من هنا وهناك

دماء غزة الغائبة عن المشهد الثقافي – سعيد الشيخ

دماء غزة الغائبة عن المشهد الثقافي – سعيد الشيخ

إستطاع المال الخليجي القذر ان يغيّب الدماء الفلسطينية النازفة في غزة عن المشهد الثقافي في صحف ومواقع اليكترونية. وأخص بالذكر وسائل الأعلام المهاجرة الى لندن التي أحرص على متابعتها، ومنها وسائل محسوبة منذ زمن على القضية الفلسطينية.

العدوان الصهيوني على غزة يدخل إسبوعه الرابع، وما زالت الصفحات الثقافية في هذه الوسائل الأعلامية تتغاضى عن نشر ما يمت بصلة للدماء الزكية النازفة، عن آلام وأوجاع الناس، وعن المشهد الأنساني برمته الذي تفرمه ماكنة القتل الصهيونية المتدحرجة نحو المستشفيات والمساجد والمدارس المكدسة بالنازحين ممّن أجبرتهم الآلة العسكرية الصهيونية الى ترك منازلهم شهيدة وشاهدة المجازر اليومية.

صحيفة ” القدس العربي ” تصنع لنا الصدمة الأعنف لقربها منذ تأسيسها بالهمّ الفلسطيني ولإسمها المتعلق بالعاصمة الفلسطينية التاريخية. متابعتي لها طيلة أسابيع العدوان الماضية لم تأت لي بالجدوى في أن أعثر في صفحاتها الثقافية على أي مادة إبداعية تعكس صورة ما يجري في غزة الصامدة، سوى قصيدة عراقية تتحدث عن الحرب كإطار عام. وكأن صور الأطفال والنساء المتطايرة أجسادهم في غزة تجري في كوكب آخر وليس في فلسطين. لا نفهم كيف المال القطري  يجعل من هذه الصحيفة بوقا في سياسة المحاور العربية المتآمرة على بعضها، ومما يجعل المحرر الثقافي ان يعتبر نفسه معفيا من نشر الإبداعات التي تعكس حجم الجحيم في غزة، بينما هي تحتفي بالمواد الثقافية التي تعكس المشهد السوري مهما كانت قيمتها الإبداعية موغلة في الرداءة. لقد نشرت هذه الصحيفة قصائد وقصص وشهادات ويوميات لكتاب سوريين معروفين وغير معروفين؛ فقط لتعلن موقفا الى جانب المعارضة السورية المشرذمة والمشتتة والضالة عن سبيل الحرية.

ما ينبغي قوله في هذا السياق إن أعراس الدم تشتعل في غزة، والقدس العربي في صفحتها الثقافية تكتب عن “ساق البامبو” كإنجاز عربي.

من يتحمل مسؤولية هذا التقصير الفاضح، رئيسة التحرير الجديدة أم المحرر الثقافي الجديد لهذه الصحيفة التي غربلت حكومة قطر جهازها التحريري؟

أما الموقع الذي يديره الصحفي الفلسطيني عبد الباري عطوان بعد تركه للقدس العربي، الموقع الذي يحمل ضمنا إسم رأيه اليومي، كي يبدو هو “المايسترو” وكل ما حوله من مقالات وأخبار وزوايا ما هي الا جوقة “الكومبارس” التي تتحرك بإشارات يديه.

في هذا الموقع “رأي اليوم” لا تعثر على مادة ثقافية خاصة. إذ تحت مانشيت الثقافة لا تجد سوى أخبار الفن والفنانات وأضواء على مسلسلات رمضان يجمعها أحد المحررين من مواقع مختلفة ويقدمها لنا كجرعة ثقافية.

أنه من المستهجن حقا ان صحيفة يديرها الاستاذ عبد الباري عطوان الصحفي العريق والمعروف بمواقفه الجادة والجريئة بوجه النظام العربي الرسمي والى جانب ثقافة المقاومة، من المستهجن حقا ان تخرج من تحت إدارته ثقافة تتسم بالإسفاف والإنحطاط من تلك التي تصنعها وسائل إعلام خليجية وخاصة السعودية منها تحت عنوان لا يعبر عن ثقافة دون ان يكون إلا من المنوعات.  

لا أدري فعلا، كيف أضواء أخبار الفنانات والنجوم تخطف أضواء دماء الشهداء المشتعلة في سماء غزة؟ كيف الصفحة الثقافية في “رأي اليوم” ظلت عند الدرجة صفر إزاء ما يحدث في غزة ولم تواكب المشهد، كما هي مقالات عطوان التي القت الضوء على الحدث الغزواي من عدة جوانب سياسية وإعلامية.

أما صحيفة “العرب” اللندنية، التي كانت مدعومة من نظام القذافي من قبل، والمدعومة اليوم من دولة الإمارات فقد قدمت الدليل على إنها ليست أكثر من وكر يجمع في جنباته العقارب والدبابير وكل حشرات لاسعة. كانت الأقلام المختلفة فيها جاهزة لإدانة المقاومة والإصطفاف الى جانب العدوان، شأنها شأن معظم الأعلام الخليجي والمصري الذي راح يردح للفلسطينيين بجرعات عالية من التشفي بالدماء الطاهرة لأبناء غزة.

“عروبة” صحيفة العرب الزائدة لم تستطع إخفاء روح الشماتة بالدم الفلسطيني، وهي على كل حال لم تغطي الحدث الغزاوي الا من باب ذكر المساعدات الإماراتية الوهمية لقطاع غزة، الذي لم يكن البتة شأنأ ثقافيا وإنسانيا في صفحاتها الثقافية التي يشرف عليها المعارضون السوريون الذين يقدمون كل مادة سورية للنشر.

لقد دفع المال الخليجي الفاسد هذه الصحيفة وغيرها من الإعلام الخليجي والمصري الى حالة مزرية من الإنحطاط والى ضيق في الفهم والرؤية بمحاولتها تسويق العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة وفي كل مكان على انه جزء لا يتجزأ من حرب نظام السيسي المصري ضد حركة الإخوان المصرية، وحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين جزء منها.

* مدير موقع الوان عربية

www.alwanarabiya.se

  

اترك تعليقاً