من هنا وهناك

المحامي محمد احمد الروسان – حرب الولادة من الخاصرة ” في المنطقة عبر الغجر”

والرفض الأردني لإدخال مجتمعات الزومبيات إلى الداخل السوري

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

السياسة معادلات حسابية، وفي السياسة وعلمها لا غنى عن الرياضيات السياسية، وأجمل ما في الرياضيات أنّها لا تكذب ولا تنافق ولا تجامل العواطف والعقول، وأساس علم الرياضيات المنطقية هي البديهيات، والأخيرة هي القضايا الفكرية التي لا تحتاج إلى براهين.

تشي كل المؤشرات السياسية والأمنية(والاقتصادية لجهة ثروة الغاز على سواحل المتوسط)، التي يتم رصدها من قبل مجاميع استخبارات الطاقة الأممية المنتشرة كالفطر السام في المنطقة، وعبر قرون استشعاراتها وبالمعنى الاستطلاعي الاقتصادي تحديداً وبشكل منتظم، تقود وتشي بعمق بشكل مثير ويحفّز على المتابعة إلى جهود استثنائية وجبّارة، تبذل من قبل أدوات(البلدربيرغ) الأمريكي من بعض العرب المرتهن والمصادر كمعاول تنفيذية ليس إلاّ، وبالتعاون والتساوق الوثيق مع محور واشنطن – تل أبيب ووجوهه وزومبياته أيضاً، كل ذلك بناءً ووفقاً لتوجهات جنين الحكومة الأممية في نواة الدولة الأمريكية ومفاصلها وتحوصلاتها، لجهة صراع الطاقة في الشرق الأوسط وعلى الساحل السوري والساحل اللبناني وعلى طول الساحل الفلسطيني المحتل على البحر المتوسط حتّى ساحل غزّة.

 كلّ هذا وذاك كي يصار لإعادة ترسيم وتنميط معطيات الواقع السياسي والأمني والاجتماعي الديمغرافي الخاص، بمنطقة الشرق الأوسط ضمن سياق التمفصلات الميدانية المتصاعدة في الأزمة السورية، في ظل تماسك تينك المؤسسة العسكرية العربية السورية وأجهزتها الأمنية والأستخبارية وجسمها الدبلوماسي وعدم انهيار القطاع العام السوري، مع تلاحم شعبوي عميق ومتفق مع مؤسسات الدولة الوطنية السورية، فلم تعد المجتمعات السورية المحلية ملاذات آمنة للقادمين من جهات الأرض الأربع ليصعدوا إلى السماء عبر تفاعلات ما يجري على الأرض السورية.

والسؤال الواقعي والمنطقي هنا هو:- لماذا لا يذهبون هؤلاء القادمون إلى فلسطين المحتلة ليصعدوا إلى الجنّة من هناك؟

ومع ذلك لم ينجح هذا المحور الشيطاني ذو الوظائف الفيروسية، في خلق وقائع جديدة على أرض العمل الميداني، وان كان دفع ويدفع إلى مزيد من تسخين الساحات السياسية الضعيفة، كساحات مخرجات لقضايا سياسية معقدة، لها علاقة وصلة بالديمغرافيا السكّانية، وأيضاً مزيد من تسخين الساحات القوية، سواءً أكانت محلية أم إقليمية كساحات متلقية مستهلكة، لتهديدات وتلويحات لحروب و \ أو اشتباكات عسكرية هنا وهناك، لصالح الدولة العبرية – الكيان الصهيوني.

هكذا تذهب قراءات للحقائق الموضوعية في الشرق الأوسط، بحيث يعتبر وجود حزب الله واستمراره، بعقيدته العسكرية والأمنية والسياسية الحالية، عائق فعلي وكبير لا بل بمثابة ترياق لسموم وفيروسات محور واشنطن – تل أبيب وترسيماته وتنميطاته للواقع السياسي للمنطقة، وحزب الله ريشة رسم وإحداث وفعل، لمقاومة تنمو وتنمو شئنا أم أبينا، هكذا تتحدث لغة الميدان لا لغة المكاتب، فلغة الميدان تضع تنميطات وترسيمات خلاّقة، ولمسات فنيّه احترافية مهنية، نقيضة لترسيمات محور الشر والشيطان، على خارطة جديدة للشرق الساخن لا تروق لأحد في العالم.

لذلك نجد أنّ أطراف تفعيل مفاعيل الصراع الدائر حول ملف حزب الله اللبناني وارتباطاته الشاملة، إن لجهة القناة السورية وتعقيداتها ودخوله العسكري عليها كونه دخل ليبقى، وان لجهة القناة الإيرانية وحيوية الملاحة فيها وبعد مخاضات جنيفها النووي في مسقط مؤخراً، حيث الصراع على الأولى(سورية) وفيها كلبنة رئيسية، لأضعاف الثانية(إيران) – المستهدفه بالأصل – وللوصول إلى تسويات سياسية شاملة معها، وتبدو مخاضات مفاوضات ذلك في سلطنة عمان الأسبوع الماضي في طور النضوج كمخاض كامل قد يكون منتج لولادة من الخاصرة.

 فلم تعد أطراف تفعيل الصراع حول حزب الله، أطراف لبنانية محلية أو إقليمية عربية، من معسكر المتخاذلين والمرتهنين العرب، بقدر ما أصبحت بفعل عوامل عديدة، أطراف دولية عابرة للقارات والحدود، تسعى إلى تفعيل مفاعيل الصراع الشامل حوله، حيث الطرف الأميركي المحرّك لجهة التصعيد أحياناً ليفاوض أو لجهة التهدئة ليجني ويقطف على ما فاوض عليه الأطراف الإقليمية والدولية، والفرنسي المأزوم والممحون لجهة عودة العلاقات مع دمشق على الأقل بمستواها الأمني كما أشار بيف بونيه رئيس الاستخبارات الفرنسية الخارجية السابق، والطرف البريطاني المستشار الموثوق للأمريكي، بجانب الطرف العبري – الصهيوني المتقيّح، مع تراجع الأخير إلى طرف فرعي ثانوي، لصالح الأطراف الثلاثة السابقة ولصالح بعض الأطراف العربية وخاصة الطرف السعودي في بعض مراحل تسعير المنطقة.

حلول الطرف الدولي محل الطرف الإقليمي(معسكر المتخاذلين العرب) ومحل الطرف المحلي اللبناني والمتمثل في قوى 14 آذار، حيث اتفاق الدوحة الشهير في وقته، الذي حقق المصالحة اللبنانية – اللبنانية بين قوى الرابع عشر من آذار وقوى الثامن من آذار، كان وما زال سبباً رئيسياً في تحييد وإخراج الطرف المحلي اللبناني وتراجعه لصالح الجانب الأممي عبر عمليات إحلال صراعية سياسية، قد تكون جاءت نتيجة توافق بين الأطراف الثلاثة تأسيساً لمذهبيات جديدة عبر الوسائل الدبلوماسية الأميركية العنيفة، وتثوير القوى المعارضة ضد حلفاء حزب الله وداعميه، وأعني سوريا وإيران، حيث تم تثوير الشارع السوري عبر استثمارات هنا وهناك لاحتقاناته الشاملة، وإدخال زومبيات الطرف الخارجي وزومبيات أدوات الطرف الخارجي من بعض العرب، ومن جهات الأرض الأربع إلى الداخل السوري وما زال، فكانت القاعدة حيث تم إعادة تشكيلها من جديد وعبر مسمى جبهة النصرة، وظهر قبلها ما سمّي بالجيش الحر والذي لم يعد له وجود يذكر، وكانت داعش، إلى ما تسمى بالجبهة الإسلامية(وهي نواة تنظيم القاعدة في سورية) وصراع هذه الجبهة الإسلامية الآن مع كل ما ذكر سابقاً ليصار إلى إجلاس ممثلين عنها في أي تسوية سياسية قادمة، كأداة سعودية تضيف أوراق سياسية للرياض كضمانات لاستمرار نسقها، ودفع انتقام سوري روسي منها، وتلغي أخرى من يد الدولة الوطنية السورية.

وانّ دلّ هذا على شيء، فانّه يدل على أنّ هناك، مذهبيات أممية جديدة تتشكل، إزاء التعامل مع حزب الله اللبناني وعلاقاته الإقليمية والدولية الأخرى، ذات  الصلات القوية والنوعية، بمجمل المصالح المشتركة في الشرق الأوسط.

أعتقد أنّ دوائر صنع القرار الإسرائيلي على المستويين السياسي والأمني الأستخباري بجانب القيادات العسكرية، بدأت وبشكل عميق تبلور خطط بديلة مقترحة لتنفيذ مخطط جهنمي لإطلاق شرارة الحرب الإسرائيلية على لبنان، وتسخين الساحة الأردنية عبر الزومبيات المنتجة في كهوف تورا بورا، وبالتنسيق مع أشكال متقيحة من بعض أجهزة استخبارات البعض العربي في منطقة الخليج، حيث صارت الحرب على لبنان قادمة لا محالة وخاصة بعد جنيف إيران النووي وقربه من مرحلة التوقيع النهائي أو بالأحرى مخاض التوقيع لحاجة باراك أوباما الشخصية لذلك، وأنّ المسألة في حدوثها وتفعيلها هي مسألة وقت ليس الاّ، وما مسألة التجسس والتنصت المستمرة والجديدة القديمة من قبل الإسرائيلي على اللبناني والتي لم يكشف كل أشكالها وتفاصيلها، الاّ فواصل وتمهيد للذي يريده الإسرائيلي في الداخل اللبناني.

حيث تعاني الخلايا التي لم تعد نائمة في الداخل البيروتي وبعد جنيف إيران النووي المؤقت، وسيطرة الجيش العربي السوري على المشهد الميداني، والأخير مرتبط بالمشهد السياسي وله دلالاته العميقة والمتشعبة والمتفاقمة بايجابية، لجهة النسق السياسي السوري في الحدث الاحتجاجي. والمشهد الإقليمي بشكل خاص والأممي عموماً متأزم بعمق في مواجهة تركيا والرياض وخطها، إن لجهة سورية وان لجهة إيران، فمن يربح الأرض يفرض ورقته الرابحة على طاولة الحوار لاحقاً، لأنّ المشهد العسكري مرتبط بالحل السياسي في المسألة السورية وهذه هي المعادلة الحسابية.

قيل أنّ الغضب لا يلائم العمل الأستخباري وهذه حقيقة، لذلك نلاحظ أنّ رئيس جهاز استخبارات دولة إقليمية غاضب لدرجة الجنون الهيستيري، بعد انهيار مشروع حكومته بشكل كامل في الداخل السوري، عبر عرقلات هنا وهناك(لزومبياته وروبورتاته)من القاعدة وأخواتها، وداعش وإخوانه في الداخل السوري عموماً وفي عين العرب القلمون والغوطة الشرقية خصوصاً، لذلك يسعى هذا ومعه أعضاء خليته، إلى الضغط على الدولة الوطنية الأردنية وجيشها العربي وأجهزتها الأمنية، لترضخ وتفتح حدود الدولة مع سورية لإدخال(موجة الزومبيات والروبورتات)التي تم إنتاجها في كهوف تورا بورا عبر السي اي ايه إلى الداخل السوري، ويعاد تدريب البعض منها في دول الجوار السوري على أنّها معتدلة كجبهة النصرة، حيث الأخيرة صارت في الجنوب السوري(جبهة نصرة لإسرائيل الصهيونية)الراعي الأول للأرهاب في المنطقة، وعلى الأغلب كان الجواب من خلية الأزمة في الدولة الأردنية بالرفض والقطع بالمطلق ورفض العروض، رغم استقبال رئيس استخبارات تلك الدولة العربية من قبل الملك نفسه في بدايات هذا الشهر وبشكل علني وحضوره لتمرين عسكري.

الدولة العبرية (الكيان الصهيوني) تعمل على مزيد من تسخين المنطقة رغم سخونتها المفرطة، عبر إعادة فك وتركيب ملف الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وفقاً لرؤية إسرائيلية تشاركية مع جناح المحافظين الجدد في الداخل الأمريكي واسناداته من الأيباك، ليصار إلى استعادة عملية إعادة إنتاجه وتنميطه، إن لجهة الملفات اللبنانية الداخلية بالمعنى الرأسي والعرضي خاصة وبعد إعلان حزب الله أنّ مرشحه هو الجنرال ميشال عون(عسكرة الرئاسة)، وان لجهة الإقليم والمنطقة ككل، ليكون بمثابة تفريخ لمواجهات عسكرية ومخابراتية واسعة إقليمية، قد تتطور إلى حرب إقليمية لاحقاً، وفقاً للرؤية الأميركية الحذرة لإدارة أوباما.

البلدربيرغ الخاص بالدولة العبرية الكيان الصهيوني ونواته الصلبة، ولأنّهم يملكون داتا معلومات عن كل قراراتهم وظروف اتخاذها والأسباب التي أدّت لذلك، بحثوا في بياناتهم وقبل أربع سنوات ونصف تقريباً، فوجدوا أنّه صدر قرار للحكومة الإسرائيلية بالانسحاب من قرية الغجر اللبنانية – مسمار جحا – الواقعة على مثلث حدود ساخن، لكنه بارد لجهة العمل الميداني – العسكري ألان، حيث احتلت إسرائيل القرية عام 1967 م وقت احتلالها لمرتفعات الجولان السوري الذي ما زال محتلاً، وضمت القرية عام 1981 م باعتبارها جزءً من الجولان السوري المحتل، ومنحت سكانها الجنسية الإسرائيلية، وكان لسكّان قرية الغجر دوراً اجتماعياً واقتصادياً، لجهة العلاقات مع سكّان المنطقة العازلة، التي أنشأتها إسرائيل في جنوب لبنان من عام 1982م إلى عام 2000 م، وبعد دحر المقاومة اللبنانية لقوى الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان عام 2000م، تم ترسيم الحدود من قبل الأمم المتحدة بين لبنان وإسرائيل عبر الخط الأزرق، فتم وضع الجزء الشمالي من الغجر من ضمن الأراضي اللبنانية والجزء الجنوبي تحت السيطرة الإسرائيلية، وبقي الجزء الشمالي من القرية جيب أمني ضعيف لجهة الدولة العبرية وأمنها، ويشكل مشكلة خطيرة التداعيات لأمن الدولة العبرية ككل، ومنه تمكن حزب الله عام 2005 م من الدخول إلى الجزء الآخر المحتل من القرية، وخطف جنديين اسرائليين.

 وفي حرب تموز عام 2006 م التي انتصرت فيها المقاومة اللبنانية، حاول الكيان العبري استعادة الجزء الشمالي من القرية، مما فعّل ملف قرية الغجر أممياً وفي دوائر المخابرات الدولية، حيث تم وضع ملف القرية بقضّه وقضيضه، على خلفيات القرار الأممي 1701 والذي طالب الدولة العبرية صراحةً بالانسحاب من القرية.

وجدت الدولة العبرية ونواتها الصلبة، وبتوصية من خلية الأزمة التشاركية بعد المخاضات الأخيرة للاتفاق النووي الإيراني، والمشكلة من: (جهاز استخبارات دولة عربية توصف بأنّها إقليمية، تمير باردو، رئيس وحدة أمان، يورام كوهين، ويوسي كوهين) من قرار الحكومة الإسرائيلية الأمني السياسي بامتياز والقاضي بالانسحاب من الغجر، أنّه يحمل جينات عمل عسكري قادم إزاء لبنان والمنطقة الشرق الأوسطيه، دفع الكثير من المراقبين الدوليين والخبراء والمتابعين، لشياطين التفاصيل في ملف قرية الغجر، إلى محاولة فهم أفقية وعامودية، لسبر غور هذا القرار لمعرفة حقيقته وأبعاده غير المعلنة، للسعي الحثيث باتجاه النفاذ إلى عمق الحدث ورصد، ما يجري تحت سطح القرار، وسطح اللقاءات الإقليمية – السريّة والتي تشترك فيها – كما تقول المعلومات – بعض الدول العربية، المواتية والمتساوقة للمشتركات الإسرائيلية – الأميركية في المنطقة.

وتشير المعلومات والمعطيات الجارية، أنّ الانسحاب العبري – الخديعة والورقي حتّى الآن – من قرية الغجر اللبنانية، هو انسحاب جزئي وقع على الجزء الشمالي من القرية المحتلة، مع بقاء الجزء الجنوبي تحت سيطرة تل أبيب، في عملية سياسية خبيثة، لتفعيل مسمار جحا بالمعنى الجنسي، لجهة تفريخ سلّة مسامير جحا، نحو سلّة ابتزازات السلطات اللبنانية لاحقاً في ملف الحدود.

من جهة أخرى، تشير معلومات بعض من تقارير المخابرات الإسرائيلية المسرّبة قصداً لوسائل الميديا الأميركية، أنّ نتنياهو في وقته بادر إلى إبلاغ بان كي مون أمين عام الأمم المتحدة، بمضمون قرار الحكومة الإسرائيلية المصغرة لجهة قرية الغجر، وهذا حسب اعتقادي وظني، يشي لتهيئة الأمم المتحدة وعلى وجه الخصوص مطبخ قرار الأخيرة، مجلس الأمن الدولي للدخول في تفاصيل تفاصيل ملف الحدود اللبنانية – الأسرائلية, كطرف ثالث لغايات عبرية، إزاء الرأي العام الأممي، وبأنّها إسرائيل أخلت كل مسؤوليتها لجهة، انتهاكاتها لسيادة الحدود والأراضي اللبنانية.

وتقول المعلومات والمعطيات أيضاً، أنّ القرار الإسرائيلي هذا تم اتخاذه من قبل الحكومة الأمنية الإسرائيلية المصغرة، وهذا من شأنه أن يؤشّر بقوّة أنّ متطلبات ومحفزات ومفاعيل، عملية صنع قرار الانسحاب من الجزء الشمالي فقط من قرية الغجر، هي محفزات أمنية بامتياز، لكنها تشي بوضوح بأنّها لغايات خلق مواجهات عسكرية ثنائية، يشترك فيها حزب الله، من المفترض لها اسرائلياً وأميركيا وبريطانياً، أن تقود إلى عمليات عسكرية إقليمية واسعة، قد تقود إلى حرب إقليمية تشمل إيران المسلمة لعرقلة وإفشال الاتفاق النووي الإيراني مع مجموعة خمسة + 1 المؤقت، والذي يعاني من مخاضات قبل الولادة حيث الولادة إن تمت ستكون من الخاصرة، حيث من المفترض أن تؤدي(أي الحرب المفترضة)إلى نتائج سياسية واسعة، يتم من خلالها إعادة رسم المنطقة سياسياً وجغرافياً من جديد، حيث تزول دول وساحات وتظهر أخرى، مع توزيع المكاسب على دول المشتركات الأميركية – الإسرائيلية من العرب.

كل المؤشرات السياسية، تشير إلى أنّ هناك إدراك سياسي، سلوكي عميق تشكل لدى محور تل أبيب – واشنطن وعربانه ودول وساحات مشتركاته في المنطقة، بأنّ أي حرب عسكرية أو حتّى مواجهات عسكرية قادمة، من الضروري بمكان أن تؤدي إلى نتائج سياسية على أرض جغرافيا المنطقة، إن لجهة محور واشنطن – تل أبيب، وان لجهة الساحات السياسية العربية الضعيفة، ودول مشتركات المحور من الدول العربية.

 “إسرائيل” قرّرت فقط الانسحاب من الجزء الشمالي من القرية، وإبقاء الجزء الجنوبي تحت سيطرتها، مع تنفيذها لمخطط تحفيزي اجتماعي اقتصادي، للنسيج الاجتماعي في القسم الجنوبي من الغجر، عبر تقديم مزايا ومنافع، حيث من شأن ذلك بأن يدفع سكان القسم الشمالي، إلى الاحتجاج على مسألة الانسحاب العبري، وهذا ما تسعى وتريده إسرائيل، لجهة توظيفه وتوليفه واستثماره في عمليات تضليلية للرأي العام الأممي تحديداً.

 ومن شأن هذه الخدعة العبرية أن تحقق أهداف إسرائيلية عديدة، منها زعزعة النسيج الاجتماعي في مجتمع الغجر بقسميها، كل ذلك لخلق واقع جديد وأرضية صلبة، يتم هندستها بعناية في دوائر المخابرات البريطانية والأميركية والإسرائيلية، لتكون منطلقاً اسرائلياً عبر عملية عسكرية بمضمون سياسي، لضم ما تبقى من منطقة كفر شوبا اللبنانية وبشكل نهائي إلى إسرائيل، وعبر قانون قد يقر لاحقاً في الكنيست العبري، وصاحب هذه الرؤية هو تمير باردو وقبل أربع سنوات ونصف، مؤخراً أشارت إليها خلية الأزمة المشتركة الأنفة بعد المخاض الأخير للمفاوضات الإيرانية الغربية بشأن البرنامج النووي في مسقط الأسبوع الماضي، حيث تم ويتم تطويرها وأد لجتها في العقل العبري لتصبح جزء من ما يسمّى بالأمن القومي الإسرائيلي، ومستشار بيبي فيه يوسي كوهين.

أمّا من حيث الجدول الزمني، لتنفيذ مضمون قرار الحكومة الإسرائيلية المصغرة في وقته، كما تتحدث المعلومات وتدعمها المعطيات السياسية والأمنية المخابراتية الجارية، انّه لا بدّ من التسويف والمماطلة مع التضليل، وتقطيع الوقت عبر إتقان لعبة شراء الوقت بذاته، والتأخير في تسليم الجزء الشمالي من القرية، حتّى يتم توظيف قرار الانسحاب لدى أوساط السكّان هناك، وتفعيله لجهة حدوث الاحتجاجات الرافضة للانسحاب الإسرائيلي، واستخدامها كورقة سياسية بحجم ملف متكامل لابتزاز لبنان، وحصولها أي إسرائيل على تنازلات لبنانية متعددة، في ملف الحدود وترتيبات خاصة، تضمن فيها الدولة العبرية على الأقل، مسألة أمن الحدود في تلك المنطقة.

 انّ لدوائر اللوبي الإسرائيلي – البريطاني، إيضاحات كثيرة حفّزت صانع القرار السياسي – الأمني المصغّر، في الكيان العبري إلى المضي قدماً في مسرحية الخدعة – مسرحية الانسحاب اللفظي، من قرية الغجر المحتلة من القسم الشمالي دون الجنوبي، بحيث تم تسريب معلومات توحي، بمؤشرات من مراكز نفوذ اللوبي البريطاني – الإسرائيلي، والتي من شأنها أن تقدم إيضاحات عديدة حول مدى خيار الانسحاب العبري، من الغجر ومحفزات قرار الانسحاب.

تشير المعلومات، إلى أنّ مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي في وقته وقبل أربع سنوات ونصف في 17 – 11 – 2010 م، أصدر قراره بالانسحاب الجزئي من قرية الغجر، بحيث يتم سحب القوّات الإسرائيلية المتمركزة في الجزء الشمالي أولاً، ثم يعاد إعادة انتشارها ثانياً في الجزء الجنوبي من القرية المحتلة، مع قيام وزارة الخارجية الإسرائيلية وخلال فترات زمنية متباعدة بالتنسيق، مع قوات الأمم المتحدة ( اليونيفيل) الموجودة في لبنان، لجهة التفاهم وإنهاء التفاصيل والترتيبات النهائية المتعلقة بتنفيذ القرار الإسرائيلي، رغم أنّ تل أبيب ما تزال أكثر تردداً، لجهة الاعتماد على اليونيفيل لإخفاقها المتكرر / أي القوات الدولية / لجهة، حماية أمن مناطق الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، وفي هذا الوقت يعترض حزب الله على تمركز قوات اليونيفيل في المناطق السكانية، لذلك فكل التقديرات تشير أن الاتفاق إن حدث وتم تنفيذه، سوف تقوم الأمم المتحدة بنشر قواتها في المناطق المحيطة بالجزء الشمالي من قرية الغجر، ومن الجدير ذكره، أنّ سكّان قرية الغجر يحصلون على حاجاتهم اليومية، من الكهرباء والخدمات وبقية الاحتياجات من إسرائيل، ويحمل العديد منهم الجنسية الإسرائيلية، وبسبب تداعيات الانسحاب – كما أسلفنا –  وانقسام القرية إلى قسمين, بعد تنفيذ الانسحاب ميدانياً، فمن المتوقع أن تحدث المزيد من التوترات والاحتجاجات السكّانية المختلفة، وهذا هو المطلوب عبرياً وأميركيا وبريطانياً وسعودياً، لتنفيذ توصية خلية الأزمة.

هذا وتتحدث المعلومات، أنّه تم الاتفاق بين إسرائيل والأمم المتحدة، إلى انسحاب الكيان العبري من القسم الشمالي, مع استمرار إسرائيل بمد سكانه بكل احتياجاتهم منها, وهذا من شأنه أن لا يتيح بقاء قوّات الاحتلال الإسرائيلي, ولا قوّات اليونيفيل من التواجد العسكري, داخل الجزء الشمالي من القرية, ولكنه يسمح لها بإعادة الانتشار في القسم الجنوبي, كما يتيح لقوّات اليونيفيل في ذات الوقت, التمركز الميداني العسكري في المناطق المحيطة, بالجزء الشمالي وعلى أطرافه الإستراتيجية, والتي تسهل المراقبة منها, مع احتمالية اشتراك قوات هجومية من حلف الناتو.

جل التحليلات والتقارير السياسية والأمنية, تشخص الوضع في قرية الغجر على النحو التالي:

القسم الجنوبي تم ملىء فراغ القوّة والسلطة من قبل الكيان العبري, والقسم الشمالي يعاني من فراغ القوّة والسلطة, ومسألة إجبار جزء من سكان القرية, وتحديداً الجنوبيين منها على حمل الجنسية الإسرائيلية, وما يحمله ذلك من انتهاكات إسرائيلية, للقانون الدولي ونظمه الأممية, سوف يقود إلى مزيد من ارتباطات شمال القرية بجنوبها, الذي تسيطر عليه إسرائيل, وهذا معناه باختصار: أنّ الانسحاب الإسرائيلي من القسم الشمالي من القرية, هو انسحاب وهمي افتراضي, عبر مسرحية الخدعة, لتضليل الرأي العام الأممي.

باعتقادي وتقديري أحسب أنّ الدولة العبرية، وعبر توصية ورؤية خلية الأزمة، تهدف إلى احتمالات مبرمجة الحدوث, وعلى خلفية أزمة القرار الظني للمحكمة الدولية والمسألة السورية واتفاق إيران النووي المؤقت ومخاضاته الأخيرة في مسقط, فمن المحتمل أن يقوم حزب الله, بعمل عسكري ليملىء فراغ القوّة والسلطة في الجزء الشمالي من القرية, وهذا من شأنه أن يوفّر ذريعة للدولة العبرية, لجهة القيام بالرد المماثل فتشتعل الحرب, وهذا ما تسعى له واشنطن, لندن, وتل أبيب, وجل مشتركاتهم من الساحات السياسية الضعيفة في المنطقة, ومشتركاتهم من الدول أيضاً, كما يقول الخبراء الدوليين ومنهم الخبير الأممي كوتسيف.

الاحتمال الآخر يتموضع، في سعي إسرائيل للقيام بالضربة الأستباقية كخطوة أولى حمقاء، تمهد لجهة القيام بالخطوة الثانية وهي ضرب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لإشعال الشرق الأوسط كله، ليتم إعادة رسمه من جديد، بعد أن تم لفظها أي إسرائيل كدولة شكّاءة من الاتفاق النووي المؤقت مع طهران ومخاضاته الأخيرة في مسقط العمانيّة.

يذهب فريق آخر من الخبراء والمتابعين الدوليين, إلى احتمال آخر- مع إيماني المطلق أنّ الاحتمال في السياسة ليس يقيناً – وبعد تحليل الأحتمالين السابقين, فانّ الاحتمال المبرمج في الحدوث, ويجمع بين الاحتمال الأول والثاني يتمثل في عدم, سعي حزب الله لاستغلال ظاهرة فراغ القوّة والسلطة في الجزء الشمالي من القرية, مع سعي الدولة العبرية إلى ترتيبات خاصة, للحدث( س وص)وفبركاته، لكي تستخدمه كمبرر لتوجيه ضربة لحزب الله, لإشعال حرب إقليمية واسعة تشترك فيها إيران, وهذا هو مخطط خلية الأزمة سابقة الذكر، حيث تم تطويره لدى دوائر المخابرات الأميركية والبريطانية وبعض العربية, وشبكات المخابرات الإسرائيلية والكندية, مع مشتركاتها من أجهزة المخابرات في الشرق الأوسط وخاصة الخليجية.

وتؤكد تقارير جهاز مخابرات إقليمي ناشط، وذو مجال جيوبوليتيكي واسع، أنّ إسرائيل حصلت بالفعل على أكثر من خمسة وعشرين طائرة أميركية من نوع اف – 35 ذات تطور عالي، وهذا ما أكدته دوائر مخابراتية أوروبية حديثاً.

وبالرغم من التفاهمات الروسية – الأمريكية والتي أنجزت الكيميائي السوري والنووي الإيراني المؤقت ومخاضاته الأخيرة في مسقط، والذي قد يقود إلى زمن التسويات السياسية الآن، حيث تمسّك حزب الله بمرشحه الجنرال عون إلى ملئ الشغور الرئاسي في لبنان، الاّ أنّ دوائر مخابرات أوروبية تتحدث على أنّ الأجواء باتت مهيأة لحروب جديدة تشنها إسرائيل ضد ساحات في المنطقة، وأنّ الاستعدادات لهذه الحروب قد شارفت على الانتهاء، وطواقم التنسيق في المنطقة تسابق الزمن”، وأضافت أن الحرب الإسرائيلية على لبنان باتت مسألة وقت، وأن هناك تنسيقا متزايدا ومتطورا بين إسرائيل، وجهات في المنطقة وداخلية لبنانية قوى 14 آذار وأخرى لدعم هذه الحرب، وقالت هذه الدوائر أن الإدارة الأمريكية سوف تشارك عمليا، بوسائل مختلفة في هذه الحرب، حيث يتواجد في إسرائيل، أعضاء الطاقم الاستراتيجي ومنذ أكثر من شهرين، كما أن الأسابيع الأخيرة شهدت زيارات سريّة، قام بها وفد أمريكي إسرائيلي أمني إلى دول في المنطقة، للاتفاق على الأدوار التي ستنفذها هذه الدول خلال الحرب.

وكشفت الدوائر ذاتها، أن هناك اتفاقا بين واشنطن وقيادات في المنطقة، على تأجيل بحث كافة القضايا المطروحة إلى ما بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان، والانتظار إلى ما ستسفر عنه من نتائج وترتيبات، وهذا ما يفسر الجمود الذي يلف هذه القضايا، وذكرت الدوائر أن ما تشهده بعض الساحات في المنطقة، واللقاءات السرية التي تتواصل بين تل أبيب وواشنطن من جهة، وأنظمة وجهات مختلفة في المنطقة، والاجتماعات بعيدا عن وسائل الإعلام، بين قادة الأحزاب الكبرى في إسرائيل، والاتصالات بين فئات لبنانية، ودوائر الأمن الإسرائيلية ، جميعها تصب في إطار التهيئة للحرب الدموية القادمة.

وما الزيارات التي قام ويقوم وسيقوم بها جون كيري، وهذا الحراك الدائم للدبلوماسية الأمريكية لجهة المفاوضات على المسار الفلسطيني – الإسرائيلي ضمن الصراع الإستراتيجي للعرب والمسلمين مع الكيان الصهيوني، وكذلك الحديث والحديث المضاد في موضوع جنيف إيران وجنيف سورية، ما هو إلا للفت الانتباه عمّا يجري إعداده للمنطقة العربية بشكل خاص والشرق الأوسط بشكل عام.

www.roussanlegal.0pi.com

mohd_ahamd2003@yahoo.com

هاتف منزل – عمان 5674111     خلوي 0795615721

سما الروسان في 16 – 11 – 2014 م.

اترك تعليقاً