الأرشيف

تونس، احتجاجات واسعة في ذكرى الإنتفاضة – الطاهر المعز

 تميّزت الذكرى السابعة لانتفاضة أواخر 2010 وبداية 2011 (وهي أيضا الذكرى الثالثة والثلاثون “لانتفاضة الخبز” التي انطلقت من الجنوب الغربي أواخر 1983 وبلغت أوجها في العاصمة يوم الثالث من كانون الثاني/يناير 1984) بارتفاع الأسعار وانخفاض القيمة الحقيقية للرواتب وارتفاع نِسَبِ البطالة والفَقْر، ما أعاد “الإحتقان الإجتماعي” إلى صدارة الأَحْداث والظُّهور بعدة أشكال، منها موجات الإحتجاج التي لم تنقطع في عدة  مناطق تونسية، وارتفعت حدة الإحتجاجات مع إقرار مجلس النواب يوم 09/12/2017 ميزانية سنة 2018 (تتشكل الحكومة والأغلبية البرلمانية من الإخوان المُسْلِمين ومن الحزب الحاكم قبل 2011، والذي غَيّر إسمه) فاندلعت مساء الأربعاء 13/12/2017  احتجاجات في منطقة الكرم الغربي الفقيرة، بالضاحية الشمالية للعاصمة، وأدّت إلى مواجهات مع قوات الأمن التي استخدمت القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين، وخلال نفس الأسبوع شهدت مدينة “المكناسي” من محافظة سيدي بوزيد مواجهات بين قوات الأمن ومتظاهرين احتجوا على تردي أوضاعهم المعيشية وطالبوا بالتنمية وإنهاء التهميش لمنطقتهم، وتزامنت مع احتجاجات أخرى في مدينة “بوعرادة” من محافظة سليانة، بعد انتحار شاب أصيل المنطقة داخل مقر الحرس الوطني (الدرك) ببلدة مجاورة، وفي “سجنان” من محافظة “بنزرت” توفيت امرأة إثر تعمدها إحراق نفسها بعد قطع المساعدة الإجتماعية التي كانت مخصصة لزوجها المريض، ما أدى إلى تنظيم مظاهرات (عفوية) ومواجهات مع الشرطة، للمطالبة بالتنمية والتشغيل، وشهدت المدينة إضرابين عامين دعا إلى تنفيذهما الإتحاد المحلي التابع للإتحاد العام التونسي للشغل… يُعَبِّرُ هذا الغَلَيان الإجتماعي عن وضع سَيّءٍ تمثّل في ارتفاع درجة تبعية البلاد تجاه القوى الإمبريالية (أوروبا عبر علاقات الشراكة وأمريكا عبر القواعد العسكرية) وتجاه صندوق النقد الدولي الذي يُمْلِي على الحكومة أبواب الميزانية والقرارات الواجب اتخاذها، وهي نفس السياسة التي انتهجها النظام السابق والتي أدت إلى استبعاد بعض رُموزِهِ، مع بقاء النظام نفسه، ويُعَوِّلُ الإئتلاف الطبقي الحاكم على كَلَلِ الشعب من المواجهات وعدم قدرة الفُقَراء على الدخول في صراعات أو مواجهات واسعة مع السلطة، خصوصًا في غياب تنظيمات ثورية وقيادات قادرة على تنسيق الإحتجاجات المحلية (شمال ووسط البلاد) لكي تصبح احتجاجات وطنية، وعلى توجيه بَوْصَلَة النضالات ضد النظام وطبقة البرجوازية الكمبرادورية التي تُمَثِّلُ مصالح الإمبريالية والشركات متعددة الجنسية، وعلى اقتراح بديل قادر على مجابهة الحصار الداخلي والخارجي، على مستوى الإعلام والإقتصاد والتجارة وغيرها… 

عوامل الانفجار:

تضمنت ميزانية 2018 زيادات في أسعار البنزين والأدوية وبعض المواد الأخرى وزيادة الضرائب غير المباشرة على الاتصالات الهاتفية والتأمين، إضافة إلى اقتطاع نسبة واحد بالمائة من رواتب كل الموظفين كمساهمات للصناديق الاجتماعية التي تعاني عجزاً، أما سبب العجز فهو إضافة إلى ارتفاع البطالة وانخفاض المُساهمات، عدم تسديد الحكومة مساهماتها وإقرارها إعفاءات للشركات ولبعض أرباب العمل من تسديد مساهماتهم، في عديد الحالات، بذريعة إنهم سيخلقون وظائف إذا تم إعفاؤهم من الضرائب والمساهمات في التأمين الإجتماعي، وهو ما لم يحصل أبدًا في أي بلد من العالم، ونظم المواطنون بعض الإحتجاجات في العاصمة تونس يوم الأحد 07/01/2018، كما قَمعت الشرطة، بواسطة قنابل الغاز، احتجاجات ضد غلاء الأسعار وزيادة الضرائب في مدينتي تالة والقصرين الواقعتين قرب الحدود الجزائرية، في الذكرى السابعة للمجازر التي حصلت خلال انتفاضة 2010-2011 في هاتين المدينتين، وأدى إلقاء قنابل الغاز إلى حصول عدة حالات اختناق، فيما يُطالب السكان بالشغل وتنمية هذه المنطقة المُهْمَلَة منذ فترة الإستعمار المباشر، ورَدَّدَ المتظاهرون شعارات ضد الحكومة (إخوان مسلمون ودَسَاتِرَة)، وأحصت وكالة “رويترز” احتجاجات في ما لا يقل عن عشر مدن تونسية ضد ما تُسَمِّيه الحكومة (وصندوق النقد الدولي) “إصلاحات اقتصادية” بهدف خفض العجز، وتتضمن هذه “الإصلاحات” زيادة الأسعار والضرائب وخفض الرواتب ومعاشات التقاعد وتسريح المُوظّفين، واستشهد المواطن “خميس اليفرني” أثناء تفريق مظاهرة في مدينة “طبربة” (شمال)، واعتقلت الشرطة عشرات المتظاهرين في ولايات سيدي بوزيد والقصرين ومنُّوبة والأحياء الشعبية المُحيطة بالعاصمة “تونس”، وادّعت الحكومة (وزارة الدّاخلية) كالعادة “إصابة العشرات من رجال الشرطة” المدججين بالسلاح والدُّرُوع الواقية وخراطيم المياه وقنابل الغاز الخانق والمسيل للدموع…
بلغت مديونية البلاد 69% من الناتج المحلي الإجمالي، بنهاية الرُّبع الثالث من سنة 2017، وفق بيانات الحكومة (وزارة المالية – 30 أيلول/سبتمبر 2017) ويتوقع أن تبلغ نسبة 70% بنهاية نفس السّنة 2017، وبلغت نسبة الديون الخارجية 48,4% ونسبة الديون المحلِّية حوالي 20,5% من إجمالي الناتج المحلي، وشكلت القروض حوالي 30% من موارد ميزانية سنة 2017، ويتوقع أن ترتفع نسبة الدين العمومي في ميزانية 2018 إلى 71,5% من الناتج المحلي الإجمالي، وبلغت حصة كل مواطن تونسي من الديون العمومية بنهاية شهر أيلول/سبتمبر 2017 أكثر من أَلْفَي دولار (2,1 ألف دولارا) عن كل فرد، رضيعًا كان أو مُسِنًّا… ترتبط مسألة ارتفاع أو انخفاض قيمة الديون ونسبتها من الناتج المحلي بطبيعة الإقتصاد وبنسبة مساهمة مختلف القطاعات في الإقتصاد، إذ تعتبر اليابان من أكثر الدول تداينًا لكن اقتصادها قوي بشركاته متعددة الجنسية في قطاعات السيارات والتكنولوجيا وقطاع الزراعة المُزْدَهِرة، ولذلك فإن الإقتصاد قادر على تسديد الدّيون، فيما تعمد حكومات دول مثل تونس ومصر والأردن والمغرب إلى الإقتراض لتسديد قروض سابقة، ما يزيد من حجم القروض ومن خدمة الديون سنويا، ويُدْمِجُ الدّائِنُون فوائد السنوات السابقة ضمن أصل الدين، ما يرفع الدّين وفوائده من جديد، إلى أن يتضاعف بعد سنوات بحسب مدة تسديد الدّين الأصلي… ويشترط دائنو تونس (صندوق النقد الدولي والبنك العالمي والإتحاد الأوروبي…) إلغاء دعم الفلاحة والصناعة وكافة القطاعات المُنْتِجَة، مع تقديم تسهيلات للشركات الأجنبية، كي تستغل العاملات والعُمّال وتستغل موارد البلاد من مياه وطاقة بدعم من الدولة، وعدم تسديد الضرائب لفترة عشر سنوات في المُتوسّط، وإعادة الأرْباح وحتى المبالغ المُسْتَثْمَرَة إلى بلد المَنْشَأ، إضافة إلى شروط أخرى تُؤَثِّرُ سَلْبًا على السيادة، وتسلِّمُ مقاليد البلاد إلى رأس المال الأجنبي والدّائنين، وهي نفس الأسباب الكامنة وراء استعمار فرنسا لتونس (1881) واستعمار بريطانيا لمصر (1882)…

اقترضت الدولة 2,8 مليار دولارا من صندوق النقد الدولي سنة 2016 على أربع سنوات، يقوم خلالها الصندوق بمراقبة عمل الحكومة (الإقتصادي والسياسي) كل ستة أشهر، قبل تسليم أي قسط، لأن كل قروض الصندوق مَشْروطة بتنفيذ ما يُسَمِّيه “إصلاحات”، وتعني “الإصلاحات” خصخصة الشركات والمرافق والخدمات العمومية والتعليم والصحة وخفض الرواتب وزيادة الضرائب ورفع سن التقاعد، وإلغاء دعم الطاقة والسلع الأساسية وغيرها من الإجراءات التي يتضرر منها العاملون بأجْرٍ والفُقَراء، وأعَدَّ الصندوق الخطوط العريضة لميزانية 2018 التي صادق عليها النواب، بقيمة 36 مليار دينار (14,55 مليار دولار)، وتتضمن مجموعة من الإجراءات المالية لخفض العجز، وطالب صندوق النقد الحكومة “القيام بتحرك عاجل، واتخاذ إجراءات حاسمة لمواجهة تفاقم العجز”، الذي يتوقع أن تفوق نسبته 6% سنة 2017، وتتوقع الحكومة وصندوق النقد أن تبلغ نسبة النمو 2% سنة 2017 بفضل نمو قطاع السياحة وإنتاج الفوسفات، لكن ما فَتِئَتْ نسبة الدّيْن العام ترتفع لتقترب من أو تفوق 70% من الناتج الإجمالي، فيما بلغ العجز التجاري مستوى قياسيا عند 5,8 مليارات دولار، وبلغت نسبة التّضَخّم 6% خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2017، ويعتبر صندوق النقد الدولي إن حل هذه المشاكل يتمثل في بيع القطاع العام وخفض دعم الطاقة، لينخفض العجز إلى 4,9%، وكانت الحكومة قد أقرّت (بموافقة مجلس النواب) اقتطاع نسبة إضافية قدرها 1% من الأرباح والرواتب، وزيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة مماثلة، وضرائب إضافية على استهلاك بعض المواد الأخرى، وعلى الإقامة في غرف الفنادق، بما فيها الفنادق “الشعبية”… إنها نفس القرارات التي أدت إلى “انتفاضة الخبز” (نهاية 1983 وبداية 1984) وانتفاضة 2010-2011، فما الذي أُنجز لصالح الفئات الشعبية منذ الإنتفاضة ( 2010- 2011)؟

الأسباب والنتائج:

انطلقت الموجة الأخيرة للمظاهرات يوم السابع من كانون الثاني/يناير 2018، وتواصلت المظاهرات الإحتجاجية، في كافة مناطق البلاد، ضد غلاء الأسعار حتى كتابة هذه الورقة مساء يوم الثلاثاء التاسع من كانون الثاني/يناير 2018 وردت الحكومة بنشر تعزيزات كبيرة من قُوى القمع (الجيش والشرطة) التي جابهت المتظاهرين بإطلاق قنابل مسيلة للدموع، وبالأخص في المناطق التي شهدت أشد حملات القمع خلال انتفاضة 2010-2011 مثل المناطق الفقيرة في “القصرين” و”جلمة” و”سيدي بوزيد”، والأحياء الفقيرة المحيطة بالعاصمة، والقيروان ومَنُّوبَة والمهدية وقَفْصَة وقَابس وساقية سيدي يوسف من ولاية الكاف حيث انتحر شاب قبل أسبوع، وهي قرية مشتركة بين الجزائر وتونس قصفتها الطائرات الحربية الفرنسية يوم الثامن من شباط 1958، وغيرها واتّهم رئيس الحكومة المتظاهرين بالسرقة والتخريب والإعتداء على ممتلكات الغير، وغير ذلك من التّهم التي تُطْلِقُها كافة الحكومات التي ترفض الإعتراف بفشل سياساتها، لِتَدّعِي “إن كل شيء على ما يُرام، وليس بالإمكان أحسن ممّا كان”، بينما يشعر المواطنون بالإختناق جراء ارتفاع الأسعار وانخفاض القيمة الحخقيقية للدّخل، حتى قبل أن ترفع ميزانية 2018 الضرائب على السيارات والمشروبات والاتصالات الهاتفية والإنترنت وأسعار الفنادق وغيرها ورفع الرسوم الجمركية على بعض المنتجات المستوردة (منها منتوجات زراعية) وزيادة ضريبة القيمة المضافة بنسبة 1% وإقرار ضريبة “الضمان الإجتماعي” بنسبة 1% أيضًا على الأُجراء (أي خفض رواتبهم بنسبة 1%) وعلى الشركات، واشترط صندوق النقد الدولي زيادة حصيلة الضرائب وخفض حجم رواتب القطاع العام وخفض أو إلغاء دعم الطاقة…

لقد أَدّت مثل هذه القرارات إلى انتفاضات منذ 1977 في مصر وتونس والمغرب والأردن والسودان وكافة البلدان الأخرى التي فرض فيها الدّائنون إجراءات مُماثِلَة، لأن خدمة الدُّيُون مُرْتفعة، وتقتضي مضاعفة عمل المُنْتِجين وتحقيق قيمة زائدة إضافية لا تُسْتَهْلَكُ في البلاد وإنما يقع إخراجها مباشرة إلى الخارج، مُقَوَّمَة بالدّولار، في ظل انخفاض قيمة العملة المَحَلِّيّة (بنسبة فاقت 20% مقابل اليورو سنة 2017) وزيادة قيمة المواد المُسْتَوْرَدَة، وهو ما يشعر به المواطنون عبر ارتفاع الأسعار وانخفاض قُدْرَتِهِم على تلبية الإحتياجات الأساسية البسيطة لأفراد الأسرة، وأظهرت بيانات البنك العالمي منذ حوالي عشر سنوات ان متوسط أجر العامل أو المُوظف في تونس لا يُغَطِّي احتياجات الأفراد والأُسَر لفترة تزيد عن 15 يومًا، ويقترض الأجراء من المصارف أو من العمل (من خلال تَسْبِقَة على أجر الشهر المُقْبِل) أو من أفراد الأسرة قيمة الإنفاق لمدة نصف شهر، أما الدولة فتُعادل ديونها (أي دُيُون مجموع المواطنين) 70% من إجمالي الإنتاج في البلاد (الناتج المَحَلِّي الإجمالِي)، لذلك فإن ديون المواطنين مُضاعفة، وتُعَوِّلُ الحكومة على قوة البيروقراطية النقابية لكبح الإحتجاجات العُمالية، وعلى ضعف المعارضة البرلمانية وغير البرلمانية، لفرض سياسة التجويع والإفْقَار المُسْتمر منذ حكم بورقيبة إلى الآن، مع تفاقم الوضع، بسبب تفاقم الدُّيُون والتَّبَعِيّة للإستعمار الجديد (الإمبريالية)، أما الإحتجاجات غير المنظمة، والتي لا تُحَدِّدُ أهدافًا قصيرة المدى ومتوسطة وبعيدة (أي تغيير نظام الحكم بِرُمّتِهِ) وبرامج بديلة لما هو قائم، فإنها غالِبًا ما تفشل بعد مدة قصيرة من انطلاقها، لأسباب موضوعية ومنطقية، ولذلك يُعوّل النظام القائم (البرجوازية الكُمْبِرادُورِية التي يُجَسِّمُها الإخوان والدّساترة) على القمع وعلى ترويج الإشاعات الكاذبة، عبر وسائل الإعلام، وعلى انعدام البديل لدى المُعارضة، لإخماد الحركة الإحتجاجية المَشْرُوعة، مع استخدام الإخوان المسلمين المساجد لتشويه المتظاهرين والمُحتجّين والمُعارضين بشكل عام، أما الأمين العام للإتحاد العام التونسي للشغل (الذي لَمْ يُعْرَف بدفاعه عن مصالح العمال) فقد استفاق بعد ثلاثة أيام ليُصَرِّح بأنه “يحث الحكومة على إقرار زيادة استثنائية عاجلة للحد الأدنى للأجور ومساعدات الأسر الفقيرة”…

خاتمة:

تَتَّخِذُ جميع حكومات العالم قرارات تُسَمِّيها “إصْلاحات اقتصادية ضرورية”، ولكن القاسم المُشْتَرَك لجميع هذه القرارات يتمثل في تحميل العُمّال والأجراء والفُقَراء نتائجها السلبية، فيما يستفيد الأثرياء وأرباب العمل (يسميهم صندوق النقد الدولي “المُسْتَثْمِرُون”) من إعفاءات من الضرائب ومن المساهمة في صناديق التحَوّط والتأمين الاجتماعي، ويتمثل القاسم المُشترك الآخر في مجابهة المُحْتَجِّين على هذه القرارات بالقمع، سواء كان ذلك في الولايات المتحدة أو في أوروبا أو أي بلد من ما يُسَمّى “الجنوب”، وأظهرت جميع الدّراسات التي يُنفذها باحثون وأكاديميون وخبراء -لا ينتمون لليسار ولا للقوى التقدمية- ارتفاع ثروات الأثرياء وركود قيمة رواتب الأجراء، ففي سنة 2016 كانت رواتب العمال وصغار الموظفين تُعادل قيمتها لسنة 1973، كما تعمقت الفجوة والفوارق الطبقية في العالم، باستثناء بعض البلدان القليلة والصغيرة مثل كوبا وكوريا الشمالية وإكوادور وبوليفيا، لأنها غير مرتبطة بصندوق النقد الدّولي ومؤسسات “بريتن وودز”، وهنا يكمن الحل، أي قطع الإتصال مع صندوق النقد الدولي والبنك العالمي ورفض تسديد الدّيون، لأن المواطنين التونسيين (وغيرهم) سدّدُوا أضْعاف ما اقترضت البلاد منذ عقود، إضافة إلى أن المواطنين لم يستفيدوا من هذه الديون، التي استأثرت بها فئة صغيرة من المجتمع، ومحاربة التهرب من الضرائب وتهريب الأموال إلى الخارج، ومكافحة الفساد داخل وخارج أجهزة الدولة، وتنشيط المراقبة الجبائية على غير الأُجَراء… كما وجب التفكير في بدائل اقتصادية تعتمد على الإستثمار عبر الإقتراض الدّاخلي (سندات وأذون خزانة يشتريها المواطنون بالعملة المحلية) وتوجيه الإستثمارات نحو القطاعات المنتجة وتَصْنِيع الإنتاج الزراعي والصيد البحري وإضافة قيمة زائدة، بدل تصدير الإنتاج الخام، وإقرار برامج اكتفاء ذاتي غذائي وتشغيل العاطلين عبر برامج منتجة أو مُفِيدة للمجتمع مثل البحث العلمي أو تحسين البيئة ومقاومة التّصَحّر، وتشجيع الملكية الجماعية لأدوات الإنتاج وتشكيل أُطر جماعية لتسويق الإنتاج وبيعه مباشرة للمواطنين، ما يُخَفِّضُ الأسعار بفضل الحد من الوُسطاء والمُضارِبِين…