من هنا وهناك

” عـملية رمـضـان ” هـذا هـو العـرس الفلـسـطيني. . ! !

 

بـقلـم :  عـادل أبو هـاشـم

لن نذرف دموعا كاذبة على قتلى  ” عملية  رمضان ” البطولية في تل أبيب التي نفذها البطلان خالد و محمد مخامرة  ، فنحن لسنا موظفين في مجلس وزراء السلطة الفلسطينية ولا في أية وزارة خارجية عربية لكي نضطر إلى استخدام اللغة الدبلوماسية فـ ” نشجب وندين العنف من أي طرف أتى ” ،  وندعو الجميع إلى التعقل وضبط النفس  .!

فالمتباكون والنائحون والمولولون والذين ذرفوا الدموع على القتلى  الصهاينة هم أناس لم يقرأوا التاريخ الفلسطيني المصبوغ بالدم الأحمر المسفوك على أيدي إرهاب صهيوني إسرائيلي منظم .

فالعملية البطولية في تل أبيب التي أذهلت الإسرائيليين سبقتها ألوف وعشرات ألوف العمليات الإجرامية والمجازر الجماعية التي ارتكبها العدو الأسرائيلي  بحق العرب ، من فلسطينيين ولبنانيين وسوريين ومصريين وعرب آخرين  منذ ما قبل إنشاء  كيانه وإلى اليوم .

والذين أدانوا وشجبوا واستنكروا وألقوا بالتهم جزافا ضد منفذا الهجوم والجهات التي تقف وراءهما ، هم أناس لم يقرؤوا حرفا واحدا من أدبيات الثورات الفلسطينية المتعاقبة التي تنادي بالتضحية والفداء ،  والاستشهاد في سبيل الله ضد عدو مغتصب دنس الأرض وأنتهك الحرمات وقتل الأطفال والنساء والشيوخ والشباب في حملات قتل منظمة ، علاوة على أنهم لم يقرؤوا تاريخ الحركة الصهيونية الذي يعتبر الإرهاب أحد المكونات الرئيسية لها، وجسد قادة الصهيونية معناه في كتاباتهم وشعاراتهم وتصريحاتهم وأفعالهم ، فمجدوا العنف وتفاخروا بأعمال القتل والخطف والاعتقال والإبعاد ، واعتمدوا الإرهاب والقتل وسيلة لقيام الكيان الإسرائيلي !

ألم يسمع هؤلاء ما قاله أحد قادتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق مناحيم بيغن (( إننا كصهاينة نقتنع بأهمية الإبادة الجسدية من أجل التخلص من أولئك الذين يريدون حياتنا صعبة ))، وسار على هذا الشعار جميع قادة إسرائيل ، وآخرهم بنيامين نتنياهو الذي  قتل أكثر من250 فلسطيني خلال الثمانية أشهر الأولى من عمر انتفاضة  السكاكين الحالية .!

والذين هددوا وتوعدوا بالويل والثبور وعظائم الأمور، تناسوا في لحظة من هو الفلسطيني ؟ ولم يستوعبوا الدرس الفلسطيني من أن التهديدات لا توقف عطاء الجماهير ، ولا تثني من عزم المضحين بأنفسهم من أجل قضيتهم ، بل تعطيهم دفعات من القناعة والحماسة لتصعيد جهادهم ونضالهم وتزيدهم إصراراً وتواصلاً ،

و لم يروا شباب و فتيات و أطفال  و شيوخ شعبنا و هم يوزعون الحلوى و يرقصون الدبكة الفلسطينية ابتهاجا  بالعملية .

والذين اتهموا الأم الفلسطينية – وعلى رأسهم مرتزقة الإعلام العربي المتصهين و كتاب المارينز  – بأنها ترسل أبنائها لمواجهة الجيش الإسرائيلي حتى يقتلوا وتتخلص من أعبائهم ، لم يستمعوا إلى ما قالته السيدة المجاهدة  العظيمة ” خنساء فلسطين ” أم نضال فرحات النموذج الأبرز لجهاد الأم الفلسطينية المسلمة التي ما تركت التضحية لأن تكون خيالات وشعارات ، بل استطاعت أن تجعلها واقعاً يعيشه كل المراقبين لسيرة حياتها المجيدة ، و التي  قدمت ثلاثة من أبناءها المجاهدين في سبيل الله فداءً للوطن وللقضية ، لم تجزع أم نضال فرحات عند سماعها بنبأ استشهاد أبناءها  بل قالت بصوت ملؤه الثبات أنها مستعدة لتقديم كل أبنائها للمقاومة.

لا نريد التحدث هنا عن مشروعية أي عمل ثوري ضد محتل لا يزال ينتهك أبسط حقوق الإنسان أمام أنظار العالم ومنظماته الدولية ، ولكن المثير للدهشة أن يعمد واضعوا حجر أساس الإرهاب في المنطقة إلى اتهام الشعب الفلسطيني به .. !!

فإسرائيل هي مصدر الإرهاب وصانعته ، وهي التي استخدمت منذ نشأتها وإلى الآن أسلوب التصفية الجسدية لكل ما هو فلسطيني أينما وجد وسيلة للقضاء على الشعب الفلسطيني .

لقد نظر البطلان خالد و محمد مخامرة  حولهما فلم يجدا سوى أمة عربية  لم تعد تصلح إلا للاستجداء الدولي .!

و إن هذه الأمه قد  قاتلت طويلاً حتى تنتصر في معركة التحول إلى سلاحف مهذبة لا ترغب حتى في اللحاق بالكلام الذى تقوله .!

لقد خيروها . . فاختارت الكلام العربي ، وبقي لإسرائيل الدم العربي .!

و أن هذه الأمة  تتخبط بسياسات مرعبة أدخلت في عقولنا بان السياسة هي الاختيار بين السيء والأسوأ ، وادخلت مبررات للتخلي عن واجباتها القومية و الوطنية  متكئين على مقولة تصف السياسة بفن الممكن .!

لقد رفعت الأمة شعار ” انا استنكر اذن انا موجود ” .!

ورفع العدو شعار  ” انا اقتل اذن انا موجود ”  .!

لهذا كان الفشل والأخفاق هو البند السري في حروب العرب وسلامهم .!

وترتب على ذلك أن أصبح أمن اسرائيل مسؤولية عربية تحت شعار الواقعية التى تعمقت وتعممت بشكل يثير اليقين بان أمن اسرائيل هو فعلا مسؤولية عربية .!

 

سبعون عامـًا ونحن نشرب في نخب الشهداء .!

سبعون عامـًا ونحن نقف حداداً وخطابة على الشهداء… وعلى من تبقى منا خاصة وأن هذه الأمة قد تعودت ” دايماً ” إحترام الموتى..!!

سبعون عامـًا ودولة القتلة تسفك في الدم الفلسطيني الذي أصبح أنهاراً..!!

والنظام الدولي الجديد يصر إصراراً عجيبـًا على وصف مجرمي الحرب الإسرائيليين بأنهم أطفال يضحون من أجل السلام ..!!

سبعون عامـًا أثبت فيها العرب أن السكون ظاهرة عربية يستحقون عليها براءة الإختراع ، وإن حالة ( الموت العربي ) التي نعيشها هي أنسب وسيلة للظهور بمظهر لائق أمام الغرب ..!!

ورغم المقاومة البطولية لأبناء شعبنا في التصدي لآلة العدوان والهمجية الإسرائيلية ، فإن الإصرار من قبل البعض  من الذين يعبثون بشرف وكرامة الوطن على طمس ومضات الإنتصار لأطفال وشباب  ” إنتفاضة  السكاكين ”  تارة برفع شعار ” التنسيق الأمني المقدس ” مع العدو  ، وتارة أخرى  بتفتيش  تلاميذ المدارس والحديث في الإعلام الصهيوني عن العثور على سكاكين في حقائب الأطفال واتهامهم بالإرهاب .!

مرة بالتفاخر باحباط تنفيذ 200 عملية ضد الاحتلال الإسرائيلي خلال  ثلاثة أشهر  ، و مرة أخرى باعتقال المجاهدين و الأسرى الذين اطلق العدو سراحهم .!

نقول لهؤلاء  إن عزاؤنا الوحيد أمام كل مظاهر العجز والتخاذل والإستسلام ، وجود هذا الزخم الجهادي في صدور أبناء شعبنا الفلسطيني ، وهذا الكم الهائل من أبطال  ” انتفاضة السكاكين ”  قافلة بعد قافلة ، وجيلا بعد جيل الذين يوجهون بنادقهم  دومـًا صوب العدو الصهيوني ، هذه البنادق التي لن تسقط من أيديهم إلا على أشلائهم وجثثهم … هذه البنادق التي من حقها وحدها أن تقود وأن تنظر وأن تخطط وأن تناضل للنصر ، دون أن تلتفت للمعادلات والتسويات والتراجعات .. ومن غير أن تأذن لأحد أو تسمح لطامح أو ضعيف أو متخاذل من أبناء شعبنا في القضاء على الحلم الفلسطيني المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .

خـالد ومحـمـد مخـامرة :

يا أبناء خليل الرحمن  بلد  الأنبياء و الحرم . .  بلد الأبطال و مسقط الشهداء  و الأسرى لقد أعدتم لنا بعملكم البطولي  سيرة أبطال شهداء ” إنتفاضة السكاكين ”  مهند الحلبي و بهاء عليان و علاء أبو جمل  و مهند العقبي  و فادي علوان و أحمد كميل  و ثائر أبو غزالة  و محمود غنيمات و نشأت ملحم  و قاسم سباعنة و محمود نزال و احمد ابو الرب  و إيهاب حنني  و مئات من الشهداء و الشهيدات .!

لقد عرفتما مبكراً أن العدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة واحدة وهي لغة الرصاص فخاطبتوهما باللغة التي يفهمها ، وبالأسلوب نفسه الذي ابتدعه وأدخله إلى المنطقة ، وأثبتما  للعدو أن هذا الأسلوب ليس حكرا عليه فقط .!

ماذا نقدم إليكما في يوم عرسكما الكبير غير كلمات محمود درويش :

هذا هو العُـرس الذي الذي لا ينتهي

في ساحة لا تـنتهي

في ليلة لا تـنتهي

هذا هو العرس الفلسطينـّيٌ

لا يصل الحبيبٌ إلى الحبيب

إلا شهيدًا أو شريدًا ..!!

اترك تعليقاً