التناقض في المواقف الأمريكية يعتبر موافقة ضمنية لتشجيع الاقتتال في العراق لدعم الطرفين بالتسلح لتكون الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني المستفيد الأساسي من هذه الأحداث وخاصة بعدما تعاملت مع الأحداث بالمنطقة بعقلية تحريضية بين دول الإقليم لاحتوائها وخاصة بعد الإعلان عن استعدادها للتعاون مع إيران بحجة حل المشكلة العراق كما قال وزير الخارجية الأمريكية جون كيري لكن المتحدث باسم وزارة الحرب الأمريكية الجنرال جون كيربي سرعان ما نقض تصريحات كيري وأعلن أن الإدارة ليس لديها الرغبة في إجراء مشاورات للقيام بعمل عسكري في العراق مع العلم أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تكن بوارد التنسيق مع الإدارة الأمريكية لحل الأزمة العراقية لأنها تدرك أكثر من غيرها أن الأمريكان يتعمدون استثمار الإرهاب لتحقيق مصالحهم وأهدافهم السياسية مع العلم أن ما يحصل في العراق من أحداث إرهابية متسارعة قد تنعكس تداعياتها على المنطقة بشكل عام لتفجر حرب إقليمية قد تتجاوز العراق وسورية ولا يعلم بنتائجها إلا الله .

وهذا ما يؤكد حجم النفاق وازدواجية المعايير في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف سورية والعراق وربما مصر لان الإدارة الأمريكية لا تتعامل مع هذه الظاهرة كحالة معزولة ومن موقف ثابت وأخلاقي بل من الدور الوظيفي الذي يلعبه هذا النظام  أو ذاك في الاستجابة للإستراتيجية الكونية الأمريكية .

لذلك فان توصيف الإرهاب عند الأمريكان وشركائهم يختلف من بلد لأخر بقدر ما يستجيب لهذه الإستراتيجية أو يتناقض معها .

لذلك إن تدمير المجتمعات وتفتيتها بفعل الإرهاب من الداخل أصبح سياسة غربية صهيوامريكية رصدت لها مليارات الدولارات واستخدمت كل إمكانياتها التكنولوجية المتطورة من خلال بعض قوى المجتمع المدني والعلاقات العامة في بلداتها من اجل التغيير من الداخل عبر ما يسمى الفوضى الخلاقة  بعدما فشلت في إسقاط ألأنظمته بالقوة العسكرية .

لذلك فالمطلوب اليوم من المالكي أولاً قبل حكومته مراجعة مسيرته السابقة في وقفة نقدية جريئة والاعتراف بفشله في إدارة النظام السياسي في العراق بعد تغليب النزعة الحزبية على الوحدة الوطنية واستخدام سياسة المحاصصة التي عمقت الانقسام المذهبي وترافق ذلك مع فساد معظم النخب السياسية في العراق وهذا يحتاج لوقفة جادة لتغليب مصالح الشعب العراقي ووحدته الوطنية على كل المصالح الضيقة والاستجابة لمطالبه الحقيقية لحشد كل الطاقات والإمكانيات لتوحيدها في حماية استقلال وسيادة العراق وإنقاذه من الفتنة الطائفية لمواجهة الإرهاب والإرهابيين بالتنسيق مع سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد الذي تعامل مع نفس المشروع بحكمة وحنكة قادت البلاد والعباد من نصر إلى نصر وخاصة بعد تفكيك الإرهاب عبر المصالحات الوطنية وعودة المغرر بهم لحضن الوطن الأم وتغليب الوحدة الوطنية للشعب العربي السوري التي عززت وحدة المؤسسة العسكرية العقائدية وهذا درس وعبرة خلاقة من المفروض أن يستفيد منها الساسة العراقيين قبل فوات الأوان .

لذلك فان ثقتنا كبيرة بالشعب العراقي العظيم كما كانت ثقتنا بالشعب العربي السوري وسيخرج من الأزمة منتصرا سيدا مستقلا لان النصر في سورية بقيادة الرئيس بشار الأسد سينعكس على العراق والعراقيين وكل شرفاء الأمة بشكل ايجابي ليكون بداية النهاية للحروب الطائفية والمذهبية التي تعمد صناعها في الغرب الاستعماري بقيادة الإدارة الصهيوامريكية استهداف أهم ركائز الأمة من سورية إلى العراق ومصر ليضمن تحقيق أحلامهم في بناء ما يسمى الشرق أوسطي الجديد الذي انهار على صخرة صمود سورية والعراق .

 

akramobeid@hotmail.com

اترك تعليقاً