بساط الريح

القيادة الفلسطينية وضياع فلسطين – د.غازي حسين

الرحمة والخلود لشهداء فلسطين من عرب ومسلمين الذين رووا بدمائهم الذكية وأرواحهم الطاهرة أرضنا العربية والإسلامية بما فيها مدينة القدس مدينة الإسراء والمعراج وأولي القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، المدينة التي أسسها العرب قبل ظهور اليهودية والمسيحية والإسلام، وحررها رجال الصحابة رضوان الله عليهم من الغزاة الرومان.

وأصبحت عاصمة الخلافة الأموية، وعاصمة فلسطين والعرب والمسلمين.

إنني أؤكد أنه لولا تضحيات أبناء شعبنا وأمتنا والملاحم البطولية التي قدموها لما استطاعت قيادة منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية تأطير هذه التضحيات الجسام والبطولات عندما تأسست المنظمة في القدس عام 1964، وعندما انطلقت المقاومة الفلسطينية المعاصرة من العاصمة السورية دمشق وبدعم وتأييد كاملين من الدولة السورية والشعب العربي السوري.

كان يجب أن نتوقف بعد مرور قرن من النضال وحوالي 70 عاماً من النكبة المستمرة ونستخلص الدروس والعبر لمواجهة المخططات الاستعمارية والصهيونية منذ اتفاقية سايكس ــ بيكو الاستعمارية ووعد بلفور غير القانوني ومؤتمر الصلح في فرساي، ونظام الانتداب الاستعماري وقرار التقسيم غير الشرعي للمحافظة على عروبة فلسطين ومواجهة تهويدها ووأد المشروع الصهيوني في مهده.

منذ تأسيس الكيان الصهيوني عام 1948 واحتلال العدو الصهيوني فلسطين بأسرها، ومنذ الخروج من الأردن وبيروت وتوقيع اتفاق الإذعان في أوسلو كنا نخرج من هزيمة إلى هزيمة أخرى ونضلل جماهير شعبنا وأمتنا بانتصاراتنا المزعومة.

قدمت قيادة منظمة التحرير التنازل تلو التنازل وألغت الميثاق الوطني. وجعلت المفاوضات المدمرة نهجها الوحيد لإقامة دويلة فلسطينية منقوصة السيادة والأرض والسكان كمصلحة إسرائيلية وتطبيقاً للحل الصهيوني لقضية فلسطين.

ويُعلن الكيان الصهيوني أنه دولة لجميع اليهود في العالم، وأنه سيطرد فلسطينيي الداخل إلى دولتهم الفلسطينية، أي ترحيل أبناء شعبنا من الجليل والمثلث والنقب والساحل إلى دولتهم الفلسطينية والتي ربما سوف تكون في الأردن من خلال إقامة الكنفدرالية أو الوطن البديل والتوطين في بلد ثالث وبتمويل ودعم حكام الإمارات والممالك التي أقامتها بريطانيا الاستعمارية وتحميها الإمبريالية الأمريكية وترضى عنها إسرائيل والصهيونية العالمية.

ويعمل الكيان الصهيوني حالياً على تهويد كل فلسطين من البحر إلى النهر وإشعال الفتن والحروب الطائفية لتفتيت البلدان العربية وإعادة تركيبها من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية وجعلها المركز والقائد للمنطقة العربية والإسلامية.

توقع الصهيوني هنري كيسنجر إشعال آل سعود حروب المئة عام الطائفية على غرار حروب المئة عام في أوروبا بين الكاثوليك والبروتستانت ورسم خريطة سايكس ـــ بيكو 2 لتخليد وجود الكيان الصهيوني مئة عام.

وهنا أتساءل: لماذا ضاعت منا فلسطين بعد أن كانت كلها في أيدينا ما عدا أقل من 6% في أيدي اليهود؟

لماذا تنازلت قيادة أوسلو عن أبناء شعبنا في الداخل، ولماذا سكتت عن اقتسام إسرائيل والمملكة الهاشمية أراضي الدولة الفلسطينية مناصفة فيما بينهما: 22% لإسرائيل و22% للأردن، والقدس الغربية لإسرائيل والشرقية للأردن؟

وتقدّم التنازل تلو التنازل في المفاوضات المدمرة بما فيها التنازل عن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم بموافقتها على المبادرة العربية للسلام في (قمة بيروت عام 2002) وعلى تبادل الأراضي لضم 85% من كتل المستعمرات في الضفة الغربية للعدو الإسرائيلي وعلى رؤية الدولتين التي أخذها الرئيس بوش من مشروع شارون للتسوية، وتعمل جامعة الدول العربية على تسويقها.

تقود المخططات والقرارات التي اتخذتها الدول الغربية والصهيونية العالمية والأصولية المسيحية والمحافظون الجدد واليمين السياسي الأمريكي إلى تفتيت البلدان العربية على أسس طائفية وعرقية.

وجاء ما سمي بالربيع العربي والحرب الكونية على سورية لتحقيق التفتيت والتقسيم والتركيب لتخليد وجود إسرائيل في قلب الوطن العربي، وجعلها المركز والقائد والحكم في المنطقة، وتصفية قضية فلسطين.

وعلى الرغم من هذا الوضع العربي الرديء جاءت انتفاضة القدس الانتفاضة الثالثة لتبعث النشاط والحياة في أوساط الحركة الوطنية الفلسطينية بدماء شباب وشابات شعبنا العربي الفلسطيني الزكية وأرواحهم الطاهرة وابتكروا أساليب من المقاومة لم تقم بها حركة من حركات المقاومة في تاريخ البشرية على الإطلاق.

ابتكروا الدهس والطعن بالسكاكين لأن العدو والأخ والشقيق جردهم من السلاح والمال. وتحولت بعض الجيوش العربية إلى شرطة لحماية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين العربية ومواجهة المقاومة الفلسطينية المسلحة.

تأكد بجلاء لشعبنا الفلسطيني ولأمتنا العربية والإسلامية أن قيادة منظمة التحرير ليست في وارد المقاومة المسلحة والنضال، ولا في تشكيل قيادة موحدة للانتفاضة الثالثة وتصعيدها وتزويد الضفة الغربية بالسلاح. لذلك لا بد من التأكيد أن جميع مؤسسات وأُطر منظمة التحرير بدءاً من اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني وحتى المجلس التشريعي فاقدة للشرعية النضالية والدستورية بسبب تخليها عن المقاومة المسلحة وإدانتها ومعاقبة أبطالها ولانتهاء مدتها القانونية واعتمادها المفاوضات الكارثية كوسيلة وحيدة لتمرير الحل الصهيوني لقضية فلسطين، أعدل وأقدس قضية للعرب والمسلمين والأحرار في العالم.

إننا بعد مرور حوالي سبعين عاماً على النكبة المستمرة وعلى الهولوكوست الإسرائيلي المستمر على شعبنا الفلسطيني بحاجة ماسة إلى مراجعة نقدية شاملة لمسيرتنا النضالية ضد تحالف الاستعمار والصهيونية والرجعية العربية، ويمكن تسجيل الملاحظات التالية الضرورية لتحرير فلسطين التاريخية وزوال كيان الاستعمار الاستيطاني العنصري والإرهابي:

أولاً: انقسام الموقف الرسمي الفلسطيني والعربي إلى تيارين: الأول: يؤمن بالمقاومة والتحرير وعودة اللاجئين وزوال الكيان الصهيوني. والثاني: يلتزم باتفاقات الإذعان في كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة وصولاً إلى إقامة شراكة أمنية مع العدو الصهيوني وآل سعود والهرولة بتطبيع العلاقات والاعتراف به.

ثانياً: إلغاء الميثاق الوطني، ويعني إلغاء عروبة فلسطين وتغييب جوهر قضية فلسطين القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية؛ والموافقة على المشروع الصهيوني والاعتراف بالحركة الصهيونية والتي تعتبر أخطر حركات الاستعمار الاستيطاني فهي لم تكتف باغتصاب الأرض والمياه والحقوق والثروات، بل تجاوزت ذلك إلى اقتلاع شعبنا الفلسطيني من أرضه وشطب هويته وتصفية وجوده وتهويد الطابع الحضاري العربي الإسلامي لفلسطين، وتغيير طبيعة الصراع من صراع وجود إلى نزاع على الحدود فلسطيني ـــ إسرائيلي.

ثالثاً: إن فلسطين هي الجزء الجنوبي من سورية أي أنها جزء لا يتجزأ من سورية الأم والتي بدورها جزء لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير، لذلك فهي القضية المركزية لسورية والقضية المركزية للأمة العربية. وهذه حقيقة جيو سياسية أكدتها وتؤكدها مسيرة النضال التاريخي للقضية، بما فيها مؤتمرات القمم العربية وحركة التحرر الوطني العربية والأحزابالسياسية في المشرق والمغرب العربي.

وتتجاوز أطماع إسرائيل وخطورتها فلسطين لتمتد وتشمل الوطن العربي، ففلسطين هي البداية والمركز للهيمنة على البلدان العربية والإسلامية كمقدمة لهيمنة اليهودية على العالم.

ومن هنا نؤمن بوجوب قومية المعركة لتحرير القدس وفلسطين، والابتعاد عن فلسطنة قضية فلسطين والقرار الفلسطيني المستقل وفصلها عن بعديها العربي والإسلامي.

رابعاً: قامت إسرائيل على أنقاض فلسطين باستغلال معزوفتي اللا سامية والهولوكوست النازي، لإقامتها وتبرير الهولوكوست الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. فتأسيس إسرائيل جاء نتيجة التعاون بين النازية والصهيونية ودعم الدول الغربية وأتباعهم من حكام الإمارات والممالك التي أقامتها بريطانيا الاستعمارية وتحميها الإمبريالية الأمريكية، وباستخدام القوة وإشعال الحروب العدوانية وارتكاب المجازر الجماعية. وجاءت من وراء البحار فهي دخيلة على المنطقة غريبة عنها ومعادية لشعوبها. وتأسست في فلسطين العربية لحل المسألة اليهودية في أوروبا على حساب الشعب الفلسطيني.

خامساً: كانت منظمة التحرير الفلسطينية التي تأسست فيالقدس في 28 أيار 1964 حتى توقيع اتفاق الإذعان في أوسلو بتاريخ 9/8/1993 وفي البيت الأبيض في 13/9/1993 أهم إنجاز للشعب العربي الفلسطيني بعد النكبة. وشكلت مجلساً وطنياً عكس وحدة الشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده داخل الوطن وخارجه. وضم المجلس جميع الفصائل والأحزاب والاتحادات المهنية والمنظمات الشعبية بغض النظر عن البرامج السياسية والمواقف الأيديولوجية.

اختلف الوضع بعد نكسة عام 1967 واستلام الفصائل الفدائية قيادة منظمة التحرير الفلسطينية عام 1968، وغياب القيادة الجماعية واستبداد رئيس اللجنة التنفيذية وهيمنة فتح على أطر ومؤسسات وأموال المنظمة:

وارتهنت بعض قيادات الفصائل إلى دولارات النفط وإلى بعض الأنظمة العربية.

سادساً: وضعت بعض الفصائل نفسها فوق الشعب الفلسطيني وفوق قضية فلسطين. واستعلت الهوية الفئوية التنظيمية على الهوية الوطنية. واعتقدت بأنها البديل عن الشعب الفلسطيني، مما أدى إلى ابتعاد الكفاءات الفلسطينية عن المشاركة في العمل الوطني وفي أطر منظمة التحرير والفصائل والاتحادات المهنية والمنظمات الشعبية التابعة لها.

سابعاً: ابتكرت دولة الاحتلال من خلال اتفاق أوسلو وتحديداً الجنرال اسحق رابين «السلطة» للقيام بأعمال البلديات لجعل الاحتلال الإسرائيلي ليس فقط أرخص احتلال في تاريخ البشرية بل يجلب الأموال الطائلة من خلال التطبيع. وامتزجت قيادة منظمة التحرير بقيادة السلطة في فترة ياسر عرفات ولا تزال مستمرة حتى اليوم حيث يشغل الأخ محمود عباس منصب رئيس دولة فلسطين ورئيس السلطة ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والقائد العام للقوات الفلسطينية ورئيس حركة فتح، مما شكل إشكالية العلاقة بين منصب رئيس السلطة ومنصب رئيس اللجنة التنفيذية. ولا تزال هذه الإشكالية قائمة. فمتطلبات السلطة من خدمة الاحتلال والتعاون الأمني معه تختلف عن واجبات منظمة التحرير الفلسطينية التي من المفروض أن تمثل الشعب الفلسطيني في جميع مخيماته وأماكن تواجده حتى التحرير والعودة.

لقد ثبت بمنتهى الوضوح أنه لا يجوز الجمع بين منصب رئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة، لأن من المفروض أن تمثّل المنظمة 11 ــ 12 مليون فلسطيني بما فيهم ستة ملايين لاجئ، وبالتالي فواجب المنظمة تحرير الأرض واستعادة الحقوق المغتصبة وعودة اللاجئين إلى ديارهم. أما السلطة فهي مسؤولة عن تسيير الشؤون الإدارية والبلدية.

أقيمت السلطة بقرار من دولة الاحتلال وهي من ابتكار دهاقنة الاستعمار الاستيطاني اليهودي للاستمرار بمصادرة الأراضي الفلسطينية والاستيطان والتهويد والتطهير العرقي وترحيل الفلسطينيين وقتلهم وتدمير منازلهم.

فطبيعة السلطة وأجهزتها الأمنية وتسليحها وتمويلها ووظائفها والتزاماتها كانت ولا تزال لمصلحة دولة الاحتلال وليس لمصلحة الشعب الفلسطيني وحركة المقاومة والحركة الوطنية الفلسطينية.

لذلك تطالب أصوات فلسطينية كثيرة بحل السلطة والعودة إلى خندق المقاومة والميثاق الوطني.

وعمّق الانقسام الجيو سياسي والجغرافي بين الضفة والقطاع، بين فتح وحماس والفصائل المنضوية لها والمحاصصة «الأزمة السياسية» وتحولت إلى أزمة وطنية عقائدية ودستورية وتنظيمية، ولا يمكن حلها إلاَّ بالعودة إلى طابعها النضالي كحركة تحرر وطني.

ويستغل العدو الصهيوني الانقسام والخلاف بين برنامجين فلسطينيين وعربيين أبشع استغلال لكي يكمّل تهويد فلسطين من البحر حتى نهر الأردن.

وتراهن إسرائيل وأمريكا على تحويل حماس كما حدث مع فتح التي تخلت عن البندقية المقاتلة وألغت الميثاق واعتمدت المفاوضات طريقاً وحيداً لحل الصراع. وترغب الدولتان في أن توقِّع فتح وحماس على الحل النهائي.

تلخص الموقف الفلسطيني حتى عام 1974 بتحرير كل فلسطين. واختلف بالموافقة على البرنامج المرحلي وطرح ياسر عرفات في نهاية 1974 أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إقامة الدولة الديموقراطية العلمانية في كل فلسطين بحيث يتعايش فيها المواطنون بدون تمييز بالدين أو العرق.

رفضت إسرائيل المشروع، وقرر حزب العمل وتجمع الليكود إقامة دولة فلسطينية كمصلحة إسرائيلية مقابل شطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم. وأخذ بوش من مشروع شارون للتسوية «رؤية الدولتين» وضمَّها في خارطة الطريق. ووافق عليها رئيس اللجنة التنفيذية. وأفشلت إسرائيل حل رؤية الدولتين لأنها في حقيقة الأمر تعمل على تهويد كلفلسطين بما فيها الأغوار حتى حدود نهر الأردن.

سقط حل الدولة الواحدة وانهار حل الدولتين. وفشلت مبادرة السلام العربية التي خدمت ولا تزال تخدم العدو الإسرائيلي. ووافق المفاوض الفلسطيني على تبادل الأراضي لضم المستعمرات الكبيرة للكيان الصهيوني.

ونعيش حالياً مأزق المفاوضات والخلاف الفلسطيني حولها، ووقف المقاومة والخلاف الفلسطيني والعربي حولها، واستمرار الانقسام وفشل المصالحة وغياب الوحدة الوطنية والبرنامج الوطني، والصراع على السلطة بين الضفة والقطاع وانتشار الفساد وعدم دعم الانتفاضة الثالثة، وتصنيف آل سعود وبقية دول الخليج المقاومة اللبنانية بالإرهاب.

إن المطلوب عمله في الساحة الفلسطينية  هو مايلي :

ـــ العمل على تصحيح أزمة الاستراتيجية والبرنامج الوطني والقيادة والقرار في إطار م. ت. ف وداخل الساحة الفلسطينية، لإعادة بنائها على أسس وطنية سياسية وتنظيمية انطلاقاً من الميثاق والالتزام ببرنامج المقاومة والتحرير وثوابت الشعب وفي مقدمتها عودة اللاجئين إلى ديارهم.

ـــ تحقيق مصالحة ووحدة وطنية حقيقية على أساس برنامج وطني ينطلق من الميثاق وخيار المقاومة وتحرير فلسطين من رأس الناقورة حتى رفح ومن النهر حتى البحر.

ــ الوقف الفوري للمفاوضات الكارثية، والاعتراف بفشلها وإلغاء اتفاقية الإذعان في أوسلو وواي ريفير وكل ما نتج عنها.

ــ رفض الرعاية الأمريكية رفضاً قاطعاً باعتبار الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي للعدو الصهيوني.

ــ التركيز على البعدين العربي والإسلامي لقضية فلسطين باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، والتأكيد على أن الصراع صراع وجود وليس نزاعاً على الحدود.

ــ رفض دور آل سعود وثاني ونهيان والملك عبد الله الثاني وجامعة الدول العربية في قضية فلسطين لأنهم يعملون لإنجاح صفقة ترامب لتصفية القضية.

ــ رفض أي شكل من أشكال التطبيع وتشديد المقاطعة العربية للعدو الصهيوني.

ـ إلغاء اتفاق الإذعان في أوسلو الذي أنزل أفدح الخسائر بالحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني وخاصة بعد قرار يهودية الدولة.

ـ ملاحقة قادة العدو الصهيوني الأحياء منهم والأموات لمحاكمتهم كمجرمي حرب أسوة بمجرمي الحرب النازيين.

ـ التخلص من التبعية الاقتصادية للمحتل بإلغاء اتفاق باريس الاقتصادي.

ــ إعطاء الأولوية لتفعيل خيار المقاومة ولدعم صمود شعبنا وبشكل خاص المقدسيين.

ــ العمل على تفعيل طاقات الشعب داخل فلسطين وخارجها لتعزيز الصمود وحماية القضية وتقوية فصائل المقاومة والمقاومة المسلحة وتعزيز ثقافتها.

ـــ العمل على تفعيل الحراك الشعبي وإعادة بناء وتطوير وتفعيل الاتحادات المهنية والمنظمات الشعبية، وتجديد قياداتها وشرعيتها على أسس ديمقراطية.

ـــ التأكيد على أن فلسطين أرض عربية، لا يحق لأحد التنازل عنها أو المساومة على جزء من ترابها المقدس.

ــ وجوب ترسيخ الفكر السياسي الفلسطيني على أساس أن الصراع صراع وجود وزوال كيان الاستعمار الاستيطاني العنصري والإرهابي، وإقامة الدولة المدنية الديمقراطية في كل فلسطين التاريخية.

ــ العمل على تعزيز العلاقة مع قوى الممانعة والصمود والمقاومة في الأمتين العربية والإسلامية، وبشكل خاص سورية وإيران وحزب الله.

ــ التمسك بحق عودة اللاجئين إلى ديارهم، ورفض كل مشاريع التوطين والوطن البديل، والكنفدرالية.

ـ تعزيز وتطوير وتحديث المقاومة المسلحة ضد العدو الصهيوني، وابتكار أشكال جديدة من العمل المقاوم، وإعادة هيكلة قوى وأجنحة المقاومة العسكرية والعمل على توحيدها.

ــ تشكيل مؤسسات إعلامية موحدة ومركز إعلامي موحد، ومركزللبحوث والدراسات تلتزم باستراتيجية ومواقف فصائل وقوى المقاومة ومواجهة الإعلام الصهيوني والعربي المضلل.

العمل مع بعض الحكومات العربية والإسلامية والقوى والهيئات والفعاليات ونقابات المحامين والشخصيات الوطنية الفلسطينية والعربية والإسلامية لتأمين مستلزمات المقاومة الفلسطينية بالمال والسلاح ومواجهة الاحتلال.

إن الساحة الفلسطينية بحاجة إلى مراجعة نقدية شاملة لاستخلاص النتائج وتوظيفها في بناء مرتكزات صياغة برنامج تحرري مقاوم ونهضوي تحرري إنساني وعصري لقيادة النضال الوطني بعيداً عن الطائفية والمذهبية والعرقية وزوال كيان الاستعمار الاستيطاني اليهودي العنصري والإرهابي من كل فلسطين التاريخية. ويتطلب ذلك منع تحقيق التسوية برعاية الولايات المتحدة الحليف الاستراتيجي للعدو الصهيوني وتصعيد المقاومة المسلحة وتوحيد فصائل المقاومة لمقارعة الصهيونية لا إلى مساومتها والتوصل إلى حلول وسط معها للقضاء على عروبة فلسطين وإنجاح الحل الصهيوني للقضية.

ويتطلب التعامل مع التنوع الديني في فلسطين ضمن المشروع التحرري النهضوي العصري والانطلاق من حقوق المواطنة والمساواة بين المواطنين وبناء مستقبل فلسطين المتحررة والديمقراطية في إطار المساواة بين المواطنين جميعاً.

وتبقى منظمة التحرير الفلسطينية هي الإطار والأداة لإنجاز المهام المناطة بها بعد إعادة بنائها وإصلاحها وتطوير أجهزتها والقضاء على الترهل والتكلس واللون الواحد فيها وتحسين عملها والحفاظ عليها كمرجعية للشعب الفلسطيني وإفراز قيادة مؤهلة وكفؤة وتفسح المجال لعنصري الشباب والمرأة لهزيمة المشروع الصهيوني وتحرير فلسطين.

إن تصويب الانحراف في المسار الفلسطيني الراهن والحيلولة دون الانزلاق في الخطوط الحمراء أي المحظورات يتطلب متابعة النضال والمقاومة ضمن برنامج إنساني تحرري نهضوي عصري تكون فيه فلسطين الحرة البوصلة التي توجه النضال للقضاء على كيان الاستعمار الاستيطاني والنظام العنصري والإرهابي وإقامة الدولة المدنية في كل فلسطين ولكل المواطنين فيها وبدون تمييز في الدين أو الطائفة أو الجنس أو العرق لإحلال الحل العادل والاستقرار والازدهار والسلام في أرض السلام وفي الشرق الأوسط بأسره.

إن تغلغل الاستعمار الاستيطاني والعنصرية والإرهاب في أوساط الشعب الإسرائيلي وتصاعد التطرف الديني ويهودية الدولة وصدور المزيد من القوانين العنصرية ورفض حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم خلق الأجواء الملائمة لتوالي الهبات الشعبية والانتفاضات البطولية لدحر الاحتلال والقضاء على الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني عنصري وإرهابي.

إن المطلوب في هذه المرحلة التاريخية الخطيرة على الوطن والمواطن والأمة أن تعود القيادات الفلسطينية إلى الشعب وإلى خيار المقاومة والميثاق وإلغاء اتفاق الإذعان في أوسلو والانصياع إلى صوت الانتفاضة الثالثة وتشكيل قيادة موحدة ودعوة الشعب والأمة مواجهة الاحتلال والاستيطان والقمع وتنصيب قيادات شابة مؤمنة بتحرير كل فلسطين وزوال إسرائيل ودعم صمود المقدسيين وتسليح الضفة الغربية والتأكيد على وحدة الشعب والأرض والقضية.

حدثت تطورات داخلية في معظم البلدان العربية وقيادتها إلاَّ فلسطين لم يحصل فيها أي شيء من هذا القبيل، لإعادة قيادة منظمة التحرير إلى رشدها ورشادها وإلى بصرها وبصيرتها المفقودة.

فشلت قيادة منظمة التحرير فشلاً ذريعاً في قيادة نضال الشعب الفلسطيني كحركة تحرر وطني عندما وقعت اتفاقات الإذعان مع العدو الصهيوني وألغت الميثاق وتخلت عن المقاومة المسلحة وارتهنت فقط للمفاوضات القاتلة. وتواجه السلطة فشلاً ذريعاً وسخطاً شعبياً متصاعداً بسبب عجزها وترويضها وفشل سياساتها وعودتها باستمرار إلى طاولة المفاوضات المذلة، والتنسيق الأمني مع العدو الصهيوني.

إن دعم الانتفاضة الثالثة واجب وطني وقومي وديني على الشعب والأمة وأحزابها ومؤسساتها واتحاداتها النقابية ومنظماتها الشعبية وتزويدها بالمال والسلاح الفردي الحديث، والحيلولة دون تحقيق مساعي العدو الصهيوني والإدارة الأمريكية وأتباعها من الأمراء والملوك لوأدها حدث في الانتفاضتين الأولى والثانية.

فهل سينجح شبان الانتفاضة الثالثة والفصائل والقوى والشخصيات الفلسطينية بتشكيل قيادة موحدة للانتفاضة وتصعيدها حتى زوال الاحتلال من كل فلسطين التاريخية أم أنها ستكون وسيلة لعودة قيادة السلطة مجدداً إلى طاولة المفاوضات العبثية لقاء تصفيتها الانتفاضة كما حدث في انتفاضة الحجارة وانتفاضة الأقصى!

سيكون مصير إسرائيل إلى الزوال كباقي الدخلاء والغزاة على فلسطين فهم عابرون ونحن باقون.

إن الصهيونية أيديولوجية استعمارية وعنصرية وإجلائية تعمل على تحقيق نظرية المجال الحيوي لليهودية العالمية من النيل إلى الفرات كمقدمة للهيمنة على العالم.

زالت جميع الأيديولوجيات والأنظمة العنصرية والاستعمارية في العالم.

زالت النازية من ألمانيا، والفاشية من إيطاليا وإسبانيا، والاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر، والعنصرية من روديسيا والبرتغال والأبارتايد من جنوب إفريقيا.

ومصير الكيان الصهيوني كغدة سرطانية خبيثة في جسد الأمة العربية إلى الزوال. والنصر دائماً وأبداً للشعوب المناضلة.