من هنا وهناك

صارت فلسطين واحدة من فلسطينات عربية عديدة

تتواطأ القوى السياسية والحزبية التي كانت في موقع الريادة الفكرية متقدمة الصفوف في الحركة الشعبية، على تاريخها وعلى المستقبل، أي على الأجيال الجديدة، وتخذلها في اجتهادها من اجل معرفة الصح وإكمال المسيرة، وتضعف همتها وإصرارها على أن تعرف الحقائق التي طمستها عهود الحاكم ـ الفرد، الواحد الأحد… وتختفي القضية المقدسة، فلسطين، بالتجاهل، أو بالتخوف من العجز عن المواجهة، مواجهة الذات ومواجهة الأنظمة العربية المعنية التي تتوحد هنا وتتخذ موقفاً حاداً يكاد يدمغ الكل بتهمة الخيانة.

لذلك صُعق العرب بفارق القوة مع العدو الوافد، إلا القليل من حكامهم المتواطئين والذين كانوا يعرفون الكثير عن طوابير الجنود المدربين لدى البريطانيين والأميركيين خلال الحرب العالمية الثانية، والذين زودوا بأسلحة فعالة بينها الدبابات والمصفحات وحتى الطائرات الحربية، في حين لم يكن مجموع الجيوش في الأقطار العربية المحيطة بفلسطين تملك مثلها في قوة النيران او ما يواجهها في صد الهجمات ومنع “الجيش الوافد” من احتلال الأراضي الفلسطينية بسهولة، وإن حفلت المواجهات بأعمال بطولية، لكنها كانت في معظم الحالات فردية.

تعمق الانقسام، وضرب الضعف “السلطتين” المتخاصمتين.. وابتعدت حماس أكثر فأكثر مع نجاح الإخوان المسلمين في الاستيلاء على السلطة في مصر في لحظة تخلٍ، تطلَّب الخروج منها أن ينزل الشعب المصري بملايينه إلى الشارع (معززاً بالجيش) لإسقاطها… وكان أن تولى السلطة في القاهرة المشير عبد الفتاح السيسي منهياً حكم الإخوان. وقد دفعت حماس ضريبة هذا التحول، إذ تبدت وكأنها طرف في الصراع السياسي داخل مصر. وحاولت الاستدراك، لكن الحصار المصري فُرض على غزة من جديد… ثم إن حملة مكافحة الإرهاب الذي كانت جماعاته متمركزة في سيناء، مفيدة من مئات الأنفاق مع قطاع غزة، تطلبت نسف معظم هذه الأنفاق ومعها العلاقات مع حماس.

اترك تعليقاً