الأرشيفثقافة وفن

الى مرسيل خليفة، لن تكون موزارت الشرق – بشارة صراف

في حياتي لم أصح يوما من النوم في الصباح قائلا في نفسي لاسمع مقطوعة موسيقية للأخوين رحباني، او لعبد الوهاب او لبليغ

فالشرق يختلف ثقافيا عن الغرب مهما حاول و اجتهد الفنان بالتأليف

الموسيقى هنا تأتي إلينا ضمن ايقاع الكلمات المنظومة من قبل الشعراء الذين نظموا تلك العقود الماسية الخالدة

صوت مرسيل اقترن بشعر درويش او عباس بيضون او علي فودة و اخرين مما كتبوا القصائد التي غناها مرسيل اذ لولا قصائدهم لا ادري اذا كان ليصل إلينا صوت مرسيل كما سمعناه لاول مرة في السبعينيات و الثمانينات

فعندما غنى مرسيل

أريدك عاليا كالغصن

و يا علي

و يا بحرية

و في البال اغنية

غنى تلك الأغاني الخالدة في فترة كانت الموسيقى او الاغنية الميادينية تعلو على أصوات المدافع و صراخ الدم المسفوك على الطرقات

هنا في الشرق الكلمة اكثر نفاذا من الموسيقى او الموسيقى النافذة الى الروح تأتي إلينا على اجنحة الكلمة التي عادة ما يحملها إلينا صوت فنان فذ مثل فيروز او عبد الوهاب او وردة او عبدالحليم او ام كلثوم او حتى مرسيل لكن الخامة الصوتية التي امتلكها مرسيل فهي اقل إبداعا من المذكورين لذلك اقل تأثيرا اذا كان الاعتماد على الصوت لوحده ربما اميمة الخليل تمتلك حنجرة اكثر إبداعا من حنجرة أستاذها و لم لا فالفن موهبة

صحيح يلعب المطرب او الفنان الدور النهائي و الحاسم في إيصال الرسالة الفنية فكثيريين منا سمعوا بسعيد عقل و طلال حيدر من خلال الاغنية الفيروزية و ليس بالضرورة ان الكلمة وصلت الى مسامع الناس كما في حالة درويش اذ كان الكثيريين يعرفون شعر درويش قبل غناء مرسيل لقصايده كما انني ادرك ان مرسيل ساهم في إيصال قصائد درويش الى شرائح اعرض من المستمعين

لا أناقش اذا مرسيل يستحق التكريم ام لا لكن كنت افضل لو هذا التكريم جاء من معهد موسيقي او مسرح او مجلة فنية او جهة تهتم بالموسيقى و الفن لا من قبل سفارة دولة لها باع كبير في استعباد الشرق و في انتهاك حرماته و قتل ابنائه و تقسيم بلدانه و ما زالت غارقة في وحل دمائه للإقليم الذي ننتمي جميعا اليه و التي عبرت موسيقى مرسيل ذات مرة عن تطلعات ابنائه للحرية

تلك الحرية التي عملت و تعمل فرنسا جاهدة على حرماننا إياها

لان قصيدة و دخلت في بيروت لن تقرا كما قرأت اول مرة

فمن اين ادخل في الوطن ،

من بابه ،

من شرفة الفقراء

لان باب السفارة الاستعمارية تعني الخروج من الوطن و الخروج من بيروت او على الاقل من جزء غفير من اَهلها الذين غنوا اغنية مرسيل بدمائهم فأوصلوها الى العالمية بملحمة صمودهم الذي عبر عباس بيضون عن هذا الصمود برائعته التي غناها مرسيل يا علي ،

ان حطام ابنائنا و أسلحتهم يغطي السفوح
و نحن نري ذلك بصمت،

بصمت،

بصمت

بصمت