عربي وعالمي

النظام العالمي الجديد وإلغاء القرار 3379 – د.غازي حسين

 

في السادس عشر من كانون الأول 1991 وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة بناء على مساعي الولايات المتحدة الأميركية، وباسم النظام العالمي الجديد على إلغاء قرار الجمعية العامة رقم 3379 الذي نص على أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري.

نجحت الولايات المتحدة بحشد مئة وأحد عشر صوتاً لصالح قرار الإلغاء، واعتراض 25 دولة، بينها خمس عشرة دولة عربية فقط من أصل 21 دولة من دول الجامعة العربية، وامتناع 13 دولة عن التصويت من أصل 166 عضواً، مجموع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة آنذاك.

وكان القرار 3379، الذي صدر في العاشر من تشرين الثاني عام 1975 قد فاز بأغلبية 72 دولة واعتراض 35 وامتناع 32 عن التصويت.

والدول التي عارضت قرار الإلغاء هي: أفغانستان، الجزائر، بنغلادش، بروناي، كوبا، فيتنام، كوريا الشمالية، أندونيسيا، إيران، ماليزيا، مالي، موريتانيا، باكستان، سيريلانكا، سورية، لبنان، ليبيا، العراق، الأردن، الصومال، السعودية، السودان، اليمن، والإمارات العربية.

والدول التي امتنعت عن التصويت هي: أنغولا، بوركينافاسو، أثيوبيا، غانا، لاوس، المالديف، موريشيوس، بورما، ترينداد، توباغو، تركيا، أوغندا، تنزانيا، زيمبابوي.

والدول التي لم تشارك في التصويت هي: البحرين، الكويت، مصر، المغرب، سلطنة عمان، جيبوتي، تونس، تشاد، جزر القمر، غينيا الاستوائية، غينيا بيساو، النيجر، السنغال.

ويتكون قرار الإلغاء من سطر واحد صاغه نائب وزير الخارجية الأميركي لورنس أيغلبرغر.

وفيما يلي نص القرار:

«تقرر الجمعية العامة نبذ الحكم الوارد في قرارها رقم 3379».

واعتبر الكيان الصهيوني إلغاء القرار 3379 نصراً تاريخياً، وهاجم الدول العربية التي عارضته.

وهنا يتساءل الإنسان العربي! لماذا لم تلتزم الدول العربية السبع التي غابت عن التصويت بقرارات القمم العربية والإسلامية، وبالموقف العربي الرسمي والشعبي، وحتى قرارات المجموعة العربية في الأمم المتحدة بالدفاع عن القرار ومعارضة إلغائه؟.

كيف يمكن للدول الأجنبية الصديقة أن تقف ضد إلغاء القرار، عندما تجد أن دولاً عربية من آسيا وإفريقيا تتضامن فعلاً مع إلغائه، بل وترحب سراً بالإلغاء؟ مثل نظام الطاغية مبارك الكنز الاستراتيجي للعدو الاسرائيلي ؟

جاء إلغاء القرار الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية، في وقت تظهر فيه إسرائيل للعالم أجمع بأنها تمارس العنصرية والإرهاب والاستيطان ، بل تصعد من عنصريتها واستيطانها وإرهابها، وممارستها للإبادة والعنصرية والإرهاب والاستعمار الاستيطاني كسياسة رسمية.

استغلت الولايات المتحدة النظام العالمي الجديد لكي تقول، أن الصهيونية ليست عنصرية وأنها لا تمارس التميز العنصري، وتخلت الأمم المتحدة عن قناعاتها وقراراتها ومبادئها والنتائج التي توصلت إليها لجان التحقيق الدولة ولجنة ممارسة الشعب الفلسطيني للحقوق الثابتة غير القابلة للتصرف بمنتهى البساطة، استجابة لهيمنة القطب الواحد على النظام العالمي الجديد، وعلى الأمم المتحدة بجميع هيئاتها وخاصة الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي.

عندما اتخذت الأمم المتحدة قرارها رقم 3379 بررته بالعديد من القرارات منها قرار الجمعية العامة رقم 1904 (د ـ 18) المؤرخ في 20 تشرين الثاني 1963 بشأن القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والقرار رقم 3151 ز (د ـ 28) المؤرخ في 14 كانون الأول 1973 حول التحالف الآثم بين العنصرية في جنوب إفريقيا والصهيونية، وإعلان المكسيك في المؤتمر العالمي للمرأة بتاريخ 2 تموز 1975 والذي ينص على أن التعاون والسلم الدوليين يتطلبان تحقيق التحرر والاستقلال القوميين وإزالة الاستعمار الجديد، والاحتلال الأجنبي والصهيونية والفصل العنصري والتمييز العنصري بجميع أشكاله، والقرار 77 الدورة 12 لمجلس رؤساء دول وحكومات منظمة الوحدة الإفريقية في كمبالا في 1 آب 1975 والذي جاء فيه «أن النظام العنصري الحاكم في فلسطين المحتلة والنظامين العنصريين الحاكمين في زيمبابوي وإفريقيا الجنوبية ترجع إلى أصل استعماري مشترك، والإعلان السياسي الصادر عن وزراء خارجية دول عدم الانحياز المنعقد في ليما بالفترة الواقعة ما بين 25 ـ 30 آب 1975، الذي أدان الصهيونية بأقصى شدة بوصفها تهديداً للسلم والأمن العالميين، وطلب من جميع البلدان مقاومة هذه الأيديولوجية العنصرية الإمبريالية».

ولكن عندما اتخذت قرار الإلغاء لم تبرره ولا بكلمة واحدة أو قرار واحد، وإنما اعتمدت على السيطرة الأميركية على النظام العالمي الجديد كما تفعل إدارة ترامب اليهودية.

هل فكرت الدول التي أيدت إلغاء القرار 3379 فيما إذا كان نصه ينطبق على الصهيونية كأيديولوجية وحركة وكيان، أم أنها رضخت بدون مناقشة وبدون تفكير إلى المساعي الأميركية والصهيونية لإلغائه..؟

إن عنصرية الصهيونية والنضال ضدها لم يبدأ بقرار دولي وينتهي بقرار دولي، فإلغاء القرار لا يعني على الإطلاق أن الصهيونية تخلت عن أيديولوجيتها العنصرية، وأن الكيان الصهيوني تخلى عن العنصرية في قوانينه وممارساته.ونشاهد حالياً ان حكومة نتنياهو اكثر الحكومات عنصرية في تاريخ اسرائيل.

لماذا يتغاضى النظام العالمي الجديد وامريكا المسيحية الصهيونيةعن عنصرية الصهيونية تجاه العرب ويقيم الدنيا ولا يقعدها إذا اقتلع حجر واحد من إحدى المقابر اليهودية في ألمانيا أو فرنسا؟

لماذا يحارب النظام العالمي الجديد العنصرية  ويسكت عن عنصرية الصهيونية الموجهة ضد العرب؟.

إن سكوت المجتمع الدولي وتغاضيه عن عنصرية الصهيونية داخل إسرائيل والعنصرية في القوانين الإسرائيلية في الأراضي العربية المحتلة يظهر بجلاء الازدواجية في الموقف الأميركي وعدم صدقية الولايات المتحدة ومصداقيتها ودعمها لاوحش واخطر الانظمة العنصرية التي ظهرت على كوكب الارض.؟

لماذا يؤيد النظام العالمي الجديد، هجرة يهود العالم إلى فلسطين العربية ولا يطبق قرارات الشرعية الدولية بخصوص حق العودة للشعب العربي الفلسطيني إلى وطنه فلسطين؟

أليس هذا منتهى العنصرية والتمييز العنصري؟!! إذ يسمح الكيان الصهيوني لأي يهودي لا يمت لفلسطين بصلة بالمجيء إليها، بينما لا يسمح لي «أنا العربي» المولود في فلسطين، وطني ووطن آبائي وأجدادي بالعودة إليها؟.

أليس هذا منتهى العنصرية والتمييز العنصري القائم على أساس الدين اليهودي والجنس العربي؟

لماذا تؤيد الولايات المتحدة هجرة اليهود إلى فلسطين على حساب الحق العربي والوطن العربي والإنسان العربي؟.

أليس هذا الموقف الأمريكي تمييزاً عنصرياً مقيتاً، بل أبشع أنواع العنصرية والتمييز العنصري؟! إن إلغاء القرار هدية أميركية فرضتها على الأمم المتحدة لمكافأة إسرائيل على تماديها في العنصرية والاستيطان مما دفعها إلى المزيد من التوسع والعدوان، لأن التبرئة الظالمة للصهيونية من العنصرية شجعتها على المزيد من اضطهاد العرب وسرقة مياههم وأراضيهم وانتهاك حقوقهم الوطنية وتدمير منجزاتهم وتهويد مقدساتهم وإقرار قانون الدولة القومية وتهويد لك القدس وتفريغ فلسطين فن شعبها الفلسطيني وشطب حقه بالعودة وتوطينه في الاردن ومصر ولبنان والعراق.

جسد الإلغاء هزيمة نكراء للشرعية الدولية وللأمم المتحدة في تطبيق مبادئ وأهداف الشرعية الدولية المتمثلة في الميثاق والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي بشأن تحريم العنصرية والتمييز العنصري على الصراع العربي ـ الصهيوني والقانون الدولي العام والانساني.

وسهّل تهافت بعض العرب على التسوية مع العدو الإسرائيلي بأي شكل وبأي ثمن .

كيف يمكن تفسير امتناع سبع دول عربية عن التصويت ضد إلغاء القرار؟

لماذا لم تقم هذه الدول السبع بمسؤولياتها التي التزمت فيها بالدفاع عن القرار انطلاقاً من قرارات القمم العربية والإسلامية؟.

إن مرونة بعض الجهات الفلسطينية والعربية والدولية لم تفد شيئاً أمام التعنت والاستيطان والتوسع الإسرائيلي، ولم تحمل العدو الصهيوني على تقديم بادرة حسن نية لكي توفر مناخاً ملائماً لمسيرة مفاوضات السلام على طريق «الأرض مقابل السلام» وليس السلام مقابل السلام، حيث ضاعت الأرض والوطن والحقوق أمام الأطماع الصهيونية والمباحثات المتعددة الأطراف والثنائية مع العدو الصهيوني.

إن التنظير الذي قامت به جهات فلسطينية وعربية حول التفريق بين صهيونية جيدة وأخرى شريرة وإسقاط حق الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم، والإعلان عن تمزيق الميثاق الوطني الفلسطيني، والدعوات لإقامة اتحاد اقتصادي فلسطيني ـ أردني ـ إسرائيلي، وإبداء الرغبة لإلغاء القرار 3379 أدى إلى تشجيع الإدارة الأميركية في السير في مخططها لفرض إلغاء القرار، وأضعف الموقفين العربي والإسلامي في الدفاع عن القرار.

إن عنصرية إسرائيل التي تتجسد يومياً في معاملة العرب الفلسطينيين داخلها، وفي الأراضي العربية المحتلة قبل صدور القرار 3379 والتي حملت الأمم المتحدة على اتخاذه لم تتوقف وإنما تصاعدت بعد بدء المفاوضات في مدريد، وتزداد يوماً بع يوم، وهي معاملة عنصرية، وشكل من أبشع أشكال التمييز العنصري، لا تخضع لأية اعتبارات إنسانية أو قانونية دولية. ولم تتغير أساليب وممارسات الظلم والاضطهاد والقتل والطرد والسجن والتعذيب والعقوبات الجماعية ومصادرة الأراضي العربية، وإحضار المستوطنين وتسليحهم، وإقامة المزيد من المستوطنات، بل تزداد ساعة بعد ساعة مما ادى الى إعلان ادرة ترامباليهودية ان كل القدس العربية المحتلة عاصمة اسرائيل الابدية.

فماذا تغير حتى تضغط الإدارة الأميركية على الأمم المتحدة لإلغاء القرار 3379؟

إن انقسام الموقف العربي في التصويت على إلغاء القرار، انتصار كبير لإسرائيل، ومؤشر على استمرار عدم وحدة الموقف العربي في مواجهة المفاوضات التي تهدف «إسرائيل» من خلالها اقتسام المياه العربية وأموال النفط العربية وتحقيق تغلغلها الاقتصادي في الأقطار العربية، وإقامة تعاون إقليمي على أساس شرق أوسطي وليس على أساس عربي.

ردود الفعل العربية على إلغاء القرار:

جسَّد موقف سورية الموقف العربي المبدئي في الدفاع عن مصالح الأمة العربية.

وعلى أثر إلغاء القرار صرح ناطق مسؤول في وزارة الخارجية السورية بما يلي:

إن إلغاء قرار الأمم المتحدة الذي يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية لم يلغ حقيقة وجود قوانين وتشريعات وإجراءات تمييزية في إسرائيل ما زالت سارية المفعول حتى الآن.

وقال الناطق: لقد صوت الوفد السوري ضد إلغاء القرار لمعرفته الأكيدة بأن الممارسات العنصرية ضد العرب في الأراضي العربية المحتلة قد تضاعفت وتصاعدت في السنوات الأخيرة عما كانت عليه الأحوال في عام 1975».

وأصدرت اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية والعنصرية بياناً حول الحملة التي قادتها الولايات المتحدة لتبرئة الصهيونية من العنصرية والضغوط التي مارستها الإدارة الأميركية على الدول النامية للموافقة على إلغاء القرار جاء فيه:

«إن القرار 3379 كان خلاصة مئات القرارات الدولية التي وصفت جرائم الاستيطان العنصري الصهيوني، وأدانت احتلاله واستيطانه وانتهاكه حقوق الإنسان، ونقضه الاتفاقات الدولية، فإلغاؤه هو إلغاء لتراث كبير من القرارات الدولية، وبالتالي تبرئة للاستيطان العنصري الصهيوني من جرائمه، وإسقاط لكل قرار تنديد بهذه الاتهامات والجرائم في الأمم المتحدة، وأن إلغاء القرار هو تمييز عنصري ضد العرب، لأن العنصرية مدانة في كل مكان، ولكنها إذا مورست بأقبح أشكالها ضد العرب فيجري تبرئتها».

ودعت لجنة مكافحة الصهيونية في ختام بيانها إلى أوسع حملة لتعرية عنصرية الصهيونية، وسياسة الإرهاب والتمييز العنصري التي يطبقها ويمارسها الكيان الصهيوني، ولتعزيز الثقافة المقاومة للغزو الاقتصادي والثقافي الصهيوني القادم.

وأصدر اتحاد الكتاب العرب بدمشق بياناً أكد فيه أن إلغاء قرار مساواة الصهيونية بالعنصرية لن يغير من حقيقة أن الصهيونية عنصرية، بل من أبشع الحركات العنصرية وأقدمها في التاريخ.

وأضاف بيان الاتحاد أن إلغاء القرار 3379 لن يغير من الطبيعة العنصرية لليهودي ـ الصهيوني التي لا تقرها القوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان.

وأن إسرائيل تمارس العنصرية ضد أولئك الذين قامت الصهيونية مجسدة بإسرائيل العنصرية باقتلاعهم من وطنهم الأصيل وطن الآباء والأجداد منذ وجد الإنسان على هذه الأرض، وطردتهم خارج أرضهم وديارهم.

ووصف بيان الاتحاد إلغاء القرار بأنه ضار جداً بمسيرة السلام ويعزز تعنت إسرائيل وعدوانها ونزوعها التوسعي الاستيطاني وممارساتها العنصرية ضد السكان العرب. وأكد البيان أن تزييف الحقيقة وتزوير التاريخ وإزالة الصفة العنصرية عن الصهيونية بقرار لن ينطلي على أحد، ولن يفل ذلك عزمنا على متابعة النضال من أجل حقوقنا التاريخية ومن أجل السلام العادل والشامل.

وبناء على دعوة من اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية والعنصرية أصدرت سبعة اتحادات عربية قومية مذكرة أدانت فيها إلغاء القرار 3379 واقترحت خطة تحرك لمواجهة الصهيونية في المجالين العربي والدولي، والاتحادات هي:

الاتحاد الدولي لنقابات العمال العرب، الاتحاد البرلماني العربي، اتحاد الكتاب العرب، اتحاد المعلمين العرب، اتحاد الطلاب العرب، اتحاد الشباب العربي واللجنة العربية لمكافحة الصهيونية والعنصرية.

وأكدت مذكرة الاتحادات العربية أن الصراع ضد عنصرية الصهيونية ومشروعها الاستيطاني العنصري المهدد لمصيرنا القومي كله لم يبدأ بقرار دولي حتى ينتهي بقرار دولي، ولن يغير إلغاء القرار من الطبيعة العنصرية للصهيونية، أو من طبيعة الصراع التحرري ضد استيطانها العنصري، وأن إلغائه استهدف تزييف طبيعة الصراع والقضية لإضفاء مشروعية مزيفة على الاستيطان العنصري ـ الصهيوني، وهز مصداقية المنظمة الدولية وهيبتها (عند العرب).

وتوجهت مذكرة الاتحادات ببرنامج عمل إلى الجامعة العربية دعت فيه إلى:

أ ـ التقدم بطلب رسمي معلل إلى الأمم المتحدة بتطبيق أحكام الاتفاقية الدولية لمكافحة العنصرية والتمييز العنصري على القوانين الإسرائيلية.

ب ـ تنفيذ قرار الجامعة السابق بإعداد ملفات عن الممارسات الإسرائيلية العنصرية وجرائم الحرب وانتهاك حقوق الإنسان والعهود الدولية الأخرى في الأراضي المحتلة لرفعها إلى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

جـ ـ العمل على وقف الاستيطان فوراً وتنفيذ القرارات الدولية لا سيما القرار 465 الصادر عن مجلس الأمن في أول آذار 1980 والذي يدعو إلى تفكيك المستوطنات.

د ـ وقف الهجرة الاستيطانية الصهيونية لكونها تنقض حقاً إنسانياً وطبيعياً غير قابل للتصرف نص عليه قرار الأمم المتحدة رقم 194 (لعام 1948) والذي تكرس في جميع القرارات الدولية التالية بما فيها قرار الجمعية العامة رقم 273 بحيث جعل قبول عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة مشروطاً بتنفيذ القرار 194، القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم ومنازلهم المحتلة منذ عام 1948.

هـ ـ رفض المساومة على الحقوق الوطنية غير القابلة للتصرف للشعب العربي الفلسطيني، بما في ذلك حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة.

وـ اعتبار الجلاء الإسرائيلي عن الأراضي المحتلة في عام 1967 أمراً محتماً غير مشروط.

زـ رفض شروط التطبيع والتطويع والتركيع التي يحاول العدو فرضها بمساندة الولايات المتحدة الأميركية على العرب، لإضفاء الشرعية على الاستيلاء على مياههم، ولإخضاع اقتصادهم وثرواتهم للنهب والسيطرة تحت شعار «الإدارة والتكنولوجيا الإسرائيلية» للثروات المائية والنفطية.

ودعت المنظمات الشعبية القومية إلى أوسع حملة ضد النظام الإقليمي المشبوه المزمع إقامته على أساس شرق أوسطي وليس على أساس عربي، وإحياء التضامن العربي كبديل وحيد ومنزه عن الشوائب، ومقاومة الغزو الصهيوني الاقتصادي والثقافي والسياسي والوقوف ضد السلم التطبيعي التطويعي والتركيعي.

وأكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السيد عدنان عمران أن موافقة الجمعية العامة على إلغاء القرار الذي أصدرته عام 1975 هو سابقة خطيرة في تاريخ المنظمة الدولية لأنه يفتح الباب أمام إلغاء قرارات أخرى عديدة تمثل مكاسب لشعوب العالم بأسرها، ويناقض قناعات المجتمع الدولي الذي استند في إصدار هذا القرار إلى الحقائق المتعلقة بالعقيدة الصهيونية وممارسات الإسرائيليين في المنطقة العربية وفي العالم ومنذ انعقاد أول مؤتمر صهيوني في بازل، ويمثل مكافأة لممارسات إسرائيل القمعية وغير الإنسانية والعدوانية ضد الإنسان العربي.

إن إلغاء القرار 3379 يجسد انحياز النظام العالمي الجديد، الذي انفردت الولايات المتحدة الأميركية بقيادته إلى الصهيونية والكيان الصهيوني، ويظهر معاداة الدول الغربية للأمة العربية، ويجسد الاستجابة للابتزاز الصهيوني، والخضوع للصهيونية، ويضفي الشرعية الدولية على الأساطير والخرافات والأكاذيب والجرائم الصهيونية.

ويعني تدعيمه وتشجيعه للاستيطان والهجرة اليهودية وترحيل العرب الفلسطينيين من وطنهم وبالتالي عنصرية وتمييز عنصري تترافق مع التمييز العنصري تجاه العرب في بعض البلدان الأوروبية.

إن تبرأة الصهيونية من طبيعتها وجرائمها وممارساتها العنصرية موقف عنصري وأبشع أنواع التمييز العنصري المعادي للعرب.

إن إلغاء القرار سابقة خطيرة في تاريخ الأمم المتحدة والتعامل الدولي، ومكافأة للمعتدي الإسرائيلي على جرائمه واعتداءاته وممارساته باسم الشرعية الدولية والنظام العالمي الجديد.

 

ـ إحياء قرار الأمم المتحدة 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية

تتنافى عنصرية الصهيونية والكيان الصهيوني مع أهداف ومبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية لتحريم إبادة الجنس البشري والعهد الدولي الخاص بالقضاء على كافة أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي بشأن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والعهد الدولي بشأن الحقوق المدنية والسياسية ومع كافة الأعراف والقوانين السماوية والوضعية.

وتجلت عنصرية الكيان الصهيوني وممارسته للإرهاب والإبادة الجماعية كسياسة رسمية في الحروب العدوانية والمجازر الجماعية التي ارتكبها بحق الشعب الفلسطيني وبقية العرب، وفي الهولوكوست الأخير على قطاع غزة.

لذلك اتخذت الأمم المتحدة في العاشر من تشرين الثاني 1975 القرار التاريخي رقم 3379 الذي ساوى الصهيونية بالعنصرية.

وعلى أثر موافقة الأمم المتحدة على القرار 3379 فقدت «إسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية واليهودية العالمية صوابها وجن جنونها، وقررت بالعمل الدؤوب والمستمر لإلغائه.

واتخذ الكونغرس الأمريكي قراراً ببذل أقصى الجهود لإلغائه وكذلك الكونغرس الاسترالي.

تشكلت اللجنة العربية لدعم القرار 3379 رداً على مساعي الصهيونية العالمية والإمبريالية الأميركية لإلغاء القرار المذكور الأمر الذي رتب مسؤولية كبيرة على عاتق المثقفين العرب للدفاع عنه وفضح الطابع العنصري والإرهابي والاستيطاني للكيان الصهيوني.

وتشكلت اللجنة بقرار من الأمانة العامة للاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين في مقر الاتحاد بالمزة في دمشق على الشكل التالي:

1 ـ د. جورج جبور رئيساً.

2 ـ د. غازي حسين نائب الرئيس للشؤون السياسية والتنظيمية.

3 ـ الأستاذ إنعام رعد نائب الرئيس للعلاقات الخارجية.

4 ـ الأستاذ عبد الهادي النشاش نائب الرئيس للعلاقات الخارجية.

وعضوية د. عبد الحسين شعبان، الأستاذ سعيد سيف، الأستاذ صابر محي الدين، الأستاذ ناجي علوش، الأستاذ عبد الفتاح إدريس والأستاذ غطاس أبو عيطة.

وكانت اللجنة تهدف إلى:

ـ دعم القرار 3379 والدفاع عنه والعمل على تعميمه والحيلولة دون إلغائه.

ـ السعي لكسب التأييد للقرار 3379 على مستوى الأمم المتحدة ومنظماتها والرأي العام العالمي.

ـ فضح عنصرية الصهيونية والكيان الصهيوني على الصعيدين النظري والعملي وإبراز ممارسة «إسرائيل» للعنصرية والتمييز العنصري والإبادة الجماعية (الهولوكوست) تجاه الشعب الفلسطيني، وإحياء الذكرى السنوية للمجازر الجماعية التي ارتكبتها وترتكبها «إسرائيل».

ـ إبراز التشابه النظري والتعاون العملي بين الصهيونية والنازية ونظام الأبارتايد في جنوب إفريقيا.

ـ كشف الدور التخريبي الذي تمارسه الصهيونية والكيان الصهيوني ضد حركات المقاومة والتحرر الوطني في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية.

ـ المطالبة المستمرة بوقف الهجرة اليهودية وتوضيح خطرها وخطر الترحيل والاستعمار الاستيطاني اليهودي على الحقوق الوطنية للشعب العربي الفلسطيني وعلى السلام والأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة العربية.

حددت الولايات المتحدة الأميركية العام 1990 لإلغاء القرار 3379 تلبية لرغبة اليهودية العالمية «وإسرائيل» لذلك تداعت اللجنة العربية لدعم 3379 إلى عدة اجتماعات لمدة ثلاثة أشهر وقررت تغيير اسم اللجنة وأصبحت تحمل اسم: «اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية والعنصرية».

وصدر عن اللجنة وثيقتان سياسيتان، وكانت الولايات المتحدة قد أرجأت عملية إلغاء القرار إلى ما بعد حرب الخليج الثانية.

وتوسعت اللجنة العربية لمكافحة الصهيونية بإضافة د. علي عقلة عرسان، د. عبد العظيم المغربي، د. حامد خليل، د. طيب تيزيني ود. نادية خوست إلى عضويتها.

وانتخبت الأستاذ إنعام رعد رئيساً لها ود. غازي حسين أمين سر اللجنة.

وتضمنت الوثيقة السياسية الثانية التي أصدرتها اللجنة في آذار 1994 أن الكيان الصهيوني مشروع استعماري استيطاني قائم على التعصب المقيت المستند إلى اعتقاد تلمودي مفرط في الخرافية والاستعلاء العنصري، وأن الصهيونية تستمد جذورها الأيديولوجية من إرث «الشعب المختار» الاستعلائي العنصري، وأن المشروع الصهيوني يرتبط عضوياً بالامبريالية الأميركية ويهدف إلى استنزاف العرب، ثروة وموارد طبيعية وأموالاً وطاقة بشرية وروحية، وإلحاق الإحباط والتخلف بأجيالهم، وإبقائهم نهب التمزق وقيد الهيمنة، وهو المشروع المعوّق للتقدم والنهضة والوحدة في الوطن العربي.

وفي السادس عشر من كانون الأول 1991 وافقت الجمعية العامة وبناء على مساعي الولايات المتحدة وباسم النظام العالمي الجديد بقيادة القطب الواحد إلغاء قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الذي يساوي بين الصهيونية والعنصرية في سابقة فريدة من نوعها (وربما الأولى) في تاريخ الأمم المتحدة والتعامل الدولي، ما وضع “إسرائيل” وعنصريتها وإرهابها فوق الأمم المتحدة وفوق العهود والمواثيق الدولية والقانون الدولي.

تتجسد عنصرية وإرهاب ووحشية «إسرائيل» في تصاعد الهولوكوست على قطاع غزة وفي معاملة الفلسطينيين داخلها وداخل الأراضي المحتلة عام 1967 وتصاعدت بعد مفاوضات مدريد وبعد توقيع اتفاق الإذعان في أوسلو وإبان المفاوضات التي يجريها رئيس السلطة، وتزداد يوماً بعد يوم لكسر إرادة الشعب الفلسطيني والإرادات العربية والاعتراف بالمشروع الصهيوني على حساب الحقوق الوطنية والتاريخية للفلسطينيين وللعرب والمسلمين في مدينة الإسراء والمعراج وبقية فلسطين.