عربي وعالمي

لا للزعيق الطائفي .. نعم لتحرير الفلوجة وتجفيف منابع الارهاب !!!

 

د.عامر صالح

تشتد المعارك من أجل تحرير الفلوجة وبقية المدن والقصبات والقرى والارياف المحتلة من قبل تنظيم الدولة الاسلامية الارهابي ” داعش ” ويتحول القتال في الفلوجة الى حرب شوارع طاحنة بفعل عناد وأستماتة  داعش وتمسكها في الأرض, لأدراكها أن خسارة الفلوجة يعني استراتيجيا بدأ الانقضاض عليها في الموصل وتكريس حصن بغداد وأبعاد العاصمة نسبيا عن هجمات داعش !!!.

 

وفي الوقت الذي تستنفر فيه كل القوى الخيرة من جيش عراقي وقوات أمن وشرطة اتحادية وفرق متخصصة في مكافحة الارهاب, الى جانب قوى الحشد الشعبي المنتمي مذهبيا الى الاسلام السياسي الشيعي والقوى المسلحة من العشلئر وابناء الفلوجة والمنطقة الغربية وقوى الامن والمحسوبة شكليا على الاسلام السياسي السني او الطائفة السنية. أنه تحالف جميل رغم ما يضفى عليه من مسحة مذهبية سياسية, في لحظات اتفق فيها الجميع ان عدوهم المشترك هو داعش وأن الخلاص منه يعني ان تخلق الأرضية الصالحة للعودة الى أحضان الوطن والمواطنة وتفتح الافاق لحوار وطني شامل بعيدا عن ضيق أفق الطائفية المرضي البذيئ الذي أودى بالبلاد الى التدهور والانحلال والتفسخ والفساد بكل مظاهره !!!.

 

في خضم هذا الاستبسال البطولي لكل القوى المساهمة في تحرير الفلوجة يعيد الخطاب المذهبي السياسي المتعجرف دورته الهوسية لإفساد عمليات تحرير الفلوجة في محاولة منه لحرف الانتباه عن الانتصارات المتحققة والاهتمام بالجزئيات التمناثرة هنا وهناك, وتحويل القوى المقاتلة من اجل التحرير الى قوى تقف في قفص الاتهام والادانة بارتكاب مجازر ضد الانسانية وتهويل الاخطاء الميدانية اعلاميا كي ترتقي الى مستوى الجرائم الكبرى وبالتالي إضعاف معنويات القوى المقاتلة وتشتيتها ومحاولة خلق حالات من الاحتراب الداخلي بينها تفضي في مجملها الى فشل الجهود لتحرير الفلوجة والموصل لاحقا !!!.

 

التضحيات التي يقوم بها أبناء المحافظات الجنوبية والوسطى والمتمثلة بقوى الحشد الشعبي هي تضحيات تستحق كل احترام العراقيين الذين يعرفون تماما لولاهم لوصلت داعش إلى بغداد, بغض النظر عن ادعاء بعض من أبناء تلك المناطق المحتلة من داعش أن هناك جرائم وسرقات ترتكب من قبل قوى الحشد الشعبي في محاولة لتحويلها إلى جرائم كبرى ولحرف مسار الأحداث بما يبقي داعش جاثمة لسنوات في ارض العراق, وقد أصدرت المرجعية الشيعية نداء أخلاقي لتجاوز حالات التطاول على ممتلكات الآخرين في محاولة منها لدرء خطر ممولي الدعايات الإعلامية ومهندسي الحروب الإعلامية من بقايا النظام الدكتاتوري العفن في تصور مريض لهم وخلط لأوراق الصراع الدائر في محاولة لهم لديمومة داعش !!!.

 

أنا لا ازكي الجيوش ولا حشود الحشد الشعبي في زمن الحروب لان ما يحصل في زمن الحروب هو استثنائي ولكن علينا أن لا نخلط الأوراق وأمامنا عدو شرس يستبيح الدماء والأعراض وهمجي بكل المقاييس, فأن التركيز على الهدف الأساسي المتمثل في القضاء على داعش يستحق تعبئة كل الجهود بغض النظر عن التفاصيل الجانبية التي تحدث في ساحات المعارك !!!.

 

لا يروق لي أن أرى غير الجيش العراقي الباسل أن يقاتل داعش الإرهاب, داعش مستنقع الضفادع والخزي والعار ولكن قدر لشعبنا أن يخوض مخاض عسير استدعى تدخل المرجعيات الدينية للجم الخطر المحدق في البلاد لكي يقف سبي العباد وهتك الأعراض في ظل نظام كانت تصميماته بهذا الشكل وكان للأمريكان اليد الطولي في خلق هكذا أوضاع استثنائية وشاذة عبر هندستهم لشكل هذا النظام العراقي القائم على التوافقيات الطائفية والاثنية, ولكننا اليوم بين كماشتين خطيرتين, بين داعش الفساد والتفسخ الخلقي وبين قدراتنا للتصرف في المتاح الممكن للحفاظ على ارض الوطن من العملاء والمتواطئين لاستباحة ارض العراق !!!!.

 

ولكن علينا ان نفهم بوضوح وحيادية ان قدرات داعش لا يمكن الاستهانة بها, فهي تجيد مختلف صنوف الحروب, من حرب عصابات, الى جانب الحروب الكلاسيكية, ثم المفخخات, ونموذج الحروب الجديدة المستندة إلى التطهير المكاني مسندة بقذائف الهاون والصواريخ, واقتحامات عنيفة في عبوات ناسفة ومفخخات متنوعة, والأكثر من هذا هو الجهادية والمقدرة القتالية والاستبسال في المعارك باختلاف غطائها, ان كان دينيا أم قناعات عامة, وبالتالي فأن صرف الانظار عن جرائم داعش اليومية وما أرتكبته من فضائع ضد الانسانية, وتحويل القوى المقاتلة ضده الى قوى مدانة بنفس جرائم داعش أنه عمل جنوني وسيكوباتي سيلحق بالجميع افدح الخسائر !!!.

 

النصر كل النصر لقواتنا العراقية الباسلة بإمكانيتها المتواضعة الآن لدحر داعش وتحرير العراق من دنس الأوغاد والقتلة المجرمين ومزيدا من التلاحم بين البيشمركة البطلة وقوات الجيش العراقي لأخذ زمام المبادرة لدحر الظلاميين الأوغاد, والى مزيدا من التوعية الفكرية والذهنية لأبطال الحشد الشعبي كي يتجنبوا إشكاليات تواجدهم في ارض يجب الحفاظ على أهلها ومالها ومقدساتها .. النصر للجيش العراقي الأغر وللبيشمركة الإبطال وأبناء الحشد الشعبي الأوفياء وأبناء محافظاتنا الغربية المناضلين, فأن داعش لا دين لها ولا أخلاق وعلينا تأكيد ذلك ببسالة شعبنا ودحرهم واختصار الزمن للنهوض بعراق آمن خالي من نفايات البعث والإرهابيين القتلة !!!.

 

أن تجربة تحرير الفلوجة عندما يكتب لها النجاح والموصل لاحقا يحمل في طياته دروس بليغة للعملية السياسية في العراق, ويجب استلهام الدروس من ذلك كي لا تعود لنا داعش في المرات القادمة وبثوب جديد متخلف أشد جرما من داعش اليوم, وعلى السياسيين الشرفاء في العراق ان يضعوا نصب أعينهم الاتي:

 

ـ أن نظام المحاصصة الطائفية والاثنية هو شر البلاء والمسبب الاول والاخير في اهدار اموال شعبنا وقدراته الذاتية وهو المعوق الاساسي في نشوء أجهزة أمنية ومخابراتية وعسكرية مهنية قادرة على حفظ أمن البلاد واستقلاله وسيادته الوطنية. وبالتالي إعادة بناء العملية السياسية بعيدا عن المحاصصة هو الضمانة الاكيدة لعدم عودة داعش واخواتها.

 

ـ اعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يضمن النهوض باقتصاديات البلاد وبما يوفر فرص العمل والتشغيل لشعب يعاني من البطالة والجوع والحرمان وانعدام الخدمات من كهرباء وماء وصحة وتعليم, فأن داعش واخواتها تنتعش على عوامل الفقر والفاقة والعوز والاندفاع نحو الشللية وارتكاب مختلف صنوف الانحرافات, من ارهاب وجرائم منظمة ومافيات اقتصادية وسياسية تدفع الى مزيدا من الفساد.

 

ـ تعزيز سيادة العراق واستقلاله وصيانة أرضه وشعبه من التدخلات الخارجية الاقليمية ذات الصبغة المذهبية والطائفية والتي تزرع الفرقة والشقاق والتشتت في النسيج الوطني والاجتماعي العراقي. اليوم يعيش العراق حالة من الاحتلال غير المعلن لدول الجوار السيئ, ثقافيا وطائفيا وسياسيا, فالبلد يعاني من الاستباحة والتدخل في شؤونه الداخلية, وان مرحلة ما بعد تحرير الفلوجة والموصل وغيرها يجب ان تكون ماثلة أمام الأعين لصيانة العراق واستقلاله من كل التدخلات.

 

ـ العمل النزيه لاعادة بناء منظومة التربية والتعليم والثقافة على أسس من الابتعاد عن الثقافة الطائفية والاثنية الشوفينية, والعمل على تحديث نظام التربية والتعليم والثقافة العامة بما يسهم في اعداد جيل متعاقب يحمل قيم التسامح والاحترام المتبادل بين مكونات المجتمع العراقي الثقافية والاجتماعية والاثنية والدينية والمذهبية, والعمل الدؤوب على احترام قيم العمل والمواطنة والانتماء للعراق كمظلة تحمي الجميع وبعيدا عن الخندقة الجغروطائفية والقومية المتعصبة !!!.

 

ـ

 

 

 

 

اترك تعليقاً