عربي وعالمي

غزة .. كاشفة العورات ..!! – بقلم : عادل أبو هاشم

غزة  .. كاشفة العورات   ..!! –  بقلم : عادل أبو هاشم

 

على خريطة الوطن المستباحة لكل غاز منذ ما ينوف على ألف عام ، يبدو الدم الفلسطيني اليوم وكأنه فدية الذبح في وليمة الإستباحة والغزو المعاصرين .!

وأكثر من أي عربي آخر على مدى هذه الخريطة الممزقة  يبدو الفلسطيني كأنما الأقرب والأسهل منالا للتهجير والقتل والتشريد .!

لقد علمتنا ” سيمفونية  الدم ” المسفوح في مدن و قرى و مخيمات قطاع غزة بأن لهذه الأماكن  ملامح واحدة ، ولغة واحدة وحيدة ، سواء أخذ المكان اسم مخيم الرشيدية و عين الحلوة  كما في لبنان ، أو أخذ اسم  مخيم اليرموك و درعا  في  سوريا  ، فالعابرون هم أنفسهم وإن تبدلت الأسماء ، والشوارع هي نفسها وإن إختلفت ألوان الحجارة ، والبراكيات هي نفسها وإن إختلفت سماكة الصفيح في أسقفها ، وعصابات القتلة هي نفسها وإن إختلفت أشكالها ولغتها .!

من أين نبدأ وبلاد العرب مقامات ؟!

في كل قطر أزمة ، ومن كل قطر شماتة .!

هل يمكن أن نفهم حالة التطهير العرقي و الجرائم الوحشية التي يرتكبها العدو الأسرائيلي ضد الشعب العربي الفلسطيني في قطاع غزة في ظل صمت و تواطئ  بعض النظم الرسمية العربية  وانحياز البعض الأخر للعدوان .؟!

لقد كشفت غزة عورات النظم العربية الرسمية ، و أسقطت عنهم كل أوراق التوت التي كانت تغطي سؤاتهم طوال العقود الماضية . !

نظام يحاصر الشعب الفلسطيني و يمنع عنه كل أسباب الحياة , وآخريتواطئ مع العدو ،وثالث يحفظ أمن هذا العدو ، و رابع … و خامس … و سادس… يمنع شعبه من التضامن و لو بالقول مع أهل غزة .!!

وحجة هذه النظم أن ” أشجار الغرقد ” التي زرعها الأسرائيليون في المقاطعة برام الله تريد ذلك .!!

نقول ذلك في وقت يحاول فيه أنصار التسوية السياسية أن يستغلوا الأجواء  في ظل العدوان على قطاع غزة الحبيب ،  واستشهاد وجرح الآلاف من الأهالي  في الترويج مجددا لنظريتهم التي طالما رددوها خلال عقد التسعينات في أن الخيار الوحيد أمام الشعب والأمة هو التسوية السياسية والمفاوضات ، غامزين من قناة خيار المقاومة ، وأن  هذا الخيار هو الذي يجر على الشعب الفلسطيني الويلات والدمار .!

لقد كشفت غزة عورات المجتمع الصهيوني  الذي نشأ على النظرية الصهيونية  التي تؤكد على أنه ليس هناك مكان آمن لليهود في العالم سوى قيام كيان خاص بهم  يكون ملجأ ليهود العالم ، ويحميه جيش قومي متفوق على كل من حوله من جيوش .

ولكن نظرية  ” الكيان الآمن ”  التي دامت منذ العام 1948 م ، تتلقى  هذه الأيام  ضربات موجعة من مجاهدين رفعوا شعار  ” الشهادة في سبيل الله أسمى أمانينا  ” .

فلأول مرة يقصف عمق الكيان الصهيوني الغاصب  بعمق وصل الى 140 كلم ، بحيث شمل حيفا و القدس  والخضيرة و إيلات و تل أبيب واللد و مطار بن غوريون  فضلاً عن بئر السبع و أسدود وكل المستعمرات في  الوطن السليب ،  مما جعل الكيان الصهيوني بكامله تحت النار الفلسطينية في حالة ما لم يشهدها الصهاينة في أي حرب من حروبهم منذ نشوء كيانهم في العام 1948م .

وكشفت غزة عورات  ” الجيش الاسرائيلي الذي لايقهر ”  ، فظهر هذا الجيش ضعيفاً وعاجزاً أمام ضربات المجاهدين المؤمنين بعدالة  قضيتهم ، ولم تستطع أسلحة الجندي الاسرائيلي المتطورة أن تحقق له أي إنجاز أو حتى دفاع عن احتلاله للأرض .

ومع سقوط أسطورة ”  الجيش الذي لايقهر  ” سقطت أيضاً نظرية الردع الاسرائيلي التي طالما حاول الكيان الاسرائيلي ترويجها عبر عقود من الزمن واستخدامه لسياسات الغموض النووي لارعاب العرب وتخويفهم من القوة الاسرائيلية ،  وأن هذه القوة تملك من الوسائل الردعية التي لايمكن اختراقها فإذا هي واهية كخيوط العنكبوت ،  وتسقط في أول امتحان أمام إرادة  المجاهد الفلسطيني الصلبة .‏

كما كشفت غزة عورات رموز التواطؤ مع العدو الإسرائيلي ، ومن  رموز التنازلات للدولة العبرية ممن نصبوا أنفسهم زورا وبهتانـًا للتحدث باسم الشعب الفلسطيني الذين يتسابقون ــ في كل عدوان على شعبنا  ــ  إلى تشويه تاريخ نضال وجهاد الشعب الفلسطيني ، وإشاعة روح الانهزامية والاستسلام ، وتشجيع العدو على مواصلة عدوانه ..!!

(  ذكرت وسائل الأعلام أن  رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ” صاحب التنسيق الأمني المقدس ”  أصدر قراراً تم تعميمه على جميع السفارات الفلسطينية في كل من اوروبا وامريكا و امريكا اللاتينية ،  يقضي بضرورة شرح السفارات الفلسطينية للهيئات الدولية ان الصواريخ التي تطلقها حماس هي ” جريمة ضد الانسانية ” ) .!!                                              

وكشفت غزة عورات ” مثقفو المارينز ” من حثالة المثقفين ” المتأمركين ” الذين يحملون دماءً عربية، والذين لا وظيفة لهم سوى إظهار العداء للقضية الفلسطينية ورموزها وحتى لو أوصلهم هذا العداء إلى الالتقاء مع العدو الصهيوني سياسيـًا وثقافيـًا وفكريـًا..!!

.فقد أتقن هؤلاء ــ الذين حملوا لواء ثقافة الاستسلام ــ  فن التسويغ والتبرير وكيل التهم جزافـًا للفلسطينيين ” الانتفاضة والشعب وفصائل المقاومة “، وقاموا بدور  “المحلل ” الذي يعجز العدو الإسرائيلي وعملائه عن أدائه ، وكانت وسائل الإعلام العربية وسيلتهم التي قدموا عليها عروضهم المثيرة..!!

ويتساءل الفلسطينيون في كل مكان :

ألهذا الحد استطاع ” الصدأ ” أن يمسح من ذاكرتـنا أمجاد وانـتصارات أجدادنا وآبائنا وفتوحاتهم ؟!

كيف نعيد إلى الذاكرة العربية قصة ” المعتصم ” ؟ !

أم أن الإدارة الأمريكية قد علمتـنا بأن باراك أوباما هو المعتصم الجديد ..؟!

وإلا ما معنى أن يخرج علينا سيد البيت الأبيض ليبررللعدو الأسرائيلي القضاء على شعب بأكمله تحت ذريعة ” الدفاع عن النفس ” .!!

بذريعة أو من دون ذريعة ، ثمة نار لا بد من إبقائها مشتعلة تحت العرب ، حتى لا يستيقظوا على الواقع الذي يعيشون .

فهناك ثمنـًا تسعى الإدارة الأمريكية إلى أن يدفعه أصحاب الـ” لا ” الذين رفعوها في وجه ” إسرائيل” .

ستبقى ذكرى أبطال فلسطين وهم يمدون خيطـًا من الدماء يتواصل من رفح حتى الناقورة هوية العصر الفلسطيني القادم ، وستظل ذكرى شهداء قطاع غزة  الذين شكلوا بأجسادهم الطاهرة تاريخ المرحلة المقبلة للنضال الفلسطيني  ذكرى لملحمة الفداء والجهاد التي افتقدها العالم العربي بصمته المريب والقاتل ، ولعل هذا الدم الفلسطيني يكون سببـًا في أن يفيق أهل الكهف من سباتهم ، وذكرى للمارد الفلسطيني الذي تمرد على الظلم والقيود والإحتلال .

يا هذا الشعب الأصلب

يا هذا الرقم الأصعب

أنت تقاتل .. أنت إذن فلسطيني .!

اترك تعليقاً