من هنا وهناك

بفعل صراع الأدمغة الروسية الأمريكية – المحامي محمد احمد الروسان

كلاب الحرب في القوقاز تعود من جديد

 

وبفعل الدبلوماسية الروسية الجادة، والعقيدة العسكرية الجديدة للجيش الروسي، صار الأمريكي تكتيكيّاً يمتطي ظهر الديك الرومي بدلاً من ظهر الحصان ازاء سورية وازاء بؤر التسخين الأمريكي البلدربيرغي الأخرى بفعل الحدث السوري ومفاعيله وتفاعلاته، ازاء أوكرانيا وجورجيا تحديداً أيضاً، وفي ظل انشغالات العالم بالمسألة السورية وتداعياتها، وخاصة بعد الفعل الروسي المتصاعد في المسألة السورية والأوكرانية، والتي خلطت كل أوراق الطرف الثالث ومن ارتبط به من العرب بالحدث السوري والحدث الأوكراني، خاصةً وأنّ موسكو تدرك الضعف الأمريكي السياسي وتعقيدات الموقف العسكري الأمريكي الولاياتي، فهي تريد(أي الفدرالية الروسية)استغلال وتوظيف وتوليف هذا الوهن السياسي العسكري الأمريكي الى أبعد أبعد الحدود، لذلك وعبر الدبلوماسية الروسية والمخابراتية العسكرية الجادة، طرحت موسكو خطة لحل جلّ المسألة السورية ما زالت بعض تفاصيلها طي الكتمان رغم انطلاق منتدى موسكو، كما استطاعت الدبلوماسية الروسية الجادة والفاعلة من جعل الأمريكي يمتطي ظهر الديك الرومي بدلاً من امتطائه ظهر الحصان وان لحين، كما فعّلت دور الجنرالات الأمريكان الحقيقيين في وزارة الخزانة الأمريكية لا في البنتاغون والمجمّع الصناعي الحربي، فحلّت ثقافة الأرقام محل ثقافة القاذفات .

مقابل كلّ ذلك تتحدث المعلومات، عن وجود مخطط أميركي يسعى بشكل حثيث وخافت، من أجل استغلال واستثمار الظروف غير المستقرة السائدة في منطقة الشرق الأوسط بشكل عام ومنطقة القوقاز الجنوبي بشكل خاص، لجهة نشر القوات الأميركية في المنطقة بهدف عسكرة الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية، لجهة مناطق القوقاز الجنوبي وغيره من باقي المناطق ذات المجال الحيوي الروسي.

 وعليه فأنّ جدول أعمال التحركات الأمريكية المعلنة وغير المعلنة، والتي تستهدف ايران كحلقة استراتيجية متصاعدة ومتفاقمة ضمن متتاليات هندسية، في الرؤية العميقة للمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي وحكومته العميقة الخفية BUILDER BURG، يتكون من بنود تنطوي على نوايا ومساعي أميركية لجهة الحصول على موافقة أذربيجان وأرمينيا، على مشروع نشر القوات الأميركية في المناطق الأذربيجانية السبعة الواقعة تحت الاحتلال العسكري الأرمني، هذا وما هو أكثر خطورة يتمثل في أن المناطق الأذربيجانية السبعة المحتلة أرمنياً، تقع على طول خط الحدود الأذربيجانية – الإيرانية.

وهذا يعني بوضوح، أن نشر القوات الأميركية في هذا المناطق السبعة، أن القوات الأميركية أصبحت تتمركز على طول الحدود الإيرانية – الأذربيجانية، بشكل ينطوي على قدر كبير من الخطر بالنسبة للأمن القومي الأيراني، وسوف يتيح للقوات الأميركية التمركز على طول خط الحدود الأذربيجانية – الإيرانية، حيث الأخيرة تقع على مقربة من مناطق شمال ووسط إيران، وتوجد كل المنشآت الحيوية الإيرانية في المناطق الوسطى والشمالية، كما تتميز رقعة الأراضي الإيرانية الممتدة من خط الحدود الإيرانية – الأذربيجانية بالسكان ذوي الأصول الأذربيجانية، الذين ينخرطون( كما تقول المعلومات) في عداء عميق لنظام الثورة الإسلامية، إضافة إلى تميزهم بالنزعة القومية الاجتماعية الأذربيجانية، فهم يتحدثون باللغة الأذربيجانية ويدعمون الحركات الانفصالية التي تطالب بالانفصال عن إيران والانضمام إلى أذربيجان.

وتشير التوقعات إلى أن تمكّن واشنطن من نشر قواتها، في هذه المناطق الأذربيجانية الفائقة الحساسية بالنسبة لأمن إيران القومي، هو مسألة وقت ليس الاّ، خاصة بعد أن تم اضعاف النسق السياسي السوري عبر حدثه، والأحتفاظ به كخصم اقليمي ضعيف، فقد تم البدء بالتحضير للعمل بعمق في الداخل الأيراني، وبوصف ايران خاصرة الفدرالية الروسية الضعيفة. وتقول معلومات الخبراء أنّه ومن الممكن أن تحصل أميركا بكل سهولة على هذه المزايا الأنفة وأذربيجان حليفة لواشنطن دي سي، حتّى وإن كانت أرمينيا حليفة موسكو، فإنّها أرمينيا هذه تحتفظ بعلاقات وثيقة مع أركان الإدارة الأميركية، وعلى وجه الخصوص بسبب الاعتبارات المتعلقة بالتحالف الوثيق بين جماعات اللوبي الإسرائيلي، واللوبي الأرمني، إضافة إلى اللوبي الكردي عبر زعيمه قوباد جلال الطالباني زوج شيري كاراهام ذات القد الممشوق.

هذا وتسهب المعلومات، بأن تحركات واشنطن الرامية إلى نشر القوات الأميركية في الأقاليم الأذربيجانية السبعة المحتلة أرمينياً، تتضمن الكثير والكثير من الحسابات المعقدة، فمن التجميد النهائي غير المحدود لأزمة إقليم ناغورنو- كرباخ المتنازع عليه بين أرمينيا وأذربيجان، إضافة إلى الأقاليم الأذربيجانية الستة الأخرى، المحيطة بإقليم ناغورنو- كرباخ والتي تحتلها حاليا القوات الأرمنية، الى إضعاف نفوذ الدبلوماسية الوقائية السريّة التركية الساعية إلى عقد صفقة أرمنية – أذربيجانية يتم بموجبها حل أزمة إقليم ناغورنو-كرباخ، أو على الأقل إخراج القوات الأرمنية من الأقاليم الأذربيجانية الأخرى، الى إضعاف العلاقات الأرمنية – الروسية، والعلاقات الأرمنية – التركية الضعيفة أصلا، الى ردع إمكانيات حدوث أي تقارب إيراني –أذربيجاني، والى منع إمكانيات تطوير العلاقات الثنائية التركية – الإيرانية والتي ضعفت بعد الحدث السوري، كما أنّه من شأن ذلك أن يقود، الى دفع أرمينيا المجاورة لإيران، وأيضا أذربيجان، لجهة توتير العلاقات الثنائية ليس مع إيران وحسب وإنما مع تركيا أيضا.

إنّ وجود القوات الأميركية في الأقاليم الأذربيجانية السبعة المحتلة أرمينياً، سوف يتيح لواشنطن دي سي تنسيق عمليات الحرب السريّة ضد بلدان منطقة القوقاز الجنوبي، وعلى الأغلب أن يتضمن ذلك المزيد من العمليات العسكرية – المخابراتية السريّة، حيث تتموضع وتتمثل الأخيرة في سلّة الأهداف التالية:-

من رعاية ودعم الحركات الانفصالية الإيرانية ذات الطابع القومي الاجتماعي الأذربيجاني، ودفعها لتفعيل أنشطتها ضد إيران على غرار جماعة جند الله الإيرانية الناشطة في منطقة سيستان – بلوشيستان، وجماعة حزب الحياة الحرة (بيجاك) الكردية الإيرانية والناشطة في منطقة كردستان الإيرانية – مناطق شمال غرب ايران، وجماعة حركة مجاهدي خلق الناشطة بالانطلاق من الأراضي العراقية، حيث يصار الى اعادة انتاجها من جديد واستنساخها لتعمل من آراضي عربية أخرى ذات قرب جغرافي من ايران الجارة المسلمة، بوصف هذه الحركة وغيرها من الحركات الأيرانية المعارضة – الأرهابية أدوات بيد وكالة المخابرات المركزية الأميركية، وحكومة المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي الخفية BUILDER BURG، ذات الجنين الماسوني لحكومة أممية تعمل بالخفاء .

صحيح أنّ السياسة تعني فن الممكن، لكنها الآن ونحن نعيش في الألفية الثالثة للميلاد، تعني  بالمعنى الأدق هي فن إعادة إنتاج الضرورة بمفهومها الشامل، ضرورة أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وحتّى الثقافية الفكرية، بعبارة أخرى السياسة هي منتج أمني وسياسيي واقتصادي واجتماعي وثقافي فكري ولم تعد فقط فن الممكن.

 والرهان في علم الرياضيات المعاصرة أيّاً كان هو مجرد احتمال فقط، والاحتمال في علم السياسة سواءً كانت سياسة النخب أو السياسة “الشعبوية” هو ليس يقيناً.

لقد راهنت النخب السياسية الجورجية الحاكمة وحزب الحركة المتحدة بقيادة ميخائيل سافاشغيلي، المحامي وحامل الجنسية الأميركية وزعيم الثورة الملونة والتي عرفت باسم الثورة “الوردية” أو القرمزيّة، راهنوا على مفاعيل ارتباطهم بمحور تل أبيب واشنطن وبعض العرب في القوقاز لضرب الفدرالية الروسية ومفاصل مؤسساتها وما زالوا حتّى اللحظة، كعمل أمني بالوكالة عن مجتمع المخابرات الأمريكي ونظيره الغربي والأسرائيلي الصهيوني من جهة، ومع دول الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو من أجل تقدّم وتنمية دولتهم جورجيا من جهة أخرى، من خلال العمل على استقطاب الرأي العام الجورجي المعادي والمناهض للحقبة السوفيتية السابقة وللفدرالية الروسية بزعامة الرئيس والزعيم الأممي فلادمير بوتين ثعلب المخابرات الروسية، كي تحصل هذه النخب الجورجية وطبقة رجال الأعمال على المساعدات والدعم الغربي اللاّمتناهي لبناء دولة جورجية على الطراز الأوروبي الحديث، خارجةً من جلدتها الجورجية التاريخية وضاربةً بعرض الحائط ودون أن تلتفت إلى جوارها الروسي، وقد أوغلت هذه النخب في رهانها ومعها حواضنها في مجتمعها السياسية، على هذا المحور الخارجي، محور واشنطن تل أبيب بآثاره بعض العرب على الداخل الجورجي بشكل خاص، وعلى الداخل القوقازي الشامل بشكل عام ومهدّدةً جوارها الروسي والقوقازي، والرهان كما أسلفنا هو احتمال، والاحتمال في السياسة ليس يقيناً.

أمّا عن الدور الجورجي السلبي في الحدث السوري فحدّث بلا حرج، حيث تقول المعلومات أنّ جورجيا تمارس سياسة مزدوجة حيال المكوّن الشركسي لديمغرافية شعبها، والمكوّن الشركسي لشعوب القوقاز، حيث هي تدعم حقوق الشعب الشركسي في القوقاز لتقرير مصيره في أماكن تواجده ونيل حقوقه الشرعية من زاوية تبليسي، وفي ذات الوقت والسياق العام تقوم، بإرسال مجموعات شركسية جورجية وغير جورجية مسلّحة إلى سورية، لتقاتل بجانب المجموعات الإرهابية الوهابية المسلّحة وغيرها من المجموعات المسلحة الأخرى، ضدّ النسق السياسي السوري وحكومته الشرعية، وذلك بالتنسيق والتعاون مع المخابرات التركية والأمريكية والفرنسية والبريطانية، والأطراف العربية المعروف دورها الفوق سلبي بما يجري في سورية.

وكما هو معلوم ومعروف للجميع، أنّ المكوّن الشركسي السوري يشكل قوام نوعي ولا بأس به ضمن هيكلية الجيش العربي السوري وقوامه العام، وفي الأجهزة الأستخبارية السورية المختلفة، وأنّ هؤلاء الشركس السوريون هم مع دولتهم سورية وحكومتها الشرعية، ويقاتلون بقوّة وشراسة الجماعات الإرهابية الوهابية المسلحة وغير الوهابية أيضاً، وبالتالي فانّ وجود جماعات شركسية جورجية وقوقازية مسلّحه، تم إدخالها إلى الداخل السوري عبر المخابرات الجورجية، وبمعرفة وتعاون مع المخابرات التركية والأمريكية والفرنسية والبريطانية وغيرها، يمكن اعتباره نوع عميق من الفتنة بين المكون الشركسي السوري الذي يقف مع دولته سورية في مواجهة الإرهاب المدخل، والمكون الشركسي الجورجي القوقازي والمتواجد في قوام الجماعات المسلّحة، الذي يقاتل بجانب عصابة داعش السوداء وبجانب جبهة النصرة وتفرعاتها في الداخل السوري وأماكن تواجدها في بعض دول الجوار السوري.

جورجيا ونخبها المختلفة ونظام حكمها عملت وتعمل على عقد اتفاقيات التعاون العسكري الأمني مع الكيان الصهيوني، وقد شاهدنا الأسلحة الإسرائيلية لدى القوّات العسكرية الجورجية في الحرب الروسية الجورجية الأخيرة، وأنّ معظم الأسلحة الأميركية المتطورة الموجودة لدى “إسرائيل”، صار بعضها متاحاً للاستخدام في جورجيا بفعل التزام “إسرائيل ” ببذل المزيد من الجهود في تدريب وتأهيل وتسليح القوّات الجورجية، كما عملت جورجيا على عاتقها، ملف تقديم التسهيلات المختلفة للقوّات الأميركية، وتبذل جهود غير عادية لتجعل من جورجيا “مصنع ومعمل” لأعداد التقارير السياسية والأمنية الإستراتيجية، وتقديم نسخ من الثورات الملونة إلى الحدائق الخلفية للفدرالية الروسية، بما في ذلك روسيا نفسها وعبر محاولات نقل نسخ ما يسمى بالربيع العربي إن لجهة الداخل الروسي(المتفولذ)وان لجهة الخارج الروسي المجال الحيوي، بمساعدة السي أي إيه والأم أي سكس، ومجتمع المخابرات الإسرائيلية، والمخابرات الفرنسية، والمخابرات الكندية والمخابرات التركية.

 النخب غير الوطنية والمتأمركة والمتأسرله في جورجيا جعلت منها قاعدة متقدمة للعمليات السريّة للسي أي إيه ولجهاز الموساد، في مناطق القوقاز الجنوبي والشمالي على حد سواء وفي جل دول آسيا الوسطى، مهدّدةً أمن واستقرار القوقاز الكبير، وأمن واستقرار روسيا الفدرالية ومجالها الحيوي وهو جزء من أمنها القومي.

توليفة الحكم في النظام الجورجي بنسخته “الورديّة القرمزيّة” تعمل على عقد اتفاقيات تعاون استراتيجي مع واشنطن، كي يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات خاصة أميركية جورجية على غرار العلاقات الخاصة الأميركية الأسرائلية الصهيونية، كي تتمكن تبليسي بأن تجعل من جورجيا ” إسرائيل القوقاز الكبير”!.

السؤال الذي يدغدغ خلايا العقل ويحثّها على الأعمال والإجابة الآن هو: ما بعد دعم ادارة باراك أوباما لكييف بشكل مطلق في محاولة لي ذراع الدولة الفدرالية الروسية بزعامة الزعيم بوتين وتفاقم النزاع الأوكراني الداخلي، ما هي استثمارات الإدارة الأميركية الحالية للسنتين القادمتين في النخب السياسية والأقتصادية والمخابراتية وتوليفة الحكم في جورجيا، بعد اعلان أوباما لأستراتيجيته الجديدة والتي اعتبر فيها روسيّا عدواً؟! وما هو موقف الاتحاد الأوروبي أيضاً؟.

تتحدث المعلومات والتقارير السياسية والأمنية الإستراتيجية، أنّ الرد الأميركي الديمقراطي كان واضحاً، حيث واشنطن لا تسعى إلى توثيق علاقاتها الإستراتيجية مع موسكو، كون أميركا تدرك بشكل جيد وجدي وكبير، أنّ علاقاتها مع جورجيا كمسمار جحا في القوقاز لجهة موسكو، أكثر أهمية لمصالحها من علاقاتها مع نظام الرئيس الروسي، وهذا يشي بالمعنى السياسي والمخابراتي من الزاوية الأميركية، بأنّه على جورجيا أن تسعى لتسميم الأجواء مع جارتها الكبيرة روسيا الفدرالية.

في حين أنّ الاتحاد الأوروبي الذي أوصل معظم رسائله إلى تبليسي، بضرورة دخولها في علاقات عملية وحقيقية وجادة لتأمين المصالح الجورجية الروسية الى حد ما، وأن تجعل مسافة معقولة من جلّ المواقف الأمريكية ازاء روسيّا، وعلى النظام في جورجيا أن يسعى إلى إعادة ترتيب علاقاته الإقليمية والدولية بشكل أكثر واقعية وإقناع، وأن تبتعد عن التماهي والتساوق مع الرؤى الأمريكية في سورية وتركيا وجلّ مناطق الشرق الأوسط والشرق الأدنى، وأن تجري مقاربات جديدة لجلّ علاقاتها مع “اسرائيل”.

هناك تباينات الى حد ما بين إدارة باراك أوباما والاتحاد الأوروبي ظهرت بشكل واضح، بسبب تفاقم النزاع الأوكراني الأوكراني الداخلي وتوجيه لأستنزاف الفدرالية الروسية، وتفجير أوروبا القارة العجوز من الداخل، لذلك الأتحاد الأوروبي أرسل رسائله الى جورجيا بضرورة نهج سياسة جديدة تعطي الأولوية للتفاهم مع موسكو، وتخلّى عملياً الاتحاد الأوروبي عن النخب في جورجيا والى درجة معقولة والاكتفاء الآن بالنصح فقط.

وعلى هامش مفاعيل موقف الإدارة الأميركية الديمقراطية الحالية، وموقف الاتحاد الأوروبي الجديد من النخب الحاكمة في جورجيا، نرى أنّ “إسرائيل” ما زالت تقدّم الدعم السري لها، بما يتيح للكيان الصهيوني الاحتفاظ بهذه النخب الحاكمة في تبليسي، لأستخدامها كأدوات لتحويل التحولات الجديدة في الساحة الدولية من الحدث السوري الى الحدث الأوكراني الى نتائج على أرض الواقع، من شأنها أن تؤدي إلى تعميق تمسك إدارة أوباما الحالية وأي ادارة قادمة بعد سنتين في الولايات المتحدة الأمريكية بتوجهاتها الجديدة والمتجددة في مناطق القوقاز الشمالي والجنوبي، وبالتالي الارتداد إلى توجهات إدارتي بوش الأبن العسكرية والمحافظين الجدد بنسخهم الجديدة، بما يتيح ويفسح المجال لتوظيف وتوليف واستغلال النخب الجورجية سواءً كانت في الحكم أو المعارضة في القوقاز الكبير، وحيال الفدرالية الروسية ومجالها الحيوي وأمنها القومي، فالذي أطلق كلاب الحرب في القوقاز الكبير في الماضي القريب هو الرئيس السابق بوش وإدارتيه الدمويتين.

إنّ معطيات توازن القوى، تشي إلى توجهات وبوادر حدوث المزيد من الأستقطابات، فمن اختلالات التوازنات الخارجية الإقليمية والدولية، في صالح النخب الجورجية الحاكمة، لجهة توترات علاقات موسكو واشنطن حتّى الآن، ولجهة مساعي الاتحاد الأوروبي الهادفة، إلى عدم السقوط في العداء مع موسكو، إن عبر الساحة الجورجية، وان عبر الحدث السوري، وان عبر الحدث الأوكراني، بالإضافة إلى اختلالات التوازنات الداخلية في جورجيا ولغير صالح بعض النخب الحاكمة في تبليسي.

وبالنتيجة لا تفاهممات قوقازية بين موسكو و واشنطن على المدى المتوسط والبعيد، ولا صفقة حقيقية تشمل مصير نظام النخب الحاكمة في تبليسي الموالية في جلّها للغرب، في بيئة قوقازية ملتهبة تسعى اليها واشنطن عبر الحدث الأوكراني لا تشجع أن يكون كذلك، وأيضاً لا تفاهم حول ملف منظمة حلف “غوام” ومهامها الأمنية العسكرية حيث تشارك فيها إسرائيل بالوكالة عن واشنطن، وملف نشر شبكة الدفاع الصاروخي، وملف توسيع حلف الناتو، ولا تفاهم روسي أمريكي حول ملف اتفاقية التعاون الأمني العسكري الجورجي الإسرائيلي.

وبالرغم من قراءة موسكو الدقيقة للموقف الدولي من النخب الحاكمة في جورجيا، هناك مبادرات روسية ذات تعاون حقيقي مع بروكسل(الاتحاد الأوروبي)، وهي رسائل ذات مضمون تتمثل في ابتعاد الإتحاد الأوروبي، عن أيّة محاولات لاحقة لاستخدام جورجيا وأوكرانيا كيد طولى أخرى بلون برتقالي أو وردي، أو ما شابه من ألوان الطيف السبعة، لاستهداف أمن واستقرار روسيا الفدرالية أو حدائقها الخلفية في أسيا الوسطى وفي القوقاز الجنوبي والشمالي، أو لإثارة القلاقل والفوضى الخلاّقة في أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا الشركسية وأجاريا وغيرها من مناطق المجال الحيوي الروسي، والتي هي جزء كما أسلفنا من الأمن القومي الروسي بامتياز.

وتأسيساً على مجمل الموقف الأمريكي الجديد والمتجدد في العالم، لم تعد إدارة أوباما تعارض ضم جورجيا إلى حلف الناتو، في حين تعارض بقوّة أنقرة، وتمّ حث الإتحاد الأوروبي أمريكيّاً لجهة سعيه لضم جورجيا إلى عضويته أيضاً والدفع لأعطاء أوكرانيا وضعاً خاصاً ضمن مؤسسات الأتحاد الأوروبي، وهذا ما صار يعارضه الأخير أي الأتحاد نفسه، وبشكل خاص معارضة ألمانية بامتياز مع تفهّم فرنسي يصل درجة المعارضة أيضاً، لأنّه أوكرانيا قويّة يعني أوكرانيا تفجّر أوروبا، وبمثابة حصان طروادة الأمريكي في القارة العجوز ومن نوع عسكري بامتياز.

www.roussanlegal.0pi.com

mohd_ahamd2003@yahoo.com

هاتف منزل\ عمان : 5674111   خلوي : 0795615721

سما الروسان في 15 – 2 – 2015 م.

*كتب: المحامي محمد احمد الروسان*

*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*

اترك تعليقاً