الأخبارالأرشيف

فرنسا…طبقة متبلورة حزبيا وطبقياً… ماذا عن الأخريات؟ – عادل سمارة

(1)

العقل الدنيء عنصري ضد ذاته مذبحة خاشقجي

العقل الدنيء يتحول إلى فكر وموقف دنيئين على نفسه ومجتمعه. هذا ما يتضح ممَّن يكتبون تعميمات ضد كل العرب، لا يفرقون بين حاكم ومواطنين تحت القمع، ولا بين طبقة وأخرى ولا بين قرار حرب وإرغام بالسيف!

إقرؤوا مشكلة العميل المعولم خاشقجي التي خلقت نقيضها. فالرفض الشعبي لزيارة بن سلمان في كل قطر عربي زاره أو حاول زيارته يؤكد أن الانتماء العروبي حي وقوي ويتضح في كل لحظة يمكن للشارع فيها التعبير عن نفسه. وهذا التحرك الشعبي نقيض لما يعتنقه خاشقجي نفسه سواء الوهابية أو السلفية العثمانية والإسلامية الأمريكية.

لذا، دعك من مستدخلي الهزيمة ومن الطابور السادس الثقافي وأجهزته الإعلامية ذات الدور الإعمائي، واتجه إلى استرداد/استعادة الشارع من معيار حصوله أو تحصيله لحظة التعبير عن مكنونه العروبي.

خذوا الموقف من العدوان المعولم ضد سوريا، في البداية كان كثير من الشارع مضلَلاً، أنظروا اليوم، كيف تفتخر الناس بسوريا.

انظروا إلى الموقف من اليمن، فرغم المال النفطي تقف الناس مع اليمن.

أنظروا إلى ليبيا التي رغم تورط حتى قوى شريفة بالتشفي بالشهيد القذافي كيف عادت الناس تفهم الحقيقة.

قد يقول دُعاة التكفير بالعروبة: وحتى لو وقف الشارع مع كل من ذكرت، فالأنظمة لم تسمعهم.

نعم هذا صحيح، ونقول: هل تتذكرون المظاهرات المليونية في الغرب ضد العدوان على العراق؟ ومع ذلك حصل العدوان وتكرر.

أي ان الحل بالثورة.

(2) 

فرنسا…طبقة متبلورة حزبيا وطبقياً… ماذا عن الأخريات؟

طبقا للتوقعات فإن فرنسا-تحديدا  باريس- سوف تشهد مزيدا من المحتجين على
·       زيادة الضرائب على الطبقات الشعبية وحتى الوسطى، وعلى الأرياف البعيدة التي لا تستفيد من بنية شبكة مواصلات قليلة التكلفة
·       والوجه الآخر وهو زيادة الإعفاء الضريبي للشركات الكبرى.

ومعروف طبعاً، ان الرئيس الفرنسي هو الممثل لمصالح راس المال الكبير الإنتاجي  والمصرفي في فرنسا. وهو راس المال الذي يحاول الحصول على اعلى معدل ربح ممكن في مواجهة ضغوطات الاقتصادات الكبرى الأخرى. وهذا يؤكد مقولة أن الدولة/بمعنى السلطة هي أداة في خدمة طبقة محددة.

فيما يخص الراسمالية الفرنسية، فهي في حالة من الانتظام الطبقي المصلحي علاوة على أن بيدها السلطة السياسية وأدوات القمع. ورغم تأجيل السلطة الفرنسية لتطبيق القانون الجديد لمدة ستة اشهر إلا أنها جهزت تسعين ألف أمني لمواجهة تظاهرات الغد وهذا يعني ان أعداد التحرك المتوقعة غدا هي هائلة.

للإضاءة على الأمر، فإن ما قامت به السلطة هو انسجام مع الترتيبات الاقتصادية والمصلحية للشركات الكبرى. ذلك لأن الشركات الكبرى تخلق نظاما من ادارة المنافسة فيما بينها، بحيث تقلل المنافسة فيما بينها، بينما تزيد من  التنافس بينها وبين الشركات الأصغر  والشركات المحلية التي تشكل محيطها . وكل هذا مثابة   او جزء من عملية ارغام المحيط ، اي الشركات الصغيرة، على ابتلاع اكثر واكثر من كلف عملية “إضافة القيمة” وعليه فان المركز ينتج  ارباحا اعلى  لسيده   الذي  لا يشبع وهو النظام المالي المعولم.

إذا صح هذا التقدير، فإنه يعكس حقيقة أو يؤكد الهجوم التحالفي ضد الطبقات الشعبية والوسطى وهو التحالف المكون من السلطة السياسية ومن راس المال ضد الطبقات الوسطى والشعبية.

وهذا يطرح السؤال التاريخي في العالم عامة وفي التجربة الفرنسية خاصة منذ كميونة باريس وحتى الثورة الطلابية في ايار 1968 وصولا إلى عدة انتفاضات أخرى وهو مشكلة الأحزاب التي تعتبر نفسها ممثلة الطبقات الشعبية وكذلك النقابات  العمالية. ففي مختلف التجارب المذكورة أعلاه، كانت الأحزاب إما ضعيفة أو غائبة أو حتى مضادة وكذلك النقابات العمالية ما لعب دورا بارزا من بين أسباب هزيمة هذه الثورات أو الاحتجاجات.

لكن ما يُبشِّر في هذه الحركات رغم عدم انتصارها، هو أنها لم تتوقف ولم تستسلم، بل تتكرر كلما زادت البرجوازية من هجومها الطبقي ضد الطبقات الشعبية والوسطى وهذا منطق التاريخ.  وهو منطق يستدعي مقولة ماو تسي تونغ بان الشعب يثور ويهزم ثم يثور ويهزم ثم ينتصر.

كما يستدعي ما جادل من أجله آلان باديو بأن الحزب اللينيني لم يعد الأداة الثورية المناسبة وخاصة الشكل الذي أسماه (اندغام حزب/دولة)، وبأن المطلوب مواصلة العمل الثوري .

لكن باديو، وإن كان في نقده للحزب اللينيني قدرا من الصحة لكنه لم يقدم نموذجا مبلورا للبديل!

باديو وبعد ارتكازه على اكتشاف ماو لخلل الحزب بنيويا، ولرفض حركة 68 لحزب الطبقة بمعنى أن صيغته قد أُستهلكت، لكنه توقف عند التساؤل عن الصيغة التي تشترطها أو تقبل بها الشيوعية المقبلة. هذا وكأنه يكتفي بالقول للشيوعية المقبلة: ها نحن نقدم لكم جنازة الشكل القديم المستهْلَك للحزب مُسجَّاة أمامكم فاحذروا تبنيها.

وبالطبع، لا نقصد هنا التقليل من التقاط باديو لرؤية كل من ماو وحركة ايار 68، ولكن كان لا بد من الإشارة إلى أن باديو توقف عند حالة من الاستعصاء!

هل يتكرر الاستعصاء اليوم في فرنسا، غالبا نعم. ولكن هذا يعيدنا إلى مقولة أخرى لماو، وهي “الحقيقة الوحيدة أن من حقك أن تثور”.