من هنا وهناك

عين الحلوة: الاجتياح مرّ من هنا

عين الحلوة: الاجتياح مرّ من هنا

صمد المقاتلون والأهالي في المخيم قدر الإمكان


انتسب عبدالله الدنان من مخيم عين الحلوة، إلى “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” في العام 1973 بعيد حرب تشرين. أكثر المشاهد التي تنطبع في ذاكرة عبدالله هو مشاهداته أيام الاجتياح الصهيوني للبنان العام 1982. يروي عبدالله يومياته خلال الاجتياح بكثير من التحدي الممزوج بالألم. يقول: “في الرابع من حزيران 1982، كنت في بيروت حين بدأ العدو الصهيوني قصف المدينة الرياضية ومخيم برج البراجنة بطائراته الحربية، فقررت العودة إلى مخيم عين الحلوة، وعند وصولي كان الوضع عسكرياً شبه طبيعي، ولم نكن نعلم أن العدو الصهيوني سيجتاح لبنان، وسيصل إلى بيروت، لكننا شعرنا بأن أمراً ما سيحدث، فجهزنا أنفسنا للقتال”.

يضيف: “بدأ الاجتياح الإسرائيلي يوم الأحد، من منطقة رأس العين – جنوبي صور، بعدما دخلت أعداد هائلة من الدبابات الصهيونية إلى الجنوب، مخترقة مناطق عمل قوات الطوارئ الدولية. عندها علمنا أن هناك اجتياحاً للبنان، علماً أن قيادة الثورة الفلسطينية آنذاك كانت على علم بالاجتياح، وقد كان لديها معلومات عن خطة الاجتياح، وللأسف لم يعمل على خطة مضادة”.

يتابع: “ليل الأحد الإثنين كان هناك إنزال إسرائيلي على جسر الأولي، عندها شعرنا بأن هناك خطة لحصار صيدا، فترك بعض الشباب المدينة، متوجهين إلى بيروت والبقاع، أما أنا فبقيت في المخيم مع بعض الشباب للتصدي لأي هجوم محتمل، ولا سيما بعد احتلال الدبابات الإسرائيلية التلال المشرفة على صيدا ومخيم عين الحلوة في مغدوشة والمية ومية وسيروب، ما جعل المخيم تحت مرمى النيران”.

يتذكر عبدالله كيف كان المقاتلون في المخيم يشاهدون جثث رفاق لهم في الطرق في صيدا والمخيم من دون أن يتمكنوا من سحبها، وكيف كانوا يرون جرحى ينزفون من دون أن يتمكنوا من مساعدتهم خوفا من القنص، و”على الرغم من ذلك، فقد تعايشنا مع الواقع وصمدنا قدر الإمكان”.

ويشير إلى أنه “خلال المعارك حاولت كتيبة من الدبابات الدخول إلى المخيم، وعند وصول الدبابة الأولى إلى مسجد الشهداء (الصفصاف) تم تدميرها، وسقط عدد من المقاتلين الفلسطينيين شهداء. كذلك، حاول الصهاينة الدخول من الجهة الجنوبية للمخيم من منطقة الكنايات، لكن المقاتلين الفلسطينيين أبلوا بلاء حسناً، ودمروا مجموعة دبابات وأسروا جنوداً صهاينة، ولكنهم لم يستطيعوا الاحتفاظ بهم، بسبب ضعف إمكاناتهم”.

يضيف: “خلال حصار المخيم كنّا نسمع، عبر المذياع، أنّ الدبابات الإسرائيلية وصلت إلى مشارف بيروت، وأن هناك صموداً في برج الشمالي والرشيدية وقلعة الشقيف، ما كان يقوينا ويشد أزرنا، وقد اخترنا الدفاع عن المخيم، مع أننا تأكدنا أنه لا أمل لنا بالانتصار، إذ سقطت مدينة صيدا ومحيط المخيم كذلك، ففكر بعض الشباب في الخروج من المخيم، خصوصاً في ظل بداية نفاد الذخيرة والغذاء”.

ويؤكد أنّ “المخيم لم يسقط بطريقة عسكرية، بل بطريقة تكتيكية، فالصهاينة بعد أكثر من ستة أيام من الحصار أعطوا فرصة لخروج المدنيين من المخيم، وكان بعض المقاتلين يخرجون معهم، وبعدما فرغ المخيم من ناسه، دخله الصهاينة وعملوا على اعتقال من بقي من السكان، وأنا منهم، وقد سجنت في معتقل أنصار.

انتصار الدّنّان

اترك تعليقاً