الأرشيفعربي وعالمي

قضية فلسطين في إجازة

الياس سحاب :

منذ مطلع القرن العشرين، ومع انهيار الامبراطورية العثمانية، بدأت الدول الغربية الاستعمارية الطامعة بهزيمة العثمانيين، ووراثتهم في المنطقة العربية بشكل خاص، بوضع الخطط والتفاهمات والخرائط لهذه المنطقة من العالم، بما يسهل ويخدم اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين العربية.

لذلك، فان الموقف العسكري والسياسي المتخاذل الذي وقفته الانظمة العربية السبعة في احداث العامين 1947 و 1948 التأسيسيين للكيان الصهيوني، لعب دورا اساسيا (استكمالا للخطط الاستعمارية) في مأساة فلسطين. ولذلك كان طبيعيا أن يأتي الرد الاهم والمباشر على هذه المأساة، على طريق ثورة الضباط الاحرار في أكبر قطر عربي، مصر، في 23 يوليو، والتي جاءت وليدة شرعية لمجموع التفاعلات العربية مع مأساة فلسطين، فضلاً عن التـــفاعلات الداخلية للقضية الوطنية في مصر.

وسجل التاريخ العربي المعاصر في النصف الثاني من القرن العشرين لمرحلة 23 يوليو من الخمسينيات حتى السبعينيات، أنها كانت المرحلة الانشط في اشتباك السياسة العربية الرسمية مع الكيان الصهيوني في ارض فلسطين المغتصبة، بغض النظر عن حالات الصعود والهبوط في هذا الاشتباك.

لكن الثابت ايضا ان الثورة المضادة التي اطلقها انور السادات ضد ثورة 23 يوليو، عن طريق التراجعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الداخلية اولا، ثم عبر اتفاقيات كامب ديفيد ثانيا، جاءت ضربة قاصمة لمسيرة انخراط الانظمة العربية الرسمية في التفاعل مع قضية فلسطين.

اما الامل الآخر الذي كان معقودا على حركة التحرر الوطني الفلسطينية، فقد قضت عليه اتفاقية اوسلو التي وضعت حدا للنضال الوطني الفلسطيني، من دون الحصول على اي تحول اساسي في مجرى القضية الفلسطينية.

عند هذه النقطة، اصبح الموقف متساويا بين الانظمة العربية، التي لحقت كلها باتفاقيات كامب دافيد ومنطقها المشوه والذي ينهي الصراع من دون الحصول على اي حل تاريخي للقضية، من جهة، وبين السلطة الفلسطينية من جهة أخرى، حتى وصلنا الى الوضع الراهن لقضية فلسطين، التي تبدو في اجازة عربية وفلسطينية.

آخر اخبار القضية تمثلت بقرارات دولة (اسرائيل) الجديدة في بناء مئات المستوطنات الجديدة شمال رام الله، فضلاً عن مئات المستوطنات الاخرى (500 مستوطنة) في القدس العربية، في إطار استمرار دؤوب لحلقات تهويد ما تبقى من ارض فلسطين العربية، بينما قطاع غزة منشغل باعادة الإعمار وإزالة آثار العدوان (الإسرائيلي) الاخير، والسلطة غارقة في عمليات ملاحقة لاهثة وعديمة الاثر حتى الآن ل(اسرائيل) في المحافل الدولية.

ان الاحداث العربية الاليمة المتفجرة منذ فترة في كل من سوريا والعراق وليبيا واليمن، تبدو على علاقة وثيقة بعملية إطالة اجازة قضية فلسطين، حتى تستكمل الدولة الصهيونية تهويدها قبل اي صحوة جديدة للعرب.

ترى، هل يجترح شعب فلسطين بكل تجمعاته، المعجزة المقاومة، خارج اطار السلطة في كل من غزة ورام الله، ويضع حدا للاجازة الانتحارية والتي اقحمت فيها قضية فلسطين؟

السفير *

اترك تعليقاً