الأرشيفعربي وعالمي

عن البطولة الفردية والشرعية الكفاحية: – وسام الفقعاوي

ملفتةٌ للنظر تلك البطولة الفردية التي تجلت في المشاهد التي رأيناها بأم أعيننا لأبطالها من نشأت ملحم إلى رعد خازم إلى عدي التميمي، مرورًا بإبراهيم النابلسي وتامر الكيلاني ووديع الحوح ورفاقه، ومن سبقهم ومن سيلحقهم من الشهداء، وفي القلب منها البطولات التي جسدتها كتيبة جنين وعرين الأسود، والتي هي مدعاة للفخر والاعتزاز والإنحناء بكبرياء لهم؛ فهم تعبير مكثف عن الشرعية الكفاحية، التي تشكل ناظمًا لوعي الشعب الفلسطيني، الذي يتقدم الصفوف عندما تتأخر “مؤسساته وتنظيماته”، وبكلمة أدق هو تعبير عن النفسية الكفاحية المتأصلة في الذهنية الشعبية عمومًا، رغم كل محاولات التجويف والتجريف والإنهاك والإفساد والإفقار والتزييف والتزوير الممنهج الذي يمارس منذ ما يزيد عن ثلاثين سنة؛ إنه “الجنون” الجميل الذي عبر عنه الضمير الجمعي الفلسطيني؛ جنون هو مزيج من إهانة وكرامة وقضية ذبيحة؛ يرافقه حس عميق بالواجب المطلوب ووقوع اللحظة، حيث للقناعات والذهنية أن تُختبر.
كقطرات الماء يجتمع الشعب الفلسطيني ليصنعوا نهر التجربة، من غزة إلى الخليل، ومن جنين إلى اللد، ومن نابلس إلى النقب، ومن القدس إلى بيروت وعمان ودمشق وبغداد ووو، وإلى حيث تلتقي روافده الدفاقة، بدماء لم تستكن لعواء من ساوم على القضية في صحراء أنظمة الذل والخيانة من الرباط إلى المنامة… متوحدين في الروح التي أعادت صقلها مهانة الهزيمة والانقسام ومرارتيهما المستمرة.. تجربة متدفقة لها روحها ورجالها ونسائها وشرعيتها، حيث أبدعت روحهم فكرة: أن تبيع المرأة حُلِيّها كي تشتري لزوجها أو ابنها بارودة أو التبرع بنصف كيلو دم طازج؛ يباع ليصبح ثمنه رصاصة أو رغيف خبز أو أن تزغرد أجمل الأمهات ولا تنزوي في ثياب الحداد أو تُلقي التحية العسكرية لابنها وتحمله على كتفها بانتظار شهيد آخر يعطي للنهر رافدًا جديدًا… أي جنون جميل هذا؟! وأي شعب ذاك القادر أن يُبقى جداول النهر مُحمَرَةً باستمرار؟! وأي قيادات “التشييذ كيك” تلك التي انقطع من وجوهها دم الحياء؟!
مع كل الفخر والاعتزاز والإنحناء بكبرياء لتلك البطولات الفردية والجمعية.. علينا أن نُبقي العين مفتوحة على حفز الشرعية الكفاحية الشعبية التي لن تخطئ طريقها، فهي ليست عابرة للأحزاب والتنظيمات إلا من سقط منها بإرادته في وحل الهزيمة والانكسار والغنيمة، بل هي شرط المسير نحو جبهة الشعب الموحدة وحربها طويلة الأمد كي تعيد للنهر صفاء لونه.. وتصنع الحياة التي الموت في سبيلها حياة.

المصدر برفويل بالفيسبوك