الأرشيففلسطين

بقية من إنسانية / بقلم: الأسير راجح الجنيدي

نعم ساكتب بعد قهر عذاب لكنني سأكتب سيطول العذاب وتتراكم الاحزان وتمتد المعاناة لكن الواجب ان اكتب …

فساكتب رفقتي اشاروا نخشى ان يطول عذابك.وتمدد آهاتك… لكني مصر ان انا وهو آثارنا الجبن وصمتنا فمن سيسمع صرخة المعذبين إن لم اكن انا او انت فمن سيصرخ في وجه الظالمين ومن سيكون للمظلومين..
نعم ساكتب للجميع لمن فقدوا إنسايتهم اولا لعل منهم من فيه بقية من انسانية.. لمن ظنوا ان في المحتل بقية من انسانية لهؤلاء ايضا ساكتب واصرخ …اعداؤنا أبدا ليس فيهم بقية من انسانية… لشعبي العظيم ساكتب واقول :اخوة لكم يعيشون قهرا في مقابر للاحياء… لشعبي الجبار سأكتب وأصرخ: الاسرى يُعذبون ويُقهرون بأشياء ليس فيهم بقية من انسانية… نعم الاسرى مآس كثيرة وآلام لا تنتهي.. فصغيري ابراهيم وكل اخوته هم حق عليي ان اكتب عن حرقة دموعهم حينما علموا ان أبيهم قد مدد حبسه ولن يفرحوا باحتضانهم له قريبا ..

لغاليتي الصابرة ام احمد لها واجب ان اكتب لها شاكرا صبرها واحمال ثقيلة حملتها… ووالدي الغالي ولهفة قلبه المكلوم كل الواجب له أن أكتب لكني الى كل هؤلاء اقول : معذرة ايها الغوالي فصرخة في عالم السواد الذي يلف ارجاء سجني هي أوجب ان فيها أكتب …

هي لوحة عذاب تمتد على طول عمر الاحتلال وما الذي ساكتبه الا يسير مما يعانيه شعبنا بعامته.. ونحن الاسرى خاصة هو حدث صغير لكنه يعكس هما كبير .. هي قصة يومية لا بل كل ساعة وكل دقيقة تتكرر مع اخوة القيد لكن كل من هؤلاء يعبر عن مشاعره بأسلوبه اما انا فقط ساكتب…
وابدأ بما حصل فما حصل يعود الى أيام بعاد خلت.. يعود الى بداية الجزء الاخير من بداية العذاب الذي امتد بي منذ ربع قرن من الزمان ما حصل يعود الى بداية اعتقالي هذا يعود الى اربعة عشر شهر خلت حينما هاجمني الوجع باشرس انيابه ومزقني الألم وتوجهت الى عيادة السجن وامدوني بالمسكنات..
والتي ما حاصرت نوبات الوجع الاي انتزعت روحي قبل إنتزاعها ولما ألححت على انتزاع حقي في معالجتي قالوا سنسجل لك اسما كي تذهب الى المختص وبعد اربعة عشر شهر ياتي دوري لاذهب للعيادة وياليت دوري لم يات فآلام النقل تضاعف آلام المرض… ثلاث ايام كاملة والقيد يكوي معصمي ثلاث ايام كما كل اسير وأسيرة يتم نقلهم .. ذقت فيهم اقسى انواع العذاب والمعاناة وبعد ثلاث ايام وصلت الى ما يسمونه المشفى في الرملة كي اقابل الطبيبة المختصة والتي ما قامت عن الكرسي فقط ولدقائق معدودة سالت بعض الاسئلة ومن ثم ارجع من حيث اتيت وسياط الالم ازدادت قسوة ومرارة المسير في حافلة النقل ((البوسطة)) ..
ابدا لا تفارق اصحابها وكما الجميع سياط القيد تلهب كل جسدي لكنني ازيد عن جميعهم بأن الم فوق ألمي وعذاب يصب فوق عذابي اذ انا كنت مثلهم وامتنعت عن شرب الماء كما هم فجميع من بالبوسطة يمتنعون عن شرب الماء قدر الامكان لألا يحتاجوا لقضاء الحاجة أما انا فيا حسرتي مضطر لشرب مزيد من الماء لانني اصلا ذاهبا الى المشفى لعلاج كليتي وشرب الماء اساسي في مثل حالتي كي لا تصرعني نوبات الالم.. والحصيلة اني اضطرت لقضاء حاجتي وعندما توقفت البوسطة في بعض محطاتها في سجن ريمون طلبت من ذاك السجان باني اريد قضاء حاجتي فرفض وألححت عليه ويالها من انسانية اقتلعت منه بكل ذراتها اقتحم الحافلة وانتزعني من بين رفاق السفر وبقسوة وحش لا يعرف للإنسانية عنوان أطبق زرد قيدي على معصمي حتى كادت الدماء تتجمد في عروقي وكادت يداي تشل من قوة ما شد القيد في يدي ولم يكفيه ذلك وفي زنزانة انفرادية وضعني هذه قصتي ألم يتكرر باشكال كثيرة معي ومع اخوة القيد جميعا ابسط حقوق البشر ان انت طالبت بها ستعنف وتعنف وتعنف ايها السادة :
هذا يسير مما يعانيه ابنائكن في سجون القهر اليهودي ايها الجميع هي صورة مصغرة لمعاناة لا يراها الا أصحابها لكنها تعكس هما كبيرا وجرح عظيم… خلف الشمس ينزف .. ايها الناس بالله عليكم امثل هؤلاء يكون فيهم بقية من انسانية.